الدولة مفلسة والمصارف عاجزة عن إعادة أموال المودعين وسط غياب أي قرار سياسي للحل

يتعايش اللبنانيون مع أزمة اقتصادية هي من الأسوأ والأخطر على مستوى العالم بعد أن احتجزت المصارف تعبهم وجنى عمرهم وودائعهم المصرفيّة التي بلغت نحو أكثر من 170 مليار دولار أميركي.

يقول اللبنانيون إن المصارف تحتجز ودائعهم وهذا واضح ومعلن ولا يمكن إنكاره، فالمصارف اللبنانية تشترط على المودعين سقفا متدنيا ومهيناً لما يمكنهم سحبه، فأين ذهبت تلك الودائع؟.

بحثت قناة الآن عبر هذا التحقيق بشكل معمق عن الجواب لمعرفة كيف تبخرت تلك الأموال ولتحديد الجهة التي احتجزت أموال اللبنانيين، ولماذا أقدمت على هذه الخطوة؟، وهل هي قانونية؟، لماذا لا يستطيع اللبناني الوصول إلى جنى عمره وتعب السنين؟ أين صرفت تلك الأموال ومن أنفقها؟ وهل تبخرت إلى الأبد؟.

يقول النائب ورئيس لجنة المال والموازنة النيابية نقولا نحاس إن “ما قبل ثورة 17 تشرين أنفقت أموال الناس في دعم الليرة ودعم الفوائد وتمويل الدولة، تلك كانت العناوين الكبرى. وتبيّن الدراسات أن نصف المبالغ أو الفجوة التي كانت قائمة في 17 تشرين 2019، متأتية من دعم الليرة، وربعها من دعم الفوائد وربع آخر على مصروف الدولة. إن ما بعد 17 تشرين الأول هو أهم مما قبله لأنه بعد 17 تشرين الأول، ذهبت الأموال على الدعم وسياسة الدعم وليتنا نعلم ما وصل للناس من سياسة الدعم تلك وكم منها ذهب بأعمال غير نظامية سواء بالتهريب أو بدعم تجار ما كان يجب دعمهم أو بعدم ضبط عمليات الدعم. إذاً هناك القبل والبعد وأعتقد أن بينهما ضاعت أموال الناس”.

لبنان

أين ذهبت أموال اللبنانيين؟

بدأ القلق على أموال المودعين في صيف العام 2019 بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور محمد جباعي “فقد بدأت المشكلة حقيقة في أيلول 2019 عندما بدأت المصارف تتعاطى باستنسابية مع الأموال، أي أن كثر كانوا يطالبون بأموالهم ولم تكن المصارف تعطيهم إياها لا بالدولار ولا بالليرة، ومن بعدها أتت ثورة 17 تشرين الأول وأقفلت المصارف لأسبوعين وأجرت التحاويل بشكل استنسابي لفئات معينة مستفيدة ومن بعد ذلك تم الحجز على أموال المودعين”.

لبنان

ويشير الكاتب الاقتصادي وعضو رابطة المودعين علي نورالدين إلى أنه “بين عامي 2011 و2019 كان لدينا أزمة العجز في ميزان المدفوعات، فالعملة الصعبة أو العملات الأجنبية التي كانت تخرج من البلد تفوق كمية العملات الصعبة التي كانت تدخل إليه. في هذه الفترة قام المصرف المركزي عوضاً عن إجراء تصحيح بقيمة سعر صرف الليرة اللبنانية، بالإصرار على سياسة تثبيت سعر الصرف ودعم الليرة وأنفق من دولارات المودعين في عملية تمويل التحويلات للخارج، وقام إلى جانب ذلك بما يعرف بالهندسات المالية التي منحت أرباحاً خيالية للمصارف مقابل جلب دولارات المودعين التي كانت تضعها في مصارف المراسلة في الخارج ووضعها لدى مصرف لبنان، وكان يتم استنزاف هذه الدولارات بهذه العمليات. إن كل تلك الأمور مجتمعة أدّت لنشوء كتلة من الخسائر بميزانية المصرف المركزي، وبالتالي تحوّل المصرف المركزي إلى كيان فاقد الملاءة والسيولة وأصبح غير قادر أن يرد للمصارف التزاماتها بالعملة الأجنبية، فوصلنا إلى أزمة المودعين اليوم نتيجة كثرة الخسائر التي تراكمت في المصرف المركزي وبالتالي في القطاع المصرفي بشكل عام”.

