أهلا بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من مرصد الجهادية نغطي فيها الفترة من ٢٠ إلى ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٠. في عناوين هذا الأسبوع:

– لماذا التلاسن بين المقدسي والمحيسني؟

– شرعي داعش في اليمن يقول إن أمراء التنظيم ارتكبوا جرائم في حق مقاتليهم بتهمة التجسس!

– إعادة هيكلة في صفوف هيئة تحرير الشام والتحضير لمجلس عسكري

– جماعة مجهولة تعلن عن تشكيل عسكري هدفه إزالة الجولاني، وتصف قيادة حراس الدين بالفاشلة

 

ضيف الأسبوع: الأستاذ محمد عبدالوهاب رفيقي (أو كما عُرف يوماً بـ أبي حفص المغربي)، سلفي سابق؛ وهو الآن باحث في الدراسات الإسلامية رئيس مركز الميزان للدراسات في الدار البيضاء.

المرصد 55 | شرعي داعش في اليمن يستغيث بالخليفة المزعوم بعد انتقال عدوى "الجاسوسية" إلى التنظيم

الأستاذ محمد عبدالوهاب رفيقي

المقدسي – المحيسني

بتنا معتادين على التناقض بين الإرهابيين الجهاديين وتطويع الفتاوى والاختلاف في الولاءات. هذا الأسبوع، احتدم الصراع بين أبي محمد المقدسي، من أهم منظري السلفية الجهادية، وعبدالله المحيسني، الداعية السعودي الذي كان شرعي جبهة فتح الشام (هيئة تحرير الشام) حتى العام ٢٠١٧. استقال المحيسني من هتش على خلفية خلافات مع أمنيي الهيئة بسبب موقفه من الاقتتال مع حركة أحرار الشام في ذلك الوقت. والحقيقة ظل الرجل مهادناً للهيئة ومؤيداً لتركيا. صمت عن ممارسات هتش ضد الجهاديين الآخرين طوال الفترة الماضية، وتركزت جهوده على استقطاب متابعين لقنواته على التلغرام واليوتيوب. المحيسني موضوع على قائمة الإرهاب الأمريكية والسعودية منذ ٢٠١٦/٢٠١٧. فما الذي حدث مع المقدسي؟

بدأت القصة بنشر كتاب بعنوان “الحياة الدينية في المناطق الآمنة السورية” الصادر عن جامعة غازي عينتاب في أغسطس ٢٠٢٠. يضم الكتاب مجموعة مقالات أشرف على تحريرها أكاديميون برئاسة محمود جنار عميد كلية العلوم الإسلامية في إعزاز شمال حلب. المشكلة تكمن في فصل بعنوان “التصور الديني في المناطق الآمنية” وكتبه محمود جنار وأحمد الطعان؛ وفيه فقرة تقول “إن المقاتلين في شمال سوريا يتلقون علومهم في العقيدة الجهادية والسلفية من مشايخ السلفية الجهادية أمثال عبدالرزاق المهدي وعبدالله المحيسني وأبي اليقظان المصري … وأن المقاتلين يتلقون عقيدة الولاء والبراء بالمفهوم الوهابي القائم على تكفير المخالفين، ومن ذلك تحذيرهم من تركيا والفصائل التي تدعمها.”

أول من ثارت حفيظته من هذا الكلام كان عبدالرزاق المهدي، وهو رجل دين مقرب من هتش، أشار إلى الكتاب في ١٧ سبتمبر. وكان المحيسني يعيد نشر تعليقاته. في ٢٢ الجاري، دافع المحيسني بأنه لا يُكفّر الدولة التركية ولا حاكمها، بل يعتبر التكفير “أقرب للغلو من الاجتهاد” مقتدياً بفتوى رجل الدين السعودي الطريفي، الذي قارب بين حاكم تركيا وشخصيات جليلة مثل النجاشي وحتى النبي يوسف عليه السلام. وفي هذا الكلام تأييد لهتش المتحالفة مع تركيا. فانبرى أنصار القاعدة للرد.

حساب جلاد المرجئة وفي منشور طويل شدد على تكفير الديمقراطية والعاملين عليها، وفنّد ما قاله المحيسني عن تركيا وحاكمها مستنداً إلى كتاب (الديمقراطية دين) للمقدسي. نُشر هذا الكلام في موقع ينشر لمنظري القاعدة مثل المقدسي وأبي قتادة والسباعي، تحت العنوان: “الرد على من قلّد الطريفي في الحكم بإسلام الحاكم العلماني.” جلاد المرجئة بيّن:

– كيف أن الجماعات الجهادية الإرهابية في شمال سوريا كانت تحض على تكفير تركيا في وقت من الأوقات لكنها اليوم باتت “تتعاون مع المخابرات التركية” فلم يعد التكفير من صالحها.

– غابت القاعدة عن الساحة وغُيّبت بعد استغلالها للتسلق عليها. وهذا اعتراف مهم بأن القاعدة تلاشت من سوريا وتمّ التلاعب بها. سنأتي على أمر قريب من هذا لاحقاً.

