حتى الآن، تسير طالبان على أصداء السمعة السيئة التي اكتستبها بعد التجربة الأولى لها في السلطة، ومن هنا، فالقلق اليوم لدى الأفغان والعالم ليس غريباً، ويعتبر مبرراً خصوصاً مع تتبع سلوكيات طالبان بعد دخولها كابول منتصف أغسطس الماضي.

  • الأمم المتحدة: الوضع في أفغانستان خطير للغاية والوضع يتجه نحو الأسوأ
  • ثمّة احتمال أن يتجدد الصراع في أيّ لحظة والكثير من الناس خائفون جدّاَ
  • حجم الأزمات الإنسانية بأفغانستان هائل ويفوق قدرة استيعاب الجمعيات الإنسانية
  • وضع الغذاء مخيفٌ جدّاً و19 مليون شخص يعانون نقصاً حاداً في الغذاء
  • تقارير لدى الأمم المتحدة عن عمليات قتل تحصل واضطهاد للنساء والفتيات
  • تقارير عن عمليات قتل ثأرية من موظفين حكوميين سابقين أو أمنيين وغيرهم
  • كولفيل: على طالبان أن تضبط عناصرها وإلّا ستواجه صعوبة في تقبّل العالم لها

الخوف إذاً كبير على الحاضر والمستقبل، فيما تتوالى الأخبار والمعلومات عن ارتكاب طالبان انتهاكات لحقوق الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص، إضافةً إلى ممارسات قمعية وقتل في مناطق مختلفة، فيما الجوع يطرق أبواب الأفغان وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تتسارع خطواتها نحو الإنهيار. فما الحقيقة، وما صحة كلّ هذه المعلومات؟ ماذا عن انتهاكات حقوق الإنسان؟ ماذا عن الجوع؟

أخبار الآن أجرت لقاءً خاصاً المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان روبرت كولفيل، الذي قال إنّ “الوضع في أفغانستان خطير جدّاً، وقد تضافرت عدّة عوامل أوصلت الواقع إلى تلك المرحلة، كما أنّه كانت هناك إضطرابات في البلاد، إضافةً إلى مشكلة كوفيد – 19 مع قلّة وجود اللقاحات. والأهم هو الوضع الإقتصادي الذي يشارف على الإنهيار، وهذه العوامل المجتمعة تدق جرس الإنذار بقوة، ونتوقع أن يصبح الوضع سيئاً كاليمن أو أيّ بلد آخر في العالم”.

مسؤول أممي يكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.. وأرقام صادمة عن الجوع

حالة من الفوضى تشهدها الشوارع في افغانستان

وعن الوضع الأمني، لفت كولفيل إلى أنّ “من الناحية الإيجابية أنه لم يعد هناك صراع، ما يعني أنّ هناك سلاماً في عدة مناطق، والناس بإمكانها أن تتجوّل براحة أكبر خلافاً لما كان يحدث منذ عدّة شهور، لكنْ ثمّة احتمال أن يتجدد الصراع في أيّ لحظة”. لكنّه أشار إلى أنّ “متغيّرات كثيرة قد تحصل بعد سيطرة طالبان على كلّ الدولة، إذ أنّ الكثير من الناس خائفون جدّاَ، بسبب عملهم سابقاً في الحكومة أو الشرطة أو قوات الأمن ومع النساء، وكذلك كناشطين في مجال حقوق الانسان، فأكثرية الناس خائفون خصوصاً المثقفون في المدن الكبرى، ممّا قد تفعله طالبان معهم”.

وعمّا إذا كان فريق الأمم المتحدة ما زال متواجداً في أفغاستان ويعمل هناك، قال كولفيل لـ”أخبار الان: “نعم هناك الآلاف من موظفي الأمم المتحدة يعملون في الجمعيات الإنسانية في كلّ أنحاء البلاد، ومعظمهم من الأفغان، وأغلبهم يستطيعون العمل ويعملون خصوصاً في قطاع الصحة، وتوصيل الطعام”، مضيفاً: “لكنّ حجم الأزمات الإنسانية هائل جدّاً، وهو يفوق قدرة استيعاب الجمعيات الإنسانية بطاقاتها الموجودة، بالرغم من أنّ أغلبية الموظفين يعملون”.

