أخبار الآن | واشنطن – أمريكا (خاص)

تثور العديد من التساؤلات عن مستقبل العلاقة بين إيران والعراق، بعد نحو سبعة أشهر على قتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بغارة أمريكية قرب مطار بغداد، وتصاعد قوة التيار المناهض

لطهران في الداخل العراقي، وازدياد الوضع الاقتصادي تدهوراً في البلدين، وكذلك تفشي فيروس كورونا حول العالم.

ولا يختلف مراقبون أن قتل سليماني كان له ارتدادات ليس فقط على المستوى الداخلي في إيران بل كذلك داخل العراق، مع الآخذ بعين الاعتبار التظاهرات المناهضة لطهران وخاصة في الجنوب العراقي.

ولتحديد مدى تأثر تلك العلاقة على ضوء المستجدات والأحداث المتلاحقة خلال العام الجاري، لا بد أن ننظر إلى مدى تأثر المنظومة العسكرية الإيرانية وتحديدا الحرس الثوري الإيراني بعملية القتل تلك والمستجدات التي طرأت بعد

تولي اسماعيل قآني قيادية فيلق القدس مكان قاسم سليماني.

منقذ داغر الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، اعتبر أن قتل سليماني مطلع العام الجاري كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير.

وقال في مقابلة مع أخبار الآن: “عملية قتل سليماني كانت ضربة قاصمة لاتباع إيران داخل العراق، فمنذ  عام 2017 بدأ النفوذ الإيراني بالتراجع داخل العراق”.

وأوضح: “شعبية إيران داخل القاعدة الرئيسية لها في جنوب العراق تراجعت كثيرا، في بعض الفترات وصلت شعبية إيران إلى تأييد وصل في بعض الحالات إلى 80% لدى أبناء الجنوب، هذه النسبة تناقصت بشكل كبير لتصل اليوم إلى نحو 17%”.

وتأكيدا على مدى الأثر الذي خلفه قتل أبو مهدي المهندس إلى جانب سليماني، قال داغر: “تأثير قتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس كان ضخماً على اعتبار أن الأخير كان رأس التنفيذ لسياسات فيلق القدس في العراق، بعد

قتلهما شهدنا تغيرا ملحوظا وواضح في السياسة الإيرانية في العراق وشاهدنا انقسامات كبيرة داخل البيت الشيعي أو كما يسمونه (محور المقاومة) وأصبح الاتفاق ليس سهلاً فيما بينهم، فعلى سبيل المثال استقالة رئيس الوزراء

السابق عادل عبد المهدي أتت نتيجة تزايد حدة الخلافات داخل البيت السياسي العراقي ونتيجة الضغط الشعبي والتظاهرات”.

وفيما يتعلق بالقائد الجديد إسماعيل قآني الذي حل مكان سليماني في قيادة فيلق القدس، قال داغر: “ضابط الإيقاع للميلشيات داخل العراق والتي تتبع لإيران قاسم سليماني. على ما يبدو أن بديل سليماني ممثلا بالجنرال

إسماعيل قآني الذي لم يستطع أن يملأ الفراغ الذي تركه سليماني وخاصة أن قآني لا يمتلك خبرة في الساحة العراقية كما كان الحال مع سليماني”.

وعن أسباب تراجع النفوذ الإيراني داخل العراق، قال داغر: “إيران تسيطر على مفاصل الحياة داخل العراق عبر النفوذ المعنوي، أي القوى الناعمة لطهران، ويقصد هنا أن الكثير من العراقيين سابقا كانوا يعتبرون إيران رمزاً لهم. الآن

تراجعت هذه القدسية إن صح التعبير”.

وتابع: “وكما أسلفنا تراجعت شعبية إيران في العراق منذ عام 2017 لعدة أسباب أهما الأوضاع الاقتصادية والعقوبات المفروضة على طهران والتي دفعها إلى الاعتماد بشكل كبير على العراق باعتباره الرئة الرئيسية التي تتنفس

منها إيران. فعمدت طهران إلى جلب العملة الصعبة عبر العراق، فبدأت تغرق السوق هناك وبالذات في المناطق الجنوبية بالبضاعة الإيرانية الرخيصة جدا، والتي لم يستطع المزارع العراقي ولا الصناعي منافستها وبالتالي دمرت

اقتصاد الجنوب وزادت معدلات البطالة، ناهيك عن إغراق طهران الجنوب العراقي بالمخدرات والتي أصبحت ظاهرة مستفحلة في تلك المنطقة”.

وأوضح: “الأهم من كل ما سبق، أن إيران بسبب تدخلها في تشكيل الحكومة العراقية عدت من قبل المواطن العراقي أنها السبب الرئيسي وراء الفساد وتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد… المواطن

العراقي في الجنوب أصبح يلوم إيران، لأن من يحكم هو من اتباعها ولأن طهران باتت هي المتحكم الرئيس بالقرار السياسي العراقي لذلك تدنت شعبيتها بشكل كبير وشاهدنا المظاهرات التي خرجت في عام 2018 وفي العام 2019

في البصرة واستهدفت القنصلية الإيرانية وفي النجف كذلك، وردد المتظاهرون شعارات مناهضة لإيران إضافة إلى تأثير جائحة كورونا على طهران والأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعاني منها، كل ذلك دفع إيران لانتهاج سياسة متحفظة نوعا ما في العراق أي أقل تدخل مما كانت عليه سابقا، ليس لأنها لا تريد أن تتدخل وإنما بسبب ما ذكرناه سابقاً”.