تناقلت الحسابات المواليـة لتنظيم القاعدة مؤخراً رسالة لـ سامي العريدي، القيادي في فصيل “حراس الدين” التابع للتنظيم. وجاءت الرسالة التي تحمل في طياتها الكثير من التساؤلات تحت عنوان “رسائل الى الثابتين 1”.

التوقيت والزمان اللذان صادفا نشر هذه الرسالة، استوجبا البحث عن الإجابة لجملة تساؤلات، ما الذي حدث ليدفع العريدي لكتابة تلك الرسالة؟ أين هو حالياً؟ وإذا كان متواجداً في سوريا، هل هو بمنأى عن الاستهداف باعتباره أهمّ المطلوبين على قائمة الارهاب حالياً؟ وهل لغته القوية التي استخدمها تشير إلى أنّه غادر سوريا؟

الأسباب من وراء رسالة العريدي

في هذا السياق، يقول عباس شريفة، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، لـ”أخبار الان“، إنّ هناك دوافع عديدة لرسالة سامي العريدي، منها ما هو داخلي ومنها ما هو  خارجي، موضحاً أنّ الأسباب الداخلية لرسالة العريدي، “تتعلق بحالة الضعف والهشاشة التي يعيشها التنظيم بعدما فقد معظم كوادره ومواقعه وحالة الحرب التفكيكية التي يعيشها مع تنظيم هيئة تحرير الشام”.

أمّا في ما يتعلق بالأسباب الخارجية، فقال: “إعادة الخارجية الأمريكية نشر إعلان المكافآة لمن يدلي بمعلومات تفضي للوصول إليه شخصياً، وهو يحاول في هذه الرسالة إظهار روح التحدّي للإدارة الأمريكية”.

أين هو سـامي العريدي؟ وهل هو مستهدف ويخشى قتله؟ 

وعن مكان تواجد العريدي، أعرب شريفة عن اعتقاده بأنّ الرجل لم يغادر سوريا إلى أيّ مكان أخر، وهو لا يزال في داخل الأراضي السورية”، معتبراً أنّ مغادرته للأراضي السورية في هذا الوقت، ستسهم في انهيار معنويات تنظيم حراس الدين الذي يحاول رفعها من خلال رسالته الأخيرة”.

وأكّد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أنّ العريدي على قوائم الاستهداف، مشيراً إلى أنّ المراقب لمسار الحرب على الإرهاب، يرى أنّ الشخصيات الشرعية مثل العريدي التي تقوم بالتغذية الفكرية فقط، هم بمثابة أهداف ثانوية لا تتقدم على استهداف الشخصية الأمنية والعسكرية.

وعن خشية العريدي من الاستهداف باعتباره مدرجاً ضمن برنامج المكافآت الأمريكية، قال الباحث عباس شريفة: “طبعاً، العريدي يخشى الاستهداف، لكن ذلك لا يؤثر على الاستراتيجية التي يسير بها هو وتنظيمه في التنافس مع هيئة تحرير الشام على المشروعية الجهادية. وأضاف: “لا يمنع ذلك من استثمار هذا الاستهداف في تعزيز مصداقية التنظيم وقيادته وعدائها للغرب والولايات المتحدة الذي يعتبر في عرف الجهاديين نوع من التزكية وإثبات المصداقية”.

ما فاعلية الرسالة التي وجهها العريدي؟

وتعقيباً على الجزئية المتعلقة بقوّة اللغة المستخدمة في رسالة العريدي، أوضح شريفة، لــ“أخبار الآن” أنّ خطاب الرسالة موجه لعناصر للتنظيم، والرسالة في معظمها داخلية، تتحدث عن الثبات والصبر مما يعكس حالة المحنة التي يعيشها التنظيم، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ واقع الضعف والهشاشة في التنظيم أمر واضح من لغة الخطاب التي تدعو للصبر والثبات وعدم التأثر بالفتن”.

هل سيوجه العريدي رسائل أخرى؟

أوضحت الرسالة التي بعثها العريدي وتناقلتها الحسابات الموالية، أنّها الأولى ويتضح ذلك من الرقم 1 (رسائل الى الثابتين 1)، الأمر الذي يقودنا إلى أنّ تلك الرسالة سيعقبها المزيد من الرسائل، لكن كم عددها؟ و ما مدى قوتها؟ أجابنا الباحث عباس شريفة قائلاً، “هناك نظام يحكم تحولات الخطاب عند هذه الجماعات، موضحاً أنّ ذلك النظام يتبدل بين مرحلة البداية التي تتسم بالتبشير بالخلافة والنصر والتجنيد للشباب، ثمّ تأتي مرحلة القوة التي تتسم بخطاب شديد للأعداء، لتأتي مرحلة الانحدار حيث يتسم الخطاب بالكلام عن الابتلاء والتمحيص والصبر والثبات، كما كان خطاب البغدادي بعد معركة الباغوز وقبيل قتله.

وختم الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية كلامه بالقول: “هذه المرحلة تتطلب مزيداً من الخطاب، فالخطاب عادة هو آداة للخروج من المأزق والتنظيم يعيش حالة من المأزق حالياً”.