لم يستطع ركاب الطائرة الأوكرانية المنكوبة من الإيرانيين المهاجرين الاستقالة من حب الوطن، رغم تمردهم على نظام الحياة الخانق بإيران وبحثهم كالطيور المهاجرة عن طريق جديد بلا سقف يستطيعون فيه التحليق حتى عنان السماء، عادوا إلى وطنهم، مهندسين، وأطباء، وعلماء، ونابغين في مجالات عديدة، صبايا وشبابا وكهولا عادوا يستنشقوا بعضا من نسيم الوطن بصحبة من تبقى من عوائلهم، ولكن الأنظمة المستبدة ترى في حب الوطن جريمة وتحوله دائما لـ”حب من طرف واحد”، هكذا كان حال ركاب الطائرة الأوكرانية التي أقلت الرحلة رقم PS752.

تلك الرحلة التي قرر النظام الإيراني بضغطة على مفاتيح صواريخه وكأنه طفل يلهو بدميته، أن يودي بأرواح كل من كانوا على متنها من إيرانيين يعيشون بالخارج وأجانب بالاضافة إلى طاقم الطائرة الأوكرانية بالكامل.

تحل اليوم الذكرى الأولى لمقتل 176 إنسانا لم يرتكبوا جرما في الحياة إلا أنهم حلقوا في سماء طهران المليئة بالمخاطر.

  • فروغ خادم

عالمة مناعة واعدة فقد العالم بموتها على متن الطائرة الأوكرانية أملا في الشفاء من الليشمانيات وفقد أصدقاؤها ابتسامتها الدائمة

“كانت لطيفة للغاية وكريمة ورقيقة كما كانت كانت محبوبة جدا فلديها ابتسامة وديعة ورائعة معظم الوقت”، هكذا وصفها أستاذها في كلية الطب جامعة مانيتوبا الكندية قبل أن يجهش بالبكاء.

إنها فروغ خادم الطبيبة الحاصلة على الدكتوراه فى علم المناعة من جامعة مانيتوبا والتي لقيت حتفها على متن الطائرة الأوكرانية، وقد أدى بحثها إلى فهم جديد للمرض الطفيلى المميت، داء الليشمانيات، كان مرضى هذا الداء اللعين على موعد جديد مع الحياة باستمرار أبحاث خادم التي دمرتها الصواريخ الإيرانية في مهدها.

كانت العالمة الواعدة ذات الـ38 ربيعا عائدة إلى وينيبيج بعد زيارتها لعائلتها فى إيران فهي ابنة لأستاذ جامعي، حيث نشأت الطبيبة التي كان ينتظرها مستقبل باهر بين إيران ونيوزيلندا قبل أن تنتقل إلى كندا لدراسة علم المناعة والتعمق به.

عشقوا الوطن فرماهم نظامه بالصواريخ.. حكايات بين ركام الطائرة الأوكرانية المنكوبة

فروغ خادم عالمة مناعة من ضحايا الطائرة الأوكرانية

تصفها إحدى زميلاتها بالجامعة أنها “كانت تُشع بالحب، والإنسانية، والتعاطف مع الجميع”

فدائما ماكانت تمد يد العون لأصدقائها وزملائها الذين يحتاجون إلى مساعدتها، حتى عندما ورغم صعوبات حياتها الخاصة فإنها كانت دائمة الابتسامة والدعم للآحرين مما جعل جامعة مانيتوبا الكندية التي كانت تعمل بها تقرر إنشاء صندوق منحة باسمها للحافظ على إرثها وليستمر اسمها لسنوات بعد الرحيل.

أراد القدر أن تسعد فروغ بحب حقيقي قبل اغتيال أحلامها، ربما يعوضها ذلك قصر عمرها في الحياة فتسعد قبل قطف زهرة شبابها بعامين من السعادة العائلية بعد أن وجدت حب حياتها، زوجها الذي يتفانى اليوم في المطالبة بحق دمها ممن أهدروه.

  • مهرابان “الرقيقة”

وحيدة أبويها التي عصف الحادث بحلمها لتخفيف آلام البشر

لم تكن مهرابان بديع أقل طموحا من فروغ خادم غير أن القدر لم يمهلها لتحمل لقب دكتورة أو طبيبة بعد، فقط 18 عاما عمر مهرابان الذي قضته وهي تحلم أن تصير طبيبة، حين تنظر لصورتها مع مجموعة صور ضحايا الطائرة الأوكرانية المنكوبة تخطفك للحظة تلك الطفولة المليئة بالحماس المنبعثة من عينيها بعد أن فشلت نظارتها الطبية في اخفائها.

