تواصل القوات الأوكرانية الدفاع عن باخموت تحضيراً لشنّ هجوم مضاد على القوّات الروسية ومرتزقة فاغنر في المدينة الواقعة شرق أوكرانيا. وأقرّ قائد القوّات البرية الأوكرانية الكولونيل جنرال أولكسندر سيرسكي، مطلع الأسبوع، بصعوبة الوضع في المدينة، مضيفاً أنّ مجموعة فاغنر الروسية تهاجم من عدة اتجاهات وتحاول اختراق دفاعات القوات الأوكرانية.

وقد قتل العديد من الجنود الأوكرانيين والروس في الأيّام الماضية في معركة السيطرة على باخموت، وفق ما أعلنت كلّ من كييف وموسكو، فيما يعترف كلّ جانب بتعرضه لمعاناة وخسائر كبيرة بالمدينة شبه المهجورة الواقعة شرق دونيتسك، والتي باتت موقعاً لإحدى أكثر المعارك دموية وأطولها في تلك الحرب.

الناتو: روسيا تواجه صعوبة في باخموت

في السياق، أوضحت الأمينة العامة المساعدة لحلف الناتو بيبا براز (Baiba Braže)، في لقاء خاص مع “أخبار الآن“، أنّ “روسيا تواجه صعوبة كبيرة في باخموت”، مشدّدة على أنّ “فلاديمير بوتين ليس مقتنعاً بأنّ التوقف عن قتل الأوكرانيين وشعبه هو بداية الحل، يجب أن لا ننسى أنّ روسيا خسرت عشرات الآلاف على أرض المعركة. ما نراه من المخابرات والمصادر المتوافرة، وكذلك من المصادر الروسية والأوكرانية واضح تماماً، وهو أنّ روسيا تحاول السيطرة على باخموت منذ أغسطس الماضي ولم تتمكن من التقدم سوى لبضعة كيلومترات، كما أنّ روسيا لم تحقق أيّ تقدم استراتيجي يُذكر”.

وتابعت: “أوكرانيا تحقق نجاحاً في الدفاع عن باخموت وتقول إنّها ستستمر في القيام بذلك، ولا يمكن التوقع بما ستؤول إليه الأمور في المستقبل، لكن من الواضح أنّ بوتين لن يوقف الحرب، ولن يبدأ بمحادثات للسلام”.

ممثلة الناتو لأخبار الآن: بوتين يستعد لمزيد من الحرب

“الحلفاء متّحدون وملتزمون وسيستمرون في تقديم الدعم اللازم”

وكان الأمين العام لحلف الناتو  ينس ستولتنبرغ (Jens Stoltenberg) قال فى مؤتمر صحافي، إنّ حلفاء الناتو قدّموا 150 مليار يورو من الدعم العسكري والمالي والاقتصادي لأوكرانيا في العام الماضي، وأشار إلى أنّ 65 مليار يورو من ذلك الدعم كانت دعماً عسكرياً، مؤكّداً الحاجة إلى الاحتفاظ بمخزونات الأسلحة والذخيرة في الناتو ممتلئة أثناء دعم أوكرانيا. وتابع أنّه بالإضافة إلى زيادة إنتاج الصناعة الدفاعية، يواصل بعض حلفاء الناتو العمل على توفير مشتريات المشتركة.

وهنا تقول براز فى حديثها لـ “أخبار الآن” إنّ “هناك تنوعاً في المساعدات التي تُقدم، من مساعدات إنسانية ومادية وعسكرية، وتلك المساعدات تُقدم لأوكرانيا لكي تتمكن من أن تصبح دولة ديمقراطية ذات سيادة في أوروبا، ذلك هو جوهر الأمر، دعم القانون الدولي ودعم المواد المذكورة في ميثاق الأمم المتحدة، وذلك يتطلّب اتخاذ إجراءات معينة من قبل كلّ دول العالم، وفي ذلك الصدد الحلفاء متّحدون وملتزمون وسيستمرون في تقديم الدعم اللازم، ذلك الأمر لم يتغيّر”.

