تواصلُ ليتوانيا المضي قدماً في طريقِها غير آبهة لموقفِ الصين منها، وهي تفضل العلاقات مع تايوان وغيرها، على تلك الصينية، لأسباب كثيرة ومتعددة، تبدأ من حجم التبادل الاقتصادي وسلوكيات الصين العدائية، ولا تنتهي بخلفيات حقوق الإنسان، وما ترتكبه الصين من جرائم بحق أقيلة الإيغور في شينجيانغ.

  • دعم كبير لليتوانيا من قبل الإتحاد الأوروبي في موقفها تجاه الصين 
  • أندريكيانيه: ما نشهده في العالم اليوم هو الديمقراطية ضدّ اللا ديمقراطية
  • أندريكيانيه: أتفهّم لماذا لم يعجب الصين موقفنا الذي اتخذناه من المجزرة بحق الإيغور
  • أندريكيانيه: بالنسبة لنا الديمقراطية ليست مجرّد شعار وحقوق الإنسان ليست مجرد شعار
  • أندريكيانيه: الصينيون لا يتحدثون عن التوازن بل عن الهيمنة وذلك غير مقبول إطلاقاً
  • أندريكيانيه: نحن أحرار وسندافع عن حريتنا مهما حصل ولن نغيّر موقفنا بشأن تايوان 

فما هي آخر التطورات في هذا الملف؟ وما هي تحفظات فيلنيوس تجاه بكين؟ هل ترى ليتوانيا أنّ لانقطاع العلاقات تأثيراً سلبياً عليها، وما هي الخطوات التالية، وأين يقف الإتحادُ الأوروبي اليوم من الصين؟

أخبار الآن استضافت في لقاء خاص النائبة في البرلمان الليتواني، ليما اندريكيانيه، وهي كذلك نائبة رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا. وقد لخّصت في البداية تفاصيل الأزمة مع الصين، قائلةً: “باختصار في شهر آذار لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الليتواني، والتي أنا عضو فيها، اتفقت على أن تترك ليتوانيا جلسات الحوار 17 + 1، هذه الصيغة التي وضعتها الصين للبلاد التي تقع في وسط وشرق أوروبا. وفي مايو وزير خارجيتنا غابريليوس لاندسبيرغيس صرح بأنّ ليتوانيا ما عادت تعتبر نفسها عضواً في صيغة الحوار 17 +1، ولن تشارك في هذه المبادرة”.

وتابعت: “الخطوة التالية أو الحدث التالي الذي لفتت الصين الإنتباه إليه، كان معلومات وُزعت، وإذا لم أكن مخطئة في شهر أغسطس الماضي، تقول إنّ الحكومة الليتوانية أعطت موافقتها على فتح مكتب تمثيلي تايواني في ليتوانيا، وقامت الصين فوراً باستدعاء سفيرها وأصرّت على عودة سفيرتنا إلى فيلنيوس، حيث هي موجودة الآن”.

وقالت إنّ ليتوانيا حالياً تراقب ما يجري ونحن نفكّر بكل الأمور، لكنّنا لم نأخذ قرارنا بعد. وفي البرلمان الليتواني نحن نعمل بجهد لتعويض خسارتنا لكي نجهز كلّ شيء من أجل افتتاح مكتبنا الإقتصادي و التجاري في تايوان”.

 

وأضافت النائية الليتوانية: “أنا لست متفاجئة كثيراً من الوضع الحالي، إنّ ليتوانيا بلد ديمقراطي، إذا عرفت ماضي ليتوانيا وتاريخنا، أنا مَنْ وقّع على استعادة الإستقلال. لمدّة 50 عاماً كانت ليتوانيا محتلّة من قبل الإتحاد السوفياتي، لذا أنا واحدة من الذين صوّتوا لاستعادة الإستقلال. وبالنسبة لنا الديمقراطية ليست مجرّد شعار، وحقوق الإنسان ليست مجرد شعار، وسياستنا الخارجية تقوم بالإجمال على القيم، ونحن مستعدون للتعاون مع كلّ الأنظمة الديمقراطية في العالم”.

“ما نشهده في العالم اليوم هو الديمقراطية ضدّ اللا ديمقراطية”

وأردفت قائلة: “هذه الأمور مهمّة جدّاً بالنسبة إلينا، وبالنسبة لجمهورية الصين الشعبية، فهم لديهم مواقف مختلفة وقيم مختلفة، لذلك هناك هوّة بيننا وذلك واضح ومنطقي، وأتفهّم لماذا الصين لم يعجبها موقفنا الذي اتخذه البرلمان الليتواني من المجزرة التي حصلت بحق الإيغور. أعتقد أنّنا اتخذنا ذلك الموقف في أبريل من هذه السنة بأصوات الأغلبية التي أيّدت ذلك القرار، لذلك لا تتفاجئوا، فما نشهده في العالم اليوم هو الديمقراطية ضدّ اللا ديمقراطية”.