ولدت مهرابان في يوم حار من أيام صيف 2001 فكانت النسمة الرقيقة التي بردت حر ذلك اليوم عن والدها الدكتور بديع الذي أسماها اسما يعني بالفارسية “الرقيقة”، ليكون لها حظ من اسمها فيصف أهلها وأصدقائها مدى رقتها وعذوبتها بحيث قررت منذ طفولتها أن تكون طبيبة لتساعد المرضى المحرومين من العلاج، كان حلمها الذي كانت قد أوشكت على بدأت تحقيقه على عتبات إحدى الجامعات الكندية.

عشقوا الوطن فرماهم نظامه بالصواريخ.. حكايات بين ركام الطائرة الأوكرانية المنكوبة

مهرابان ضحية من ضحايا الطائرة الأوكرانية

بينما كانت مهرابان ترافقها والدتها في رحلتها التعليمية بكندا، كان الأب يقيم في إيران يمارس عمله ليوفر لابنته الوحيدة فرصة تعليم وحياة مختلفة في بلد يعرف فيها المواطن حقوق مواطنته.

كان الوالدان يريدان لابنتهما أن تحقق حلم طفولتها الملح لتكون طبيبة تخفف آلام البشر كمان كانت تخبرهم، ولكن يد بشرية أطلقت صاروخان على أحلام الطفلة وأبويها معا، لتسكن مهرابان إلى الأبد ويستمر الوالدان في ذرف دموعهما بعد أن علما بحقيقة اسقاط الطائرة التي أقلت طفلتهما وأن ما حدث بسبب خطأ بشري إيراني توجه من الأرض للسماء ولم يكن تعطلا مفاجئا كما أشيع في بداية الحادث.

ينتظر الأبوان القصاص ممن قتلوا طفلتهم الوحيدة التي وضعوا جل آمالهم بعينيها ذواتا البريق الذي انطفأ للأبد.

  • باريسا إغباليان

طبيبة الأسنان التي تعلمت في المنزل وأحبت في الخفاء وهاجرت بابنتها لتربيها في النور

“لا أحب الحصول على درجات منخفضة، فأنا لا أحب أن يوبخني أحد كما أبغض الشعور بالتقليل من شأني.”

هكذا كانت تردد باريسا إغباليان لأقرانها وهي طفلة حين يسألونها عن سر تفوقها حتى لو لم تحضر إلى الصف، كانت باريسا هي الطفلة الأولى لعائلة مازندراني كانت والدتها معلمة صفها في المرحلة الابتدائية وكان والدها قاسم ضابط صيانة، لم تكن طفلة مدللة بل كانت دائما تحصل على كل شئ بعد تعب وجهد، حتى قصة حبها بزوجها حين بدأت داخل أسوار الجامعة بإيران كانت سرا يحتفظ به الأسرتان والأصدقاء المقربون، فقصص الحب في طهران غير مسموح بها.

حين أنهى الطالبان الدراسة بكلية طب الأسنان أتما مراسم زواجهما، وظلت بارسيان تكافح مع زوجها بالعمل وتعلم الإنجليزية فقد قرر الزوجان لزوم الهجرة فلم تكن بارسيا وحامد يرون مستقبلهما أو مستقبل مولودتهما ريرا مبشرا في إيران.

عشقوا الوطن فرماهم نظامه بالصواريخ.. حكايات بين ركام الطائرة الأوكرانية المنكوبة

ضحايا الطائرة الأوكرانية:

تركوا كل شئ وهاجروا إلى كندا حيث افتتحا مركزا صغيرا لعلاج الأسنان إلى جانب إكمال دراستهما العليا في مجال طب الأسنان بجامعة كندية لتحتل بارسيا المرتبة الثالثة في اختباراتها بالكلية.

صارت بارسيا طبيبة أسنان بارزة كما كانت كانت مناصرة لحقوق النساء والأطفال والأقليات، كانت تعرف الأدب الكلاسيكي والحديث وكانت عنيدة لا تتراجع عن قناعاتها مهما حدث.

ذهبت بارسيا إلى إيران لحضور حفل زفاف شقيقتها الذي لم تعد منه أبدا هي أو طفلتها ريرا حيث تناثرت جثيتهما مع حطام الطائرة الأوكرانية ليتركا حامد وحيدا في كندا بلا رفيقة عمره وابنته الوحيدة ليبدأ مرحلة جديدة من النضال للمطالبة بحقهم المهدور.

