أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع التي نغطي فيها الفترة من ٢٦ يوليو إلى ١ أغسطس ٢٠٢٠.

في هذه الحلقة:

  • القاعدة تغلي من الداخل، كاتب موالي للقاعدة يتهم الظواهري بارتكاب أخطاء قاتلة تسببت في فوضى “الجهاد الشامي”
  • هل ستقترن كلمة “القائد” بـ “المفدى” في الإعلان التالي من إعلام هيئة تحرير الشام عن زيارة الجولاني إلى مخيمات السوريين؟ يتساءل معارضو هتش
  • إعلام داعش يقول إن “جماعة الاعتزال الكبير” أتمّوا انشقاقهم عن قاعدة اليمن
  • فيديو جديد وبشع لداعش في إفريقيا يظهر فيه نحر زعيم قبيلة وتشويه وجهه
  • وبعد مرور شهرين تقريباً على قتل دروكدال، قاعدة شمال إفريقيا لا تزال من دون قائد.

وضيفا هذا الأسبوع:

  • معين خواجا، وهو صحفي متخصص في إعلام داعش، يُعد لرسالة دكتوراة في جامعة دبلن سيتي عن إعلام داعش المرئي.
  • أليكس ثورستون، أستاذ السياسة في جامعة سينسيناتي والخبير في الجماعات الإرهابية في غرب إفريقيا وصاحب موقع Sahel blog

“من قادريروف في القوقاز إلى جولانوف في الشام”

نبدأ من انتقاد شديد لكن مؤدب وجهه موقع جهادي موالٍ للقاعدة إلى زعيم التنظيم أيمن الظواهري. إليكم ما حدث:

عدنان حديد واحد من أهم المعلّقين الموالين للقاعدة. هكذا وصفه موقع BBC Monitoring  الذي له تاريخ طويل في رصد الجهاديين. الشهر الماضي، عاد حديد للكتابة في موقع بيان المختص بالجهاد الشامي، بعد أشهر من الصمت معلقاً على إجراءات هيئة تحرير الشام ضد حراس الدين. في ٣١ يوليو، نشر الموقع “دراسة سياسية” له بعنوان “بين الشيشان والشام .. دروس وعبر” من ١٠٢ صفحة.

خصصت الصفحات الست والتسعون الأولى لوصف الحرب الشيشانية الأولى والثانية، فيما خصصت الصفحات الخمس الأخيرة للتعليق على علاقة ذلك بما يجري في الشام. يقارب حديد بين الحربين أو الجهادين تحت عنوان عريض هو “من قادريروف في القوقاز إلى جولانوف في الشام.” ويبين الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها حركة الجهاد العالمية بما أفضى إلى فشل الجهاديين في الموقعين أو على الأقل تعقيد المشهدين.

يعود حديد بتتبع الأخطاء الاستراتيجية إلى العام ٢٠١٠ عندما قتل أبو عمر البغدادي الذي خلف الزرقاوي في زعامة ما كان يُعرف باسم “دولة العراق الإسلامية” وعُيّن خلفاً له، ومن دون استشارة القيادة العامة، أبو بكر البغدادي الذي وصفه حديد بأنه “مجهول عند خراسان” الأمر الذي أقلق أسامة بن لادن لكنه “قدّر أن الظرف الضاغط في العراق لا يحتمل التأجيل أو مراجعة القرار، فقرر إقرار ولايته لمدة عام مع الأمر بإرسال معلومات عنه وتزكيات الأخيار له.”

يعتبر حديد أن هذا القرار كان “خرقاً استراتيجياً” تسبب في ما آلت إليه الأمور اليوم فكان يجب أن تكون فترة السماح أقصر من عام.

في تلك الأثناء قُتل بن لادن. ويُقرّ حديد بأن قتل بن لادن أفقد التنظيم “سلاحاً مهماً في السيطرة على أي انحراف قد يصيب بعض الرؤوس” نظراً لما يتمتع به الرجل من “قدرة على التأثير في الفروع من خلال مكانته.”