– من الغلو وصف من كفّر إردوغان بأنه أقرب للغلوّ. والطريفي زلّ في فتواه.

زاد المقدسي على كلام جلاد المرجئة  بأنه “لولا فتنة إردوغان لظل كثير من الناس مغراً بالإسلامقراطيين الذين ركبوا موجة الجهادية أثناء سطوع نجمها.”

هنا، ردّ المحيسني بمقال طويل بعنوان:”هل المقدسي شيخ أصلاً؟” وقال عنه: لا يُعرف له شيوخ ، ولم يثنِ عليه علماء … ويُغلظ بحق جماعات مثل طالبان وغيرها … وأضرَّ بالجهاد الشامي أيّما ضرر بالتكفير وتضليل الشباب.” وفي موقع آخر اعترف المحيسني يأنه جامل الغلاة … ومنهم المقدسي.

أنصار القاعدة والمقدسي، اتهموا المحيسني بالتقية والنفاق بسبب “مجاملاته” هذه. ونبشوا من أرشيفه أنه استفتى المقدسي في مسألة توكيل محامي في أمريكا كي لا يُدرج على قوائم الإرهاب أو يستهدفه الطيران الأمريكي. ومن أبرز من كتب لصالح المقدسي، أبو عبدالله التونسي في موقع بيان التابع للقاعدة. قال إنه كان الأولى في هذه الفتاوى (التقارب مع تركيا) أن تُطوى حتى لا تجلب لمن قال بها إثم من اتبعه. طارق عبدالحكيم، منظر آخر للجهادية، قال: يا محيسني، عذر أقبح من ذنب.”

أنصار هتش انقسموا في ردود فعلهم. معظمهم أيد المحيسني. مثل أبو محمود الفلسطيني الذي سخر من المقدسي وقال إنه يحتاج إلى محو أمية.

أما حساب الإفريقي المهاجر فلم يُسمِّ الرجلين لكنه ألمح إلى أنهما يستحقان ما يُقال فيهما. وأن “الأنا عندهما متضخمة إلى درجة تجعل واحدهم يكاد ينصب الولاء والبراء عليه.”

شرعي الهيئة المُحيّد هذه الأيام، يحيى الفرغلي، سُئل عن هذا الأمر في قناة الفتاوى التي يديرها. في الجواب تحدث عن التكفير وشروطه، وخلص إلى أن الانشغال بتكفير إردوغان، من دون أن يُسمّه، غير مفيد لأنه “ليس رئيس الدولة التي يقوم فيها (نشاط المقاتلين) وليس أمير فصيل مثلاً”

طبعاً لتركيا وجود عسكري مهم في شمال سوريا وتحالفها مع هيئة تحرير الشام ليس سراً.

داعش راقبوا المشهد وعلّقوا: “كانوا صفاً واحداً والآن ينهشون لحم بعض.”

 

معضلة طالبان

لا يزال الجهاديون منشغلين بمفاوضات طالبان مع الحكومة الأفغانية. هل تابت عن إرهابها أم لا؟ المقدسي الذي أبدى تخوفاً من مخرجات المفاوضات على أساس أن التشاركية والتعددية والديمقراطية كفر، أعاد نشر ما قيل إنه “توضيحات المتحدث باسم طالبان حول تصريحات مسؤولين في كابول” تخوفوا من إقامة نظام حكم إسلامي في أفغانستان. ذبيح الله شدد على الصيغة من الحكم الإسلامي الذي تنوي طالبان إقامته بالرغم من الأطراف الأخرى. .

المقدسي أعجبه الكلام. أما داعش فنشر النسخة الثانية من فيديو (معذرة إلى ربكم) عن خراسان وفيه أن “مرتدي” طالبان ضمّوا الأفغان الشيعة إلى صفوفهم وسيضمون بقية الطوائف لتصبح حركة وطنية.

 

عدوى “الجاسوسية” عند داعش اليمن

تناقلت حسابات القاعدة في اليمن على الواتساب “رسالة لشرعي تنظيم داعش في اليمن أبو حبيب القدسي أو أبو إبراهيم الذبحاني يكشف فيها “جرائم” القيادة السابقة ويدعو إلى تسليم القيادة إلى “أيدي أمينة” بعد الهزيمة التي حلّت بهم في قيفة. أمير التنظيم السابق أبو الوليد العدني قتله الحوثيون في المعارك التي جرت في أغسطس الماضي في قيفة. الحوثيون سيطروا على قيفة في محافظة البيضاء بعد أن طردوا منها القاعدة وداعش. أهم ما جاء فيها:

– أمراء التنظيم لم يهتموا بالجرحى والمصابين .. واعتمدوا سياسة تجويع المقاتلين وقطع الكفالات عن أرسهم رغم وجود المال وتخويفهم بالأمنيات وبثّ عدم الثقة بينهم

– أمير التنظيم أبو الوليد (العدني) أمر بسجن مقاتلين قدموا له النصيحة وأبدوا له الرأي في بعض الأمور، منهم: أبو سليمان الجزراوي وأبو عبدالله القصيمي وعبد الواحد العراقي، وقتل ثلاثة آخرين وهم: أبو أنس الكناني وأبو عائشة وحسان الصنعاني. وعندما سأل الأمني العام (أبا محمد الغريب) عن السبب قال إنهم جواسيس مع المرجئة. وعندما سأل من من المرجئة. قال: أتباع يحيى الحجوري.  ويقول الشرعي أبو حبيب إن الحجوري كان زميلاً له في طلب العلم. وأضاف إنهم خاطبوا قيادة داعش لإعادة تأسيس الولاية، لكن لم يحدث شيئ.

