أخبار الآن | دبي _ الإمارات العربية المتحدة (محمد القلاب)

ظاهرياً، قد يرى المتابع للاخبار المتعلقة بالتنظيمات الارهابية، أنّها نجحت في فرض شروطها وكسب صفقات تبادل مقاتليها واتباعها المساجين لدى حكومات الدول، إلّا أنّ الواقع مغايرٌ لذلك تماماً، إذ لا يٌمكن الإعتماد على مظاهر الإحتفالات التي يتناقلها اتباع تلك التنظيمات والموالين لها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

مناصرو تنظيم “القاعدة” تناقلوا أخيراً صوراً تظهر احتفال فرع التنظيم في بلاد المغرب الاسلامي والساحل الأفريقي، المعروف باسم “نصرة الاسلام والمسلمين”، بتحرير سجناء يتبعون لهم مقابل إطلاق سراح عدد من الأبرياء الأجانب الذين تمّ اختطافهم.

وأكّدت الحكومة المالية في الثامن من تشرين الاول (اكتوبر) الجاري أنّ تنظيم “القاعدة” في المغرب الإسلامي، أطلق سراح 3 رهائن أجانب، هم عاملة الإغاثة الفرنسية صوفي بترونين، والإيطاليان نيكولا سياكو وبييرلويجي ماكالي، إضافةً إلى المعارض المالي البارز سوماليا سيسيه. وأتى ذلك بعد إفراج حكومة مالي عن نحو 200 سجين، معظمهم من “الجهاديين”، وذلك في إطار صفقة لتبادل الأسرى.

ويتضح من خلال صفقات التبادل تلك، أنّ تنظيم “القاعدة” وعلى غرار باقي التنظيمات يصوّر أنّه يكترث لاتباعه المعتقلين، لكن الحقيقة مختلفة، لكنّه في الحقيقة لا يكترث سوى للحصول على المبالغ المالية التي تدفع له مقابل إطلاق سراح الأبرياء، في حين يضع إطلاق سراح مقاتليه في المرتبة الثانية أو الثالثة، وقد لا يكترث إلى خروجهم حال حصوله على الأموال.

وأظهرت غالبية صفقات  التبادل التي تمّت بين التنظيمات الإرهابية، خصوصاً “القاعدة”، والحكومات أنّ مصير مقاتلي تلك التنظيمات يدور في 3 حلقات وهي:

*السخط على التتنظيم وقياداته والانقلاب عليه، ويتجلى ذلك من خلال تحوّل تلك العناصر من مناصرين للتنظيم إلى معادين، لاكتشافهم الوجه الحقيقي له لناحية إهمالهم وعدم الإكتراث لأمرهم، بل يجدون أنّ التنظيم يستخدمهم كآداة قاطعة ذات حدّين، إمّا حطب للمعارك وإمّا وسيلة لتحقيق غاية الحصول على الأموال، الأمر الذي يدفعهم إمّا للإنشقاق أو تحديد أماكن حسّاسة للقيادات العليا، ليتم استهدافها لاحقاً والقضاء عليها.

*التعقب والملاحقة، وذلك من خلال نصب الكمائن للأشخاص الذين يمثلون طرف الصفقة من قبل تلك التنظيمات وإلقاء القبض عليهم، وإفشال مخططاتهم التي يسعون لتحقيقها.

*القتل، إذ انتهت غالبية عمليات تبادل الاسرى والصفقات بين التنظيمات الارهابية والحكومات في أماكن مختلفة حول العالم، لناحية أنّ مصير الأشخاص الذين يديرون تلك الصفقات من جهة التنظيمات، هو الموت الأمر الذي يؤكّد أنّ تلك الصفقات هي بمثابة ما يعرف بـ”تجارة الموت”.

ورغم المصير الحتمي لعناصر تنظيم “القاعدة” المتمثل بالقتل، إلّا أنّ فرع التنظيم في بلاد المغرب الاسلامي، اعتاد على عقد تلك الصفقات في إطار التفاوض على الأبرياء المختطفين لديه، الأمر الذي يدفع قيادات لاتخاذ قرارات بعيدة عن قيادة التنظيم الأم، ويستثمر ذلك في تحقيق المكاسب المادية لنفسه، ما يؤدّي لاحقاً إلى ظهور المشكلات بين القيادات لتولّي زعامة الفرع.

وكشف تراجع تنظيم “القاعدة” في بلاد المغرب الإسلامي أنّ انضمام بعض الجماعات إليه بالإسم فقط من أجل إدارة أعمال الخطف والسرقة والتهريب، ساهم في تفككه ونشوب الخلافات الداخلية فيه، ودفع الكثير العصابات والتنظيمات لشنّ هجمات عسكرية ضدّه.

وأشار صحافيون إلى أنّ هذه الصفقة الأخيرة في مالي ليست استثناءً، مع احتمال حصول “القاعدة” على ما لا يقل عن 10 ملايين يورو من أموال الفدية. وفي حال تمّ تأكيد صحة هذه المدفوعات، فمن الواضح أنّ عمليات أخذ الرهائن تظل خياراً قابلاً للتطبيق بالنسبة لفرع القاعدة.

وفي سياق متصل، تتسبب عمليات الاختطاف التي ينفذها تنظيم “القاعدة”، في اثارة المشاكل لجميع الطوارق ونضالاتهم العرقية والاقتصادية، خصوصا وان غالبية الهجمات التي تنفذها القاعدة تنطلق من مناطق التي يعتبرها الطوارق تابعة لهم.

ورغم الاتهامات التي توجه للطوارق بأنّهم يتغاضون عن أنشطة القاعدة ومخططاتهم ضمن مناطقهم بشكل أو بآخر، إلّا أنّ قيادات الطوارق تنفي أيّ علاقة تربطهم بتنظيم “القاعدة” وهجماته، خصوصاً عندما نفى موسى اغ اتر المتحدث باسم حركة ازواد الوطنية للتحرير، علاقة الأخيرة بالهجوم الإرهابي على بلدة اغلهوك في كانون الثاني (يناير) العام 2012.

وغالباً ما يستغل تنظيم “القاعدة” التواترات الحاصلة في مناطق تواجده، خصوصاً فرع التنظيم في بلاد المغرب الاسلامي، وذلك من خلال استغلال القاعدة لنضالات الطوارق في شمال مالي ويسخرها لتنفيذ هجماته وعمليات الإختطاف التي ينفذها.

تجدر الإشارة إلى أنّه في العام 2019، عرضت قناة “الآن” وثائقياً من 7 أجزاء، حمل عنوان “التجارة_القاتلة”، تناول أمثلة كثيرة عن محاولات اختطاف فاشلة. والأمثلة هي غيض من فيض، وثّقت محاولات اختطاف انتهت إمّا بقتل الخاطفين أو اعتقالهم أو على الأقل فضح مخططاتهم وملاحقتهم من قبل السلطات الأمنية عبر الحدود والقارات.