كلّ تلك الحروب في المنطقة لصاحبتها إيران لها الكف والذّراع، وما عليها إلّا أن تخلع قفازاً وتلبس آخر، وطلقة واحدة لا تخرج منها، وما من صاروخ يوجّه صوبها. هنا في الشرق الأوسط أينما أدرت وجهك، ثمّة صراع تذكيه طهران.
في العراق تحارب وتشنّ الهجمات، وفي سوريا تشتبك وتقصف، ومن اليمن تحلّق صواريخها لتدكّ البحر بمن فيه، وفي أرض لبنان نبتت لها ترسانات الرعب الصاروخي، وحتى في أرض فلسطين تسلّح وتساوم وتأمر بالكرّ وفق مصالحها، وبالفرّ إنْ تغيّر من المصالحِ حال. وإن بات من الواقع أنَّ إيران تحارب أعداءها عبر وكلائها هنا وهناك، لدرجة أنّ العديد من المحللين يروْن في حروب المنطقة ونزاعاتها معارك بالوكالة تخوضها إيران ضّد منافسيها وأعدائها. ومع ذلك، يبقى السؤال: كيف وأين تمكّنت إيران من بسط نفوذها في الشرق الأوسط؟
العراق
كانت إيران تدعم خلال تلك الحرب الشيعة الذين كانوا ضّد صدام حسين والمعارضة الكردية التي كانت بقيادة جلال طالباني، إلّا أنّ الوجود الرسمي الإيراني في العراق يعود إلى العام 2014 عندما أرسلت إيران 500 جندي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إبّان فترة وجود تنظيم داعش الذي طويت صفحته في العراق بحلول العام 2017، لكنّ القوات الإيرانية حافظت على تواجدها في الأراضي العراقية بحجة القضاء على داعش.
منذ دخولها العراق قامت قوّة فيلق القدس بتنظيم شبكةٍ من الميليشيات العراقية تُعرف باسم قوات الحشد الشعبي. كان الهدف من تلك المجموعة أن تكون بمثابة النسخة العراقية من قوّات البسيج.
قوّات الحشد الشعبي تتألف من 42 مجموعة مسلّحة، و3 مجموعات عسكرية كبرى وعددٍ من المجموعات المليشياوية:
- منظمة بدر: في الواقع، هي المجموعة الرئيسية التي تشكّل قوات الحشد الشعبي بقيادة هادي العامري.
- كتائب حزب الله كانت سابقاً بقيادة أبو مهدي، أمّا الآن فقائدها هو عبد العزيز المحمداوي الملقب ب”أبو فدك”.
- أصحاب أهل الحق قادتُها قيس وليث الخزعلي.
- بعض المجموعات الميليشياوية المدعومة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
- حركة حزب الله النجباء.
- كتائب الامام علي: الجناحُ العسكري للحركة الإسلامية في العراق.
- كتائب سيد الشهداء.
- جهاد سرايا البناء.
- كتائب الطيار الرسالي.
- ألوية خراساني.
- كتائب عاشوراء.
- كتائب العتبات.
- سرايا السلام.
- لواء أبو الفضل العباس: تتألف تلك المجموعة بشكل أساسي من مقاتلين تابعين لعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، ويتمركزون بشكل أساسي في سوريا لحماية نظام الأسد.
المجموعات الصغيرة
لواء الوعد الصادق، أسدالله غالب، أنصار الحجة، فرقة القرع، سرايا الزهراء، أنصار العقيدة، الغضب، حركة الأبدال، لواء المنتظر، كتائب الدرع الشيعية وحزب الله الثائرون وحالياً، تدعي قوات الحشد الشعبي أنَّ لديها مئتين وأربعة آلاف جندي وأنَّ ميزانتها السنوية تبلغ 2,6 مليار دولار.
