أخبار الآن | واشنطن – الولايات المتحدة الأمريكية

أطلق الرئيس الصيني “شي جين بينغ” مؤخرًا حملة حملة اسماها “الأطباق النظيفة”، لتشكل نسخة جديدة من حملة تم إطلاقها عام 2013 تهدف إلى تقليل هدر الطعام في الصين على ضوء تفاقم مشكلة الأمن الغذائي في ذلك البلد.

وهدد الرئيس “شي” بمعاقبة الصينيين الذين يهدرون الطعام، في الوقت الذي أكد فيه الحزب الشيوعي الصيني الحاكم أنهم سيراقبون عدد الوجبات التي يتناولها المواطنون. كما طُلب من الصينيين الإبلاغ عن من يهدر الطعام. ولاحظ المراسلون الأجانب بالفعل الاحتكاك والتوتر بين رواد المطاعم الذين يتجادلون حول الوجبات “الناقصة” وغير المكتملة.

ووفقًا لأرقام صاردة عن الحزب الشيوعي نفسه، فإن كمية الطعام المهدور تكفي لإطعام ما بين 30 إلى 50 مليون شخص سنويًا، كما أن المواطن الصيني يهدر في كل وجبة نحو 93 جرامًا من الطعام في المتوسط.

الكاتب الصحفي إيهاب عباس المتخصص في الشؤون الدولية، أكد أن الصين تواجه خطرا حقيقيا فيما يتعلق بأمنها الغذائي، وقال في مقابلة مع أخبار الآن: “في واقع الأمر أن الصين تعاني معاناة كبيرة للغاية، الحكومة مطالبة بإطعام نحو 22% من سكان العالم من أراض زراعية لا تتجاوز مساحتها 7% من دول العالم، وذلك يشكل فرق شاسع بين منتوج الأراضي وما يجب على الصين أن تنتجه لتأمن الغذاء لشعبها”.

وتابع: “المشكلة في هذا الأمر أن الصين على ما يبدو أنها ستدخل في بؤرة مجاعة خلال الفترة القادمة ويمكن أن تحدث بعد 9 سنوات من الآن، ودورة المجاعة التي يمكن أن تدخلها بكين ستكون شبيهة بالمجاعة التي حدثت في الصين في خمسينيات القرن الماضي وأدت إلى وفاة نحو 30 مليون شخص تقريبا بسبب سوء إدارة المحاصيل الزراعية في ذلك الوقت. يضاف إلى ما سبق التعدي على الأراض الزراعية وهدر الكثير من المنتجات الزراعية لصالح المصانع والانتاج الصناعي”.

المجاعة التي يمكن أن تدخلها بكين ستكون شبيهة بالمجاعة التي حدثت في الصين في خمسينيات القرن الماضي وأدت إلى وفاة نحو 30 مليون شخص تقريبا بسبب سوء إدارة المحاصيل الزراعية في ذلك الوقت

الكاتب الصحفي تطرق إلى الحديث عن الأوبئة والأمراض التي واجهت الصين وأدت إلى تلف كميات كبيرة من المنتجات الزراعية وخاصة خلال العام السابق، وقال: “الصين كما هو معروف دولة تتمتع بقوة وقدرة بشرية هائلة ربما تصل إلى مليار ونصف خلال السنوات القليلة القادمة، وهذا هو السبب الرئيسي الذي يؤثر على الفجوة بين الغذاء والمنتجات المتوافرة، يضاف إلى ما سبق أيضا ظهور انفلونزا الخنازير وخاصة خلال عام 2019 وانتشارها بشكل واسع في الصين، الأمر الذي أدى  إلى نفوق الملايين من الخنازير التي تعتمد عليها الصين كمصدر رئيسي للطعام، إضافة إلى وجود حشرات ضارة خلال الشهور الماضية قامت باتلاف ملايين الأطنان من المنتجات الزراعية وهذا أدى أيضا إلى تفاقم مشكلة الأمن الغذائي. ما سبق دفع الحزب الشيوعي الصيني إلى إطلاق حملات للحد من إهدار الطعام عن طريق توعية المواطنين وسن قوانين من شأنها الإضرار بحرية الصينيين في حال عدم التزامهم بتلك القوانين”.

رغم إمكاناتها الهائلة.. الصين تواجه شبح المجاعة خلال السنوات المقبلة

عباس اعتبر أن الحزب الشيوعي يتحمل جزءً كبيراً من مسؤولية تفاقم مشكلة الأمن الغذائي، وقال: “المشكلات الرئيسية التي ربما تفاقمت خلال السنوات الماضية تتلخص في التعدي على الأراضي الزراعية بشكل مكثف لمصالحة المصانع. الصين كما نعلم دولة تحتل المرتبة الأولى تقريبا في الإنتاج على مستوى العالم وبالتالي المصانع تحتاج إلى أراض كي يتم بناء البنية التحتية وهذا يتم على حساب الأراضي الزراعية. في المقابل لم يوفر الحزب الشيوعي في الصين أي مقابل للمزارعين الذين فقدوا أراضيهم الزراعية بسبب تلك المصانع وبالتالي اضطروا للعمل في أراض أخرى أو التخلي عن الزراعة والانخراط في مهن أخرى”.

وتابع: “الصين تعتمد على المنتجات الأمريكية بشكل أساسي، والموردون الأمريكيون من صناع الطعام والمزارعين يقومون بتصدير منتجاتهم إلى الصين. كميات كبيرة من الأطعمة تدخل إلى الصين للاستهلاك اليومي.. المشكلات التجارية التي نشأت بين واشنطن وبكين أثرت على هذا القطاع لكن نذكر هنا أن هناك اتفاقية وقعت بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في بداية هذا العام في شهر يناير الماضي ودخلت في مرحلتها الأولى من التنفيذ، إلا أن انتشار جائحة كورونا وما خلفه ذلك من ازدياد التوتر بين البلدين كل ذلك أثر بشكل أساسي على الأمن الغذائي في الصين”.

جائحة كورونا والتوتر مع الولايات المتحدة أثرا بشكل كبير على الأمن الغذائي في الصين

عباس لفت إلى أن السلطات في الصين طبقت مؤخرا إجراءً يتحكم بكمية الطعام التي يمكن للفرد الحصول عليها من المطاعم، وقال: “هنا أشير إلى أن السلطات في الصين فرضت مؤخرا على كل من يرتاد المطاعم أن يقوم بقياس وزنه قبيل طلبه للطعام، حيث يتم تحديد كمية الطعام التي يسمح للشخص أن يتناولها بناء على وزنه وليس رغبته، وذلك يعتبر تدخلاً في حرية المواطنين”.

وعن مستقبل الأمن الغذائي في الصين، قال عباس: “إذا لم تستطع الصين توفير منتجات غذائية لمواطنيها خلال الفترة القادمة فيمكن أن تقع مجاعة تفتك بحياة الآلاف من الصينيين. الصين تحتاج إلى أكثر من 200 مليون طن من البقوليات لإطعام شعبها. إذا لم تستطع الصين تأمين تلك الكميات من الطعام فنحن أمام دورة مجاعة جديدة قد تضرب ذلك البلد.”.