أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (خاص)

بحلول الذكرى 19 لهجمات أيلول/سبتمبر التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001 وخلفت نحو 3000 قتيل وعشرات الآلاف من المصابين، يتساؤل البعض عن وضع تنظيم القاعدة التي نفذت تلك الهجمات، وهل بالفعل أنها أصبحت من الماضي في ظل غياب زعيمها أيمن الظواهري عن الظهور منذ أكثر من عام وانعدام عملياتها شبه التام منذ سنوات عدة.

ويكاد يجمع المتابعون لملف القاعدة أن التنظيم تحول بشكل جذري منذ مقتل زعيمه والأب الروحي له أسامة بن لادن في 2 أيار/مايو عام 2011، من قوة ضاربة تنفذ عملياتها في شتى بقاع الأرض إلى مركز تجميع لخطابات يبعثها زعيمه الجديد أيمن الظواهري بين فترة وأخرى للتذكير بوجوده ووجود التنظيم ليس إلا.

القاعدة.. ظل بدون وجود حقيقي

وضمن هذا السياق، اعتبر الخبير الأمني والإستراتيجي الدكتور حسن أبو هنية أن التنظيم بات من الماضي، وقال في مقابلة مع أخبار الآن: “اعتقد أن تنظيم القاعدة في الذكرى 19 من أحداث إيلول/ سبتمبر لم يعد كما كان عليه، أصبح ظلاً لما كان عليه سابقا… أصبح يعاني من حالة من التفكك والأفول والتراجع سواء على مستوى القيادة المركزية في أفغانستان وباكستان أو حتى على مستوى الفروع. التنظيم لم يعد له ذلك الوجود الذي كان يتمتع به أيام حقبة أسامة بن لادن، ومع قيادة أيمن الظواهري تراجع التنظيم كثيرا وصعدت أيضا تنظيمات أخرى مثل تنظيم داعش”.

من جانبه، اعتبر الباحث في شؤون الجماعات المتشددة ماهر فرغلي أن الانقسامات أتت على القاعدة بشكل شبه كامل، وقال في مقابلة مع أخبار الآن: “القاعدة الآن تواجه التشرذم، تواجه غياب القادة المؤثرين والفعالين،… غاب أبو مصعب عبد الودود… غاب قاسم الريمي وغيرهم، ناهيك عن الانقسامات المتتالية بين قادة القاعدة وخاصة الانقسامات التي حدثت في فرع التنظيم في سوريا وكذلك الانقسامات التي حدثت في أفريقيا”.

وبدون أدنى شك لا يمكن الحديث عن القاعدة والتبحر في أخبارها ومآلاتها دون التطرق إلى زعيمها الحالي أيمن الظواهري، والذي تجمع الأراء بشكل شبه كامل حتى في أوساط المتعاطفين مع القاعدة أنه لم يكن أهلاً للقيادة وتحولت القاعدة في ظله من الهجوم إلى الدفاع أو حتى عدم الوجود.

الباحث في شؤون الجماعات المتشددة فاضل أبو رغيف اعتبر في مقابلة مع أخبار الآن أن الظواهري يميل إلى الخطابات أكثر من القيادة ويصلح أن يكون منظرا أكثر من صلاحه لتزعم تنظيم له فروعه في مناطق عدة حول العالم، وقال: “أيمن الظواهري يميل إلى المناظرة والمحادثة وكثرة الخطابات وخاصة تلك التي بعثها إلى قيادات الفروع التي لم تعد تلق له بالاً…، بدا متوسماً ومتوسلاً في الوقت ذاته أن تعود تلك القيادات إلى صفوف القاعدة الأم وبالتالي أيمن الظواهري يصلح أن يكون منظراً لكن لا يصلح أن يكون قائداً عسكرياً، وخاصة أنه لا يملك المال ولا يملك كاريزما القيادة وإنما يملك القدرة على الإنشاء والخطاب”.

الظواهري صنيعة أجهزة الاستخبارات

الأخطر وفق ما يراه أبو رغيف يتمثل بصلات الظواهري مع عدد من فروع الاستخبارات حول العالم، وعلى رأسها الاستخبارات الصينية والروسية، وقال: “الظواهري بشكل عام يميل إلى الحوار والمناظرة، وهو كثير الخوف والتوتر والتوجس. عدة جهات نسقت مع الظواهري… على سبيل المثال الجانب الصيني نسق معه وكذلك الجانب الروسي نسق مع زعيم القاعدة وحاول استمالته وبالفعل نجحت موسكو بترويض الرجل وترهيبه وترغيبه، الأمر الذي دفع الظواهري إلى أن يذعن إلى موسكو نكاية بالأمريكان ونكاية أيضا بالدول العربية وتنظيم داعش”.

