أخبار الآن | كابول – أفغانستان – (شافعي معلم أحمد)
كثيرا ما تتعرض النساء في أفغانستان لضغوط وصدمات نفسية بعد اغتيال أزواجهن أو صديقاتهن، أو قتل أحد من أفراد عائلتهن من قبل الجماعات الإرهابية والتي تحرم أيضا النساء من حقوقهن الأساسية كالتعليم وممارسة حياتهن الطبيعية، لكن ولأول مرة في أفغانستان يفتتح في كابول مركز رياضي للنساء فقط، لممارسة تمارين اليوغا التي يعتبر الكثيرون أنها تخفف الضغط وتساعد على التوازن والاستقرار النفسي.
هنا في هذا المكان يستطعن ممارسة اليوغا الكثير من الأفغانيات يجدن في هذا النوع من التمارين وسيلة لتخفيف الضغوط والاثار النفسية الصعبة التي مررن بها.
تخبرنا مؤسس مركز اليوغا فخرية ابراهيم قائلة: "اليوغا هي تمارين يحتاجها أي إنسان سواء كان رجلا أو أنثى، كونها تخفف الضغوط والاضطرابات النفسية التي يتعرض لها الشخص في حياته اليومية، أما الأفغانيات فهن بحاجة ماسة إليها، كونهن يعانين من آثار صدمات نفسية تراكمت عليهن عقودا من الزمن، بعضهن تعرضن للاغتصاب وسوء معاملة اجتماعية، وبعضهن فقدن ذويهن وأزواجهن وصديقاتهن بسبب الهجمات الإرهابية، ومع ذلك لا يوجد مراكز متخصصة لمساعدتهن في بناء حياتهن من جديد".
لليوغا فوائد روحية وأخرى بدنية، فهي رياضة بدنية ولكنها أيضا تدريب روحي، وهذا ما يزيد من فوائد ممارستها. كما أنها مفيدة للأمراض التي يسببها التوتر، فاليوغا يمكنها أن تخفف الضغط وتساعد على التوازن والاستقرار النفسي، كما يمكن عبر اليوغا مساعدة الكثيرين ممن يعانون من آلام الظهر أو الإرهاق الشديد.
الهدف الأول لفتح هذا المركز هو أن نعيد الثقة في نفوس هؤلاء السيدات وأن يمارسن حياتهن بشكل طبيعي، ولا يهمنا ما قيل عنا من كلام، ولا نخاف من أحد لأداء هذه المهمة.
وتضيف فرهناز محبي وهي طالبة يوغا أنه ومن خلال الشهرين الماضيين كنت أمارس هذه التمارين صباح كل يوم، أكثر ما استفدت منها هو الشعور بالحيوية والثقة بالنفس والاسترخاء؛ الآن أستطيع أن أفكر بشكل جيد في المواقف التي تصاحبني في حياتي اليومية.
نجتمع في هذه الجلسة صباح كل يوم وأحيانا في ساعات المساء، لكن لكل منا قصتها الخاصة، ولديها هدف معين تريد تحقيقه من خلال ممارسة هذه التمارين؛ منا من تريد بناء إعادة لياقتها البدنية، ومنا من تريد تخفيف الاعباء و الضغوط النفسية، وغير ذلك.
هناك من يقول إن اليوغا لها جذور دينية، أو أن شعوبا بعينها تمارسها كتقاليد محلية، لكن هذا لا يهمني أنا وزميلاتي هنا، أنا وحدي أشعر بما استفدت من ممارسة تمارين اليوغا ولهذا السبب بدأت أنصح صديقاتي بها. حين تكون مرتاح البال وتتمتع بمزاج جيد يمكن أن تنجز كثيرا وتفكر في تفاصيل حياتك وهذا ما وجدناه هنا.
بين الفوائد الجسدية والروحية وتخفيف التوتر الذي تحياه المرأة الافغانية يبقى الأمل في مثل هذه المراكز التي تتيح المجال للمرأة في ممارسة رياضة تتغلب بها على أعباء الحياة وهمومها.
وكذلك سوزان شمس توصف الوضع قائلة: "هناك مشاكل مختلفة تواجهنا في هذا البلد، سواء كنا في الجامعة أو في البيت مع العائلة، إضافة إلى ذلك نعيش في مجتمع يسوده الاكتئاب والضغوطات المترتبة على الأوضاع الأمنية والاقتصادية في أفغانستان، والنساء هن الأكثر عرضة لهذه الأنواع من الضغوطات النفسية كونهن يتحملن قدراً كبيرا من مسؤولية وهموم العائلات؛ لذا إن لم نجد مكانا نتشارك فيه هذه الهموم، ولم نخصص وقتا كافيا لأنفسنا، لن تكون حياتنا متزنة، صحيح أن تمارين اليوغا مبتكرة في الهند، ولها جذور دينية، لكنها أيضا ثقافة وحركات تمارس بشكل علمي ومنظم وسلس لاتزان جسمك ونفسك ومعنوياتك ودماغك".
وتوضح ميلودي وهي مصممة أزياء أنه من النادر في أفغانستان أن تجد مجمعا رياضيا مخصصا للنساء لممارسة هواياتهن من الرياضة والتمارين، ولا يمكننا أن نذهب المراكز القليلة الموجودة بسبب ضيق الوقت وأن بعضا من الرجال لا يسمحون لزوجاتهن بترك الأطفال؛ لكن هذا المركز يوفر خدمة لرعاية أطفالنا ويتم تسليتهم وإعطائهم دروسا حتى نكمل التمارين، ولا نأتي هنا للممارسة اليوغا فقط بل نأخذ تدريبات ودورات مهمة في حياتنا، مثل دورات التجميل، وكيفية استخدام أدوات التجميل المختلفة، وكل هذه التدريبات تذكرنا أن نهتم بتفاصيل حياتنا اليومية وأن لا نعيش مع الماضي الأليم الذي مر بنا.
يؤكد الخبراء أن اليوغا يمكن أن تخفف الضغط وتساعد على التوازن والاستقرار النفسي، ولاشك أنها تمنح المرأة الأفغانية مزيدا من التفوق على ظروفها وتجعلها أكثر عطاءا لها ولأسرتها ولمجتمعها.
إقرأ أيضا: