توسّع نطاق الاحتجاجات الإيرانية على مقتل 10 من ناقلي الوقود على يد الحرس الثوري الإيراني الأسبوع الماضي، إلى أجزاء أخرى من إيران، بينما أرسلت الحكومة الإيرانية تعزيزات إلى مدينة سرافان الحدودية المضطربة.

وأدى إطلاق النار يوم الإثنين الماضي على ما لا يقل عن 10 أشخاص كانوا يحملون وقوداً عبر الحدود، إلى احتجاجات امتدت من مدينة سرافان إلى زاهدان وإيرانشهر وخاش وكريم آباد وشيراباد وغلبيد ومناطق أخرى في مقاطعة سيستان – بلوشستان الجنوبية الشرقية. وأفاد شهود عيان بأن الحرس الثوري الإيراني فتح النار على مسيرات واحتجاجات سلمية في زاهدان.

ويوم السبت، أغلقت المحال التجارية وتوقفت الأعمال في الإقليم المضطرب، واستمر ّهذا الوضع لليوم الخامس على التوالي. وأظهر التجار في مقاطعة سيستان – بلوشستان بأكملها تضامنهم مع ضحايا سرافان، وأبقوا محلاهم مغلقة.

وأشارت المعلومات التي تمّ جمعها من مصادر “أخبار الآن” وتقارير إعلامية، إلى أنّ المتظاهرين الغاضبين أضرموا النار في عدد من المركبات الحكومية وخرّبوا المكاتب وأغلقوا الطرق، وكذلك أحرقوا مبنى إقليمياً تابعاً لقوات الحرس الثوري الإيراني، واحتلوا المباني الرسمية في سرافان وزاهدان. وفد فتح حرس الحدود الإيراني النار على متظاهرين في مركز للشرطة في تفتان جنوب غرب بلوشستان، ما أسفر عن مقتل أحد المتظاهرين وسقوط عدد من الجرحى.

وتحدث محمد هادي مرعشي، نائب محافظ سيستان – بلوشستان، للتلفزيون الإيراني الرسمي عن الاشتباك الذي اندلع في مركز الشرطة، فيما دعت المعارضة الإيرانية، السكان المحليين إلى مقاومة قسوة الحرس الثوري الإيراني ومساعدة الجرحى.  وفي أعقاب حملة القمع التي شنتها طهران في مقاطعة سيستان – بلوشستان، أعلن الإيرانيون دعمهم للمتظاهرين البلوش الإيرانيين داخل البلاد وخارجها. 

وبحسب المعارضة الإيرانية، فقد أظهر المواطنون في محافظات خراسان رضوي، البرز، أصفهان، جيلان، غرب أذربيجان، طهران، وزنجان تضامنهم مع المحتجين في سرافان. وفي مشهد بمحافظة خراسان رضوي، هتف مواطن “يسقط حكم الملالي” بينما كان يدوس على صورة قاسم سليماني.

توسّع نطاق العنف في إيران مع استمرار التظاهرات احتجاجاً على القتل في سرافان

أم إيرانية تحتضن جثة ابنها الذي توفي في الاحتجاجات

وتكشف اللقطات التي حصلت عليها “أخبار الآن” عن توجه مجموعة كبيرة من قوات مكافحة الشغب الإيرانية نحو المناطق المضطربة لقمع الإنتفاضة في أجزاء من إيران على الحدود مع إقليم بلوشستان الباكستاني. وتقول تقارير غير مؤكّدة إنّ أكثر من 30 متظاهراً قتلوا فيما أصيب ما يقرب من 100 شخص في الاضطرابات، التي بدأت الأسبوع الماضي عندما شنت القوات الإيرانية حملة على تجار الوقود البلوش.

ولا تزال خدمة الإنترنت مقطوعة في سيستان – بلوشستان الإيرانيتين، بينما تمّ تعليق خدمات الهاتف الخلوي في بعض أجزاء المحافظة من قبل القوات الإيرانية.

وقد استعانت طهران بخدمات رجال الدين لتهدئة البلوش الغاضبين. وزعمت المصادر أنّ الزعيم الديني البلوشي البارز مولوي عبد الحميد يحض السكان المحليين على التزام الهدوء. وذكرت تقارير إعلامية أن مسؤولاً أمنياً إقليمياً في المنطقة الحدودية ادعى بأنّ الحياة الطبيعية عادت إلى المحافظة بمساعدة زعماء دينيين. وزعمت “إيران نيوز واير” أنّ قوات الأمن أخرجت بعنف المتظاهرين البلوش المصابين من مستشفى في جنوب شرق البلاد الليلة الماضية. 