وأضاف “إن أموال المودعين التي وضعت لدى مصرف لبنان تم تبديدها بهذه الفترة ولهذا السبب أصبحت المصارف غير قادرة على رد الأموال إلى المودعين”.

ويؤكد جباعي أن “أموال المودعين هي أكبر مشكلة تواجه الحكومة اللبنانية الحالية وسوف تواجه كل الحكومات التي ستتشكل في السنوات المقبلة، لأن أموال المودعين ذهبت بطريقة غريبة جدا وإذا قمنا بالتدقيق بالطريقة يظهر لدينا أن الدولة اللبنانية والتي يفترض أن تكون مؤتمنة على أموال اللبنانيين، كانت المسبب الرئيسي بإهدار أكثر من 60% من أموال المودعين”.

لبنان

في جوابه على سؤال: أين ذهبت أموال الناس؟ يجيب الصحافي جاد غصن بأنها “ذهبت فعلياً لتثبيت سعر الصرف وهي مسألة كان يحتاجها النظام السياسي ليؤمن استقراره”.

وتوقف غصن عند مثل بسيط لشرح الأزمة: “فلنقل أنني كنت أشتري السيارات من الخارج عندما كان سعر صرف الدولار 1500 ليرة، كان يمكنني أن أعطي البنك 30 مليون ليرة التي كانت عبارة عن 20 ألف دولار وأقول له إنني أريد استيراد سيارة، يأخذ المصرف الـ30 مليون ليرة ويضعها لدى مصرف لبنان، في المقابل يرسل مصرف لبنان إلى الخارج مبلغ 20 ألف دولار لشراء السيارة فمن أين أتى المصرف بالـ20 ألف؟ أتى بها من ودائع الناس الموجودة في المصارف، وضعتها المصارف في مصرف لبنان كوديعة، وفي المقابل كان مصرف لبنان يستخدمها بعلم المصارف وبعلم السلطة السياسية لتأمين هذا التثبيت وكانوا يراهنون أنه بدل الدولارات التي كانت تخرج من البلد، ثمة دولارات غيرها ستدخل فأكملوا على هدا المنوال، وكان الجميع يعلم أن لذلك حدود لأننا كنا ننفق أكثر من المدخول”.

بدوره يقول المحامي والخبير في الشؤون المصرفية علي زبيب إن “أموال اللبنانيين لم تعد موجودة في المكان الذي يجب أن تكون فيه، وبالتالي انتقلت من مكانها الطبيعي وهي حساباتهم ومدخراتهم في المصارف إلى جيوب المنتفعين المتمثلين برؤساء مجالس إدارات المصارف وكبار أعضاء مجالس الإدارة وكبار المساهمين، وطبعاً الشخصيات المعرّضة سياسياً والذين هم منتفعين بالدرجة الأولى ورعاة هذه المصارف إذا لم نقل شركاء فيها أكان على المستوى الرسمي أو شركاء فيها ولكن شراكتهم ليست على الورق أي ليس على المستوى القانوني”.

لبنان

ومع ذلك يؤكد محامي جمعية المصارف أكرم عازوري أن “الودائع ليست خسائر إنما هي دين بذمة كل مصرف ومن ورائه النظام العام اللبناني تجاه أي مودع وثق بنظامنا المصرفي والقانون اللبناني”.

الإفلاس!

أثار إعلان نائب رئيس الحكومة اللبنانية سعاد الشامي الذي قال فيه إن “الدولة اللبنانية مفلسة وكذلك مصرف لبنان” بلبلة كبيرة في لبنان، إلا أنه لم يشكل مفاجأة نظراً لأن الجميع بات مدركاً لحجم الأزمة المالية الحالية والمصنّفة بحسب صندوق النقد الدولي بأنها من بين أخطر ثلاث أزمات إقتصاديّة على مستوى العالم خلال 150 سنة، حيث أصبحت الدولة اللبنانية متعثرة وشبه عاجزة عن الإيفاء بالحد الأدنى من التزاماتها المالية.