سوريا
لقد ورد في بيانات إيران الديبلوماسية أنّ الجيش السوري جزءٌ ممّا يسمى بمحور المقاومة، لكن منذ بدء الإحتجاجات في سوريا، وإندلاعِ الحرب الأهلية قامت إيران من خلال فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بتشكيل ألويةٍ وفرق عسكرية في الداخل السوري. وأفاد معهد جسور للأبحاث بأنَّ إيران تمتلك 125 قاعدةً عسكريةً موزّعةً على 10 محافظاتٍ سورية، 37 قاعدةً في درعا جنوباً و 22 قاعدةً في دمشق وضواحيها، و15 قاعدة في حلب شمالاً. الهدف الرئيسي للوجود العسكري الإيراني في سوريا هو الحفاظ على ممر طهران – بيروت مفتوحاً لنقل الأسلحة.
تلك المجموعات تتضمن:
- فيلق الإمام حسين المعروف أيضاً باسم حزب الله السوري، تأسس ذلك الفيلق في سوريا العام 2016 من قِبل قاسم سليماني، ويضمّ شيعة من دول مختلفة من لبنان وباكستان، والسودان، الى جانب علويين سوريين.
- فرقة فاطميون وتتكون من ميليشيات أفغانية شيعية
- لواء زينبيون يتكون من مليشيات شيعية باكستانية
- لواء حيدريون، يتكون من الميليشيات العراقية الشيعية في سوريا
- لواء ذو الفقار مليشيات عراقية في سوريا – منشق عن لواء أبو الفضل العباس
- لواء كفيل زينب
في السنوات الأخيرة، سعت إيران إلى دمجِ حزب الله إثنين ولواء ذو الفقار في الجيش السوري. ولتلك الغاية خُصص رضا موسوي ضابط اللوجستيات في الحرس الثوري الإيراني في سوريا، والذي قُتل مؤخراً في هجوم إسرائيلي. ويقدر عدد القوات المدعومة من إيران في سوريا بنحو 120 ألفاً.
لبنان
تعتبر جماعة حزب الله اللبنانية، وهي منظمة سياسية عسكرية، أقدم قوّة شيعية مسلّحة مدعومة من إيران في المنطقة وأكثرها ولاءً لطهران. تأسست المنظمة خلال الحرب الأهلية اللبنانية في ثمانينيات القرن الماضي من قبل الجمهورية الإسلامية، وكان الحرس الثوري الإسلامي يقوم بتدريب أعضاء الحزب على القتال، ولا تزال الجمهورية الإيرانية تقدّم دعماً مادياً و عسكرياً كبيراً لحزب الله كجزء من أيديولوجيتها المعادية لإسرائيل.
ضمن شبكة المجموعات التي تدعمها إيران، يحظى حزب الله اللبناني بأكبر حصة من التمويل الإيراني، ففي عام 2010 ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أنّ إيران قدمت مليار دولار أميركي لإيران لمساعدته في إعادة إعمار البلاد.
وقد أفادت تقارير موثوقة أنّ حزب الله يتلقى ما بين 800 مليون إلى مليار دولار سنوياً من إيران، كما أنّ إيران قدمت هبات عسكرية ضخمة إلى حزب الله. وفي فبراير من العام الماضي، كشفت قناة “إيران إنترناشيونال”، أنّ إيران تدفع لكل مقاتل من حزب الله في لبنان راتباً شهرياً قدره 1300 دولار، وهو أعلى بكثير من الراتب البالغ 100 دولار الذي يحصل عليه المقاتلون الحوثيون.
الأراضي الفلسطينية
تعتبر إيران أنّ أراضي فلسطين هي خط أمامي لجبهة ما يسمى بالمقاومة. العلاقة بين إيران وحماس تعود الى العام 1990، وبعد عامين رحّلت إسرائيل 400 ناشط فلسطيني من حماس والجهاد الإسلامي الى جنوب لبنان، فاستغلت إيران وحزب الله تلك الفرصة لبناء وتدريب قوّات حماس، التي يطلق على جناحها العسكري اسم كتائب عز الدين القسام.
-
حماس
عبر تلك السنين، كانت إيران أحد أهم المصادر المالية لحماس. لكنّ العلاقة لم تكن تماثلية بالكامل. فحماس ليست مجرّد ذراع عسكري لإيران، بل هي تعمل بما يتماشى مع أهداف طهران. وتشكل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله الجزء الأكثر نشاطاً في جبهة ما يسمى بالمقاومة التابعة لإيران.