وهنا يتعمّق الخطأ بحسب حديد عندما لم يُكمل الظواهري ما بدأه بن لادن؛ فلم يراجع تعيين البغدادي بعد انتهاء مدة ولايته التي كانت محددة بعام. في ذلك الوقت بدأ التنظيم بالتمدد في العراق بالرغم من حركة الصحوات. يتساءل حديد: “ألم تكن مصلحة تحصين النواة الصلبة للحركة الجهادية من التمرد أو الخيانة .. مقدمة على نجاح آنيّ لا يمثل سوى فترة عابرة.”

وتضاعف الخطأ الاستراتيجي عندما أوفد البغدادي الجولاني على رأس مهمة إلى الشام. “فصار على رأس الإمارة الجهادية في العراق والشام من لا تُؤمن غائلته؛” أي دهاؤه.

الخطأ الآخر كان عندما حكم الظواهري لصالح الجولاني في خلافه مع البغدادي. ويعتبر أن الظواهري لم يقدر الموقف لأنه لم يدرك أنه كان يتعامل مع “حطمة” أي بقايا واهية خلّفها الرعيل الأول. لكن هل تدارك الظواهري الخطأ؟

يجيب حديد: “لا بل زادت القيادة العامة الخطأ الاستراتيجي عمقاً بتثبيت الجولاني على إمارة جبهة النصرة.”

ومرة أخرى، عندما أعلن الجولاني فك الارتباط مع القاعدة، أخفق الظواهري في “اتخاذ قرار فوري بإعلان عزل ناكث البيعة من منصبه.”

ويختم حديد في إشارة إلى موقف حراس الدين: “وتوالت الاغتيالات لمن أعطوا الغطاء الشرعي -عن حسن نية- لنكث البيعة دون حراك فاعل من القيادة … دون وجود استراتيجية محكمة للتعامل مع الوضع حتى تجذر الباطل بجذور عميقة أرجعت المشروع الجهادي في الشام سنين إلى الوراء.”

في ردود الفعل على هذا الكلام الخطير حقيقة الذي يؤشر على غليان تنظيم القاعدة من الداخل، رصدنا حالة واحدة فقط ومن السخرية أنها وردت في حساب باسم محبي سيف العدل: نائب الظواهري. سيف العدل موجود حالياً في إيران.

المنشور موقع باسم أبي عبدالكريم الغربي، وهو عبدالرحمن بن علي، رجل دين موالٍ للقاعدة، يكتب منذ ٢٠١٦ تحت اسم “الوعي الجهادي.” وكان في إحدى مقالاته بعد هجوم هيئة تحرير الشام على حراس الدين في رمضان الماضي، دعا إلى قتل الجولاني للتخلص من أس هذا الصراع. الغربي دعا إلى قراءة الملف الذي كتبه الحديد “للاستفادة مما دعا إليه والانتباه إلى كلماته جيداً.”

في غياب القيادة العامة، فرع الصومال يدعو إلى حلّ

نشرت جماعة شباب، فرع القاعدة في الصومال، تعزية بخالد العاروري، أبي القسام الأردني، نائب القائد العام لحراس الدين الذي اغتيل في غارة للتحالف في يونيو الماضي. في التعزية تدعو الشباب الجماعات الجهادية في الشام إلى الوحدة على أساس أن التحالف لن يميّز بين تنظيم وآخر وأن البركة في الجماعة.

أنصار داعش التقطوا هذا البيان وقالوا إن صدور البيان من فرع الصومال دليل على “إهمال” القيادة العامة (الظواهري) وتساءلوا:

“هل هذا بيان قاعدي جديد فحواه انصهار فرع القاعدة بالشام “الحراس” وتفكيكه ليتوحدوا مع هتش ام ماذا يقصد هؤلاء!”

العاروري كان الأخير في سلسلة اغتيالات طالت قيادات مهمة وأردنية تحديداً في الصف الأول من الحراس. بعده، لم يبق قياديين سوى أبي همام الشامي وسامي العريدي. الحراس وموالوهم يعتقدون أن الجولاني يدلّ التحالف على مواقع هؤلاء لاغتيالهم.

