قبل يوم من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020 بدورتها الـ59، تحتدم المنافسة بين المرشحين للرئاسة، الجمهوري دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، وسط صعوبة التكهن بمن سيكون صاحب الحظ الأوفر لسكن البيت الأبيض وإن أشارت آخر نتائج لاستطلاعات الرأي، إلى تقدم بايدن على حساب الرئيس الحالي ترامب.

ورغم انشغال معظم الأمريكيين والعالم بالعملية الانتخابية ونتائج الاستطلاع، إلا أنه وخلف أروقة الانتخابات الأشهر في العالم، تعكف أجهزة الأمن الأمريكية على مراقبة أي خرق للعملية الانتخابية من قبل منظمات وأجهزة استخبارات دول أخرى وخاصة أن انتخابات 2016 لم تسلم من عمليات الاختراق وفق تقارير أجهزة الأمن والاستخبارات الأمريكية والتي كان أشهرها تحقيق “مولر” الذي حاول تفنيد اتهامات التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016.

اختراق روسي جديد

آخر محاولات الاختراق تلك، كانت قبل نحو أسبوع عندما كشف مركز القيادة السيبراني الأمريكي عن محاولة اختراق من قبل أجهزة الاستخبارات الروسية لدوائر انتخابية بهدف التأثير على نتائج الانتخابات، وفق ما تحدث به الخبير في أمن المعلومات إياد بركات، لأخبار الآن.

وقال: “الاتهامات حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية قديمة وإن كان أحدثها منذ نحو أسبوع أو أكثر بقليل، عندما اتهم مركز القيادة السيبراني الأمريكي بوجود تدخل مس بعض الدوائر الانتخابية في ولايات عدة”.

وأضاف: “بطبيعة الحال الولايات المتحدة الأمريكية دولة لديها إمكانيات كبيرة للغاية، ولكن النظام الانتخابي الأمريكي هو نظام موزع يتم التحكم فيه من قبل المقاطعات ودوائر انتخابية صغيرة جدا، وجميع تلك الدوائر يتوجب عليها أن تلتزم بالنصائح الفيدرالية حول الأمن المعلوماتي وطريقة التصويت والتدقيق، إلا أنها غير ملزمة، وبالتالي فإن أمريكا رغم عظم إمكاناتها فإنك تجد موظف صغير في دائرة صغيرة ولكن لها أهميتها على المستوى الانتخابي عرضة لمواجهة نظام استخباراتي مثل النظام الروسي، وهذا ما حصل فعلا الأسبوع الماضي عندما صدر اتهام في ولاية جورجيا وولايات أخرى، بتعرض دوائر انتخابية على قدر كبير من الأهمية والحساسية لاختراق من قبل جهاز الاستخبارات الروسي مس قواعد البيانات الخاصة بتدقيق توقيع الناخب. هذا الأمر نتج عنه قيام الهيئات بإيقاف العمل بهذا النظام والعمل بنظام التدقيق اليدوي أي التدقيق من خلال موظفين عاديين”.

وأوضح خبير أمن المعلومات: “ما سبق يدلل على أن النظام الانتخابي الأمريكي يمكن اختراقه بشكل كبير جدا، هناك الآلاف من الدوائر الانتخابية التي تستخدم آلات تصويت من شركات مختلفة وهذه الشركات تتنافس فيما بينها وبالتالي فإن مقدار الشفافية لدى تلك الشركات حول برامج (السوفت وير) وغيرها ليس بالمستوى المطلوب، وهنا تكمن الخطورة إذ أن تلك الشركات لكي تحمي أرباحها على اعتبار أنها لا تبيع فقط تلك الآلات للولايات المتحدة بل تبيعها لدول أخرى حول العالم، تقوم بالتستر على أي اختراق يطال أجهزتها، وبالتالي فإن الشركات المصنعة تحاول أن تتستر على أي اختراق لأنظمتها، وبالنتجية فإن وجود العدد الهائل من آلات التصويت والموظفين واختلاف أساليبهم في التدقيق تجعل النظام الانتخابي الأمريكي سهل الاختراق”.

آلية اختراق الانتخابات

وعن الآلية التي تتبعها الأجهزة المتورطة غي عمليات الاختراق، قال بركات: “التدخل الروسي أو من أي جهة أخرى في الانتخابات الأمريكية يكون على مستويات عدة، إحدى هذه المستويات محاولة اختراق أجهزة التصويت الموجودة في مناطق مختلفة في الولايات الأمريكية. إلا أن الأخطر محاولة الجهة المخترِقة سواء كانت روسية أو كورية أو إيرانية أو أي جهة في العالم، خلق انطباع بعدم نزاهة الانتخابات الأمريكية”.

