هواوي تنخرط بلعبة التجسس على الإيغور

بعد ثُبوت تورط السلطات الصينية في استخدام تقنيات التعرف على الوجوه في البلاد، بهدف كشف أماكن وتحركات الأقليات المسلمة وخاصة الإيغور، وما استتبع ذلك من حملات استهجان طالت صناع القرار وعلى رأسهم قادة الحزب الشيوعي، تأتي وثيقة جديدة لتكشف ضلوع عملاق التكنولوجيا الصينية، شركة “هواوي” بالتجسس على الأقلية المسلمة لصالح أجهزة الأمن الصينية.

وفي تقرير مطول أوردته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، كشفت وثيقة داخلية أنّ شركة “هواوي” للتكنولوجيا أجرت اختبارات على برمجيات خاصة بالتعرف على الوجه، والتي يمكن أن ترسل “إنذارات آلية” إلى أجهزة الأمن الصينية حول وجود أي شخص ينتمي إلى أقلية الإيغور.

ووفق تقرير الصحيفة الأمريكية، فإن منظمة الأبحاث “IPVM” اكتشفت الوثيقة الموقعة من قبل ممثلي هواوي، مع شركة “Megvii”، المتخصصة في تصميم برامج التعرف على الصور من خلال امتلاكها لنظام “Face Plus Plus”، وذلك لاختبار نظام كاميرا الذكاء الاصطناعي التي تقوم بمسح الوجه لتحديد العمر، والجنس، والعرق.

ومن أبرز الأدلة التي تدين هواوي، ما تحدثت عنه الصحيفة عن قيام الشركة بإزالة الوثائق المتعلقة بهذا البرنامج من موقعها على الإنترنت بعد الاتصال بهواوي للتعليق.

وصرح المتحدث باسم هواوي “جلين شلوس” لصحيفة “واشنطن بوست” أن التقرير “مجرد اختبار ولم يشهد تطبيقًا في العالم الحقيقي”.

وقال في بيان أرسله إلى الصحيفة الأمريكية: “إننا نأخذ المزاعم الواردة في مقال الصحيفة على محمل الجد ونحقق في القضايا التي أثيرت في الداخل”.

هواوي تتورط بالتجسس على الإيغور عبر "إنذارات آلية"

شعار شركة هواوي الصينية – رويترز

هواوي.. نتائج غير دقيقة

ويقول التقرير، إن هواوي و “Megvii” بدأتا بالتعاون في عام 2018 “لاختبار نظام كاميرا ذكاء اصطناعي يمكنه فحص وجوه في حشد كبير وتقدير عمر كل شخص وجنسه وعرقه “.

وترى الصحيفة أن نظام المراقبة الذي تورطت به هواوي، من شأنه أن يقدم نتائج غير دقيقة، لأن أداءه سيتنوع على نطاق واسع بناءً على الإضاءة وجودة الصورة وعوامل أخرى، كما أن تنوع أعراق الناس وخلفياتهم لا يمكن تقسيمه بشكل واضح إلى مجموعات بسيطة يسهل تفنيدها بالنسبة لجهاز المراقبة.

وتؤكد أن هواوي وشركاؤها، قدموا بعضًا من منتجات المراقبة هذه إلى السلطات في منطقة شينجيانغ، حيث سعى الحزب الشيوعي الصيني طيلة عقود ماضية لقمع الإيغور.

هواوي لاعب أساسي في التجسس

قالت “مايا وانغ”، باحثة أولى في الصين في مجموعة “هيومن رايتس ووتش”، إن “هواوي أصبحت لاعباً مهماً في تكنولوجيا المراقبة بفضل مجموعة الخوادم والكاميرات وأنظمة الحوسبة السحابية وغيرها من الأدوات التقنية المتطورة”.

وأضافت: “استفادت الشركات الكبرى بشكل كبير من إنفاق الحكومة الصينية على المراقبة الأمنية”.

وتعكس هواوي وشركات أخرى عاملة في الصين، التوسع المستمر في المراقبة الذي تنتهجه الحكومة، حيث دعا كبار المسؤولين الشرطة إلى استخدام البيانات الضخمة لمحاربة الجريمة، تحت شعار “شخص واحد ملف واحد”، وهي عبارة تشير إلى استخدام تقنيات مراقبة متطورة لملاحقة الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى.

وقال “جيروم كوهين”، الخبير القانوني في مجال حقوق الإنسان، إن “التنميط العنصري والتمييز منتشران في الصين.. حكومة البلاد منخرطة في التنميط العنصري على نطاق واسع”.

