أهلا بكم إلى هذه الحلقة الخاصة من مرصد الجهادية؛ في الأسبوع الأخير من سنة 2020. أهم أحداث هذا العام:

– أزمة قيادة في القاعدة وداعش: زعيم غائب وخليفة مجهول

– الجولاني يُخرج القاعدة من الشام

– علاقة شائكة بين طالبان والقاعدة

– تناحر بين الجهاديين على الموارد في غرب إفريقيا

 

تآكل قيادة القاعدة: الآخرون

في نوفمبر ٢٠٢٠، نقل صحفيون عن مصادر في حراس الدين وعن مترجمين في أفغانستان أن أيمن الظواهري زعيم القاعدة توفي قبل ذلك بشهر وفاة طبيعية. آخر ظهور موثق للظواهري كان في فبراير ٢٠٢٠ بحسب تقرير مجلس الأمن الدولي عن طالبان الصادر في مايو ٢٠٢٠. حتى نهاية العام، لم يصدر عن التنظيم أو كبار أنصاره ما يشي بثُبوت أو نفي الخبر. الظواهري مريض. وغائب. رسائله التي تبثها مؤسسة السحاب منسلخة عن الواقع على الأقل منذ الربع الأخير من العام ٢٠١٩؛ فلا يمكن اعتبار ما يُبثّ دليلَ حياة. المهم في هذا كله هو: من سيخلِف الظواهري على رأس التنظيم؟ الظواهري كان يُحضّر حمزة بن أسامة بن لادن لتولي القيادة لكن حمزة قُتل في قصف أمريكي في ٢٠١٩، ولمّا يؤكد التنظيم ذلك. من بقي إذاً؟ في الربع الأخير من ٢٠٢٠، أكدت السلطات الأفغانية قتل حسام عبدالرؤوف، مسؤول القاعدة الإعلامي وأحد مساعدي الظواهري؛ وعضو مجلس شورى قيادة التنظيم. و نقلت النيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين أن أبا محمد المصري، نائب الظواهري الأول، اغتيل في طهران في أغسطس؛ وهي القصة التي تتبعناها من حساب أنباء جاسم منذ أكتوبر. لم يصدر شيئ رسمي عن التنظيم، لكن مجموعة أنصار مخضرمة نشرت بعد أيام”تعزية” سرعان ما سحبتها مع اعتذار انتظاراً للخبر الرسمي. المصري كان حما حمزة بن أسامة بن لادن. وكان ضمن مجموعة من كبار قادة القاعدة أقاموا في طهران بعد غزو أفغانستان بموجب اتفاق مع إيران، منهم سيف العدل المسؤول العسكري والرجل الثالث في التنظيم. في ٢٠١٥ أطلق سراح عدد منهم في تبادل سجناء مع قاعدة اليمن. لكن المصري وسيف العدل بقيا في إيران. الآن، يبدو أنه لم يبق لتولي قيادة التنظيم في حال غياب الظواهري سوى سيف العدل. الظواهري لم يحسن التعامل مع هذه الأزمات. فكيف أضاع البوصلة؟

تآكل قيادات داعش

في عام ٢٠٢٠، تسلمت السلطات العراقية القيادي الداعش من الصف الأول والمعتقل لدى قوات سوريا الديمقراطية قسد، عبدالناصر قرداش وكان رئيس اللجنة المفوضة أيام البغدادي واعتقل في الباغوز في ٢٠١٩. في ٢٠٢٠، تم أيضا تحييد حجي تيسير، معتز نومان الجبوري، عضو اللجنة المفوضة في داعش والمشرف على ولاية العراق.

