أخبار الآن | لبنان (خاص)

يعيش الشارع اللبناني على وقع الترقّب لمدى تأثير مفاعيل قانون قيصر على مفاصل الحياة فيه، إذ أنّ العلاقات بين لبنان وسوريا تاريخية، ولو أنّها تراجعت بشكلها المباشر بعد العام ألفين وخمسة إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

الإشكالية هنا، تكمن في مدى قدرة لبنان على الإلتزام ببنود القانون الأميركي، خصوصاً في ظلّ اعتبار القوى السياسية الحاكمة راهناً حليفة النظام السوري، بشكل أو بآخر، هذا عدا عن ارتباط وثيق بين حزب الله والنظام، على صعد اقتصادية وسياسية وعسكرية، تترجم في قافلات التهريب التي لم تتوقف يوماً، لا بل تضاعفت وتيرتها.

إزاء هذا الواقع، تساؤلات كثيرة تطرح حول كيفية تعاطي لبنان الرسمي مع هذا القانون، وفي هذا السياق تقول وزيرة الإعلام في لبنان منال عبد الصمد لـ”أخبار الآن”، إنّ “الحكومة اللبنانية تعمل على إيجاد السبل لتحييد لبنان عن مفاعيل قانون قيصر، خصوصاً أنّ هناك العديد من الأنشطة المشتركة بين البلدين والتي يصار حاليا الى تحديدها تمهيدا لاتخاذ الخطوات اللازمة التي تحمي لبنان”. وتضيف: “من جملة هذه الخطوات التي تدرسها الحكومة تقديمها طلبات waiver خلال الفترة القادمة بالنسبة لقطاعات مشتركة كالكهرباء والترانزيت، خاصة أن تجارة لبنان البرية تمر حكما عبر سوريا”.

  • ما أبرز القطاعات المتضررة والمخاوف؟

الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة يعدّد لـ”أخبار الآن” بعضاً من القطاعات وأبرزها، التي يمكن أن تتشظ جرّاء هذا القانون، وهي التالي:
– مواضيع الطاقة، إذ أنّ هناك عمليات تصدير للمحروقات إلى الداخل السوري، فما الذي سيحصل في حال عدم التزام لبنان بالقانون، هل سيتم حظر ذلك؟
– هناك استجرار للكهرباء من سوريا بما يوازي 80 مليون دولار سنوياً، مع الإشارة إلى أنّ التعامل في هذا الإطار يتمّ عبر المصارف المركزية في كلّ من لبنان وسوريا، علماً أنّ المصرف المركزي السوري هو تحت مجهر الرقابة الأميركية، وأي عقوبات ستفرض عليه، هل سيعتبر لبنان أنّه يخالف العقوبات الأميركية في إطار تعامله معه؟
– الترانزيت، والسؤال هو هل سيتمّ اعتبار الرسوم التي تدفها الشاحنات التي تعبر سوريا باتجاه الدول العربية (بداعي التصدير)، نوعاً من أنواع الدعم للنظام السوري؟

  • كلّ القطاعات متضررة.. ولبنان وحدة معزولة مع سوريا؟!

يوضح عجاقة لـ”أخبار الآن” أنّ تأثيرات هذا القانون على لبنان متعددة، وتطال كلّ القطاعات تقريباً، وكلّ من يتعاون في إطار تأمين الدعم، بحسب قانون قيصر، للنظام السوري. ومن وجهة نظر الإدارة الأميركية، فإنّ هذا القانون يهدف إلى عزل النظام السوري، إقتصادياً سياسياً وحتى عسكرياً، وثمّة علاقات تجارية بين لبنان وسوريا، شقٌ من هذا التبادل هو رسمي، وشقٌ آخر هو غير رسمي، كالتهريب، وفي حال استطاعت الحكومة اللبنانية توقيف الشق المتعلق بالتبادل الرسمي، لكنّها لن تستطيع توقيف التهريب، علماً أن حكومات قوى الرابع عشر من آذار لم تتمكن من توقيفه أيضاً.

ويضيف عجاقة: “الإستراتيجية الأميركية تاريخياً تقول إنّها تعتمد الخنق، بمعنّى أنّها تشدّد العقوبات شيئاً فشيئاً. في المرحلة الأولى، العقوبات ستستهدف أشخاصاً وشركات بسبب خرق هذا القانون، لكن لاحقاً ربما نرى أسماء سياسية على اللائحة، حتى نصل في الحد الأقصى، إلى أن يصبح لبنان يشكل مع الدولة السورية وحدة معزولة عن العالم إقتصادياً سياسياً وعسكرياً”.

اقتصاد لبنان اقتصاد هش، وبالتالي فإنّ أيّ ضغوطات اقتصادية ستتسبب بانهيار الدولة في لبنان، الذي يأوي مليون ونصف مليون نازح سوري، والذين سيكونون عرضة للأزمة مع أيّ انتكاسة إقتصادية، وهي قائمة، قد تكون شرارة أزمة أكبر بين اللبنانيين أنفسهم، وبين اللبنانيين والنازحين كذلك، وهنا يقول عجاقة: “نعتبر أنّ ذلك يمكن أن يدخل لبنان بفوضى كاملة قد تؤدّي إلى اضطرابات أمنية، وهذا الأمر يمكن أن يكون الحد الأقصى الذي يمكن أن نصل إليه”.

واقع مأزوم يعيشه لبنان إذاً، وهو يحاول جاهداً من خلال مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي، الحصول على رزمة مساعدات تمكنه من تخطّي أزمته الإقتصادية غير المسبوقة، لكنّ بعض مكوناته تنظر بعين أخرى إلى سوريا من باب المصالح المشتركة، فهل يكون خيار الإرتباط بالنظام السوري، بمثابة الرصاصة الأخيرة عليه؟ سؤال تتوقف إجابته على مواقف الحكومة وكيفية تعاملها مع هذا الملف، في حال ايضاً تخطّت مسألة الاختلاف في مقاربة أرقام الخسائر أمام صندوق النقد الدولي. المشهد قاتم ولا يوحي بالخير، فهل يجد كلّ لبناني نفسه أن عليه الصيد، لكنّه لا يملك قيمة الصنارة؟

اقرأ أيضا:

خبير قانوني عراقي: تأثير قانون قيصر أكبر من العقوبات الدولية