الاعتزال “الأكبر”

أخبار مهمة هذا الأسبوع لما صار يُعرف بالاعتزال الكبير. القصة بدأت في شهر نوفمبر ٢٠١٩، عندما قرر قياديون وشرعيون في فرع القاعدة في شبه جزيرة العرب، وتحديداً في اليمن، اعتزال التنظيم. اتهموا قيادة التنظيم وأمنييه باتهامهم جزافاً بالتجسس؛ وطالبوا بمحكمة شرعية مستقلة للبت في أمرهم؛ وطالبوا برفع المظلمة إلى الظواهري نفسه. نُذكّر أنهم لم ينشقوا في ذلك الوقت بل ظلوا أوفياء للظواهري والتنظيم. على رأس هؤلاء كان أبو عمر النهدي وكان قيادياً في البيضاء، ومنصور الحضرمي وكان قيادياً في قيفة – البيضاء. وفي قلب المسألة كان الشرعي أبو مريم الأزدي الذي كان من الجهاديين الأوائل وأعدم بعد اتهامه بالجاسوسية.

هؤلاء نشروا مظالمهم على الإنترنت والتقط داعش تلك المظالم، ونشرها. ثمّ ردت قيادة التنظيم ردّاً قاسياً ووبّختهم. والخلاصة هي تأكيد التهم التي أوكلت إلى المتظلمين؛ قيادة التنظيم ترفض إقامة محكمة مستقلة من باب الاحتياط الأمني؛ وأن رفع المظلمة إلى الظواهري كان منوطاً بالمتظلمين أنفسهم. طبعاً هذه مهمة كان مسؤولاً عنها خالد باطرفي زعيم التنظيم الذي خلف الريمي. فلم يرفع المظلمة متسبباً “بسوء الفهم” هذا.

هذا الأسبوع، نقلت معرفات داعش ان جماعة النهديين نشروا كلمة صوتية يردّون فيها على البيان الأخير لجماعة باطرفي المنشور في مايو الماضي. وقالوا إن هؤلاء أعلوا انشقاقهم عن التنظيم.

حتى اللحظة، لم نستطع الوصول إلى التسجيل الأصلي المنسوب إلى أبي عمر النهدي.

كيف تبدو إدلب هذا الأسبوع؟

  • التلي حرّاً؟!

أفرجت هيئة تحرير الشام عن أبي مالك التلي الشامي بعد أكثر من شهر على اعتقاله. التلي كان قيادياً مهماً في الهيئة قبل أن ينشق عنهم في الشهرين الماضيين بشكل مفاجئ ويشكل مع حراس الدين وآخرين غرفة عمليات فاثبتوا. لم تمض أيام على إعلان فاثبتوا حتى انقضت الهيئة على قيادات الغرفة: التلي وأبو صلاح الأوزبكي وكانت الضربة القاصمة بتفكيك مقرّات الحراس.

معرفات موالية لهيئة تحرير الشام، مثل حساب أبي محمود الفلسطيني، قال إن التلي تصالح مع الهيئة و”عاد إلى حضن إخوانه”

معرفات معارضة للهيئة مثل القلم الواضح وعصام الخطيب نفوا عودة التلي إلى الهيئة.

  • الجزائري

تناقلت معرفات موالية للقاعدة منشورات من حساب الإصلاح والبيان الذي ينشر باسم أبي يحيى الجزائري الذي اعتقلته الهيئة في غارة على بلدة تلعادي السبت الماضي ٢٥ يوليو. ويبدو أن العملية كانت منظمة كما كشف حساب مزمجر الثورة السورية الذي قال إن الجزائري استُدرج إلى تلعادي عن طريق “مأجور” وأن ألف عنصر من الهيئة فتحوا النار باتجاه الجزائري وجماعته. الجزائري كان شرعياً في حراس الدين قبل أن يختلف معهم على مسألة التعاون مع الهيئة، وفصله التنظيم على هذا الأساس.