مسؤولة ليتوانية رفيعة المستوى ترفع سقف التحدي مع الصين إلى أعلى مستوياته

النائبة الليتوانية ليما اندريكيانيه برفقة إريك هوانغ رئيس بعثة تايوان في ريغا

وقالت لـ “أخبار الآن“: نحن ندافع عن حقوق الإنسان التي نعتبرها مهمّة جدّاً بالنسبة إلينا، ليس فقط حقوق الانسان بل الديمقراطية… حقوق الإنسان، تطبيق القانون، أنا لا أتحدث معك بصفتي عضواً في البرلمان الليتواني فقط، أنا أيضاً نائبة رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، المؤسسة التي تجمع 47 بلداً في العالم. إذاً الأمر لا يتعلق بنا، حقوق الإنسان ليست مهمّة لنا فقط، بل هناك عدّة بلدان في العالم تحافظ على حقوق الإنسان، وتركّز على حقوق الإنسان وتحارب من أجل حقوق الإنسان عندما تبحث عن شركاء وحلفاء وهكذا”.

“الصين بلد ضخم لكنّها من وجهة نظرنا صغيرة، وسندافع عن حريتنا مهما حصل”

وفي إطار تعليقها على حجم تأثير الأزمة على اقتصاد ليتوانيا، ردّت بالقول إنّ “الصين بلد ضخم، لكن هل تصدق أنّ عائداتنا من التجارة مع الصين في العام 2020 بلغت فقط 1.5 مليار يورو، وصادراتنا إلى الصين بلغت نحو الـ 300 مليون يورو، واردات الصين إلى ليتوانيا بلغت 1.2 مليار يورو، إذاً الصين بلد ضخم لكن وفي نفس الوقت من وجهة نظرنا، الصين صغيرة”.

وتابعت: “هل يمكنك أيضاً أن تتخيّل أنّ رجال الأعمال الليتوانيين استثمروا في الصين أكثر ممّا استثمر الصينيون في ليتوانيا، وحجم الإستثمارات الأرقام صادمة. إذاً عندما انضمّت ليتوانيا إلى 17 +1 بالطبع كانت لدينا توقّعات، فهناك حكومة أخرى، حكومة مختلفة في البلاد، لكن توقعاتنا كانت عالية ومشاركتنا في 17 + 1 التي هي الآن 16 + 1، لم تحقق هذه التوقعات، وفي الوقت نفسه، تلك المنطقة اليابان، سنغافورة، كوريا الجنوبية.. هذه المنطقة من العالم مهمّة جدّاً بالنسبة لنا، وهم يريدون توسيع نطاق وجودنا هناك، ويودّون تطوير تعاوننا.

 

إنّها أفضل بلاد في المنطقة، ثمّ تأتي تايوان كشريك منطقي في المنطقة، وقلت سابقاً نحن سبق واتخذنا قرارنا، نحن مستعدون للتحاور مع جمهورية الصين الشعبية، لكنّنا لن نعيد النظر بقرارنا بتبادل المكاتب الإقتصادية والتجارية مع تايوان، ونحن سنحذو حذو 18 عضواً في الإتحاد الأوروبي، ومن المحتمل أكثر الدول التي لديها مكاتب إقتصادية وتجارية في تايبيه في تايوان، وحتى هناك أمثلة أخرى، فمثلاً الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة لديهما مكاتب مشابهة وديبلوماسيون بالنسبة لنا فإنّ وزارة الإبتكار والإقتصاد هي التي ستعيّن رئيس مكتبنا التمثيلي الإقتصادي والتجاري في تايوان.”.

“على القادة الصينيين إعادة النظر بمواقفهم وبالرسائل التي يبعثون بها إلى العالم”

وعن الخطوة التالية التي منالممكن أن تتخذها ليتوانيا، قالت اندريكيانيه: “ننتظر الآن وفداً من رجال الأعمال الذي يجب أن يصل إلى ليتوانيا خلال هذا الشهر، سيأتون إلى أوروبا سيزورون 3 دول من الإتحاد الأوروبي، وليتوانيا واحدة منها، وطبعاً مجتمع الأعمال في ليتوانيا ينتظر هذا الوفد حاملاً اقتراحات عملية جدّاً، ونحن لا نريد فقط أن نقيم حفلات استقبال لرجال الأعمال التايوانيين، ولكن نريد محادثات بنّاءة عمّا يمكن فعله، وما إذا كانت هناك مصالح مشتركة  لتطوير علاقاتنا الإقتصادية والتجارية، نحن نتحاور ونتوقع حصول إستثمارات تايوانية في ليتوانيا، وذلك التعاون سينمو وآمل أن ننجح”.