داعش الخليفة

وحتى نهاية العام، لا يزال خليفة داعش مجهولاً. فمن هو أبو إبراهيم الهاشمي القرشي الذي خلف البغدادي في نوفمبر ٢٠١٩؟ يبدو أن الجميع يرجح انه أمير محمد عبدالرحمن المولى آل سلبي المعروف باسم حجي عبدالله قرداش. وهنا مشكلتان: تيار البنعلي المنشقون عن داعش كتبوا في نوفمبر ٢٠١٩ أن قرداش مبتور الرجل اليمنى وفي هذا مخالفة شرعية للشروط الواجب توفرها في الخليفة. وبحسب وثائق أفرج عنها مركز CTC  لمحضر الاستجواب التكتيكي مع المولا عندما كان معتقلاً في سجن بوكا في الموصل في يناير ٢٠٠٨ ثبت أنه وشى بالعشرات من عناصر التنظيم. فكيف سيتعامل أنصار التنظيم مع هذا الخليفة؟

دولة الجولاني

في ٢٠٢٠، أتمّ الجولاني ما بدأه عام ٢٠١٧، عندما فك الارتباط مع القاعدة. عملياً قضى على القاعدة في الشام مقدماً نفسه شخصاً قادراً على إدارة دولة تتعاطى مع المجتمع الدولي. التحرشات بين حراس الدين وهيئة تحرير الشام وصلت ذورتها في يونيو ٢٠٢٠، عندما أعلن الحراس وآخرون عن تأسيس كيان عسكري باسم “غرفة علميات فاثبتوا”. شركاء الحراس كانوا: جبهة أنصار الدين، أنصا رالإسلام، تنسيقية الجهاد (أبو العبد أشداء)، ولواء المقاتلين الأنصار بقيادة أبي مالك الشامي التلي الذي كان حتى ذلك التاريخ عضواً رفيعاً في قيادة الهيئة. ردت الهيئة بمواجهات عسكرية، اعتقال قياديي فاثبتوا وأهمهم أبو مالك التلي، اعتقال شخصيات معارضة ومستقلة مقربة من الطرف الثاني مثل أبي حسام البريطاني، إغلاق جميع المقار العسكرية التي لا تتبع إلى غرفة عمليات الفتح المبين التي تسيطر عليها الهيئة، وعلى مدى الشهرين التاليين استمرت الاعتقالات في صفوف المعارضين والمستقلين فاعتقل أبو يحيى الجزائري من كادر الحراس سابقاً، والصحفي الأمريكي بلال عبدالكريم؛ والفرنسي عمر أومسين؛ وأبو عبدالرحمن المكي شرعي الحراس. التحالف كان قتل آخر الحراس: أبا القسام الأردني (خالد العاروري) في يونيو؛ ولاحقاً شرعي الحراس أبا محمد السوداني في أكتوبر.

على محور موازٍ للحراس، لا تبدو حركة أحرار الشام في أفضل أحوالها. الأحرار أحد أهم مكونات الجبهة الوطنية للتحرير، ومنافس قوي للهيئة. في أكتوبر ٢٠٢٠، قاد زعيمها السابق حسن صوفان تمرداً على الزعيم الحالي جابر علي باشا. مع نهاية العام، صوفان، المقرب من الهيئة، أعلن نفسه قائداً مؤقتاً؛ ومجلس شورى الحركة ثبت باشا زعيماً إلى حين التوافق على قائد جديد؛ فيما انقسمت التشكيلات العسكرية معلنة الولاء لهذا الطرف أو ذاك. في قلب هذا التمرد المجلس العسكري الذي يفترض أن يضم الفصائل المقاتلة في إدلب وأكبرها هيئة والأحرار وفيلق الشام.

هوية الجولاني

في ٢٠٢٠، كثف الجولاني ظهوره العلني بالرغم من مكافأة عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن مكانه. في مايو وفي جولة في جبل الزاوية يقال إن الحضور سألوه عن نسبه. فقال إنه أحمد الشرع، سوري من الجولان.