يقول عازوري إن “المصارف تحمّلت حتى الآن الجزء الأكبر من الخسائر وهي تستمر بالتحمل، إنما اقتصاديا أذكر بأمر بديهي وهي أن الأموال هي ملك للمودعين قبل أن تكون ملكاً للمساهمين”.

كشف الخبير الاقتصادي الأمريكي ستيف هانك أن لبنان تجاوز دولة زيمبابوي في ارتفاع مؤشرات التضخم الاقتصادي، ليحل في المرتبة الثانية بعد فنزويلا التي حصلت على المرتبة الأولى كأعلى تضخم سنوي بنسبة 2210,88 ليحتل لبنان المرتبة الثانية على مستوى العالم بنسبة تضخم سنوي بلغت 301,50 فهل بات لبنان الآن أقرب إلى سيناريو الانهيار الفنزويلي؟.

  • عرف لبنان ابتداء من العام 1984 تجربة خفض سعر صرف عملته وقد نشأ عن ذلك تضخم، ما كبّد اللبنانيين كلفة اجتماعية فادحة إذ انتقل سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية من 6,8 في نهاية العام 1984 إلى 1838 ليرة نهاية العام 1992.
  • ارتفعت الأسعار 11 ضعفاً بين هذين التاريخين وانخفض الحد الأدنى للأجور بما يعادل 242 دولاراً عام 1983 إلى 64 دولاراً عام 1992.
  • بلغ معدل التضخم الوسطي لحقبة 1994 و2001 5,3% سنويا.
  • كان لافتا خلال الفترة التالية للعام 1992نمو الدين العام بشكل غير مسبوق في تاريخ لبنان المعاصر، ما اعتبر تكراراً لإحدى أهم الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي عرفها لبنان، وكانت من أسباب انهيار سعر صرف العملة اللبنانية في ثمانينيات القرن الماضي.

يقول جباعي إن “مصرف لبنان الذي كان يلعب دور الوسيط بين أموال المودعين الذين كانوا في المصارف، وكان يأخدها من المصارف مقابل فوائد عالية ويغريهم فيها، كان يقدم هذه الأموال للدولة اللبنانية التي بدورها كانت تستخدمها لتسكير عجز الموازنة الذي كان يصل في السنة من 10 إلى 11 مليار دولار، وأيضا لتسكير عجز الاستيراد لأنه دائما لدينا من 8 إلى 10 مليار دولار سنويا عجز في الميزان التجاري. والدولة اللبنانية كما نعلم لم تقدم سياسات اقتصادية من شأنها أن تولّد اقتصاداً إنتاجياً، فكانت تعتمد فقط على الاستيراد من الخارج أو على الديون الخارجية أو على المساعدات العربية أو المساعدات الدولية مثل باريس 1، باريس 2 باريس 3 أو بعض المساعدات من الإخوة العرب كوديعة إماراتية، وديعة سعودية، وديعة قطرية إلخ، ولكن ما تبين اليوم أنه ليس هناك أي قدرة للدولة اللبنانية بأن تقيم اقتصاداً إنتاجياً، لذلك كانت تأخذ أموال المودعين وتصرفها على تسكير عجز الموازنة، وكذلك الأمر لتسكير عجز الاستيراد من الخارج وطبعا لا يجب أن ننسى الهدر في الإنفاق والفساد الذي كان موجوداً في البلد”.

لبنان

أسباب الإنهيار

يعيش الموظفون وضعاً مأساوياً بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي ناضلوا من أجلها على مدى ثلاث سنوات، لكن حظهم العاثر لم يمنحهم فرصة الهناء بها إذ انهار الاقتصاد اللبناني بعد فترة قصيرة من إقرارها.

ويلفت نور الدين إلى أن هناك بالتأكيد عدة أسباب للانهيار وليس سبب واحد:

  • أولاً: هناك السياسات المالية التي اعتمدتها الدولة اللبنانية والهدر والفساد وتراكم الدين العام الذي كان يتم استخدامه لتمويل منظومة الفساد الموجودة بالدولة.
  • ثانيا: السياسة النقديّة التي اعتمدها المصرف المركزي والإصرار على تثبيت سعر الصرف قبل العام 2019 والتي أدّت كما قلنا إلى تراكم الخسائر الموجودة في مصرف لبنان والتي ندفع ثمنها اليوم.
  • ثالثا: وهذا الشيء معروف وهو أننا لم نبني إقتصاداً منتجاً في السنوات السابقة، فقد بنينا اقتصاداً ريعياً يعتمد بقاؤه على جلب التحويلات من الخارج وتعويم النظام المصرفي وتعويم المضاربات العقارية، وبالتالي عندما وصلنا إلى مرحلة العجز في ميزان المدفوعات، وعندما وصلنا إلى مرحلة اشتداد أزمة التحويلات للخارج وصلنا لهذه الفجوة التي رأيناها عبر القطاع المصرفي وانفجرت بعد ذلك.

