قابلت الباحثة الأمريكية – الروسية فيرا ميرونوفا عدداً من نساء داعش الأجانب في أفغانستان. وقد تحدّثت سيدتان عن كيفية التخطيط لعملية الهروب من هناك بغية العودة إلى الوطن، بعدما عاشتا ظروفاً قاسية.

فيرا ميرونوفا روت لـ”أخبار الآن” تجربة هاتين السيدتين، وقالت إنّها قابلت عدداً من نساء تنظيم داعش الأجانب في أفغانستان، “وهن عدن للتو إلى أوطانهن، وأغلبهن من أوزباكستان. السيدتانِ اللتانِ قابلتهما في الثلاثينات من العمر تقريباً، كل واحدة لديها طفلان”. وتابعت: “المرأة الأولى لحقت بوالدها في الحقيقة، والذي بقي في أفغانستان من 8 إلى 9 سنوات مع إبنِهِ أيضاً. بعد نشوب خلاف عائلي مع زوجِها، فضلت ببساطة الذهاب إلى أسرتها، التي كانت منخرطة في القتال في أفغانستان”.

وأضافت: “لذلك ذهبت إلى أوزباكستان ثم إلى روسيا ثم إلى بيلاروسيا ثم أذربيجان، بعدها تركيا ومنها إلى إيران ثمّ أفغانستان، ورغم أنها قطعت كل هذه المسافة للقاء والدها، إلا أنها لم تنجح في ذلك، وانتهى بها الأمر في أفغانستان في مكان بعيد عن مكان والدها الذي يقاتل، وكان من الصعب جداً حصول لقاء بينهما. أمّا المرأة الثانية، فبقيت في أفغانستان لـ8 سنوات، وقصتها مختلفة بعض الشيء، فهي انضمت إلى الحركةِ الإسلامية في أفغانستان، ثم بايعت داعش، ثم انضمت إلى طالبان بعد ذلك، إذاً هي انضمت إلى 3 تنظيمات خلال 8 سنوات.

دور النساء في أفغانستان مختلف عما عليه في سوريا والعراق!

هاتان السيدان اللتان قابلتُهما، لم يفعلا أيَّ شيء على الإطلاق، الأمرُ يختلفُ عمّا نعرِفُهُ عن دورِ نساءِ داعش في العراق وسوريا، فهنا النساءُ لا يفعلْنَ أيَّ شيءٍ سوى الجلوسْ في المنزل والاعتناء بالزوج، ويهتمونَ بجلبِ المياه من النهر، وتدفئةِ المنزلِ بإشعالِ الحطب. لقد قالتا إنّه لا يوجد حتى أيُّ محلٍ أو سوبرماركت في القريةِ التي كانتا تعيشانِ فيها، ما يعني أنّه فعلاً لا يوجدُ أيُّ شيءٍ تقومُ به النساء، غير أنّ أزواجَهُنَّ يقاتلونَ في الخطوط الأولى للتنظيم.

هاتانِ السيدتانِ قررَتا الفرارَ عندما سقطَ تنظيمُ داعش، واستحوذت عليه طالبان. وقد تحدثتا عن أسبابٍ عديدةٍ دفعتْهُما لتركِ التنظيم، منها ظروفُ المعيشةِ الصعبة، كشحِّ المياهِ وانعدامِ الخِدماتِ الصحية. وهما قالتا إنّ العديد من الناس يموتون بأمراض بسيطة. قالتا أيضاً إنَّهما واجهتا مشكلةً في الطعام، وإنَّهما لم تتناولا غيرَ الخُبزِ والماءِ لمدةِ عامين، كذلك لم تتناولا اللحومَ لمدةٍ تزيدُ عن عام. بصراحةٍ أنا لم أصدقْ ذلك، لأنّه من الصعب النجاةُ في مثلِ هذا الوضع، هذا إلى جانب الطقسِ الباردِ جداً. ورَغْمَ هذه الظروف الصعبة، كانتا غيرَ قادرتينِ على الفرارِ في ظلِ سَطْوَةِ داعش، وكان يتمُّ إعدامُ أيِّ شخصٍ يفكرُ بذلك في ساحة عامة. لكن بعدما تمّتْ السيطرةُ على داعش من قبل طالبان والقوات الحكومية، تمَّ توقيفُ هؤلاء النساء وتمَّ سَجنُهم، ثمَّ رُحّلنَ إلى أوطانِهنَ.