القاعدة في شمال إفريقيا

مرت خمسة أشهر على استهداف الفرنسيين أبا مصعب دروكدال زعيم تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا قبل أن يعلن التنظيم تعيين أبي عبيدة العنابي خلفاً له. منذ مقتل دروكدال، والجميع يسأل من قد يصلح لأن يحل محله بالنظر إلى علاقات بينية شائكة وصعبة بين دروكدال وملازمه الأول العنابي؛ وبينه والرأس الكبيرة إياد آغ غالي زعيم تحالف نصرة الإسلام والمسلمين المبايع لدروكدال أولاً والظواهري ثانياً. الذي يبدو أنه يسير في خط تصاعدي بعكس تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا الذي خُنق في الجزائر. في مارس ٢٠٢٠، نشر تحالف إياد غالي استعداده التجاوب مع دعوات التفاوض مع حكومة مالي على شاكلة اتفاق طالبان مع أمريكا. وفي أكتوبر ٢٠٢٠، أطلقت الحكومة المالية سراح ١٨٠ جهادياً مقابل إفراج نصرة عن أربعة رهائن مختطفين منهم صوميلا سيسي السياسي المالي؛ والفرنسية صوفي بيترونا.

طالبان – القاعدة

في يناير ٢٠٢٠، وقّعت طالبان اتفاقية سلام مع الولايات المتحدة الأمريكية تدخل بموجبها في مفاوضات حكم مشترك مع بقية الأطياف في أفغانستان، ولا تشن أو تسمح بشن هجمات ضد المصالح الغربية.

الاتفاق يشكل حرجاً للقاعدة الذين يعتبرون التشاركية في الحكم كفراً؛ ناهيك عن الجزء المتعلق بالعلاقة مع القاعدة. في آذار، القاعدة الرسمية أشادت بالاتفاق ووصفته بـ “الانتصار التأريخي الكبير.” لكن ظل الاتفاق محلّ جدل حتى بين منظّري الجهادية الكبار الذين حاولوا تسويغه بأنه “مناورة” من جانب طالبان وأنهم سيفرضون “إمارتهم الإسلامية”.

القاعدة اليمن

في فبراير ٢٠٢٠، أعلن تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب تعيين خالد باطرفي زعيما للتنظيم خلفاً لـ قاسم الريمي الذي قتل في يناير. المشكلة في باطرفي هو أنه لا يحظى بإجماع أنصار التنظيم لافتقاره الخبرة العسكرية؛ ناهيك عن وباء الجاسوسية الذي يفتك بالتنظيم. برز سوء إدارته فيما صار يعرف بالاعتزال الكبير، أو انشقاق النهديين. في فبراير ٢٠٢٠، ظهرت مجموعة بقيادة أبي عمر النهدي ومنصور الحضرمي: وهما أمني وعسكري قالا إن التنظيم يوجّه اتهامات جزافية بالجاسوسية. طالبا برفع رسالة إلى الظواهري في هذه المسألة والاحتكام إلى الشرع. في مايو، أعلنت قيادة التنظيم رفض التحكيم؛ واتهمت المشتكين بالرياء باعتبار أنهم كانوا جزءاً من المنظومة الأمنية التي ساقت الجواسيس إلى أقدراهم. مع نهاية ٢٠٢٠، كان كل من تنظيمي داعش ولاقاعدة منيا بهزيمةة في محافظة البيضاء وقيفة تحديداً التي سيطر عليها الحوثيون.

موزمبيق

في ٢٠٢٠، اتخذ داعش موطئ قدم في موزمبيق. ابتداء من مارس، هاجم التنظيم أكثر من بلدة في إقليم كابو ديلغادو حيث مشاريع الغاز التي تقدر بـ ٦٠ مليار دولار. وسيطروا على ميناء في ماسيمبو دي برايا.

القاعدة-داعش غرب إفريقيا

في مايو ٢٠٢٠، ولأول مرة كشف تنظيم داعش عن اقتتال مستعر مع تنظيم القاعدة في غرب إفريقيا والساحل خاصة في المثلث الواصل بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. حتى ذلك التاريخ، تميزت العلاقة بين التنظيمين في هذه المنطقة بنوع من التعايش والتعاون حيّر الباحثين.