منشق عن تنظيم القاعدة في اليمن يجري مقابلة خاصة مع أخبار الآن

  • طلبوا منا قتل إخواننا الذين حاربنا معهم الحوثي وعندما رفضنا اتُهمنا بالجاسوسية والعمالة وقتل قيادات
  • “الفيديوهات الملفقة للعناصر جعلتنا لا نثق بأي إصدارات للقاعدة”

انضم عابد (اسم وهمي) إلى تنظيم القاعدة الإرهابي في عام 2015 لمحاربة ميليشيات الحوثي في محافظة أبين جنوب اليمن ووصل مباشرة إلى جلال بلعيدي وبايعه في خبر المراقشة حيث انتهج بلعيدي ضم أي أحد للتنظيم الإرهابي في محاولة كسب ود الناس وإقناعهم بالانضمام عن طريق الدعاية ورؤية عملياتهم القتالية.

فبعد انسحاب الجيش لصالح الحوثي يؤكد عابد أنهم بقوا كمواطنين في مواجهة منفردة مع الحوثيين ما دفعهم للتفكير بالحصول على السلاح من أي مكان للدفاع عن أنفسهم. وفي تلك الفترة استغل جلال بلعيدي حرب الحوثي لضم عابد وغيره من شباب أبين.

يقول: عابد: “لم أكن مقربًا من بلعيدي لكنه كان يعرفني لأنني من منطقته حيث كان يحاول أن يقيم مشروعًا مختلفًا عن مشروع القاعدة ودعم المقاومة ضد الحوثي”.

كيف قتل بلعيدي؟

أكد عابد عدم اقتناعهم برواية القاعدة حول مقتل جلال بلعيدي التي أكدوا فيها تصفيته عبر صديقه الذي وضع له شريحة تتبع ورتب موعدًا مع سائقه، والذي ظهر في فيديوهات للقاعدة يعترف بوضعه الشريحة في مخزن الرصاص، لكن عابد رغم عدم تصديقه تلك الرواية شرح كيف أصبحت أوضاع عناصر القاعدة مزرية في أبين بعد مقتل بلعيدي، فوجدوا اختلافًا كبيرًا بين سياسته التي أعلن فيها رفضه القتل وإقامة الحدود وإجبار الناس على الصلاة في 2011 حين احتل التنظيم أبين.

وانتقد تجربة القاعدة في تلك الفترة ووصفها بالفاشلة في استقطاب الناس للانضمام، ساعيًا إلى تقريب قبيلته منه والذين قاتلوا معه في خبر المراقشة. كما أنشأ تقاربًا مع الدولة أزعج القاعدة، إضافة إلى رفضه الذهاب للقاء قيادات التنظيم.

وأكد عابد أن بلعيدي ذهب مرة واحدة فقط إلى المكلا للقاء ناصر الوحيشي، وبعد تصفية الوحيشي توجه إلى المكلا مجددًا واستدعاهم لمبايعة قاسم الريمي في نهاية 2015.

منشق عن القاعدة في اليمن يروي قصة هروبه ويكشف العديد من أسرار التنظيم

روى عابد صدمتهم بالقيادة الجديدة للقاعدة بعد مقتل بلعيدي والتي طالبتهم بمهاجمة العسكر والجيش من أبناء منطقتهم، قائلاً: “شهدنا الإفراط في القتل وبدنا نتأخر في تنفيذ الأوامر لأنهم طلبوا منا قتل إخواننا الذين حاربنا معهم الحوثي ما تسبب في اتهامنا بالجاسوسية والعمالة وتم سجننا واتهامنا بقتل قيادات”.

لم يتقبل عابد فكرة قتل الجندي قائلاً: “الجندي مسلم يصلي وشاهدنا قتل العسكر وهم يصلون والمصحف في جيوبهم” مستنكرًا أن يكون تحكيم شرع الله في الأرض قائمًا على قتل جندي مسلم يصلي ويحمي وطنه كما تروج القاعدة لعناصرها، مؤكدًا انشقاق كثير من الشرعيين في القاعدة بسبب قتل مسلمين خلال الصلاة ومنهم أبو علي السعدي الذي اتهم بالتحريض وسُجِن بعد اعتراضه على السلوكيات الإرهابية للتنظيم، إضافة إلى اختلافهم الشرعي مع القاعدة والكذب في الأهداف التي شكلوا التنظيم على أساسها، حيث تحولت القاعدة إلى تصفية الشخصيات وعمل العصابات والسطو المسلح وتفجير المباني.

الهروب قبل السجن

هرب عابد من تنظيم القاعدة الإرهابي وسلّم نفسه للسلطات قبل أن يسجنه التنظيم بتهمة الجاسوسية التي وقع فيها كثير من العناصر ومنهم من قتل على إثرها، يقول: “رغم قتلهم المتهم بتصفية جلال بلعيدي عادوا واتهموا آخرين لتصفية حسابات بينهم”.

سمع عابد من أحد مساجين القاعدة رفض بعض القيادات سجن العناصر ما تسبب في انقلاب التنظيم عليهم و أعلنوا انشقاقهم عنه، وأكد ملاحظته الانشقاقات في القاعدة بعد تحقيقات أجراها أبو عمر النهدي التي كشفت رمي العناصر بالتهم لتصفية الحسابات حيث حقق النهدي مع العشرات من عناصر القاعدة وأقنع قاسم الريمي بالإفراج عنهم فيما أعدم بعضهم بتهمة الجاسوسية الملفقة وتمكن الشباب التابعين لقبائل من الفرار والانشقاق وتم إعدام عدد كبير من غير المنتمين لقبائل تحميهم.