وحصلت حادثة إخراج المصابين من المستشفى في شورو بالقرب من زاهدان، عاصمة مقاطعة سيستان – بلوشستان. وحدد التقرير أربعة من المعتقلين، مضيفاً أنّ أحد المتظاهرين المصابين، هو عمر شير بخش، الذي أصيب بعيارين ناريين في يده وساقه.

وقال مصدر مطلع إنّ “عمر نقل في البداية إلى المستشفى. ثم تعرفت قوات الأمن عليه وعلى والأشخاص الذين نقلوه إلى المستشفى، فتبعتهم إلى منازلهم في شورو واعتقلتهم”.

وتعرض المعتقلون للضرب المبرح، وقد نقلوا إلى مكان مجهول. وأشارت مصادر أخرى إلى أنّ قوات الأمن كانت تضغط على قادة وشيوخ شورو وكورين وقلح، وجميعها مناطق للاحتجاجات الساخنة، لكي يتمّ تسليم المتظاهرين وإنهاء الإحتجاجات.

وكانت إيران أعلنت رسمياً، يوم الجمعة، فتح تحقيق في حادثة سرافان، التي زعمت طهران أنّها أسفرت عن سقوط ضحيتين مقابل 10 أكدتها مصادر مستقلة. وأكّدت وزارة الخارجية الإيرانية أنّ إسلام أباد سلمت جثة أحد الضحايا، وهو ما أكدته السلطات الباكستانية. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده قوله، يوم الجمعة، إنّ “حرس الحدود الباكستاني سلّم جثة شخص واحد على الأقل. نحن نراجع الحادثة”.

من جانبها، دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إيران إلى التحقيق في “حادث إطلاق نار قاتل من قبل الحرس الثوري والاستخدام المفرط للقوة ضدّ مهربين حاولوا نقل الوقود إلى باكستان المجاورة”. وقالت الباحثة في “هيومن رايتس ووتش” في إيران تارا سبهري فار، إن “على السلطات الإيرانية إجراء تحقيق شفاف ونزيه على وجه السرعة في إطلاق النار على حدود سرافان”.

وأضافت “على السلطات محاسبة المسؤولين عن المخالفات وتعويض الضحايا بشكل مناسب وضمان اتخاذ حرس الحدود أقصى الاحتياطات لاحترام الحق في الحياة وحقوق الإنسان الأخرى”.

وقال مصدر موثوق للغاية في حكومة بلوشستان لـ“أخبار الآن”، إن إيران كانت تحمّل مسؤولية إطلاق النار على الجانب الباكستاني. وزعم أنّ قوات الحدود الباكستانية لم تفتح النار على مهربي الوقود، لكن القوات الإيرانية قتلتهم حتى في الأراضي الباكستانية.

ورداً على سؤال حول سبب عدم تقنين إسلام أباد لتجارة الوقود، كما فعلت أفغانستان التي تستورد النفط بشكل قانوني من إيران، قال إنّ العقوبات الأمريكية على إيران تعرقل مثل هذا الترتيب. ومع ذلك، قال إنّ الحكومة الآن بصدد وضع آلية لاجتثاث خطر التهريب وتوفير فرصة تجارية قانونية للسكان المحليين.

وقالت شينا فوجودي، المنشقة الإيرانية التي فرّت من إيران بسبب القمع، لصحيفة “جيروزاليم بوست” إنّ “سكان سرافان واصلوا احتجاجهم على مذبحة النظام وقسوته”. وقالت إنّ “المحافظة كلها انضمت إليهم عبر قطع الطرق الرئيسية” وأضافت: “الإيرانيون داخل إيران وكلّ أنحاء العالم يحاولون التعبير عن آرائهم بعدما قطع النظام الإنترنت في سرفان”. وتابعت: “نتيجة لقسوة النظام، الإيرانيون يدعون إلى انتفاضة وطنية كان من المتوقع حدوثها منذ نوفمبر 2019”.

تجدر الإشارة إلى أنّه في العام 2019، كانت اندلعت احتجاجات على مستوى البلاد بسبب ارتفاع أسعار الوقود، وقُتل ما لا يقل عن 1500 شخص في احتجاجهم السلمي في ذلك الوقت.