الشيخ عبد المنان قائد قوات القبائل في حوار خاص

أصبح وجود شباب القبائل في الصومال على جبهة القتال مع جماعة الشباب الإرهابية عاملا هاما ومؤثرًا في موازين النصر والهزيمة بالمعارك الدائرة بوسط الصومال الآن، تشكل القبائل الصومالية رفقة الجيش والقوات المسلحة الدرع الحامي والسيف البتار في الحرب الضروس على إرهاب جماعة الشباب.

في هذا التحقيق نستكمل رحلتنا الصحفية الاستقصائية في أراضي الصومال.. وهذه المرة نتعرف على دور القبائل في منطقة وسط الصومال.

انتقلنا إلى منطقة ويسيل لنلتقي السيد عبد المنان قائد قوات القبائل المقاتلة ضد الشباب، ويقول عبد المنان محمد عثمان قائد قوات القبائل في جالمودج: “قررنا قبل عامين بعدما هاجم مقاتلو جماعة الشباب هذه المدينة مدينة ويسيل، وبعدما كانوا يحاربون مناطق مجاورة لنا، ويحاربون إخوان لنا من قبائل أخرى، في ذلك الوقت قررنا أن نواجههم.

لكن ما الذي دفع القبائل والمدنيين لحمل السلاح ضد الشباب؟ دوافع كثيرة زرعتها الجماعة الإرهابية في صدور أبناء القبائل بسبب ما تقوم من جرائم واغتيالات في المجتمع الصومالي

وعن ذلك يقول الشيخ عبد المنان: “بعدما رأينا أنهم يحرفون الدين، ويقتلون الناس وينهبون أموالهم، ويدمرون الآبار ويهدمون المنازل، ويفجرون البشر وأصبحوا يحاربون الحكومة، أدركنا أن جبهة حكومتنا ليست قوية، لذلك قررنا أن نكون معها في الحرب”

عبد المنان عثمان: 10 آلاف مقاتل ضد جماعة الشباب من القبائل في جبهة جالمودج وحدها

وعن عدد مقاتلي هذه القبائل ومدى تأثيرها على موازين القوى ونتائج الحرب في الصومال يقول عبد المنان:”نعلم أن عدد المقاتلين من هذه الولاية فقط، أكثر من ١٠ آلاف من أبناء القبائل جاهزون لمواجهة جماعة الشباب في الولايات الوسطي”.

كان لقرار القبائل بدخول أرض المعركة والمواجهة المباشرة مع جماعة الشباب عواقبه ونتائجه العنيفة من جانب الجماعة الدموية حيث جعل قرار الحرب على الإرهاب، القبائل وزعمائها في مرمى تهديدات الشباب، لكن أمرًا آخر دفع القبائل لتجاهل تلك التهديدات والاستمرار في مسارها الصعب، فما هو؟، إنه الثأر.

حيث يقول الشيخ  عبد المنان”تهديدات جماعة الشباب لنا كانت موجودة أساسًا قبل أن نعلن الحرب ضدهم، قتلوا بعض شيوخ القبائل، وقتلوا التجار والمسؤولين، وهددوا البعض الآخر، حتى أنا شخصيا كانوا يهددوني، ويتصلون بي حينما بدأنا الإعداد للانضمام”.

جزء من صعوبة استئصال عناصر الشباب من الصومال هو كونهم ينتمون لنسيج المجتمع الذي طالما كان مجتمعا قبليًا تحكمه العصبية العشائرية، على مدار أعوام بل على مدار عقود، مما جعل العقبة الرئيسية والمعضلة الكبرى التي قد تواجه قوات القبائل في حربها على الشباب، هي أن بعض عناصر الحركة الإرهابية ينتمون إلى هذه القبائل المقاتلة، فكيف يتم التعامل معهم؟

يقول عبد المنان محمد عثمان قائد قوات القبائل الصومالية: “هؤلاء الرجال الخوارج الذين يحاربوننا هم في الأصل صوماليون، ولعناصر القبائل أقارب في صفوف الشباب، لكن اليوم أصبحنا إخوة متحدين ضدهم، ومن نحاربهم من مقاتلي الشباب، لو كان أحدهم ابن عمنا أو ذو عرقية صومالية، فهو اليوم رغم ذلك لم يعد منا ولا ينتمي لنا”.

قائد قوات القبائل الصومالية: قررنا الانضمام للحرب ضد جماعة الشباب لهذه الأسباب

مواجهة الفكر بالفكر في عقول أبناء القبائل

واستوجب إدماج القبائل في الحرب على الإرهاب في الصومال متمثلا في جماعة الشباب، التوعية الفكرية في ربوع القبائل الصومالية والقضاء على الفكر المتعصب الذي عملت جماعة الشباب على زرعه في عقول صغار فتية القبائل على مدار عقود فما أخذه الشباب بالقوة لن يسترد بالقوة في أرض المعركة وحدها، فكما يُحارب السلاح بالسلاح يُحارب الفكر بالفكر، ولضمان عدم عودة الحركات الإرهابية مرة أخرى، بات لزامًا على الصومال القضاء على هذا الفكر، والبيئة المهيئة والمحتضنة له.

وعن ذلك يقول الشيخ عبد المنان ممثل شيوخ العشائر على جبهة القتال بوسط الصومال”نحن نعمل على توعية الناس ألا يخافوا من الشباب، وأن يتحدوا ضدهم، ونركز على الفتية في مقتبل العمر، ندعوهم أن ينشقوا عنهم، وأن يتخلوا عن هذا الفكر المنحرف عبر وسائل الإعلام، وبعض العائدين من صفوق الشباب تواصلنا معهم، والبعض الأخر تواصلوا هم معنا، ورحبنا بعودتهم، ففي هذه الولاية عاد نائب أمير الشباب من صفوف الجماعة، وأتى إلينا ثم سلمناه للحكومة، ناقشناه وأقنعناه أنه كان يتبنى فكرا خاطئا”

ربما يخشى البعض من حمل قوات القبائل للسلاح اليوم وتتعالى بعض الأصوات المعبرة عن خوفها وعن مستقبل هذا السلاح عقب انتهاء الحرب وان تتحول هذه العناصر القبلية إلى ميليشيات، ولكن الحكومة وزعماء القبائل يتعهدون دائما بالرد بقدرتهم على جمع هذا السلاح مرة أخرى في ظل التنسيق العشائري بين الحكومة وزعماء القبائل

طريق طويل إذن تسلكه القبائل الصومالية اليوم رفقة جيشها، للقضاء على خطر هائل وظلام حالك جاثم على أرض الصومال، يأبى الرحيل منذ أعوام، لكن ما بات بالأمس صعبا ومستحيلا، أصبح اليوم ممكنا بمساعدة المجتمع واتحاد قبائله تحت راية الجيش الوطني الصومالي.