أخبار الآن | الصين (خاص)

تحاول الحكومة الصينية متمثلة بالحزب الشيوعي الحاكم إبادة أقلية الإيغور ونزع هويتهم الثقافية، فلم تكتفي بمعسكرات الاعتقال الجماعية والتعذيب والقتل بحق الأقلية المسلمة، بل عمدت كذلك إلى ارتكاب جريمة أخرى لا تقل فداحة عما سبق متمثلة بهدم منازل الإيغور والتنكيل بهم بهدف إبادتهم أو على الأقل نزعهم عن هويتهم الثقافية.

وفي مقابلة مع أخبار الآن، تحدث الناشط الإيغوري اركن صدق، عن الإبادة التي يتعرض لها شعبه وقال: “هدف الحكومة الصينية هو القضاء على شعب الإيغور، فبعد الاحتلال في عام 1949 بدأت هذه العملية عبر  القيام بتحويل شعب الإيغور إلى عرقية الهان. حتى العام 2014 ، حاولت السلطلت الصينية تنفيذ هذه الخطة بطريقة “ناعمة” ولكن منذ عام 2014 وما بعده ، تم تصعيد وتيرة العملية. الآن يدمجونها مع طرق مرعبة مثل الإبادة الجماعية الجسدية والإبادة الجماعية البيولوجية والإبادة الجماعية الثقافية”.

هدم منازل الإيغور.. إبادة ثقافية بحق الأقلية المسلمة في الصين

هدم الصين لمنازل الإيغور – صور من مواقع التواصل الاجتماعي

وأوضح الناشط الإيغوري: “الجرائم الثقافية تمثلت بتدمير المؤسسات السياسية والاجتماعية والأراضي الزراعية التابعة للإيغور وتم حظر لغتنا بالكامل ووقف الممارسات الدينية الروحية وتم تدمير القيم الدينية في كل تركستان الشرقية. حتى أنه تم منع الإيغور من ترديد تحية الإسلام بين بعضهم البعض ومن يخالف تلك التعليمات يتم اقتياده إلى معسكرات الاعتقال، وحتى إن وجدوا كلمة (السلام عليكم) في هاتفك الخلوي ستذهب إلى هذه المعسكرات… العائلات الإيغورية يتم توزيعها أو إبعادها للحيلولة دون نقل الموروث الثقافي الإيغوري من جيل لآخر، لذلك فإن تدمير المنازل والمقابر والمساجد كله مرتبط بالإبادة الثقافية.. الصين تريد حذف كل ما يمثل هوية الإيغور، لذلك تقوم الآن بتدمير منازل الإيغور التقليدية”.

الناشط الإيغوري عيسى ثابت يروي لأخبار الآن كيف سعت بكين إلى طمس هوية الإيغور الثقافية عبر هدم منازلهم

أركن صدق كشف أن خطة السلطات الصينية المتضمنة هدم منازل الإيغور، بدأ تنفيذها بشكل فعلي منذ عام 2015 وشملت مناطق عدة في الأقاليم التي تقطنها الأقلية المسلمة، وطالت كذلك منازل احتوت على تصاميم معمارية مذهلة تعبر عن ثقافة وحضارة أقلية الأقلية المسلمة، وقال: “السلطات الصينية بدأت بهدم منازلنا تقريبا في عام 2015، في الجزء الجنوبي من تركستان الشرقية وبعد انتهائهم انتقلوا مؤخرا ليكلموا الهدم في الجزء الشمالي من تركستان الشرقية ولا يزال العمل مستمر أيضاً”.

هدم منازل الإيغور.. إبادة ثقافية بحق الأقلية المسلمة في الصين

هدم الصين لمنازل الإيغور – صور من مواقع التواصل الاجتماعي

وتابع: “منازل الإيغور في هذه المنطقة رائعة الجمال كأنها عمل فني، لقد طُلب من سكان المدن والمزارعين الانتقال إلى شقق صغيرة أصغر من منازلهم التي كانوا فيها وقاموا بتدمير هذه المنازل لأنها ترمز إلى تقاليد الإيغور فالسلطات الصينية تعمدت استهداف وتدمير الهوية الإيغورية وما يتعلق بها”.

خطط السلطات الصينية في هدم منازل الإيغور تضمنت نقلهم أولاً من منازلهم الأصلية وتجميعهم في منازل صغيرة بهدف هدم كل ما يمت لتراثهم بصلة، وهو الأمر الذي أكده صدق بقوله: “تم نقل الكثير من الإيغور من قراهم التي كانوا يعيشون بها في إقليم تركستان الشرقية وتم تجميعهم في بيوت صغيرة بهدف هدم منازلهم الأًصلية”.