أنصار هيئة تحرير الشام نقلوا أن الرجل متشدد وأنه يبالغ في التكفير.

معرفات القاعدة نقلت منشورات للرجل ينتقد فيها المتشددين على نحو قوله: أنصحك أن تفر من المتشدد الغالي فرارك من الأسد.”

في المقابل استمر أنصار الهيئة بتناقل بيان حراس الدين القاضي بفصل الجزائري من التنظيم. حساب الشمالي الحر علّق: ” نبذوه ولكن! حراس الدين طردوا الجزائري …  لم يتحملوا فساده وإفساده داخل جماعتهم فطردوه وحذروا منه، ولكنهم وإعلامهم ومن يناصرهم يدافعون اليوم عن فساده وإفساده في الساحة بعد أن اعتقلته الهيئة.” .

الموالون للجزائري لم يعلقوا على قرار فصله لا سلباً ولا إيجاباً.

  • “أمن وأمان!”

ومتابعة لحملة هيئة تحرير الشام في الترويج للأمن والأمان في المناطق التي تسيطر عليها، وللرد على المعارضين الذين يتهمون الهيئة بالتغول على الجهاديين المستقلين، نشر حساب الأمن العام أنه أعاد مسروقات إلى “جيش العزة” بعد إلقاء القبض على العصابة السارقة. لم يوضح المنشور من هي العصابة أو مكان عملها.

الحسابات المعارضة للهيئة مثل حساب جلاد المرجئة وتحت عنوان “ترفيهي” ذكّر بـ “الاحتطاب الحلال” أي السرقة الحلال التي تمارسها الهيئة وقال: “إذا أتت شاحنتين سلاح من تركيا للجيش الحر تقوم أمنية الهيئة بعمل كمين وتشليحهم سيارة أسلحة كاملة وترك السيارة الأخرى للفصيل المرسلة إليه … وكلما احتطب الأمني أكثر كافأة الجولاني أكثر.”

وروّجت معرفات الهيئة لمقطع من إصدار مرئي مقبل يتحدث عن الهجمات التي قامت بها الهيئة ضد النظام وأنصاره. وهذا طبعاً رد على اتهامات المعارضة بأن الهيئة توجه سلاحها للجهاديين المستقلين.

  • “القائد … المُفدّى؟!”

ونشرت معرفات الهيئة صوراً وفيديو للجولاني في زيارة إلى أحد مخيمات “اللاجئين” وليس النازحين. على كل حال. عنوان الزيارة كان “زيارة القائد أبو محمد الجولاني … ” معرفات معارضة علّقت: “قائد من؟ وما دلالات الكلمة مجردة؟ وهل ستتبعها كلمة المفدى يوماً من الأيام؟”

  • كاريكاتور القحطاني

وتعليقاً على ما يحدث في إدلب، حساب أبو مارية القحطاني الشرعي الأهم لدى الجولاني نشر صورتين قال إنهما تعبران عن الواقع والانقسامات. واحدة تُصور رجلين أمام حائط عالٍ؛ اختلفا على سلم فشقّاه من النصف، فلا هذا النصف وصل أعلى الحائط ولا ذاك. صورة أخرى تظهر فتىً ينام في ظل شجرة بعد أن حاول قطعها ويعلّق: هذه صورة تعبر عن الواقع اليوم مع بعض الأمراض النفسية. وفي موقع آخر قال: “أربعةٌ إذا أفسدهم البطرُ لم تزدهم التكرِمَةُ إلا فساداً : الولدُ، والزوجةُ، والخادِمُ، والرعيةُ .

  • من يخلف دروكدال؟

نشرت مؤسسة الأندلس الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي “هدية العيد” وهي خطبة لأبي الحسن رشيد البليدي، وكان رئيس الهيئة الشرعية في التنظيم قبل قتله في ديسمبر ٢٠١٥. البليدي كان الرجل الثاني في التنظيم بعد دروكدال الذي قُتل هو الآخر في يونيو الماضي. ولمّا يُعيّن بعد خليفة له.