تدهورت العلاقات بين حماس وطهران بعد الحرب الأهلية السورية، فحماس لم تكن ترغب في دعم بشار الأسد والحوثيين، على أساس أنّهم من السنّة لكن لاحقاً تحسنت العلاقات تدريجياً. وحماس كجماعة سنية لها جذور في جماعة الإخوان المسلمين.
تعطي إيران حماس سنوياً نحو 100 مليون دولار بالإضافة الى الأسلحة التي تقدمها طهران إلى هذه المجموعة العسكرية، وتزعم حماس أنّ لديها 70 ألف عضو، لكن مؤسسات المراقبة العسكرية تقدّر العدد بـ 40 ألفا، منهم 25 ألفا هم أعضاء في كتائب عزّالدين القسام.
2. الجهاد الإسلامي
الجهاد الإسلامي هي مجموعة أصغر من حماس، لكنّها أقدم منها، تأسست العام 1981 وعلاقتها بإيران وثيقة أكثر من حماس، زياد نخالة قائد تلك المجموعة يزور إيران عدة مرات في السنة، وعلى الرغم من علاقتها الوثيقة مع إيران إلّا أنّ حركة الجهاد الإسلامي لم تدعم موقف طهران من الحوثيين ومن حكومة بشار الأسد. يضم الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي المعروف باسم سرايا القدس حوالي 2000 عضو.
وتحدثت معلومات إسرائيلية في أبريل الماضي، أنّ إيران وعدت حركة الجهاد أن تدفع لها 5 ملايين دولار عن كلّ يوم تقاتل فيه إسرائيل. المساعدة المالية التي تقدّمها طهران إلى حركة الجهاد الإسلامي تقدّر بعشرات الملايين من الدولارات.
أنصار الله في اليمن
أنصار الله في اليمن والمعروفة أيضاً بجماعة الحوثي، تتكون من الزيديين الشيعة في اليمن. منذ الربيع العربي العام 2011 برزوا في اليمن وتمكّنوا من الاستيلاء على جزء من السلطة العام 2014. بدأت إيران تقدّم مساعدات عسكرية ومالية للحوثيين العام 2011، وسرعان ما أصبح الحوثيون ذراعاً لطهران.
زوّدت إيران الحوثيين بكميّات كبيرة من الأسلحة، من الصواريخ البالستية إلى طائرات مسيرة متنوعة، عبر البحر. ومع ذلك، تزعم طهران أنّها تقدم فقط استشارات عسكرية لأنصار الله.
وتقول واشنطن إنّ إيران قدّمت مئات الملايين من الدولارات كدعم مالي للحوثيين منذ العام 2012. ووفقاً لمصدر موثوق ومطلع في الحرس الثوري الإيراني، فإنّ إيران تدفع لكل مقاتل يمني راتباً شهرياً قدره 100 دولار.
ومؤخراً أعلنت وكالات الاستخبارات الأمريكية أنّ إيران تقدّم للحوثيين معلومات استخبارية تساعدهم في استهداف السفن في البحر الأحمر. وكانت صحيفة ديلي تلغراف كشفت كذلك أنّ إيران تدرّب 200 مقاتل تقريباً من الحوثيين في موقعين بإيران، أحدهما جامعة الإمام خامنئي لعلوم المحيطات والتكنولوجيا البحرية في زيبكينار، بالقرب من مدينة رشت شمال إيران، والآخر جزيرة فرور في جنوب إيران، تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني. ووفقاً لذلك التقرير، فقد تلقى 200 فرد من الحوثيين تدريبات عسكرية في تلك المعسكرات.
وكشفت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية، نقلاً عن مصادر دفاعية في إيران، عن تورّط مباشر للزعيم الإيراني علي خامنئي في التخطيط لهجمات حوثية جديدة في البحر الأحمر. وبحسب التقرير، فقد أيّد خامنئي شخصياً قرار زيادة الدعم العسكري للحوثيين وتزويدهم بالمزيد من الأسلحة والعتاد. وتلعب تلك الجماعة حالياً دوراً مهماً كقوّة وكيلة لإيران، في زعزعة استقرار منطقة البحر الأحمر وباب المندب.