وضع الغذاء في أفغانستان مخيف.. وشتاء أفغانستان سيزيد الطين بلّة

وأفاد المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة بأنّ “وضع الغذاء مخيفٌ جدّاً. واستناداً على أرقام جديدة ترتكز على دراسات أجريت في الأسابيع الماضية، فإنّ نصف عدد السكان 19 مليون شخص، يعاني من نقص حاد في الغذاء، وذلك يعني أنّهم لا يحصلون على الطعام، وهناك زيادة مذهلة بنسبة 24 %”.

وأضاف: “منذ شهر مارس، ثمّة مليون طفل تحت سنِّ الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، وتلك خطوة قريبة جدّاً من المجاعة. وفي الوقت نفسه، هناك سعر القمح الذي ارتفع 28 %، وربّما أكثر الآن منذ 15 أغسطس (في غضون شهرين فقط ارتفع 28 %)”، مشيراً إلى أنّه “بالتوازي مع الأسعار المرتفعة، ثمّة نقص في السيولة، إذ أنّ العديد من المواطنين لا يمكنهم سحب أموالهم ومدخراتهم”.

مسؤول أممي يكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.. وأرقام صادمة عن الجوع

ضحايا الفوضى والانتهاكات العشوائية والتوترات الأمنية في أفغانستان

وأردف أيضاً أنّ “الكارثة الغذائية كبيرة جدّاً، وهناك مشكلة النقص في إنتاج المواد الغذائية، ولذلك طلبت الأمم المتحدة مبلغ 600 مليون دولار لتغطية الحاجات الملحّة، والتي وعدت بها في 13 سبتمبر، وحتى الآن حصلنا على 45 %، وفي الواقع في الأيّام العادية هذه نسبة جيّدة، 45 %، خلال شهر ونصف الشهر، لكن الحاجات طارئة وملحّة، والوقت يمر، فشتاء أفغانستان قاس جدّاً، وإذا لم يوزّع الغذاء قبل موسم الثلوج، سيكون وضع السكان في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها كارثياً”.

تقارير عم عمليات قتل

وكشف كولفيل لـ”أخبار الآن” أنّ الأمم المتحدة تتلقى “تقارير عن عمليات قتل تحصل ليس بأعداد كبيرة”، مشيراً إلى أنّه “حتى الآن الصورة غير مكتملة، لا نعرف ما إذا كانت تلك سياسة طالبان أن تقتل الناس بهذه الطريقة، أم أنّها أعمال ثأرية محلية، أم أنّها حركة طالبان، أو بعض الأعضاء المنتمون إلى طالبان، هناك فرق”.

وأضاف: “أيضاً هناك تقارير عن وضع اليد على الممتلكات، استهداف الأقليات العرقية كالهزارة والشيعة، وطبعاً أخبار كثيرة عن اضطهاد النساء والفتيات، وتلم الأخبار منتشرة بكثرة، وهي مقلقة للغاية، فالفتيات لا يمكنهم الذهاب إلى المدرسة، ففي بعض المقاطعات، نحو 6 مقاطعات، الفتيات يذهبن إلى المدارس في كلّ المراحل لتلقّي العلم، أمّا في 27 مقاطعة المتبقية، فإنّ الأمر إمّا غير واضح، وإمّا الفتيات لا يستطعن الإلتحاق بالمدارس الإبتدائية في بعض الأماكن لا يمكنهم ذلك حتى، هذه مشكلة التعلّم”.

وتابع: “هناك أيضاً موضوع حرية تحرك النساء، فهن لا يستطعن الخروج أو الذهاب إلى المتاجر، مجدّداً صورة مختلطة، ففي بعض المناطق النساء تخاف أن تغادر المنزل حتى لشراء الحاجيات الأساسية كالطعام مثلاً إذا استطعن دفع ثمنه”.

مسؤول أممي يكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.. وأرقام صادمة عن الجوع

يصعب على الأفغان تلقي الرعايةالصحية اللازمة في وقت تشهد البلاد واقعاً مريراً جراء انهيار المنظومة الصحية. UNICEF

وقال المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “هذا بلد أعرفه جيّداً، فقد زرت معظم المناطق في أفغانستان، طبيعة البلد جبلية وهناك العديد من المناطق التي لا توجد فيها طرقات، ومن الصعّب جدّاً التنقل فيها، لذا من الصعب جدّاً أن تعرف ما الذي يجري في كلّ أنحاء البلد حتى، وطبعاً الأمر ازداد صعوبة الآن، الناس الذين يراقبون الوضع في البلد يتحدثون عن انتهاكات لحقوق الإنسان، الشبكات المحلية المنظمات غير الحكومية الناشطون المحليون، العديد منهم خائف جدّاً، وبعضهم غادر البلد والبعض الآخر لا يتحرك كثيراً. نأمل أن تكون هذه الإنتهاكات موقتة، وأن تضعف وتختفي، ولهذا ليس لدينا صورة واضحة عمّا يجري فعلاً في البلد”.