شكّل انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020 منعطفاً تاريخياً في حياة لبنان واللبنانيين، إذ دمّر الإنفجار العديد من المؤسّسات التجاريّة في العاصمة، ما فاقم من حجم الأزمة الاقتصاديّة، وزادت وتيرة الإنهيار بشكل كبير، ووصلت خسائر ذلك إلى 15 مليار دولار. وفقاً للبنك الدولي ارتفع معدّل البطالة بحلول ديسمبر 2021 إلى 40%، كما انخفض الحد الأدنى للأجور الذي كان يبلغ 450 دولاراً إلى 35 دولاراً. وأشار برنامج الأغذية العالمي أن قرابة نصف اللبنانيين أي 49% منهم قلقون بشأن الحصول على طعام كاف كما صرّح البنك الدولي بأن لبنان يمكن أن يحتلّ المرتبة التالية مباشرة بعد تشيلي التي استغرقت 16 عاماً للتعافي من انهيار عام 1926وإسبانيا التي عاشت 26 عاماً من الانهيار جراء الحرب الأهلية في ثلاثينيات القرن العشرين. وبالتالي قد يستغرق لبنان ما بين 12 عاماً و19 عاماً للتعافي من كارثته المالية إذ إن الحلول قد تستغرق أعواماً وباتت الهجرة الحل الأسهل والأسرع للبنانيين.

ويؤكد نور الدين أن “الاتجاه الذي تسلكه السلطة اللبنانية لا يبشر كثيراً بالخير فجميع الخطط التي طرحت على بساط البحث في المحادثات مع صندوق النقد، تحمّل المودعين النسبة الأكبر من الخسائر. والخطة التي طرحت في المحادثات الأخيرة مع الصندوق كانت تحمّل المودعين نسبة 55% من الخسائر الموجودة في القطاع المصرفي”.

لبنان

هل من خطة للتعافي؟

أمام هذا الواقع وكل تلك المعطيات يتساءل الناس بخوف حول ما سيترتّب على استشراء الفوضى والانفلات الأمني والاجتماعي والفقر؟ إنه انهيار القرن فهل يعود اقتصاد لبنان إلى ما كان عليه من انتعاش؟ هل من أمل لوقف الانهيار؟ وهل سيسترجع المودعين أموالهم؟.

في جوابه على هذا السؤال يقول زبيب “لاستعادة الأموال هناك ضرورة قصوى لأن تقوم هيئة التحقيق الخاصة -التي لا تقوم بدورها – بدورها في التحقيق فتتواصل مع وحدات الاستقصاء المالي في الدول الأخرى وهذا حق مكتسب لها، وأن تنسق مع القضاء اللبناني وبالتال أن تعرف أين هي الأموال التي حُولت إلى الخارج وهل هي تحويلات مشروعة؟”.

يشير رئيس جمعية المودعين اللبنانيين حسن مغنية إلى أننا “لم نستطع تحصيل حقوقنا على صعيد المودعين بشكل عام، ولكن إذا أردنا أن نأخذ بعض الحالات الفردية تمكنا من تحقيق شيء عن طريق القانون أو المفاوضات مع المصارف ولكن أغلبية هذه الحالات هي حالات إنسانية مستعصية، واحياناً لجأنا إلى القوة وأتأسف أن أقول إننا لجأنا إلى استخدام أساليب لا يحبذها القانون ولا تحبذها الدولة اللبنانيّة”.