جماعة الحوثي تتكون من الزيديين الشيعة في اليمن. منذ الربيع العربي العام 2011 برزوا في اليمن وتمكّنوا من الاستيلاء على جزء من السلطة العام 2014. وبدأت إيران تقدم مساعدات عسكرية ومالية للحوثيين العام 2011، وسرعان ما أصبح الحوثيون ذراعاً لطهران.
لكن ماذا عن الخلافات بين إيران وكل مجموعاتها؟
إيران وحزب الله
رغم تعاون حزب الله اللبناني مع إيران في الأراضي السورية، فهو كان على خلاف مع طهران في ملفين رئيسيين. منذ العام 2014، أنشأت إيران في سوريا كتائب الإمام الحسين المعروفة باسم حزب الله إثنين، وهي مجموعة امتدت نشاطاتها المالية إلى جنوب لبنان. لا يحبّذ حزب الله أن تزداد قوّة تلك المجموعة. وهنا تشير مصادر أمنية إلى أنّ بعض الضربات الإسرائيلية على قيادات مهمّة في فيلق القدس الإيراني في سوريا تنتج عن تلك الخلافات في ظلّ وجود معلومات عن قيام مصادر من حزب الله بتسريب معلومات عن مواقع تلك المجموعة في سوريا.
كما أنّ آراء زعيم الحزب حسن نصرالله تفاوتت مع آراء علي خامنئي بشأن الربيع العربي. فقد كان نصرالله قد جاهر بمعارضته للرئيس المصري السابق محمد مرسي وعبر عن فرحته بسقوطه، بينما وجّه إليه خامنئي اللوم على ذلك مصرّحاً بأنّ سقوط مرسي أمر مؤسف. فضلاً عن ذلك، فقد اختلف نصرالله مع طهران بشأن سوريا مصرّحاً بأنّ قتاله هناك يهدف إلى دعم الشيعة في سوريا وليس دعماً للرئيس بشار الأسد.
وتعتبر الاختلافات الداخلية في حزب الله إحدى أبرز المشاكل التي يعاني منها الحزب. فقد نقلت صحيفة الشرق الأوسط العام 2006 أنّ إيران قد سيطرت على الجناح العسكري في الحزب وسلّمته لنائب نصرالله نعيم قاسم منتزعة إيّاه من حسن نصرالله.
وبحسب الصحيفة، على إثر بروز خلافات بين قادة حزب الله، لقد كلّف علي خامنئي لجنة تضمّ ضباطاً كباراً في الحرس الثوري الإيراني للاشراف على تنفيذ تغييرات في بنية الوحدات الاستخباراتية والعسكرية في الحزب. وفي النهاية أوصت تلك اللجنة بنقل السيطرة على الجناح العسكري لنعيم قاسم.
من الناحية العملية، ذلك لم يحصل لكن الصدع بين قادة حزب الله قد تعمّق أكثر . وفي الحقيقة، لا يعتبر نعيم قاسم نفسه من أتباع إيران بل من اتباع القائد الأعلى، لذلك تستعمله إيران كآداة لإدارة علاقتها بحسن نصرالله لكن بشكل عام، تعتبر العلاقة بين حزب الله وإيران أقوى من علاقتها بأيّ مجموعة قتالية أخرى في المنطقة.
إيران والعراق
تكمن المشكلة الأهم بين إيران وقوات الحشد الشعبي في الاختلافات الموجودة بين الاقسام الفرعية ضمن تلك المجموعة الميليشياوية. فعلى سبيل المثال، قامت 4 مجموعات مسلحة، هي كتائب الإمام علي ولواء علي أكبر وفرقة العباس القتالية وأنصار المرجعية المعروفة تحت إسم حشد التبعات، بإعلان ولائها لعلي السيستاني، وصرّحت بأنّها تعمل بحسب القانون الوطني في العراق. وقد برزت اختلافات بين قوات الحشد الشعبي بقيادة أبو مهندس ولاحقاً أبو فداك وقوات حشد العتبات وسعت إلى تهميشها.
يدور النزاع الأكبر بينهم على المرجعية الدينية في قم والنجف. في الواقع، تؤمن قوّات حشد التبعات القريبة من السيستاني بعد مشاركة الميليشيات في الحياة السياسية، بينما لا تؤمن فقط قوات الحشد الشعبي التابعة لقم وخامنئي بالانخراط السياسي بل تحتل أيضاً موقع رئاسة الوزراء.