وعمّا إذا كان بإمكان الأمم المتحدة أن تقابل ضحايا الإنتهاكات، أجاب كولفيل: “إلى حدّ ما طبعاً يمكنك أن تقابل الضحايا شخصياً أو إفتراضياً عبر الإنترنت إذا كان لديهم إنترنت، أو وصول إلى خطِّ هاتف خلوي، لكن الناس خائفة من أن تكون مراقبة وما إلى ذلك، حتى الأشخاص الذين سيقابلون الضحايا خائفون أيضاً”.

مسؤول أممي يكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.. وأرقام صادمة عن الجوع

جانب من الطرود الاغاثية التي وزعت على النازحين الافغاني داخل البلاد

وأضاف: “الناشطون في مجال حقوق الإنسان، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة المهتمون بالشؤون الإنسانية، الوضع أصعب بالنسبة لهم ممن يعملون في توزيع الأدوية أو الطعام مثلاً، فهؤلاء لا يشكلون خطراً على من يقوم بالإنتهاكات. إذاً الحفاظ على حقوق الإنسان صعب جدّاً حالياً في تلك المنطقة، ونأمل أن يتحسّن الوضع هناك، هناك عدد كبير من الشجعان والملتزمين في أفغانستان، لذا أعتقد أن التبليغ عمّا يحصل سيتحسّن، لكن الوضع صعب الآن”. ودعا إلى وجوب أن “يكون المرء حذراً جدّاً في ما يخصّ الصور وأفلام الفيديو والصور الفوتوغرافية، لأنّ هناك الكثير من المعلومات الخاطئة من كلّ الجهات”.

مسؤول أممي يكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.. وأرقام صادمة عن الجوع

مساعدات غذائية يتلقاها الافغان من المنظمات الانسانية. UNICEF

وأردف: “طبعاً هناك انتهاكات تحصل لكن من الصعب تحديد ما إذا كان الحدث واقعياً، أم أنّه أُخذ من وقت سابق من دون القيام بتحقيق، فهناك مثلاً صور نشرت من الفترة الماضية التي احتلت فيها طالبان أفغانستان في العام 1990، لذا علينا أن نكون حذرين جدّاً في نشر الصور والأفلام، وفي نقل الإشاعات والأخبار قبل التأكّد من صحتها”.

وعن كيفية عمل فريق الأمم المتحدة في أفغانستان، قال كولفيل: “لا أريد التحدّث كثيراً عن فريقنا من أجل حمايتهم، لكن بشكل عام من الصعب مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان التي تحصل في أفغانستان، لا يتعرض السكان كثيراً للهجوم أو الضرب أو التهديد على الأقل بشكل عام، لكن طبعاً هناك حالات فردية، إنّما هناك خوف كبير خوف ممّا قد يحصل، فطالبان قطعت الكثير من الوعود عندما سيطرت على البلاد، تعهّدت بأن تسمح لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بالقيام بعملهم من دون أيّ عوائق، وذلك طبّق فعلاً في بعض الحالات”.

مسؤول أممي يكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.. وأرقام صادمة عن الجوع

توزيع المساعدات الانسانية للافغان أمام عدسات الكاميرا يتسبب لهم بالخجل

وأضاف: “عدد من الموظفين يقومون فعلاً بعملهم خصوصاً في ما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، لكن في مناطق أخرى السكان يتعرضون للمضايقات على نقاط التفتيش، النساء تتعرضن للمضايقات في بعض المناطق فقط لأنّهن خرجن من بيوتهن من دون محرم، إذاً مجدّداً إنّها صورة معقّدة جدّاً، وهناك أمور تحدث فعلاً، وهناك خوف من أمور قد تحدث، وذلك خوف مبرر لأنّ سياسات طالبان ما زالت غير واضحة، وما إذا كانت قادرة فعلاً على السيطرة على كلّ هؤلاء الناس، وإنْ كان الناس قادرين على فهم وضع طالبان الحالي”.