وتابعت: “الدول تريد أن تقدم أكبر قدر من المساعدة لأوكرانيا، لكن في الوقت عينه عليها أن تأخذ في عين الاعتبار أمنها الذاتي، لذا تتحقق تلك الدول دائماً ممّا إذا كانت تملك ما يكفي من الأسلحة للدفاع عن أنفسها عند الضرورة. إذاً ذلك هو وضع الصناعات الدفاعية حالياً، وهناك تنسيق كبير مع الإتحاد الأوروبي لأنّ لديه القدرة على تكثيف اتصالاته وإمداداته للتأكّد من أنّه يوجد ما يكفي للدفاع عن أنفسنا ولمدّ أوكرانيا بالمساعدات، إذاً هناك جهود مشتركة بين الحلفاء وبين دول العالم”.

تساؤلاتٌ كثيرة تطرح عن مصيرِ تلك الحرب في ظلّ الحديث عن وجوب الاستمرار في مدّ أوكرانيا بالذخيرة والأسلحة الثقيلة، وما تشير إليه المستجدات من أنّ بوتين يستعد لمزيد من الحرب وهجمات جديدة.

تقول براز لـ “أخبار الآن” إنّ “بوتين يستعد لمزيد من الحرب”، معتبرةً أنّ “روسيا تخفي فشلها بالقول إنّها لا تحارب أوكرانيا فقط، بل الناتو أيضاً”. وقالت: “من الواضح أنّ بوتين يُحضّر قوات جديدة، والمزيد من جنوده يموتون، والمزيد من معداته تُدمّر على يد القوات الأوكرانية. إنّ روسيا هي مَنْ تقوم بذلك العدوان، إنّها دولة مسلّحة نووياً تهاجم جاراً صغيراً  في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة وكلّ القوانين الدولية الموجودة. وتابعت: “روسيا تحاول أن تخفي ضعفها وفشلها في تلك الحرب من خلال القول إنّها لا تحارب أوكرانيا فقط، بل هي تحارب الناتو أيضاً وذلك كذب، إنّها إحدى الأكاذيب الروسية”.

ممثلة الناتو لأخبار الآن: بوتين يستعد لمزيد من الحرب

 

ماذا عن طلب عضوية كلّ من السويد وفنلندا؟

العام الماضي كانت السويد وفنلندا تقدمتا بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، لكنهما واجهتا اعتراضات من تركيا التي تقول إنّ البلدين يأويان أعضاء من جماعات تعدّها إرهابية. واستأنفت البلاد الثلاثة محادثاتها بشأن الانضمام للحلف في بروكسل الأسبوع الماضي. وأقرّت تركيا في اجتماع بروكسل، الأسبوع الماضي، بأنّ السويد وفنلندا اتخذتا خطوات ملموسة للتعامل مع النقاط التي تثير قلق أنقرة، واتفقت الدول الثلاثة على عقد مزيد من الاجتماعات في إطار مساعي الانضمام للحلف. مع  الإشارة إلى موافقة تركيا على  طلب فنلندا مؤخراً.

فى ذلك الصدد تقول براز: “من وجهة نظر التحالفات، كان كلا البلدين شريكين مزدوجين بالكامل على المدى الطويل، نحن عرفنا البلدين لسنوات طويلة وعملنا معاً على عدّة أصعدة، لذا عندما طلبا الإنضمام إلى الناتو وأن يصبحا من ضمن أعضائه، رحبت الدول المتحالفة كثيراً بالموضوع. وبالطبع تركيا كانت لديها بعض المخاوف تتعلق بالإرهاب، حصلت المحادثات بين الأطراف الثلاثة كجزء من المذكّرة الثلاثية بين فنلندا السويد وتركيا، والدول الـ28 الباقية كانت قد سبق وصدّقت على الطلب المقدّم من البلدين والأمين العام قد صرّح أن فنلندا والسويد قد أتمتا المتطلبات التي كانت جزءاً من المحادثات الثلاثية كجزء من المذكرة الثلاثية، وفي أسرع وقت سيتمّ التصديق على معاهدات الانضمام الخاصة بهما قانونياً”.

وأضافت: “من وجهة نظر القانون الدولي، فإنّ عضويتهما ليست مرتبطة ببعضها البعض، لذا سيعود الأمر إلى الدول وإلى الإجراءات لتقرير ما إذا كانت ستُقبل عضويتهما الواحد تلو الآخر أم معاً، لكن الأمر الأكيد هو أنّه يجب البت بالأمر بأسرع وقت ممكن لأنّهما سيكونان حليفين ممتازين وسيقويان صمودنا، وأعتقد أنّهما استوفيا المتطلبات الضرورية التي كانت جزءاً من المحادثات الثلاثية والحوار الثلاثي”.