  • ريرا ذات القلب الأخضر

كانت تحلم بجعل المشي ممكنا للأطفال على الكراسي المتحركة

حين ولدت منذ 10 أعوام أسماها جدها ريرا وهو اسم كان يطلق على إلهة البرية في غابات بحر قزوين التي كان جدها يشارك في حراستها كضابط صيانة قبل أن يتقاعد، كانت ريرا ندية كنبتة صغيرة خضراء تفاءل والديها بمجيئها للحياة حيث كان جواز سفرها الذي مازال يحمل صورتها وهي بعمر 3 أيام هو تميمة حظ الأبوين ليقبل طلبهما للهجرة لكندا.

وصلت ريرا حامد كندا وهي بعمر 7 أشهر، وكان أبواها دائما ما يذكراها أنها أفضل حظا منهما حيث تتمتع بطفولتها في هذا الجو الصحي بين عائلة محبة في دولة تستطيع فيها الحياة والتعلم وممارسة الحرية حين تكبر، ولكنها لن تكبر أبدا فقد توقفت صورة ريرا أمام ناظري والدها بعمر السنوات العشر حينما سافرت مع والدتها لإيران، سفرا لن تعودا منه أبد.

كانت ريرا تتحدث هاتفيا مع جدتيها أسبوعيا فقد كانت تتحدث الفارسية لطلاقة رغم إتقانها للإنجليزية والفرنسية، كانت تخبر جدتها في كل مكالمة بحلم جديد لمستقبلها فمرة تريد أن تكون معلمة وأخرى تكون أمينة مكتبة، ثم طبيبة أسنان كوالديها، أسبوع آخر ويتغير الحلم لتكون رسامة ثم استقرت أنها ستكون عالمة كآينشتاين إذ كانت تعلم الكثير عن نظرية النسبية التي طرحها، ولكنها كانت تحلم أن تكون عالمة في أي مجال يمكنها من أن تجعل المشي ممكنا للأطفال على الكراسي المتحركة، كانت تصارح والدها بألمها حين ترى طفلا على كرسي متحرك.

عشقوا الوطن فرماهم نظامه بالصواريخ.. حكايات بين ركام الطائرة الأوكرانية المنكوبة

ريرا إحدى ضحايا الطائرة الأوكرانية بصحبة والدها ووالدتها التي توفيت معها على متن الطائرة

لم تكن تعلم ريرا أن العالم ليس جميلا كجمال براءتها، وأن أحدهم لن يتركها تكبر لتكتشف بشاعة العالم الذي كان الأبوان يخبرانها أنها أنقذت من مخالبه، لعلها الآن أدركت وتوجه رسالة إلى من سلبها طفولتها قائلة “ياقاتلي: في اللّحظة التي استرحت بعدها منّي، استرحت منك”

ولكن المؤكد أنها أبدا لن تسامح قاتلها الذي وجه صواريخه تجاه الطائرة الأوكرانية سلبها صباها الحاضر وشباباها المقبل وأحلامها والأمل في مشي الأطفال ذوي الكراسي المتحركة.

  • مريم مالك

عطلة بين الفصول الدراسية أودت بأحلام مريم لتغيير العالم

في مقبرة عائلتها في حدائق الزرقند بقرية الإمام زادة إسماعيل دفنت مريم مالك دون ذراعين بعد أن بترهما أحد الصاروخين المتوجهين لتدمير الطائرة الأوكرانية، دفنت دون يديها التي طالما أمدتهما بالخير للمنكوبين والمضطهدين والضعفاء.

في ليلة شتوية من شهر فبراير عام 1980 ولدت مريم مالك التي أصر جدها على أن يسميها باسم من أول صفحة تظهر حين يفتح المصحف، فكانت صورة مريم فسماها الجد على اسم مريم البتول، وكانت مريم الطفلة ذات جسد نحيل فعلمها ذلك أن تكون قوتها بعقلها وروحها، فحلمت أن تخلّص أرواح المضطهدين المستضعفين من معاناتهم، حيث كانت دائمة الدفاع عن الأطفال ذوي الإعاقة، والأيتام والمضطهدين، كما كانت تكره التمييز بين الجنسين وتدافع عن حقوق المرأة وكانت تتطوع دائما في عمل الخير وحملات منع الاضطهاد.