وأوضح: “من النقطة السابقة تحديداً تُثار مخاوف من قيام الأجهزة الروسية أو غيرها بمحاولة إحداث اختراقات ولو بسيطةفي يوم الانتخابات واليوم الذي يليه وخاصة ان أتت نتائج التصويت متقاربة في بعض الولايات، وهي في الواقع لا تغير من نتائج الانتخابات ولكنها تخلق انطباعا لدى الأمريكيين والعالم أن هذه الانتخابات غير نزيهة وتم التلاعب بها. وبالتالي ما تحاول موسكو القيام به ليس اختراق أجهزة الكمبيوتر أو أجهزة التصويت المسخدمة في الانتخابات ولكن (تهكير) المجتمع الأمريكي عبر خلقهذا الانطباع”.

بركات لفت إلى الطرق المباشرة التي تستخدمها جهات الاختراق لتهكير الانتخابات وقال: “روسيا وغيرها من الجهات التي تسعى لاختراق الانتخابات الأمريكية تستخدم إما برامج (السوفت وير) الموجودة على (سيرفرات) وخوادم حول العالم إذ تقوم بنشر نفسها تلقائيا من خلال الروابط، أو من خلال محاولة اختراق شخص واحد يكون مسؤول عن جزء من المنظومة الانتخابية، عبر استدراجه لإعطاء كلمات مرور أو الحصول على معلومات حساسة يمتلكها سواء عبر التحايل أو التراضي”.

تخوف من عبث إيراني

ولدى سؤالنا الخبير التقني عن أسماء بعض الجهات أو المنظمات التي تورطت في عمليات اختراق للانتخابات، قال بركات: “الجهات المسؤولة عن الاختراق غالبا تعمل لصالح أجهزة الاستخبارات الروسية أو الإيرانية وأجهزة استخبارات دول أخرى، وأنا اعطي على سبيل المثال اسم منظمة إيرانية تطلق على نفسها منظمة (آي تي بي 35 ) تورطت في عمليات اختراق، وهنا تجدر الإشارة إلى أن خبراء أمن أمريكيين يتخوفون في الوقت الراهن بشكل كبير من سعي إيران للتشويش على الانتخابات الأمريكية مع العلم أن الإيرانيين ليس لديهم قدرات الروس أو الأمريكيين، إلا أنهم يستطيعون التشويش على الانتخابات الأمريكية”.

وأوضح: “اليوم اطلعت على تقرير تخوف من محاولة طهران اختراق بعض المواقع الإلكتورنية الأمريكية ونشر صور أو مواد لإعطاء انطباع أنها قادرة على إحداث تأثير على الانتخابات الأمريكية وأن هذا النظام غير كفئ وغير نزيه. طبعا في الوقت الحالي أي قبل موعد الانتخابات بيوم تقريبا، هناك هدوء لأن الأجهزة التي تحاول التأثير على الانتخابات الأمريكية تنتظر نتائج التصويت وخاصة في الولايات التي تظهر فيها النتائج المبدئية متقاربة بين المرشحين للرئاسة، وبالتالي محاولة التشويش بشكل أكبر على العملية الانتخابية ونتائجها النهائية”.

الجديد بالذكر أن وزارة الدفاع الأمريكية خلصت استناداً إلى تقارير صادرة عن جهاز الاستخابرات الأمريكي أن الحكومة الروسية قد أدارت عمليات قرصنة للرسائل الإلكترونية بقصد التدخل في سير الانتخابات الأمريكية. ووفقا لتقرير صدر في شهر يناير 2017، فإن المخابرات العسكرية الروسية (GRU) قد اخترقت خوادم اللجنة الوطنية الديمقراطية (DNC) وحساب البريد الإلكتروني الشخصي لمدير حملة كلينتون جون بوديستا وإحالة محتوياتها إلى ويكيليكس.

وحتى شهر مارس 2019، أجرى كل من مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI والمستشار الخاص تحقيقات عديدة أسفرت عن توجيه اتهامات لستة وعشرين مواطنًا روسيًا وثلاث منظمات روسية حول التدخل في الانتخابات الأمريكية 2016.