النساء في أفغانستان يعشن خوفاً كبيراً

وأشار كولفيل إلى أنّ “النساء في أفغانستان يعشن خوفاً كبيراً خصوصاً بعد النقلة الكبيرة التي حققنها في السنوات الـ 20 الماضية. فمثلاً في العام 1980، 26 % من أعضاء البرلمان كانوا من النساء، لكن الآن في الإدارات الداخلية لطالبان يوجد صفر نساء. في السابق كانت هناك وزيرات ونائبات وسفيرات وموظفات كبار في الدولة، وطبعاً عدد كبير من المعلّمات… إذاً تلك نقلة كبيرة تؤثّر على نصف السكان، أو من المحتمل أن تؤثّر على نصف السكان، فكما ذكرت النساء الريفيات أقل تأثراً ويوجد خوف كبير بين النساء خصوصاً المتعلمات اللواتي ينتمين إلى المجموعات الحضرية. مئات الآلاف قد فروا، حوالي 400 أو 500 آلاف أفغاني فرّوا في الأسابيع الماضية. لا نشهد الآن حركة مغادرة كبيرة من البلد حالياً، ولكن من المحتمل أن نشهد ذلك إذا تدهورت الأوضاع الإنسانية وبدأ الناس يجوعون، عندها سيغادرون ولن يكون أمامهم خيار آخر”.

مسؤول أممي يكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.. وأرقام صادمة عن الجوع

كبار السن يرفضون الظهور أمام عدسات الكاميرا أثناء تسلمهم للمساعدات

وبشأن الأخبار والمعلومات عن الإنتهاكات التي تشهدها أفغانستان، قال كولفيل: “هناك تقارير عن حالات قتل فردية، ومعظمهم موظفون حكوميون سابقون أو في جهاز الأمن وغيرها. من الصعب التحقق من الأمر راهناً لأنّ الواقع يختلف عمّا كان عليه في السابق، إذ كان بالإمكان في الأيّام العادية، أن نقصد المكان ونتحدث إلى الناس وكذلك نقاطع المعلومات من أكثر من مصدر واحدة”.

وأردف: “نحن نحاول التحقّق من هذه المعلومات لكن ذلك يستغرق وقتاً، وفي بعض الحالات لا نصل إلى الحقيقة إبداً، خصوصاً إذا حصل الأمر في المناطق النائية، وطبعاً نحاول أن نضغط كي نتأكّد أنّها لن تتكرر. ومن الواضح أنّ طالبان تريد أن يتقبلها المجتمع الدولي، وبالتالي عليهم ضبط عناصرهم إذا كانوا يرتكبون الجرائم بحقّ المدنيين والناس، عليهم أن يحاسبوا، إذا كانت طالبان لا تستطيع ضبط عناصرها، فسيواجهون الكثير من المتاعب ليتقبلهم المجتمع محليّاً ودوليّاً”.

مسؤول أممي يكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.. وأرقام صادمة عن الجوع

امراة افغانية تتسلم مواد غذائية في ظل تدهور الأوضاع

وعمّا إذا كان لديه تاريخ محدّد لصدور تقرير الأمم المتحدة بشأن إنتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان، قال: “لا يمكنني أن أحدد متى سيصدر هكذا تقرير، لكن كنّا نقدم تقارير دورية في أفغانستان، قبل 15 أغسطس كنّا نقدم تقارير بصورة منتظمة 4 مرّات في السنة، عن الجرحى المدنيين مثلاً، وكنّا نحاول تحديد المسؤوليات… نعم عمليات التتبع وإعداد التقارير ستستمر، لكن بصعوبة كبيرة لأنّ الحصول على معلومات دقيقة عن أحداث معينة ليس بالأمر السهل، ونحن بحاجة إلى هذه المعلومات لأنّه لا يمكننا أن نعد التقارير استناداً إلى الشائعات أو التقارير الإعلامية لأنّها في معظم الأحيان لا تكون صحيحة”.