إمّا مبايعة طالبان أو الإعدام.. وهكذا فرّت إحداهن

وتابعت ميرونوفا لـ”اخبار الآن“: “السيدة الأولى كانت سعيدةً بعودتِها لوطنِها، لكنَّ الثانية كان لديها خياران، إمّا أن تبايعَ طالبان أو أن يتمَّ إعدامُها، وقد تمّ إعدامُ الأغلبية، وكانت هناك مجموعةٌ صغيرةٌ بايعت طالبان، وزوجُها ضِمنَ هذه المجموعة. لقد نسقت هذه السيدة لفرارِها مرّةً أخرى، وهذه كانت المحاولةُ الثالثة. لقد ادّعتْ أنّ زوجَها كان يخدمُ في نُقطةِ تفتيشٍ بعيدة نوعاً ما، وأنّها بحاجةٍ للذهابِ إليه مَعَ أطفالِها، فسُمحَ لها بالخروج من القرية، لتذهبَ في الليلِ سيراً على الأقدامِ مع ثلاثةِ أطفال، وعندما وصلَت إلى أقربِ شارعٍ رئيسي، أوقفت سيارةً أقلّتها إلى أقربِ قريةٍ صغيرة، ومنها ذهبت إلى كابول، محاولةً الوصول إلى السفارةِ لتسليمِ نفسِها، لكنَّ كلَّ شيءٍ كان مغلقاً آنذاك بسبب فيروس كورونا. سألت هناك جنوداً عن مكانِ سفارةِ أوزباكستان في كابول، فقالوا إنَّ كلَّ شيءٍ مغلقٌ الآن، وعليها الذهابُ إلى الحدودِ مع باكستان. وتمكنت بعد خمسةِ أيّامٍ من الوصولِ إلى سفيرِ أو قنصلِ أوزباكستان.

هل ندمت السيدتان على انتمائهما لتنظيم إرهابي؟

قالت ميرونوفا: “بالتأكيد، ستقولان نعم إذا طرحنا عليهما هذا السؤال.. بالنسبة للمرأة الأولى، من الواضحِ أنّها صادقة في ندمها، لكن بالنسبةِ للسيدة الثانية، التي بقيت لـ8 سنوات هناك، فأنا في الواقع غير متأكّدة ما إذا كانت نادمةً أم لا، لأنّ زوجها لا يزال يقاتل هناك، ولا أعتقد أنّها صادقةً في ما تقول، لأنَّها ما زالت تهتم لأمر زوجها. فضلاً عن ذلك، فهي هربت عندما استولت طالبان على المناطقِ التي كان يحتلُها داعش. أنا غيرُ متأكدة من أنَّها هربت بالفعل، أم أنها اختارت العودة إلى وطنها، والانتظار للعودة لداعش من جديد”.

زوجها منعها من الهروب

وأضافت: “لقد أخبرتني أنّ زوجها منعها من الهرب 3 مرات وضربَها. وقالت إنه يرفض الاستسلام لأنه لا يريدُ الذهاب للسجنِ في طاجكستان. ومنعها من الهرب كذلك لأنه لا يريد البقاء وحيداً في تلك القرية، حيث يقتل فيها الناس”.

عدد كبير من الأجانب في أفغانستان!

وختمت ميرونوفا قائلةً لـ”أخبار الآن“: “من الأمورِ التي سألتُ السيدتينِ عنها، هو عددُ الأجانبِ في تلك القرية، لمعرفةِ مدى حجمِ هذه القضية. فقالت إحدى النساء إنّه كان هناك ما يزيدُ على ألفِ شخص من الأجانب يعيشونَ في هذه القرية، باعتقادي أنّه رقمٌ كبيرٌ بالفعل، منهم من فرنسا والدنمارك والألمان”.