عانى تنظيم القاعدة الإرهابي من انتكاستين أساسيتين على مدار العام 2020

الانتكاسة الأولى تمثلت بضغط الولايات المتحدة وحلفائها المستمر لمكافحة الإرهاب، وقد أتى بثماره.

أما الانتكاسة الثانية فتمثلت بتآكل سيطرة القيادة الأم على الفروع وعدم وجودها إلا بالاسم، ما يعني أن القاعدة لم تعد أكبر من مجموع الفروع، كما كانت في الماضي.

يعّد فهم حاضر ومستقبل القاعدة الذي يحتفظ بموارد مالية من خلال وسائل متعددة أبرزها العملات الرقمية والأحجار الكريمة، أكثر تعقيدًا من مجرد تقييم تراجعه، إذ على الرغم من معاناته من نكسات لا تعد ولا تحصى، ينشط بعض  فروعه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا.

ومن أبرز تلك الفروع النشطة، “حركة الشباب في الصومال” التي تواصل شن عمليات دموية من حين لآخر من اجل إبراز مكانتها ليس داخل الصومال فحسب، وانما خارجه أيضاً أي عبر استهداف دول الجوار.

إضافة إلى جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” في منطقة الساحل في أفريقيا، والتي تسعى لزيادة وتيرة عملياتها ضد دول المنطقة والقوات الفرنسية المتواجدة هناك.

والجدير بالذكر، أن ضعف تنظيم القاعدة وعدم تحكمه بفروعه ينطبق أيضا على تنظيم داعش الإرهابي، حيث أكد محللون مطلعون أن ضعف القاعدة لا يعود بالضرورة الى نجاح داعش، لكون الأخير يواجه صعوبات مماثلة في ربط فروعه بالقيادة المركزية، فيما أدى الصراع والاقتتال بين المتطرفين أنفسهم – اي بين داعش والقاعدة – الى تعزيز اتجاه التنظيمين الى اللامركزية لحماية نفسيهما.

تعرض قيادات تنظيم القاعدة للقتل، يعتبر نكسة غاية في الأهمية، لكونه أزال الرابط بين المركز والفروع، وبالتالي فإن هذه الفروع اصبحت غير مترابطة مع القيادة المركزية، وأضحت تركز على المجال المحلي وليس الدولي، مما أدى الى ان تصبح تلك الفروع مرتبطة بالتنظيم الأم شكليا ورمزيا.

حملت هذه الانتكاسات المتكررة عقبات اضافية لتنظيم القاعدة، فتجربة داعش الفاشلة  في السيطرة على الأرض وتنبّه المجتمع الدولي لهذا الخطر، شكل حجر عثرة أمام محاولات القاعدة للسير على نفس الخطى، فضعف القاعدة المركزية وحتى الفروع يمنعهم من السيطرة على بقعة جغرافية لفترة طويلة.

 

 

فشل تنظيم القاعدة

صحيح أن صدى تنظيم القاعدة لازال يتردد بين الجهاديين، وأنه من غير المرجح أن يتلاشى في أي وقت قريب، لكن تنظيم القاعدة في العام 2021  مختلف اختلافًا جوهريًا عن التنظيم الذي بناه أسامة بن لادن منذ أكثر من 30 عامًا. فحيث نجحت البعض من الحركات الجهادية العالمية، فشل تنظيم القاعدة.

وعلى الرغم من ذلك، يجب الاعتراف بأن الجهاديين قد حققوا بعض أهدافهم، ودفعوا الدول الغربية إلى حروب مكلفة في الخارج وتغييرات مجتمعية في الداخل. ولكن حيث نجحت الحركة الجهادية العالمية على نطاق أوسع ، فشل تنظيم القاعدة، خصوصا عندما استلم أيمن الظواهري زعامة التنظيم بعد أسامة بن لادن.

 

وصول القيادة المركزية للقاعدة إلى الحضيض

لم يبق سوى حفنة من المحاربين القدامى من الجيل المؤسس. حتى لو كان الظواهري لا يزال على قيد الحياة، فمن الواضح أنه مقيد، بالنظر إلى أنه فشل في إصدار شريط صوتي أو فيديو منذ انتشار شائعات وفاته لأول مرة. وعندما رد على شائعات مماثلة في الماضي أو على أحداث كبرى، فقد استغرق الأمر شهورًا في بعض الحالات، مما أضعف قدرته على توجيه الجماعة والحفاظ على صلة القاعدة في الإعلام. إن عزلته تعني أيضًا أنه لا يمكنه فعل الكثير إذا تصرف الفرع بطريقة لا يوافق عليها.

لطالما كان الظواهري قائدًا غائبًا، وبينما كان التاريخ يكشف استمرار ضعف تنظيمه، ظل الظواهري صامتًا وغير فعال إلى حد كبير. ومنذ قرابة العام لم يظهر في أي مقطع فيديو جديد، وجميع مقاطع الفيديو التي نشرتها وكالة سحاب كانت تتمات لإصدارات سابقة ولا علاقة لها بالأحداث الجارية المهمة.

وفي ظل حكم الظواهري، تخلى التنظيم إلى حد كبير عن أجندته العالمية وسمح بشكل متزايد لفروعه بشن صراعات محلية.

 

 

ولا شكّ أنّ المتابع لتنيظم القاعدة وانتكاساته المتلاحقة بات على يقين تماماً أنّ التنظيم أصبح غير قادر على إدارة الدائرة الضيّقة المحيطة بقادته، خصوصاً ما يتعلق بالخروج بتصريحات تنفي أو تؤكّد موت الظواهري، ما يعني أنّه وبلا شك لن يتمكن من تنفيذ أهدافه على المستوى الخارجي وتحقيق ما يسعى له عالمياً.

وفي حين يري البعض أن بعض التطورات قد تعمل لصالح القاعدة، خصوصاً إذا تمكن حلفاؤه من طالبان من تأمين مزيد من النفوذ في أفغانستان، يري البعض الآخر في المقابل أن تنظيم القاعدة وجد ليبقى، وهذا يعني أن على واشنطن البدء بإعادة تقييم كيفية تعاملها مع تهديد القاعدة، ولا ينبغي عليها النظر إلى القاعدة على أنه يتطلب نهجا موحدا، ولكن بدلا من ذلك تقييم التهديدات المستقلة التي تشكلها فروعه.