من جهة أخرى، أبعد تيار مقتدى الصدر الشعبي نفسه كثيرا عن إيران وهو كان حليفا لإيران بوجه الولايات المتحدة الأميركية خلال حرب العراق مما أدى إلى شرخ كبير بينه وبين فروع قوات الحشد الشعبي لا سيما عصائب أهل الحق لكن مقتدى الصدر قد تنحى حاليا إلا أنه يتولى قيادة الموجة المعادية لإيران في صفوف الشيعة العراقيين والمعروف أنها تعارض تدخل الجمهورية الاسلامية في العراق، كما أن ازدراء السيادة الوطنية العراقية، قد أثر كثيرا على الرأي العام المعادي لإيران حتى أنه على أثر الهجوم الصاروخي على إربيل والذي نفذه الحرس الثوري الإيراني أصدر الحشد الشعبي بنفسه بيانا اشتكى فيه من ذلك الهجوم.
وقد أصيب دعم إيران للميليشيات الموالية لها في العراق بالضعف بسبب آمال المجتمع العراقي بأن تتمكن هذه الميليشيات من تفادي ازدياد تدخل طهران في الشؤون العراقية. كما أن هذا الشعور قد أحدث شرخا في صفوف قوات الحشد الشعبي ومن المتوقع أن يتواصل في المستقبل.
إيران وسوريا
هناك تباينات كثيرة بين إيران والميليشيات التي تدعمها في سوريا ونظام الأسد بسبب التنوع الكبير في القوى الأيديولوجية والإثنية التابعة لإيران في سوريا، بدءاً من الأفغان الشيعة وانتهاءً بالباكستانيين. وقد حصل خلاف عميق خصوصاً في شرق سوريا بين القوى الموالية لإيران، حتى أنّ بعض تلك القوى قد انضم لأخصام الأسد، وانضم بعض هؤلاء مثل لواء الإمام الحسين إلى الجيش السوري في خطوة لم تعجب القادة السوريين.
ونتيجة لذلك، ازدادت وتيرة عمليات التخريب وبيع المعلومات من قبل قادة الجيش السوري بحقّ الميليشيات المدعومة من طهران، ولا شك أنّ استمرار تلك النزعة يمكن أن يفضي إلى انهيار تنظيم الميليشيات المدعومة من إيران. كما أنّ عمليات الاغتيال الموجّهة التي تنفذها إسرائيل تستعمل تلك المعلومات المسرّبة.
من جهة أخرى، لقد أدّت عودة بشار الأسد إلى الحضن العربي وحصة إيران الهزيلة في سوق إعادة الإعمار الشاسع في سوريا، إلى تصاعد الانتقادات في الداخل الإيراني للدعم المستمر لنظام الأسد. ولكن يبدو أنّه ليس في المدى القريب بل في المدى المتوسط ستزداد المسافة بين الأسد وجيشه من جهة وإيران من جهة أخرى.
إيران وحماس
ماذا عن خلاف حماس – إيران؟ هنا تسلّط تغريدة محمد سعيد إيزادي الضوء على الاختلافات بين إيران والمجموعات الفلسطينية. وإيزادي الذي تعرّض لعقوبات مؤخراً هو قائد رفيع المستوى في الحرس الثوري الإيراني، وهو مسؤول عن ملف حماس في لبنان.
