أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (محمد زهور)

لم يعدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منذ توليه الحكم في البلاد عام 2000، وسيلة وهو ابن جهاز الاستخبارات البار، في تحقيق مآرب وأهداف عديدة لصالح بلده وإن كانت على حساب مصالح شعوب بأكملها واضعاً نصب عينيه، إحياء ما يعتبره أمجاد الاتحاد السوفيتي الذي لفظ أنفاسه الأخيرة عام 1991.

ولا يمكن تفسير الهدوء النسبي الذي تظهره روسيا مؤخرا، بأنه تثاقل نحو تحقيق الغايات السابقة، بل يفسره خبراء على أنه تحويل بوتين بوصلة اهتمامه نحو الداخل ولفترة مؤقتة مع اقتراب انتهاء ولايته الرئاسية، تمهيدا على ما يبدو للعب على أوتار الدستور، لتخوله تولي ولاية رئاسية جديدة.

ومع ذلك لا يمكن إغفال تغلغل روسيا العميق في كثير من البلدان لتحقيق مصالح وأطماع موسكو، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، أوكرانيا وفنزويلا ودول أفريقية عديدة دون أن ننسى بطبيعة الحال سوريا.

من فنزويلا إلى سوريا.. كيف مدت روسيا أذرعها التوسعية حول العالم؟

صورة لبوتين في احد الاجتماعات بوقت سابق Zemlianichenko/Pool via REUTERS

الاقتصاد والمرتزقة.. أذرع روسيا حول العالم

يؤكد خبراء، أن روسيا سعت في سبيل نشر نفوذها للاقتصاد تارة، ومثاله ضخ موسكو للأموال في مشاريع البنى التحتية في أوروبا “مشاريع الطاقة”، وتارة آخرى عبر الاقتصاد والقوة العسكرية معاً، كما رأينا في فنزويلا وسوريا.

ولا يحتاج المتابع إلى أدلة دامغة ليثبت أن موسكو عبر تلك الأذرع إنما تحاول الوقوف في وجه القوى الغربية وترسيخ نفوذها لتفرض نفسها كلاعب أساسي على الساحة الجيوسياسية، وبدون أدنى شك محاولة التغطية على الإذلال الذي لحق بروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

فنزويلا

سعت روسيا إلى تطوير علاقاتها بدول لاتينية، عبر الدعم الدبلوماسي ومبيعات الأسلحة واستثمارات الطاقة، ومثال ذلك الأرجنتين والمكسيك والبرازيل، إلا أن علاقتها بفنزويلا تبقى الأبرز على صعيد تلك الدول.

وذكرت تقارير عديدة أن كراكاس عبر دعم روسيا لنظام نيكولاس مادورو، اشترت من موسكو أسلحة بقيمة مليارات الدولارات، إضافة إلى قيام أخطبوط الطاقة الروسي شركة “روسنفت” بالسيطرة على شركة النفط الحكومية في فنزويلا.

من فنزويلا إلى سوريا.. كيف مدت روسيا أذرعها التوسعية حول العالم؟

صورة للقاء بين نيكولاس مادورو وسيرغي لافروف REUTERS/Manaure Quintero

ووفق رويترز، منحت موسكو عبر شركة روسنفت قروضا ائتمانية بقيمة 17 مليار دولار لصالح كراكاس، فيما تعمل شركات روسية آخرى على السيطرة على قطاع الغاز ومصادر الطاقة في فنزويلا.

ويذهب خبراء على أن دفاع روسيا المستميت عن فنزويلا، ضد زعيم المعارضة خوان غوايدو، إنما بسبب مابقي من قروض واجبة الوفاء يدين بها النظام الفنزويلي لروسيا وتقدر بنحو 3 مليارات دولار.

إضافة إلى ما سبق، لا يمكن غض الطرف عن تقارير نشرتها وكالات دولية عن وصول قوات من مرتزقة فاغنر (عماد القوات الروسية غير الشرعية) إلى كراكاس، عندما بدأ عرش مادورو بالاهتزاز تحت وقع تظاهرات المعارضة.

أفريقيا

في أكتوبر عام 2019، استضاف فلاديمير بوتين، قمة ومنتدى اقتصادي ضم روسيا ونحو 40 رئيس دولة أفريقي في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود.

وخلال القمة قال بوتين، إن تجارة روسيا مع أفريقيا في عام 2018 بلغت أكثر من 20 مليار دولار، بعد أن تضاعفت في السنوات الخمس الماضية، كاشفاً عن سعي بلاده الحثيث لزيادة حجم تلك التجارة، وكان له ذلك عبر مد جسور الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على دول أفريقية عبر شركات طاقة وشخصيات محلية نافذة وبدون أدنى شك مرتزقة الفاغنر.

الشرق الأوسط

لا يحتاج تتبع نفوذ روسيا في بعض مناطق الشرق الأوسط إلى كثير عناء، وخاصة في سوريا التي يجمع القاصي والداني على أن النظام السوري ما كان ليصمد لولا الدعم الروسي له، وكان عماد ذلك الدعم مرتزقة الفاغنر.

ولم تكتف موسكو بمد النظام بالقوة العسكرية وتوقيع اتفاقيات عسكرية منها يمتد إلى 99 عاماً للسيطرة على موانئ ومواقع استراتيجية في البلاد، بل امتد إلى توقيع اتفاقيات اقتصادية تشمل السيطرة على كل ماهو سياسي واقتصادي وعسكري في البلاد لتغدو سوريا مستعمرة روسية بكل ما تحتويه الكلمة من معنى.

وفي ختام ما سبق، يؤكد خبراء قانونيون أن حق أي دولة في تحقيق مصالحها، لا يمكن أن يبرر لها استخدام وسائل منها ماهو إجرامي وغير أخلاقي في سبيل تحقيق تلك المصالح، وروسيا ليست ببعيدة عما ذُكر.

من فنزويلا إلى سوريا.. كيف مدت روسيا أذرعها التوسعية حول العالم؟

صورة سابقة للجيش الروسي IMAGES OF THE DAY/File Photo

أقرأ أيضا:

حاز على جائزة “ساخروف” لحرية الفكر.. قصة المناضل الإيغوري إلهام توهتي كما ترويها ابنته