فرغلي استند وفق رأيه إلى ضعف شخصية الظواهري وتاريخه بالتواطئ ضد أصحابه وقال: “أيمن الظواهري اشتهر بضعف شخصيته ويتهم بالتواطئ ضد أصحابه، وتجنيده من قبل أجهزة استخبارات عالمية، فمصطفى حامد أو كما يطلق عليه أبو الوليد، وهو شخص مؤثر في القاعدة وكان من المؤسسين لها ويدير في الوقت الحالي موقعاً إخبارياً في إيران، تحدث بكل صراحة أن تنظيم القاعدة ما بعد أسامة بن لادن ليس كما كان في بداية عهده، وأن التنظيم بات مخترقاً من قبل أجهزة الاستخبارات تحت زعامة الظواهري… أنا أرجح بشكل كبير أن الظواهري تم تجنيده من قبل أجهزة استخبارات عالمية ومنها الاستخبارات الروسية”.

فقدان المخزون الإستراتيجي من القادة البارزين

أحد أبرز الانتكاسات التي منيت بها القاعدة خلال السنوات السابقة، قتل وتصفية الكثير من قادتها البارزين، أو تحولهم صوب داعش ونهجه، وقال أبو هنية: “التنظيم فقد القادة العملياتيين الكبار وعلى مدى سنوات خسر مخزونه الاستراتيجي. ومع صعود تنظيم داعش توجهات الكثير من القيادات الكبيرة والمقاتلين الأجانب إلى الأخير، ونذكر ضمن السياق مقتل الوحيشي الذي كان مرشحاً لخلافة الظواهري وكان نائبا له وكذلك قتل قاسم الريمي وشاهدنا كيف حدث انقسام في فرع التنظيم في الجزيرة العربية أي في اليمن بعد مقتل الريمي، ولاننسى أيضا مقتل دروكدال وبالتالي لم يعد لتنظيم القاعدة وجود حقيقي في المغرب… التنظيم فقد الكثير من القيادات وأصبح ظلا أو شبحاً ولم يعد له وجود مؤثر”.

من جانبه، أكد فرغلي أن ظهور داعش أثر بكشل كبير على مستقبل القاعدة وقال: “ظهور داعش شكل هزة كبيرة للقاعدة، هزة من الناحية الفكرية والتنظيرات الجديدة التي خرج بها تنظيم داعش ومنها وجوب مبايعة البغدادي كإمام أوحد، وأن الظواهري ليس أمير ممكن ناهيك عن مسائل التكفير التي أحدثت هزة فكرية دخل القاعدة الأمر الذي دفع الكثير من اتباع التنظيم إلى الانشقاق عنه والالتحاق بداعش”.

القاعدة.. إلى أين؟

أجمع الخبراء الذين استطلعت أخبار الآن رأيهم، أن القاعدة أصبحت من الماضي وأن وجودها بات شبه معدوم على ضوء المعطيات السابقة، وقال أبو هنية: “القاعدة مرحلة طويت… لم يعد بالإمكان إحياء التنظيم لأن هناك جماعات أشد راديكالية وأكثر خطورة من القاعدة ورثت التنظيم كما حدث مع فرع القاعدة في بلاد الرافدين، حيث تمرد على التنظيم الأم وأنشأ تنظيم داعش”.

فرغلي توقع أن الشقاقات والانقاسامات ستأتي على ما بقي من التنظيم وقال: “هناك شقاق كبير سيحدث داخل القاعدة على من سيخلف الظواهري، هناك ترجيحات حول أبو محمد الزيات (أبو محمد المصري) الذي يعتبر الرجل الثاني بعد أيمن الظواهري وهناك إياد غالي في مالي وخالد باطرفي في اليمن، كل ذلك سيلقي بالتأكيد بتبعات لن تكون في صالح التنظيم”.

أبو رغيف اعتبر أن القاعدة ستحاول أن تغير جلدها في الفترة المقبلة وتحاول أن تظهر كذلك ميلاً إلى العمل السياسي، إلا أن ذلك وفق رأي الخبير الإستراتيجي لن يفلح وذلك لأن العالم سيرفض أي عمل يمكن أن تنخرط به القاعدة نظرا إلى تاريخها وسجلها المتشدد.