 

عشقوا الوطن فرماهم نظامه بالصواريخ.. حكايات بين ركام الطائرة الأوكرانية المنكوبة

ضحايا الطائرة الأوكرانية: مريم مالك إحدى ضحايا الطائرة الأوكرانية

كانت تؤمن مريم أنها تستطيع أن تغير العالم لذا أتقنت 3 لغات أجنبية وهي الإنجليزية والفرنسية والألمانية، واجتهدت حتى حصلت على الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة شريف بطهران، ثم تلقت عرضًا من جامعة سانت ماري في هاليفاكس بكندا في 2019 لعمل ماجستير آخر في الاقتصاد.

كانت مريم قد أتت إلى إيران لقضاء عطلة مع عائلتها لمدة أسبوعين بين الفصول الدراسية، وفي زيارتها التي صارت الأخيرة لتكون آخر ما تسمعه من الدنيا وهي داخل قبرها صوت أمها أمام المقبرة وهي تفتح المصحف على سورة مريم ثم تقرأ لعلها تأنس بها بعد أن تركت هذا العالم الموحش الذي جعل جسدها النحيل مجرد هدف لقاتل متسلسل قبض 176 روحا في لحظة واحدة.

  • صدف

حرمتها يد الآثم من الوفاء بوعدها لأمها بالعودة لتؤنس وحدتها وتراعي فقيرات الحي

في أوائل يناير الماضي وعدت صدف حاجياغافاند والدتها بالعودة وهي تودعها باكية وكانت تشفق على وحدة أمها في طهران بعد وفاة والدها فقالت “سأعود إلى إيران يا أمي، سأعود قبل رأس السنة الفارسية الجديدة في مارس وأبقى معك، سأعود لمساعدة السيدات في مأوى الحيوانات، سأحضر لقاحات للكلاب، سأعود لمساعدة هؤلاء الأطفال في الجوار، تلك الفتاة التي اشتريت منها النرجس سأعود يا أمي لا تقلقي فهناك ما يجعلني أعود.”

عندما ولدت صدف حرص والداها أن لا ينجبا سواها حتى يستطيعا توفير حياة مثالية لها ومستوى تعليم يليق بأمالهما فيها، وبالفعل عاشت صدف طفولة سعيدة فكانت طفلة نشيطة رياضية وحالمة، تحب البحر والسباحة ولا تخشى الغوص في المياة الباردة مع الجو القارص لتحصد المراكز الأولى في مسابقات السباحة بالمدينة، ثم تتقن العزف على البيانو وتجيد قراءة النوتة الموسيقية، فإذا لامست أنامل صدف أصابع البيانو حتى تغمض الأم عينيها وتستمع بحب إلى رقة عزف ابنتها التي كانت ذات شخصية قيادية وتواقة للمعرفة، فهاهي صدف تكمل تعليمها الثانوي الذي تخصصت فيه في الرياضيات لتدرس بعد ذلك الهندسة المعمارية بجامعة آزاد، و في ربيع عام 2016 أنهت صدف دراستها الجامعية وقررت الهجرة إلى كندا، حيث بحثت عن أرض جديدة لاستكشافها فكانت ضالتها في جامعة يورك بإنكلترا .

عشقوا الوطن فرماهم نظامه بالصواريخ.. حكايات بين ركام الطائرة الأوكرانية المنكوبة

ضحايا الطائرة الأوكرانية: صدف إحدى ضحايا الطائرة الأوكرانية

وفي الأرض الجديدة اختارت صدف دراسة الموارد البشرية أثناء الدراسة وبسبب تميزها ما لبثت أن التحقت بالعمل في شركة هيونداي وبعد عامين عملت كمصممة أزياء وأخصائية مبيعات مع كريستين ديور.

ولكن صدف لم تعد أبدا لم تعد للأم الثكلى الوحيدة بطهران، بعد أن منعها القاتل من البر بوعدها.

  • دورسا

كانت تخشى من الموت في حرب عالمية ثالثة فقضت نحبها في طريق عودتها للأمان

“مجموعة من الدمى تسقط من السماء في فزع ” كان هذا مشروعا رسمته دورسا غاندشي أثناء عطلتها بطهران وكانت تنوي إكماله بعد العودة لتورنتو بكندا، فقد كان يسيطر عليها هاجس اندلاع الحرب العالمية الثالثة وهي بطهران بعد التصاعد في لهجة التهديدات بين طهران وواشنطن، أخبرت دورسا صديقتها الكندية عن مخاوفها بالعودة ولكن صديقتها طمأنتها وهدأت من روعها بأن كل ذلك أوهام في رأسها فقط.