هواوي تتورط بالتجسس على الإيغور عبر "إنذارات آلية"

شعار شركة هواوي الصينية – رويترز

هواوي ومنع الالتماسات القانونية

وتورد الصحيفة استخداماً آخر لنظام التعرف على الوجوه تستخدمه السلطات الصينية بهدف تجنب أي التماس قانوني يمكن أن يقدمه الإيغور أو أي شخص ينتمي إلى الأقليات المسلمة بهدف الحصول على تعويض من الحكومة المركزية عن أخطاء ارتكبها مسؤولون حكوميون.

التقنية وفق واشنطن بوست تم تطويرها بالاشتراك مع شركة هواوي وشركة “SenseTime”  الناشئة للذكاء الاصطناعي.

وقال كوهين، إن الصينيين الذين يلجؤون إلى اتباع طرق الالتماس القانوني، غالبًا ما يتم اعتراضهم وسجنهم من قبل المسؤولين المحليين الذين لا يريدون إرسال الشكاوى إلى الخارج.

ووفق الصحيفة الأمريكية، لم تستجب “SenseTime” لطلب شرح ما يعتبر التماسًا غير قانوني وكيف يمكن لمنتجها المساعدة في منعه. كما لم يوضح المتحدث باسم هواوي هذه النقطة.

كما فشلت محاولات التواصل مع وزارة الأمن العام الصينية للتعليق عبر الهاتف والفاكس، تقول واشنطن بوست الأمريكية.

مقارنة ملايين الأصوات

أحد المنتجات الأخرى الموجودة في المواد التسويقية لشركة هواوي، نظام التعرف على الصوت أو كما يعرف بـ “voiceprint” الذي أنشأته شركة التكنولوجيا الصينية “iFlytek”، والذي تم الإعلان عنه على أنه قادر على مقارنة تسجيل صوتي من هاتف أو تطبيق بقاعدة بيانات عشرات الملايين من الأصوات.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، فرضت عقوبات على شركة “iFlytek” بعد اتهامها باستخدام هذه التكنولوجيا لمساعدة الحزب الشيوعي الصيني على تعقب الإيغور في شينجيانغ. كما كشف عدد من الإيغور أن السلطات كانت تطلب منهم عند نقاط التفتيش بقراءة ورقة بصوت عالٍ لتسجيل أصواتهم.

طلاق غريزمان لهواوي

ومن أبرز ردود الأفعال على تقرير واشنطن بوست وتورط هواوي بالتجسس على أقلية الإيغور، أعلن مهاجم منتخب فرنسا وفريق برشلونة، “انطوان غريزمان“، يوم الخميس الماضي، إنهاء علاقته التجارية مع شركة هواوي، احتجاجا على طريقة تعاملها مع مسلمي الإيغور.

وكتب غريزمان الفائز بكأس العالم 2018 مع فرنسا، والذي كان سفيرا للعلامة التجارية منذ عام 2017، في بيان نشره عبر صفحته في تطبيق انستغرام: “بعد الشكوك القوية في أن هواوي ساهمت في تطوير (تنبيه الإيغور) من خلال برنامج التعرف على الوجه، أعلن أنني أنهي شراكتي مع الشركة”.

عقوبات

خضعت تقنيات المراقبة الصينية للتدقيق الشديد من قبل القوى الغربية على مدى السنوات القليلة الماضية. واتهمت السلطات الأمريكية شركتا هواوي و “Megvii”  وكلاهما يمتلكان مليارات الدولارات، بانتهاك حقوق الإنسان لا سيما في إقليم شينجيانغ.

وفي عام 2019، كان “Megvii” من بين ثمانية عمالقة للتكنولوجيا الصينية، تعرضوا لعقوبات من قبل الحكومة الأمريكية لدورهم في المساهمة في اضطهاد مسلمي الإيغور في الصين.

وبدأت الصين بالفعل في تصدير هذه التكنولوجيا إلى دول مثل أوغندا، حيث تستخدمها الوكالات الحكومية لقمع المعارضين والمنتقدين والمتظاهرين.

وتنقل صحيفة واشنطن بوست قلق جماعات حقوق الإنسان من “أن استخدام هذه التقنيات قد لا يقتصر على شينجيانغ فحسب، بل قد يصبح هدفاً للحكومات التي تسعى إلى فرض المزيد من السيطرة على شعوبها”.