أخبار الآن | الغوطة الشرقية – سوريا (محمّد صلاح – عامر الموهباني)

تعرضت مدينة سقبا في غوطة دمشق الشرقية لقصفٍ جويّ ظهر الثلاثاء الرابع من أبريل استهدف حياً سكنياً وسط المدينة ما أدى إلى انهيار مبنىً من أربعة طوابق فوق رؤوس قاطنيه.

المبنى الذي تقطنه سبعة أسر كان فيه ستة عشر شخصاً لحظة القصف الذي أسفر عن تدمير البناء بشكل تام وحوّلهم إلى جثثٍ ومصابين عالقين تحت الأنقاض، ما دفع الدفاع المدني السوري إلى البدء بعمليات البحث والإخلاء التي استمرت أزيدَ من ثمان عشرة ساعة متواصلة وانتهت بانتشال جثث تسعة قتلى جميعهم نساء وأطفال وإنقاذ حياة سبعة آخرين كانوا عالقين تحت الأنقاض بينهم طفلة وخمس نساء.

عمليات البحث كانت بالغة الصعوبة إذ استمر تحليق الطائرات في أجواء الغوطة كما أنّ تجمّع ذوي العالقين وأقاربهم جعل المشهد مؤثراً للغاية وزاد الضغط على أفراد الدفاع المدني الذين قاموا بالعمل ويبلغ عددهم خمساً وعشرين عنصراً إضافةً إلى عشرات المتطوعين من أهالي المدينة.

مشاهد إنسانية كثيرة رافقت عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض فبعد أكثر من تسع ساعات من البحث المتواصل ودون القدرة على الوصول إلى أيٍّ منهم يأتي صوت إحدى النساء العالقات وهي تنادي: "نحن هون نحن هون ساعدونا" ليردّ عليها أفراد الدفاع المدني: "إي يا أختي سامعك، شدي حيلك رح نوصل لعندك" ويبدؤون مجدداً بفتح منفذ نحو العالقات وكنّ ثلاث نساء وطفلة محتجزات في حيّز ضيّق من البناء لا يجاوز المتر المربع لينادي والد الطفلة "جنى خميس" ابنته عبر المنفذ: "لا تخافي يا بابا أنا هون" ويبدأ بمداعبتها لتخفيف أهوال ما هي فيه وتكون الطفلة أولّ من يستخرجه عناصر الدفاع المدني من تحت الأنقاض لتخرج وتعانق أباها "إياد خميس" رئيس المجلس المحلي لمدينة سقبا، في مشهدٍ أجبر جميع الحاضرين على البكاء فرحاً، لتستمر بعدها عمليات الإنقاذ ويتمكن أصحاب القبعات البيض من إنقاذ من تبقى حيّاً تحت الأنقاض وانتشال القتلى.

يقول "خالد" القاطن في مبنىً مجاور للمبنى المقصوف والبالغ من العمر واحداً وعشرين عاماً: "حين انفجرت الصواريخ أحسسنا وكأنّ زلزالاً ضرب المنطقة من شدة ضغط الانفجار، هرعنا إلى مكان الانفجار لكن المشهد كان صادماً، طوابق البناء كلّها صارت رُكاماً، لم نشاهد جثث جيراننا فقد كانوا تحت ركام المبنى، قست قلوبنا وبدأنا رفقة الدفاع المدني الذي لم يتأخر بالوصول برفع الأنقاض علّنا نعثر على أحدٍ ما لا زال حيّاً، لم يكن في المبنى سوى النساء والأطفال، فالرجال كلٌّ في عمله، حين وصلهم الخبر سارعوا على الفور كي يطمئنوا على أسرهم، تجمّع الصحبُ والجيران ومشاهد القهر الذي هم فيه تدمي القلب، تماماً كتلك المشاهد التي نعاينها بعد القصف، فهذا ينتظر إخراج أمّه وزوجته وأولاده ليدفنهم فلا أمل لديه بأنّهم أحياء، وذاك يدعو الله أن تكون أسرته على قيد الحياة، أنهكنا البحث ولم تلن عزيمتنا، كنّا أسرة واحدة، نحزن على من فقد أفراداً من أسرته ونفرح لمن نعثر عليه حيّاً، لقد كان يوماً ربما يشبه يوم القيامة".​