وردّاً على سؤال حول تقارير الأمم المتحدة التي تصدر ولا توصل إلى أي مكان، أشار إلى أنّ ذلك لا ينطبق فقط على أفغانستان، بل على حالات أخرى أيضاً. هناك نظام قانوني واضح، قوانين دولية، قوانين محلية، وهذه القوانين المحلية يجب أن تجسّد القانون الدولي. وأفغانستان من الدول الموقّعة على العديد من الإتفاقيات، وكل مَنْ يحكم البلاد يجب أن يلتزم ببنود هذه الإتفاقيات. هناك اتفاقية مناهضة للتعذيب، وذلك أمر واضح جدّاً، فإذا قام أحد مواطنيك بتعذيب أحد، يجب أن تعتقله وتُحضر الدليل وتسوقه إلى المحاكمة، ويجب أن يأخذ العقاب المناسب لهذه الجريمة في حال ثبتت التهمة”. إذا لم تقم بذلك، فأنت لن تعطي حافزاً للناس للإنصياع للقانون، وذلك سيؤدّي إلى الفوضى، لذا من المهم جدّاً لطالبان أن تراقب تطبيق القوانين، وإلّا فإنّ السكان لن يثقوا بهم”.

 

مسؤول أممي يكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.. وأرقام صادمة عن الجوع

ظروف صعبة يعيشها أطفال أفغانستان في ظل انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة

وختم بالقول: “لقد غطيت أحداث أفغانستان لنحو 30 سنة، قصدتها أوّل مرّة في العام 1994 عندما كان الجهاديون يتحاربون في كابول، ومئات آلاف المواطنين يهربون عبر الحدود إلى دول أخرى. ثمّ مرّت بفترة صعبة عندما استلمت طالبان السلطة أوّل مرّة في العام 1996، عندما احتلت كابول حتى العام 2001، ومرّ عقدان كانت الأوضاع سيّئة جدّاً، والعديد من الأمور لم تتطور كما يجب، لكن بالرغم من ذلك حصل بعض التقدم في مجالات عدة.

مسؤول أممي يكشف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.. وأرقام صادمة عن الجوع

الدخان يتصاعد بعد انفجار شهدته إحدى المناطق في أفغانستان

قصدت كابول بعد شهر من احتلالها من قبل طالبان في العام 1996، كانت مدينة ميتة لم تكن فيها حياة، المحلّات مقفلة، التجارة معدومة، كانت فقط سيارات طالبان العسكرية المحمّلة بالصواريخ تجوب الشوارع، وكان الناس مذعورين ولم تكن ترى نساءً في الشوارع.

ثمّ ذهبت إلى هناك في العام 2014 كانت مدينة مزدهرة، كانت هناك مشاكل أمنية ضخمة، لم أرَ مثل هذه الجبال من الرمال، وأوذونات العبور وغيرها، كل ذلك بسبب عمليات الهجوم بالقنابل والإغتيالات، لكن المدينة كانت مزدهرة، وكانت الفتيات من كلّ الأعمار يذهبن إلى المدارس وهن يرتدين زي المدرسة، والأسواق كانت ممتلئة وتضج بالحياة. أذكر أنّني رأيت محلاً يبيع غيتاراً كهربائياً، وكان ذلك رائعاً بعد الذي شاهدته في التسعينيات.

لا أعتقد أنّنا سنعود إلى ما كنّا عليه في نهاية التسعينات، إنّنا نرى الناس تفقد الأمل، وهناك خوف كبير والإقتصاد يتهاوى، ولا توجد سيولة والناس لا يستطيعون سحب مدّخراتهم، وهم يبيعون بيوتهم وممتلكاتهم، والأسعار تتهاوى، السكان يبيعون ثلاجاتهم وأفرانهم وكلّ ما يملكون ويحضّرون أنفسهم للرحيل، للفرار بسرعة إذا أتيحت لهم الفرصة.

إنّ ذلك وضع كارثي ومحزن جدّاً لأنّ ذلك البلد رائع، وقد قضيت أوقاتاً ممتعة في القرى الأفغانية، السكان طيبون، كرماء، مضيافون، يائسون، لقد تأذّوا كثيراً ممّا فعله بهم قاداتهم على مدى أكثر من 40 سنة، وذلك أمر محزن جدّاً لأنّهم يستحقون أفضل من ذلك بكثير. ليس مستحيلاً، الأوضاع يمكنها أن تتحسن، الأمر الآن منوط بطالبان، هذه فرصتهم ليثبتوا أن بوسعهم أن يحكموا بطريقة جيّدة، نظيفة، واضحة وإنسانية، وذلك سيكون صعباً عليهم”.

شاهدوا أيضاً: يوم استفاقت كابل على رعب طالبان