اینجانب دستگیری اعضاء جنبش #الصابرین در غزه را توسط #حماس به شدت محکوم کرده و به حماس هشدار میدهم که اگر مایل به ادامه دریافت کمکهای مالی #ایران هستند باید هر چه زودتر این برادران را آزاد کنند. @mosa_abumarzook pic.twitter.com/WFcfOU9HXh
— سعيد ايزدي (@hajjsaeedizadi) March 5, 2019
في تلك التغريدة أعلاه، وجّه إيزادي تهديداً للمجموعات الفلسطينية بأنّها إنْ كانت تريد المحافظة على الدعم المالي الإيراني، لا بدّ أن تتفادى اعتقال أفراد في حركة الصابرين، وهي ذراع إيران في فلسطين. تعود تلك التغريدة للعام 2019. بعد مرور سنتين على تلك التغريدة، تمّ حل تلك المجموعة، غير أنّ مصير تلك الحركة يشير إلى عمق الشرخ بين طهران وحماس. ففي مقابلة انتشرت بسرعة على مواقع التواصل الإجتماعي مع قائد الجهاد الإسلامي في إيران، وهو زياد النخالة، قال: “بحسب قوانين مجموعة الجهاد الإسلامي، نحن مجموعة سنية وعلى الجميع أن يكون سنيا. لذلك من يريد أن يكون شيعيا يجب أن يغادر مجموعتنا إذ لا مكان له هنا. لا مكان للشيعة بيننا”.
لقد كلّف نشر تلك المقابلة إيران غالياً، فحتّى بعض الخطباء قد ذكروا في خطبتهم من على المنابر بأنّهم يسألون لماذا يدعمون مجموعة سنية بالإشارة إلى حماس.
وفي الحقيقة، فإنّ إيران وحماس بعيدتان كلّ البعد عن بعضيهما البعض ولا يجمعهما أيّ رابط سوى المال. ومن المعروف أيضاً أنّ حماس لم تدعم أيّ مشروع يندرج ضمن طموحات خامنئي الإقليمية لا في العراق ولا في سوريا ولا في اليمن.
لقد ذكرت مصادرنا في طهران أنّه في لقاء حامنئي مع اسماعيل هنية في نوفمبر الماضي، والذي تمّ تسريبه بعد بضعة أيام، أعرب خامنئي الذي كان متخوفاً من إمكانية تمدّد الحرب لتصل إلى حدود بلاده قد عبّر عن امتعاضه من عدم قيام يحيا السنوار بإبلاغه بتوقيت شنّ هجمات السابع من أكتوبر وكشف أيضاً أنّه في حال تمّ إخفاء المزيد من المعلومات عن إيران، فلن تعود حماس قادرة على التعويل على الدعم المالي الإيراني.
وتظهر التغريدة التالية لمحمد سعيد إيزادي على أثر فرض إدارة دونالد ترامب عقوبات حادة على إيران، بأنّ المجموعات الفلسطينية لا تريد من إيران إلّا المال وأنّها لا تصغي أبداً للرأي الإيراني عندما لا تقدم لها إيران أيّ تمويل. إذاً تعتبر العلاقة بين حماس وإيران بشكل إجمالي غير جيّدة وهشة للغاية.
با مشکلات اقتصادی بسیاری مواجه هستیم و برادرانمان در محور مقاومت باید به این نکته توجه کرده و مصارف خود را به شدت کاهش دهند بدون اینکه ابراز نارضایتی از اوضاع داشته باشند. #حزب_الله #حماس #صابرین #جهاد_اسلامي
— سعيد ايزدي (@hajjsaeedizadi) March 5, 2019
إيران والحوثيون فى اليمن
إيران والحوثيون فى اليمن.. إنْ أردنا تحديد المشكلة التي تشوب العلاقة بين الحوثيين وإيران، نجد أنّها الأصالة. فالعلاقة بينهما ليست عريقة. وبالرّغم من أنّ طهران لطالما كانت تراقب شيعة اليمن، فإنّ الربيع العربي والحرب الأهلية اليمنية هما اللذان عزّزا العلاقة بين طهران والحوثيين.
تكمن المشكلة الأكبر في العلاقة بين الحوثيين وإيران في أنّ الحوثيين ليسوا جنود طهران الدائمين. وتعرف إيران أنّها لا يمكن أن يكون لديها حزب الله آخر أو عراق آخر في شبه الجزيرة العربية. وحالياً يشكل الحوثيون قوات إيران في البحر الأحمر، ولا يبدو أنّ العالم سيترك البحر الأحمر للحوثيين إلّا أنّه لا يمكننا أن نتجاهل أنّ الحوثيين هم القوة الموالية الأبخس ثمناً بين قوى إيران.
شاهدوا أيضاً: إيران تغرق العراق بالإرهـاب الأبيض.. المخدرات تضرب الجهاز الأمني حتى