أخبار الآن ا دبي – الإمارات العربية المتحدة (UN / ICCT)

تعمل الجماعات الإرهابية على تطوير أساليب التأثير والإقناع وجذب الشباب للانضمام إلى مساعيها التخريبية في مختلف بقاع الأرض. ومن اهم الأساليب التي بدات باستخدامها هذه الحركات مواقع التواصل الاجتماعي. إذ لاحظ المراقبون والمتخصصون بشؤون هذه الجماعات المتشددة نشاطا متزايدا للوصول لأكبر شريحة ممكنة من القادرين على حمل السلاح أو الممثلين البارعين لها في العالم الافتراضي.
في غرب أفريقيا كما في بقية مناطق العالم الساخنة، دخلت الجماعات المتشددة مثل بوكو حرام والقاعدة وتنظيم داعش في منطقة الساحل بقوة على خط مواقع التواصل الاجتماعي من أجل كسب اكبر عدد من الأتباع والمنضوين تحت ألويتها والمستعدين نفسيا وفكريا للقتل دفاعا عن أفكارها المتطرفة.
تقرير مجلس الأمن الدولي الأخير في شهر آذار / مارس الماضي والذي نشره موقع الإمم المتحدة على الانترنت تضمن تحذيرات من تزايد تغلغل الجماعات الإرهابية في العالم الافتراضي من خلال خطابات الكراهية المنتشرة على صفحات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
فاطمة كياري محمد، المراقب الدائم للاتحاد الأفريقي قالت خلال حديثها نيابة عن رئيس الاتحاد أن الإرهابيين يعتمدون تصعيدا غير مسبوق للتوسع فيما وراء أفريقيا. فبالإضافة لمناطق الساحل وحوض بحيرة تشاد والقرن الأفريقي، يتوسع الإرهاب لمناطق اخرى من افريقيا لم تشهد سابقا هذا المستوى من التصعيد. وتضيف محمد “لايمكننا تجاهل حقيقة أن هذه المناطق تعيش حالة حرب حقيقية اليوم حيث يقتل العشرات من الجنود والمدنيين كل اسبوع، مشددة على أن الجماعات الإرهابية تعكس نتائج التطور إذ تستخدم ادوات متطورة مثل العمليات الإرهابية باستخدام الدرونز واستغلال التواصل الاجتماعي لنشر رسائلها الإرهابية.

التخوف من تأثيرات التواصل الاجتماعي السلبية وارضيتها الخصبة للجماعات الإرهابية أشارت إليه أيضا ممثلة أثيوبيا في المجلس تاي اتكسيلاسي امدي التي حذرت من ان انتشار الخطاب التحريضي الممتلئ بعبارات الكراهية عبر الآنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي يزيد من عمليات الاستقطاب السياسي والاجتماعي.

التحذيرات لم تقتصر على كلمات مندوبي دول أفريقية في الأمم المتحدة وإنما شملت ورقة عمل نشرها المركز الدولي لمحاربة الإرهاب بالتعاون مع معهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة تناولت تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي فيما يخص الإرهاب ونشر الأفكار المتطرفة في أفريقيا بشكل عام وجمهورية مالي خاصة.
وأشارت الورقة إلى انه وبالرغم من استمرارية تأثير الأنواع التقليدية من الإعلام على أفريقيا وبخاصة القنوات التلفزيونية والإذاعية لسهولة الوصول إليها إلا ان الإعلام الرقمي وبضمنه التواصل الاجتماعي بدا يأخذ حيزا كبيرا من الأهمية. وبحسب الورقة فإن استخدام الهاتف النقال في العقدين الأخيرين ازداد من 10 ملايين شخص في عام 2000 إلى 647 مليون في 2011 ما يعني بالنتيجة أن الرقم زاد أكثر في السنوات التي تلت.

وتكشف الورقة ان عدد المشتركين في خدمات الهاتف المتحرك وصل بداية العام الماضي إلى 97.1 لكل مائة شخص وبمعدل دخول يصل إلى 91%، مضيفة أن عدد المستخدمين بلغ 12.48 أي ما يعادل 64% من السكان. كما يبلغ عدد مشتركي التواصل الاجتماعي في البلد 1.6 مليون، منهم 1.5 مليون يدخلون مواقع التواصل الاجتماعي عبر هواتفهم النقالة. ولا يشمل هذا الرقم مستخدمي تطبيقات الرسائل مثل الواتس آب الذي يعد أشهر تطبيق للرسائل مستخدم في مالي ومعظم دول غرب أفريقيا.

وتشير الورقة إلى أن قلة تكلفة الحصول على خدمات الهاتف المتحرك وبالرغم من اهميته في ما يخص التطور والانغماس في الشؤون السياسية فإنه قدم تسهيلات مهمة للجماعات الإرهابية وبخاصة موقع الفيس بوك وتطبيق الواتس آب لنشر الأفكار المتطرفة لأكبر عدد ممكن وفي ذات الوقت والتفاعل مع المتعاطفين والمؤيدين للأفكار المتطرفة.

وكشف التقرير الذي اعتمد على عينة الشباب بلغ عددها 27 شابا وشابة أن 38% منهم يعتمد على شبكات التواصل للوصول إلى المعلومات مقارنة ب 21% من التلفزيون و 21% من مواقع الانترنت الأخرى في حين نال الراديو 17% والصحافة التقليدية المكتوبة 1% فقط. ومن بين هذه العينة كان 41% واثقين من أن المعلومات عبر شبكات التواصل محل ثقة فيما قال 22% أنهم يثقون جزئيا بها و 37% لايملكون ثقة بما تقدمه.
وما يمثل حقائق مرعبة في هذه الورقة أن 66% لايعتقدون أن الشباب المالي قادر فكريا على صد أي هجمة ثقافية للأفكار المتطرفة، منبهين إلى أن الفيس بوك يحتل الصدارة في شبكات التواصل التي تستخدمها الجماعات الإرهابية ب 33% يليه تطبيق الواتس آب ب 21% وتويتر ب 14% ثم يوتيوب 12% والراديو 10% وأخيرا الانستغرام ب 8% فقط.

وخلصت الورقة إلى أن السعي للقيام بخطوات مناهضة للتطرف الرقمي يجب أن تسير بحذر وتكون واضحة المعالم وتركز على السلام والتسامح والترابط الاجتماعي وتدريب الشباب فكريا لصد الأفكار الإرهابية خاصة ان الجماعات المتطرفة تستخدم مواقع التواصل باتجاهين اولهما جمع المعلومات عن المرشحين وثانيهما استهدافهم. وان مواقع التواصل يمكن ان تكون وسائل مهمة لخفض أو تصعيد العنف في البلاد.

وما ينطبق على الشباب في مالي، يشمل أيضا باقي الشباب في دول غرب أفريقيا التي بدات تستفيد الجماعات المتطرفة من شبكات التواصل الاجتماعي للوصول فكريا إلى مختلف المجتمعات من دون ان تبذل جهدا على الأرض قد يكلفها خسائر بشرية ومادية.

مصدر الصورة: Reuters

اقرأ أيضا:

ماذا يجري داخل صفوف داعش في غرب أفريقيا؟