 

اكتشف عابد من منشقين اتهموا بالجاسوسية وتم تعذيبهم، أنهم اعترفوا بتنفيذ عمليات لم ينفذوها، وقامت القاعدة ببث تلك الاعترافات لخداع عناصرها، ويقول: “الفيديوهات الملفقة للعناصر جعلتنا لا نثق بأي إصدارات للقاعدة”.

منشق عن القاعدة في اليمن يروي قصة هروبه ويكشف العديد من أسرار التنظيم

وأضاف: “بررت القاعدة إعدام العناصر بموتهم في الجبهات والقصف ولم تمر هذه الرواية علينا”، يشدد عابد الذي لاحظ رغبة الكثير من عناصر القاعدة في العودة والانشقاق، لكن ما يمنعهم الخوف من الإعدامات حيث تقوم القاعدة بإيهام عناصرها بأن المنشقين يتعرضون للتعذيب وهي أنباء ودعاية وهمية للقاعدة، ولم يكن عابد ومن معه يعرفون عدم صحتها إلا عندما انشقوا وتركوا التنظيم.

دعوات لترك التنظيم الإرهابي

عاد عابد إلى أسرته والتقى بكثيرين من الشباب الذي عادوا إلى حياتهم بدون مضايقات، ووجّه رسالة إلى الشباب الذين يشاهدونه داخل التنظيم نفى فيها تعرضه للمضايقات أو للتعذيب كما يروج التنظيم مؤكدًا أنها مجرد دعاية وهمية للقاعدة. وشجّع من يرغبون بالانشقاق بالعودة إلى قبائلهم وألا تمنعهم أخبار القاعدة ودعايتها الوهمية التي تدّعي فيها تعرض المنشقين للضغوطات والاهانات، مشددًا على أن عددًا قليلاً جدًا من العناصر بقي مع القاعدة بسبب عدم وجود نفير إليهم وعدم وجود حرب ضد الحوثي في مناطقهم اضافة إلى التخادم بين الحوثي والتنظيم الإرهابي.

منشق عن القاعدة في اليمن يروي قصة هروبه ويكشف العديد من أسرار التنظيم

أكد عابد أن الشباب في مجتمعه لم يعودوا يصدقوا إصدارات القاعدة الارهابية وأن قتل النفس غير جائز لإقامة دين الله ودعا من تبقى منهم داخل التنظيم لإقامته في أنفسهم، مشددًا على أن الله دعاهم للحياة ورعاية أسرهم وأطفالهم وأن ذلك أولوية على قتل النفس لإقامة الدين وهو ما توصل إليه بعد معاناة أسرته إثر انضمامه للقاعدة، وقال: “لم يكن لهم معيل سواي”. وأشار إلى ترحيب القبائل بعودة المنشقين ودعوتهم للاندماج في المجتمع وتأمين الوظائف لهم وأشار إلى أن أسر من قتل على يد التنظيم الهاربين كانوا جزءًا من حملة إعادة الشباب إلى أسرهم.

قادة بلا تنظيم

وحول القادة الحاليين في تنظيم القاعدة أكد عابد أنهم غير مرحب بهم لعدم كفاءتهم وتوليهم بعد تصفية قيادات الصف الأول ومنهم أبو حفص الأبيني وأبو سليمان العدني الذين نصبوا أنفسهم قيادات على حد وصفه ولا يملكون أي خبرة في إدارة العناصر، وأكد أن الاغتيالات التي حدثت في القاعدة بعد تصفية جلال بلعيدي ألصقوها بداعش خوفًا من الانشقاقات فيما اعترفت بعض قيادات القاعدة في أفغانستان باللجوء إلى إيران لإيوائهم، ومن تلك الحوادث يقول عابد أن انشقاق أبو بشير الصنعاني انتقل من إعلام القاعدة إلى الحوثي.

كثافة العمليات الأمنية فككت القاعدة، ويقول عابد “زيادة عمليات القصف المسير دليل على اختراق التنظيم” حيث شدد على أن القيادات في القاعدة مخترقة وهو ما اتضح لهم بعد تسليمهم القيادة دون مراجعة أوضاعهم، إضافة إلى انشقاقات التنظيم في إب ورداع والبيضاء التي وقعت بعد مقتل الوحيشي حيث سعت القاعدة لتصفية عناصرها المنشقة عنها ليتبقى الآنمجموعة بسيطة مقسمين وموزعين في المحافظات ولا يعملون تحت قيادة التنظيم.

القاعدة.. بلطجة وخطف للحصول على المال

لم يقتنع عابد ومن كان معه في القاعدة برواية التنظيم حول مصدر تمويله التي يصر على أنها من أسلحة يعرف عابد ومن معه أنهم لا يستطيعون بيعها قائلاً: “كنا نبيع سلاحنا لنصرف على أي عملية إرهابية، أصبح الأكل شحيحًا والعمليات متوقفة”. إضافة إلى عدم تقاضيهم أجورهم شهريًا وحصولهم على حاجتهم فقط عند حدوث حالة معينة، وأشار الى أن القاعدة فتحت معارض سيارات ومحلات ذهب لتصرف على نفسها وكانت تطالبهم بالخطف لطلب الفدية، ويقول عابد: “خالد باطرفي ركيك ولا يملك أي حنكة عسكرية وفقد ثقة العناصر وحول أعمال القاعدة الإرهابية إلى البلطجة والخطف للحصول على المال”.