ولدت دورسا غاندشي في 12 ديسمبر 2002 لوالد يدعى علي رضا وأم تسمى فايزة، كان يشعران دائما أن دورسا أتت إلى الدنيا في نزهة فقد كانت فتاة مرحة ورقيقة ما أن تضع قلمها على ورقة حتى تتحول إلى لوحة جميلة ملونة، فأحبها معلمو الرسم في المدرسة وشجعوها فأصبحت تتجول في الحدائق والشوارع تبحث عن وجوه لترسمها وزهور لتلونها، رسمت كل شئ أطفال ووجوه وزهور وجشور وقطط ولكنها لم ترسم يوما طائرة محطمة لأنها لم تنظر لمشهد قتلها .

عشقوا الوطن فرماهم نظامه بالصواريخ.. حكايات بين ركام الطائرة الأوكرانية المنكوبة

ضحايا الطائرة الأوكرانية: دورسا بصحبة والدتها وأخيها اللذين لقيا حتفهما معها علة نفس الطائرة

في سن الحادية عشرة، هاجرت دورسا إلى كندا مع والديها وشقيقها بارسا (دانيال) كما أطلقوا عليه في المدرسة الكندية إنه نفس العمر الذي أصبحت مهتمة فيه لأول مرة برسومات الكمبيوتر والرسوم المتحركة، و كانت تبلغ من العمر 14 عامًا عندما وقعت عقدًا مع شركات كندية وأمريكية وكانت تحقق أرباحًا بالفعل.

وفي المدرسة الكندية في المدرسة منحوها الجوائز: كرائدة أعمال وفنانة وعالمة رياضيات بينما في وطنها منحوها شهادة وفاة جماعية لها ولوالدتها وأخيها بارسا.

  • شاروخ ومريم وشاهزاد

أسرة سعيدة لم يتبق منها إلا رسالة من الهاتف الجوال وحقيبة ذكريات ضاعت ملامحها في التفجير

لم يتبق من الأسرة المكونة من 3 أفراد أحد ليروي لنا قصة حبهم وكفاحهم بتفاصيل لا يعلمها غيرهم، لم يتبق إلا رسالة نصية على الهاتف الجوال بعثتها مريم أغميري لوالدها تخبره فيها أن الطائرة ستتأخر نصف ساعة عن موعدها ليسمع الأب بعد ذلك بدقائق خبر تحطم الطائرة التي تقل ابنته مريم وزوجها شاروخ وابنتهما الطفلة شاهزاد.

لم يعلم القاتل أن شاروخ مدير معمل الإلكترونيات بجامعة بكندا كان أول من وقع في غرام ابنته شاهزاد يوم مولدها في بداية شتاء كندي بارد في 16 ديسمبر 2011 وهو معلق عينيه بوجهها طوال الطريق من المستشفى للمنزل، حرمه القاتل أن يحضن ابنته حضنا أخيرا، حرمه فرصة الالتفاتة والتحليق بعينيها.

ولد شاروخ إقبال بازوفت في 28 سبتمبر 1960 كان لطيفًا وصادقًا وجديرًا بالثقة شب على كونه الطفل الذكي والمبدع للعائلة، كان منذ طفولته يحب الاختراعات وإصلاح الكهرباء في المنزل، كلما اختفى شيء إلكتروني، توجهت إليه الأنظار، حاول إخفاء أسراره.

بعد سنوات، وبعد مغادرته إيران، تم الكشف عن كل أسراره في حقيبة كبيرة في زاوية خزانة؛ كانت الحقيبة مليئة بالأشياء المفقودة التي تم العبث بها.

كانت مذكرات دونها عن لحظاته الجميلة مع زوجته وابنته رفقيتي رحلته في كندا ورفيقتي النهاية أيضا؛ كانت تلك المذكرات هي آخر من تبقى من الأسرة .

  • أمير

مهندس الطيران الذي حاول تغيير التعصب بمجتمعه فأصابه الإحباط فهاجر

ولد أمير عفييسي عام 1978 في كرمانشاه بإيران، كان شابا موهوبا في كل شئ وحاصل على درجات علمية وشهادات في الطيران، كما كان أمير طالبًا موهوبًا وحصل على دبلوم في الفيزياء والرياضيات في وقت مبكر من شبابه بالإضافة لكونه كان مغرما بالهندسة فقد كان أمير محبا للحيوانات الأليفة وكان يربي الصقور والأسماك ويقرأ كثيرا في الطب البيطري بسبب اهتمامه بصحة حيواناته وطيوره.