 

 

وأضافت: “أعتقد أنّ الإتحاد الأوروبي ليس بعيداً عن ذلك إذا أخذنا في الحسبان الإتفاق الشامل بشأن الإستثمار الذي تمّ التفاوض حوله بين جمهورية الصين الشعبية والإتحاد الأوروبي، إذا لم أكن مخطئة لـ7 أعوام قد تجمّد الآن، وقد قال البرلمان الأوروبي بوضوح إنّه إلى أن تُرفع العقوبات المفروضة على السياسيين الأوروبيين، بمن فيهم أعضاء البرلمان الأوروبي، ليس هناك أيّ مجال لوضع هذا الإتفاق على جدول أعمال البرلمان الأوروبي أو المصادقة عليه. أعتقد أنّ ثمّة هدفاً هو السيطرة على العالم، خلال اجتماع كتلتهم النيابية، اجتماع حزبهم الأخير الحزب الشيوعي في الصين، أعلنوا بصراحة أنّهم يريدون أن يحكموا العالم، وهم لا يتحدثون عن التوازن، بل يتحدثون عن الهيمنة، وهذا غير مقبول على الإطلاق سواء من الإتحاد الأوروبي أو دول الإتحاد الأوروبي، وأنا متأكّدة من الولايات المتحدة أيضاً. إذاً القادة الصينيون يجب أن يعيدوا النظر في  مواقفهم وفي الرسائل التي يبعثون بها إلى العالم، نحن أحرار وسندافع عن حريتنا مهما حصل، ولن نغيّر موقفنا، ليتوانيا كانت محتلة لخمسين عاماً من قبل الإتحاد السوفياتي، ونعلم ما معنى أن تكون محتلّاً من حزب شيوعي وديكتاتوري إذا شئت ولن نعود أبداً إلى ذلك وسنستعين بكلّ….. حلفائنا لنتجنب ذلك”.

 

وحول ردّة فعل الإتحاد الأوروبي بشأن موقف ليتوانيا بالإنسحاب من لجنة 17 + 1 وموافقتها على افتتاح مكتب تمثيلي تايواني في ليتوانيا، قالت: “لقد تلقينا دعماً كبيراً من الإتحاد الأوروبي من نائب رئيس المفوضية الأوروبية، ومن الممثل السامي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب بوريل وغيرهم من الأوروبيين البارزين بينهم أيضاً الأمين العام السابق لحلف شمالي الاطلسي اندرس فوغ راسموسن والدول الأعضاء من منطقتنا، ومن دول اخرى من الإتحاد الأوروبي البعيدين عنّا،  وآخر اجتماع للإتحاد الأوروبي ناقش أيضاً العلاقات بين الصين والإتحاد الأوروبي ورئيسنا جينتاناس نوسيدا تحدث مجدّداً وقال إنّ كلّ هذه الصيغ التي وضعتها الصين ليست جيّدة إطلاقاً، وعلينا أن نركز على 27 + 1، 27 عضواً من الإتحاد الأوروبي والصين، وفي الماضي المستشارة الالمانية انجيلا ميركل اقترحت أن تنعقد قمّة وفق هذه الصيغة، والآن رئيسنا كما تعلمون يعيد طرح نفس الصيغة ويدفعها قدماً، وهذا سيساعد كثيراً أعضاء الإتحاد الأوروبي الـ 27 والصين يجلسون على طاولة واحدة يناقشون علاقاتنا، ومستقبلنا المشترك”.

 

وعن الموقف الذي ستتخذه ليتوانيا في حال زاد ضغط الصين، أوضحت بالقول: “نحن نشعر أنّ هناك ضغوطات من جمهورية الصين الشعبية، فخطوط السكك الحديدية التي تربط فيلنيوس وطريق الصين الواحد والحزام الواحد توقفت، مصدرو الطعام الليتوانيين يتعرضون للضغوطات، لكن أنا سبق أن ذكرت ذلك، تخيّل أنّ ليتوانيا التي يبلغ عدد سكانها أقل من 3 ملايين نسمة، استثماراتنا في الصين أكبر بكثير من إستثمارات الصين في ليتوانيا، وكما ذكرت سابقاً أيضاً الصين الضخمة، صغيرة هنا لذا الأمر يعود إلى القيادة الصينية لتفكر لماذا حصل ذلك”.

 

وشددت على أنّ “ليتوانيا واثقة من أنّها على حق، ولن نعيد التفكير في قرارنا وسنفتتح مكتبنا الإقتصادي والتجاري في تايوان، ونحن نرحّب بالمكتب التمثيلي التايواني في ليتوانيا، ونتطلع إلى تطوير علاقاتنا الاقتصادية والتجارية، وليس فقط مع تايوان لكن مع دول أخرى في المنطقة كما قلت سنغافورة، كوريا الجنوبية اليابان وغيرها،  وهذه هي وجهة نظرنا، هكذا نرى الوضع، هكذا نرى مهمتنا مهمة الحكومة الحالية، هكذا نرى مهمتنا أن نعطي دافعاً جديداً أن نجعل اقتصاد بلدنا ينمو وأن يصبح لدينا شركاء جدد من مختلف أنحاء العالم وليس فقط من الدول المجاورة في منطقتنا”.

وختمت اندريكيانيه حديثها لـ “أخبار الآن“: العاشر من أوكتوبر كان يصادف اليوم الوطني في تايوان، لذا أودّ أن أرسل تحياتي الحارة لتايوان وشعبها، وإلى رئيس البلاد، ومجلس النواب والحكومة، وأتمنّى البقاء الطويل للجمهورية الصينية وتايوان، وبحسب ما علمت فإنّ بيان الأمس قد صدر فقط لمناسبة اليوم الوطني التايواني”.

شاهدوا أيضاً: نائب ليتواني للصين: لا نرضخ ولن نتراجع