ممثلة الناتو لأخبار الآن: بوتين يستعد لمزيد من الحرب

أمين عام الناتو والرئيس الأوكراني.. ما مدى إمكانية انضمام أوكرانيا للناتو؟ – AFP

الناتو: هدفنا أن تبقى أوكرانيا بلداً ديمقراطياً حرّاً ذات سيادة

وفي ختام حديثها لـ “أخبار الآن“، أوضحت براز أنّ دعمهم لأوكرانيا مستمر، وأنّ الشعب الأوكراني شبه متأكّد من أنّه سيربح الحرب، قائلةً: “لا أحد يعرف كيف ستنتهي تلك الحرب، من الواضح أنّ المجتمع الدولي يهمّه أن تبقى أوكرانيا بلداً ديمقراطياً حرّاً ذات سيادة بالرّغم من الهجوم الذي تشنّه روسيا، وأعتقد أنّ ذلك هو الهدف الأهم بالنسبة لنا جميعاً في كلّ مكان، كبشر كأفراد وكجماعات ودول ومنظمات حكومية، ولتحقيق ذلك تحتاج أوكرانيا إلى القدرة على الدفاع عن نفسها، لذا ستحتاج إلى مقوّمات عسكرية وإلى الإرادة والتصميم، وهنا يأتي دورنا كمجتمع دولي لتقديم كلّ الدعم الذي تحتاجه أوكرانيا وشعبها من خلال التبرعات وقنوات التواصل المختلفة”.

وتابعت: “كلّ شيء محل تقدير كبير ويخدم الغرض المشترك، وهو أن تبقى أوكرانيا دولة مستقلة ديمقراطية ذات سيادة، وقادرة على الدفاع عن نفسها، وعندما تنتهي الحرب وهي ستنتهي حتماً يوماً ما، لكنّنا لا نعرف كيف ستنتهي، لكنّنا نعلم أنّ الشعب الأوكراني شبه متأكد من أنّه سيربح الحرب، والقيادة الأوكرانية تشدّد على مواصلة السكان الدفاع عن أنفسهم حتّى يتمّ التوصل إلى سلام ذي مصداقية”.

بولندا أول دولة بـ”الناتو” ستزود أوكرانيا بمقاتلات

تجدر الإشارة إلى أنّ الرئيس البولندي أندريه دودا، أعلن الخميس الفائت، أنّه “من المقرر أن تزود وارسو أوكرانيا بـ4 طائرات مقاتلة من طراز (ميغ 29) في الأيام المقبلة، لتصبح بذلك أوّل دولة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تقوم بذلك. وكانت وارسو رائدة بين دول “الناتو” في إمداد كييف بالأسلحة الثقيلة، بما في ذلك المقاتلات السوفيتية التصميم.

ممثلة الناتو لأخبار الآن: بوتين يستعد لمزيد من الحرب

 

وقال دودا، في مؤتمر صحفي في وارسو، إلى جانب نظيره التشيكي بيتر بيفل: “عندما يتعلق الأمر بطائرة (ميغ 29)، التي لا تزال تشارك في الدفاع عن المجال الجوي البولندي، فقد تم اتخاذ قرار بإرسال طائرات إلى أوكرانيا”. وأضاف: “لدينا عشرات الطائرات التي حصلنا عليها في التسعينيات من ألمانيا، وتلك الطائرات تلعب دوراً في الدفاع عن مجالنا الجوي، وسوف نستبدلها بطائرات من كوريا الجنوبية وطائرات إف 35 الأمريكية”.

ويأتي ذلك الإعلان بعدما وافقت دول الناتو، في وقت سابق من هذا العام، على إرسال دبابات إلى أوكرانيا، وبعدها صعّد كبار المسؤولين الأوكرانيين ضغوطهم من أجل الحصول على طائرات إف 16 المقاتلة الأمريكية الصنع، بحجة أنّهم بحاجة إليها بشكل عاجل لمواجهة هجمات الصواريخ والطائرات من دون طيّار الروسية، لكن ذلك قوبل آنذاك بالتشكيك من قبل المسؤولين الأمريكيين والحلفاء الذين قالوا إن الطائرات ستكون غير عملية، لأنها تتطلب تدريباً كبيراً، ولأنّ روسيا لديها أنظمة مضادة للطائرات يمكن أن تسقطها بسهولة.

شاهدوا أيضاً: وزير خارجية أوكرانيا يكشف لأخبار الآن بنود “السلام المحتمل” مع روسيا.. ما هي؟