أخبار الآن | دمشق – سوريا – (حسين العمر)

"بعد أن أحرقنا البشر والحجر، علينا الاحتفال".. ربما هذا لسان حال القوات الروسية وهي تتجول في شوارع سوريا بصورة الفاتح القادم من الشرق. فلم تكد تمضِ عدة أشهر على احتفال الأوركسترا الروسية في مدرجات تدمر حتى زارت قوات عسكرية مدينة مرمريتا لمشاركة أهالي البلدة الريفية احتفالية عيد السيدة منتصف شهر آب. 

الغزو الروسي شمل الحقول الثقافية والفنية أيضا في سوريا، لتتصدر كتب لينين والمكافحين الروس واجهات معرض دمشق الدولي للكتاب المُقام في المكتبة الوطنية، تلك المكتبة التي صادرها الأسد الأب باسمه كما صادر جميع المراكز والمنابر الثقافية والتربوية في سوريا، فقدم الابن ليكمل عليها بمنحها لروسيا تارة وإيران تارةً أخرى.

حول المظاهر الثقافية الدخيلة على المشهد السوري يجيب الدكتور عهد، وهو طبيب مقيم في السعودية: "العلة تكمن في غياب الثقافة الوطنية الجامعة القادرة على التصدي لأي ثقافة متسربة إلى المجتمع السوري".

ويتابع: "ليس من الغريب أن تكون الدول الحليفة للنظام هي المسيطرة على أي حراك ثقافي أو فني داخل البلاد وأن تكون المؤسسات المسماة وطنية في حالة تبعية تامة لها".

اغتيال المنبر بعد نفي المثقفين.. الغزو الروسي لمعرض الكتاب بدمشق

أما الناشط الإعلامي زياد فيعزو السبب إلى رضوخ إعلام النظام بكافة قطاعاته إلى التمويل الخارجي، ما حوّل هذه المؤسسات إلى نوافذ تهلل للمشاركة الروسية في معرض الكتاب أو افتتاح مركز لتعليم اللغة الصينية في جامعة دمشق. ويضيف زياد: "وهذا ما قد يؤدي بدوره مستقبلاً إلى انتشار الثقافة الروسية التي تجلت في الاحتفالات المتكررة في قاعدة حميميم" وبالفعل فقاعدة حميميم شهدت في الأيام الماضية حملة تشجير قام بها رياضين روس في محاولة لإرسال رسائل إيجابية إلى السوريين.

إلا أن لعلي وهو صحفي وناشر في اسطنبول رأي آخر فهذا النوع من الأنشطة برأيه سيزيد من ضعف الثقة لدى السوريين بأنفسهم عموماً، "فالدول الكبرى والإقليمية الداعمة للنظام تحاول جاهدة إقناع الشعب السوري أنه بعيد عن الحضارة وغير قادر على إنجاز أي شيء حتى ولو على الصعيد الفني أو الثقافي".

 يقول علي: "في حين تعقد صفقات التسليح وتقسم مناطق النفوذ على الأرض، تتضاءل الصورة الوطنية في المشهد الثقافي السوري لتحتل مساحات الفراغ، ثقافات دخيلة لا تخلو من فكر استعماري وإن قدّم بصورة مختلفة عن نماذج القرن العشرين"، إلا أن الهدف واحد في تفتيت الثقافة السورية العريقة ونفي المثقفين الوطنيين خارج الأرض ما قد يؤسس لصناعة أدب مهجري سوري في القرن الحادي والعشرين.