درس أمير في كلية تكنولوجيا الطيران المدني بمطار مهرآباد بطهران وحصل على درجة البكالوريوس في هندسة الطيران والطيران ، ذلك المجال الذي عشق  العمل به ولم يتوقع أن تكون نهايته داخل الطائرة الأوكرانية المنكوبة، ثم واصل تعليمه العالي بدرجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية من جامعة شهرود كان مجاله الأساسي في الهندسة وإدارة المشاريع، لكنه كان أيضًا نشطًا جدًا في المجالات الثقافية والاجتماعية، فقد كان من أعضاء منتدى للحوار بين الحضارات برعاية أحد السياسيين الإيرانيين في ذلك الوقت، لكنه سرعان ما شعر بالإحباط وتركه.

عشقوا الوطن فرماهم نظامه بالصواريخ.. حكايات بين ركام الطائرة الأوكرانية المنكوبة

تزوج أمير من سارة حمزي في عام 2009 واحتفلا بميلاد ابنتهما عسل في عام 2012، التي اعتبرها أمير فأل سعده فأسس شركته الخاصة وكانت شركة استشارية هندسية وفي النهاية كحال معظم الموهوبين والمفكرين في إيران، هاجر أمير وسارة وعسل إلى كندا، وعمل في شركة كبيرة في أونتاريو، كان أمير مغرما بعسل ذات السنوات السبع ولكنهم قضوا جميعهم، عسل وأمير وسارة لم يكن لأحدهم أن يكتب له النجاة من براثن الصواريخ الإيرانية الموجهة من الأرض لقلب الأسرة المحلقة في السماء.

  • محمد رضا

حلم بالعودة لانجلترا لاحتضان ابنته فلم يغادر تراب إيران للأبد

في 5 أكتوبر 1979ولد محمد رضا كدخودزاد، وكان الطفل الأكبر في الأسرة وفي سنوات عمره الأولى أبدى اهتمامًا بالموسيقى والشعر والتاريخ والأدب كان في العشرين من عمره عندما هاجر والداه وشقيقتاه إلى إنكلترا لبناء حياة أخرى مختلفة عن ذلك القمع الذي يعيشون خلف ستاره.

عندما تمكنت الأسرة من الهجرة كان محمد مازال طالبًا في الهندسة الصناعية شاب يبلغ من العمر 20 عامًا تملؤه الأحلام ولا يقف أمام أحلامه إلا 4 سنوات من الانتظار ليلحق بأسرته بالخارج بعد حصوله على شهادة الخدمة العسكرية ليتمكن من مغادرة البلاد.

وفي أوائل عام 2004، انتهى انتظار محمد وقلق أسرته عليه بعد أن حصل محمد رضا على تأشيرة دخول المملكة المتحدة ليبدأ حياة أخرى، كانت هذه مفاجأة كبيرة، كان أمام محمد رضا رحلة جديدة – رحلة توجت بالعائلة، بعد سبعة عشر عامًا من بدايتها، وصلت بقية هذه الرحلة إلى نهاية قوية.

مر عليه 14 عامًا من الحياة في ويست ساسكس بإنكلترا ساعيا للهدوء والسلام النفسي ونشأة ابنته عسل في بيئة صحية نفسيا غير التي نشأ بها، الآن فقط يمكن لمحمد أن يستمتع بالهدوء الذي سعى إليه طوال حياته، كان في رحلة لإيران وكان يخبر أصدقاءه أنه يتوق شوقا للعودة لإنكلترا لرؤية ابنته، ولكن أحدهم قرر أن يحرمه من لقاء ابنته للأبد.

هكذا مر عام على حادث الطائرة الأوكرانية المروع الذي أودى بحياة 175 شخصا ومعهم مئات الأسر من الأقارب والأصدقاء والأحبة الذين مازالوا غير مصدقين ماحدث لهم حتى الآن، ومازالت إيران تصف الحادث الذي أنكرت ضلوعها فيه بالبداية بأنه خطأ بشري، خطا بشري تسبب في إطلاق صاروخين على طائرة بها 176 نفسا بريئة، ياله من خطأ.