هدم منازل الإيغور.. إبادة ثقافية بحق الأقلية المسلمة في الصين

هدم الصين لمنازل الإيغور – صور من مواقع التواصل الاجتماعي

وبطبيعة الحال عمدت بكين إلى طمس الحقائق عن هدم منازل الإيغور، وقامت كذلك بالتعتيم الإعلامي عن عمليات الهدم كما هددت الأهالي وقامت بإرهابهم لمنعهم من نقل أي صور أو فيديوهات عن عمليات الهدم، وقال صدق: “تعمل السلطات الصينية جاهدة على منع دخول أي كاميرات لتصوير هول الدمار الحاصل لمنازل الإيغوريين، ولكن أحيانا يستطيع بعض الناس في بعض الأحيان التقاط صور أو فيديوهات قليلة… العالم لا يعرف شيئا عما يدور هناك، كما أنه لا وجود لأي تقارير صحفية على أرض الواقع وغير مسموح دخول الصحفيين”.

وأوضح الناشط الإيغوري: “منذ قرابة عامين قامت السلطات الصينية بطرد طلاب من شرق تركستان ولذلك فإنه من الصعب الحصول على فيديوهات أو صور موثقة، انهم خائفين للغاية ان يتم تسريب المعلومات للخارج .. لذلك من الصعب القيام بعملية تحقق من الفيديوهات”.

هدم منازل الإيغور.. إبادة ثقافية بحق الأقلية المسلمة في الصين

هدم الصين لمنازل الإيغور – صور من مواقع التواصل الاجتماعي

وتابع: “لقد وصلتني مؤخرا، مقاطع فيديو، حتى المزارعين الذين يعملون في الأراضي الزراعية لديهم هواتف ذكية لكن لا يمكنهم التقاط صور أو مقاطع فيديو، لأنه عندما يقوم الأشخاص بالتصوير أو التحدث على الهاتف. يتم مصادرة جميع الهواتف. أحدث المعلومات التي تلقيتها تفيد أن المزارعين أمروا بالعمل لساعات طويلة ويتم تفقد أسماءهم 3 مرات في اليوم. لذلك، لا يمكنهم الذهاب إلى أي مكان آخر، لقد أصبحوا في سجن مفتوح. ويتم مراقبتهم باستمرار. يقاتدونهم للعمل في تنظيف المنازل المدمرة. ففي كل يوم يأتون للعمل في المنزل وينتقلون للعمل في آخر في اليوم التالي. هذا هو العمل الذي يقومون به، الصور التي شاهدتموها هي جزء من ذلك. وما ترونه ليس كل شيء. اذا كنت تعيش في منزل لمدة 30 سنة ويتم تدمير منزلك، فالناس يأخذون صوراً لمنازلهم التي دمرت بفعل السلطات كذكرى”.

أركن صدق أعرب عن قلقه الشديد من عدم تحرك المجتمع الدولي لإنقاذ الشعب الإيغوري، وقال “أشعر بقلق شديد، المجتمع الدولي لم يُحرك ساكناً حتى اليوم، فضلاً عن أنّ أخواننا يُجدر بهم اتخاذ إجراءات بهذا الخصوص، لذلك شعب الإيغور تُركوا وحيدين، ولم يكن بوسعهم فعل أي شيء. الصين اتخذت منهجاً شرعت به في عام 2012 ويتم العمل على تطبيقه”.

هدم منازل الإيغور.. إبادة ثقافية بحق الأقلية المسلمة في الصين

هدم الصين لمنازل الإيغور – صور من مواقع التواصل الاجتماعي

وتابع: “في الوقت الراهن ينشغل العالم أجمع بالفيروس الصيني كورونا لتأثرهم به، لكن بداخل الصين وتركستان الشرقية تعمل السلطات الصينية على تنفيذ الخطة التي رسمتها منذ زمن طويل كما شاءت لها أن تكون. ويحصدون النتائج واحدة تلو الأخرى”.

وعبر الناشط الإيغوري عن آمله بتحرك المؤسسات والمنظمات الدولية بهدف حماية التراث الإيغوري، وقال: “أنا آمل في أن تقوم بعض المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة أو الإتحاد الأوروبي بإرسال فريق تحقيق إلى تركستان الشرقية للوقوف على ما تفعل الصين من ممارسات ليكتشفوا ما حدث بالفعل وما يحدث الآن على أرض الواقع. كما ذكرت لقد علمت بخطة السلطات الصينية منذ وقت طويل، أنها خطة مخيفة ومرعبة، ببساطة لو تم تنفيذ هذه الخطة فسيختفي الإيغور من على وجه الأرض. لا أريد أن يحدث ذلك.. اعمل بجهد كبير”.

وبحرقة اختتم الناشط الإيغوري اركن صدق حديثه بقوله: “لقد خسرنا الكثير بالفعل.. أعمل بجهد كبير لانقاذ ما تبقى.. اتمنى انه لو واصلنا إخبار العالم بما نعرفه عما يجري هناك فسيأتي اليوم الذي يتحرك فيه المجتمع الدولي ويوقف إبادة الإيغور”.

أقرأ أيضا:

هدم منازل الإيغور في الصين.. جريمة تهدف إلى محو الأقلية المسلمة من الوجود