بحسب عازوري “بالإجمال إن الجزء الأكبر من ودائع الناس موجود في المصرف المركزي في لبنان، وإن المصارف خاضعة لسلطة الدولة وخاضعة لسلطة مصرف لبنان وليس العكس. إن المصارف تلحّ منذ سنتين لبدء اتخاذ الإجراءات الفورية والآنية للإصلاحات التي يطالب فيها البنك الدولي، هذه الإصلاحات هي بيد السلطة السياسية، قبل الإصلاحات، وقبل إقرار الكابيتال كونترول الذي ليس هو بحل بحد ذاته بل هو جزء بسيط جدا من الحل الشامل، أنا لا أرى بداية للصعود من النفق”.

بضع سنوات كانت كفيلة بتحويل لبنان من سويسرا الشرق إلى زيمبابوي الشمال، من بلد البحبوحة الاقتصادية إلى بلد الفساد والإفلاس. وللأسف باتت عبارة سويسرا الشرق في إشارة إلى لبنان دعابة ثقيلة تذكر اللبنانيين بمرارة الحاضر، وعز ولى وربما لن يعود قريبا.

يبدو أن عملية إطفاء الخسائر والديون تسير بشكل مدروس ومخطط له من قبل المنظومة السياسية اللبنانية على حساب المودعين اللبنانيين، فديون الدولة تنخفض وأموال المودعين تعاد إليهم بـHaircut  وصل الى 82%، ما يؤكد أن المواطن اللبناني اليوم يطلب ممن أخذ أمواله أي السلطة إعادتها إليه وهذا بالطبع مستحيل.

يشرح جباعي الواقع ببعض الأرقام مشيراً إلى أن “أموال المودعين كانت قبل 17 تشرين الأول 166 مليار ليرة لبنانية و250 مليون دولار، ما تبقى اليوم من أموال المودعين هو 103 مليار دولار عملات أجنبية و16 مليار ليرة لبنانية، إذا تم تحويلها على سعر صرف الـ1500  يظهر لدينا حساب بسيط وهو أن هناك حوالي 120 مليار دولار هي حقوق المودعين. ورغم كل السحوبات التي حصلت على التعاميم السابقة والخسائر التي كانت تصل إلى 70 و75% على الـ Haircut الذي كان يحصل، ورغم كل تحاويل الأموال التي تمت إلى الخارج بعد ما تم تهريب تقريبا 10 مليار دولار بعد 17 تشرين الأول، بالإضافة إلى الأموال التي أهدرت والتي هي على علاقة بالمصارف وسياسة الدعم خاطئة، اليوم لا يزال هناك 120 مليار دولار تشكل التزامات المصارف تجاه المودعين. أما ما لدينا من هذا المبلغ الآن فهو 10 مليار دولار كاحتياط إلزامي ولا تتعدى أموال المصارف 3 إلى 4 مليار دولار، أي أننا إذا قمنا بعملية حسابية بسيطة فهناك أكثر من 100 مليار مفقودين إلى اليوم إذا أردنا إرجاعها إلى المودعين”.

لبنان

الكابيتال كونترول

كان من المفترض أن يشرّع البرلمان اللبناني منذ بداية الأزمة المالية والاقتصادية في صيف العام 2019 قانون الكابيتال كونترول لمنع خروج رؤوس الأموال إلى الخارج وحماية ما تبقى من موجودات المصرف المركزي والبنوك اللبنانية، لكن للأسف كانت أموال المودعين قد تبخر معظمها خلال تلك الفترة بفعل السياسات المالية والاقتصادية للحكومات المتعاقبة المبنية على تمويل عجز الموازنة والأخذ من أموال المودعين في ظل غياب سياسات اقتصادية بناءة تعمل على تطوير هيكلية الاقتصاد اللبناني.

يشير زبيب إلى أنه “ليس لدينا في لبنان قانون كابيتال كونترول، وليس لدينا أي قانون يمنع المودع من الوصول إلى أمواله أو تحويلها إلى الخارج. فالقوانين اللبنانيّة المرعية الإجراء أكان عبر قانون النقد والتسليف أو قانون التجارة، خاصة قانون الموجبات والعقود، والأعراف المصرفية المعمول بها منذ عشرات السنين، كلها أي القوانين والأعراف تعطي المودع الحق الكامل بالحصول على أمواله بشكل غير مشروط”.

بدوره يؤكد نور الدين أننا “بحاجة إلى كابيتال كونترول، ولكن يفترض بهذا الكابيتول كونترول أن يكون أداة لإدارة السيولة في مرحلة انتقالية على طريق التعافي المالي كي نتمكن من الوصول لاحقاً إلى رد أموال المودعين”.