 

هتش: “براندنغ” جديد؟

قالت حسابات هتش إن الجماعة غيّرت بنيتها التنظيمية “من أجل مجابهة تطورات سلاح وتكتيكات النظام وميليشياته.” فأعلن عن استحداث اثني عشر لواءاً عسكرياً داخل هتش. يكون لكل منها قوام متكامل من العدة والعتاد. والحقيقة غير واضح كيف يتفق هذا مع تطورات سلاح وتكتيكات النظام! لكن الكلمة المفتاحية في حديث مكتب العلاقات التابع لهتش هو أن الجماعة بلغت مرحلة تأسيس ما يشبه المجلس العسكري متمثلاً في قيادة غرفة عمليات الفتح المبين.” أنصار القاعدة كانوا قالوا إن هتش تستعد للاندماج مع الجيش الوطني الذي تديره تركيا والذي يعمل في منطقة حلب وشمالها.

 

الجهاديون بين الحقيقة والوهم

في ٢٢ سبتمبر ظهر بيان تشكيل ما تُسمى جماعة المجاهدين في بلاد الشام. أهم ما في البيان:

– غياب الأسماء والجهات. فغير معلوم إن كان هذا التشكيل حقيقي أم وهمي

– أهدافه: إزالة الجولاني وجماعته، وتأسيس حكومة تستند على الشريعة. لم يكن من الأهداف قتال النظام.

– استقطاب مقاتلي حراس الدين ووصف قيادتهم بأنها “فاشلة” وعنهم قالوا “قيادتكم تركت فرصة حراسة الدين .. وعايشوا النموذج الطالباني”

قبل هذا بيومين، نشر إرهابيون قالوا إنهم من خراسان (باكستان وأفغانستان) بياناً يدعون فيه مقاتلي هتش إلى الانشقاق. وهم أيضاً لم يُسموا أنفسهم. (وبالإمكان الرجوع إلى هذه المادة هنا)

 

غرباء أومسين

قدمت فرقة الغرباء التي يديرها عمر أومسين شريط فيديو يدحض اتهامات هتش له والتي على أساسها اعتقلته مطلع الشهر. وضع أومسين على قائمة الإرهاب الأمريكية في ٢٠١٦. وهو مسؤول عن تجنيد إرهابيين من بلدان ناطقة بالفرنسية للقتال في سوريا التي انتقل إليها في ٢٠١٣.  كان يقاتل ضمن صفوف هتش، إلى أن انفصل عنهم وانضم لحراس الدين المنضوين تحت القاعدة. تتهمه هتش بإدارة جماعته ذاتياً في أمور إصدار شهادات الزواج والطلاق، والإدارة المالية، وحتى القضاء والحبس. الفيديو يدحض ذلك ويؤكد العلاقة مع محاكم هتش. وتظهر في الفيديو نساء ورجال يتحدثون الفرنسية ويشرحون ما يجري داخل هذا المجتمع الذي صنعه أومسين.

 

قاعدي: القاعدة فيها أخطاء كثيرة!

نشرت حسابات القاعدة رسالة من “جندي” من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في غرب إفريقيا إلى أنصار داعش. أهم ما فيها حقيقة لا يتعلق بداعش إنما بالقاعدة. في معرض تفنيده مزاعم واتهامات داعش في غرب إفريقيا بأن القاعدة تستهدفهم، قال “نحن لا نقول لكم إن القاعدة لا توجد فيها أخطاء .. بل يوجد فيها أخطاء كثيرة، لكن هذه حالنا نحن البشر.”

 

كيف تبدو الحياة اليومية حيث هتش وغيرها من الجماعات الإرهابية؟

أنصار القاعدة، معارضو هتش اعترضوا هذا الأسبوع على إدراج الموسيقى والفنون في مسابقة لطلب تعيين معلمي مدارس في إدلب ومحيطها.

حساب مزمجر الثورة السورية قال إن الأسعار سترتفع مجدداً في إدلب مقابل أرباح ضخمة تدخل إلى حساب هتش من شركة البترول وتد والمعابر والضرائب. وقال إن ثلاثاً وثلاثين شاحنة إغاثة أممية للشعب دخلت معبر الهوى لكنها توجهت كالعادة إلى مستودعات الجولاني. وكثيراً ما قال الحساب إن مواد الإغاثة توزع على أمنيي الهيئة وعائلاتهم.

وفيما عرض حساب مزمجر فيديو عن ارتفاع الأسعار، تناقلت حسابات مؤيدة للهيئة فيديو يبين أن الحال في إدلب أفضل من مناطق النظام فيما يتعلق بأسعار الخبز والغاز تحديداً.