وأضاف “عندما نقول إدارة السيولة نتحدث عن كل أشكال التحويلات، وتكون الخطة متدرجة كي نتمكن من الوصول إلى ردّ هده الودائع لكن الهدف من الكابيتال كونترول كما هو مطروح الآن هو تشريع حبس أموال المودعين، وتشريع الامتناع عن الدفع الدي تمارسه المصارف اليوم، وإن هذا لا يفيد المودعين وهو ليس خطوة على طريق الحل لا بل بالعكس هو خطوة باتجاه تطبيع الأزمة التي نحن فيها وتطبيع الإجحاف الذي يتعرض له المودعون”.

في السياق عينه يؤكد غصن أن “صندوق النقد ملزم بأن يسير بقانون الكابيتال كونترول لأجل ذلك عندما أرسلوا له قوانين الكابيتال كونترول كان الهدف منها حماية المصارف فرفضها ليس لأنه لا يحب المصارف أو يكرهها، بل لأنه كصندوق يريد أن يموّل ولكن شرطه هو عدم تمويل خسائر القطاع الخاص بل تمويل الإنتعاش الاقتصادي. فكيف له أن يضمن إذا أعطى 500 مليون دولار أو 400 مليار دولار لفترة من الوقت ألا تستخدم تلك الأموال أيضا لتهريبها خدمة لمصالح ناس على حساب غيرهم؟ يجب أن يكون هناك نظام قانوني يتيح إبقاء الأموال هنا ويمكن عبره مراقبة الإصلاحات للتوصل إلى نتائج”.

بحسب جباعي “لا يتضمن الكابيتال كونترول خطة واضحة لكيفية إعادة الأموال بعد أن تنتهي مدته، فإذا فُرض الكابيتال كونترول فلنقل لمدة خمس سنوات وقلنا سنعطي نسبة محددة من السحوبات، فكيف يعود ما تبقى من المبالغ بعد مرور الخمس سنوات؟ ما من خطة واضحة أبداً، وما من آلية ولا أفق ولا رؤية لإعادة أموال المودعين”. وأضاف “حتى على مستوى السحوبات إن ما يُطرح من أرقام قليل جداً، يُحكى بمبلغ ألف دولار شهريا على أن يكون على منصات مختلفة أي منه ما يُمنح على منصة صيرفة بالليرة ومنه ما يُمنح على سعر الـ8 آلاف أو على الـ12 ألف ويمكن أن يحصل المودع على شيء بسيط على نحو Fresh دولار أي أن حتى مبلغ الألف دولار سيكون عليه Haircut بنسبة لا تقل عن 60% وهنا نستخلص بأن الكابيتال كونترول هذا ليس بمصلحة المودعين أبداً”.

إذاً إن هذا التأخير في إقرار الكابيتال كونترول أعطى الفرصة لكبار النافذين في لبنان، وهي فرصة ذهبية لتحويل أموالهم إلى الخارج مما حرم باقي المودعين وخاصة الصغار منهم من الحصول على أموالهم وللأسف وصل لبنان إلى ما هو عليه اليوم من أزمة مالية خانقة ساهمت في خسارة معظم المودعين لأكثر من 75% من أموالهم في المصارف، علماً أن إقرار قانون الكابيتال كونترول في حينها لم يكن ليساهم وحده في حل الأزمة، إلا أنه كان سيحدّ من تفاقم الانهيار المالي والنقدي السريع.

تحديد المسؤوليات

وفق غصن إنتحميل الدولة أكلاف الخسارة ستوصلنا إلى أن ندفع نحن الكلفة بطريقة ثانية، انطلاقاً من هنا ثمّة مسؤوليات قانونية، المصارف قامت بسوء أمانه التصرف بأموال المودعين التي لديها فهي مسؤولة تجاه المودعين كونها تصرّفت بالمال الذي كان لديها، والمصرف المركزي بدوره خالف القوانين وتحديدا قانون النقد والتسليف وهو يحاسب على هذا الأساس. أما كيف توزّع الخسائر لتحقيق المصلحة الإقتصادية كي يصبح لدينا إقتصاد فالهدف منه هو طبعا حماية من هو غير قادر أن يحمل، لأنه لا يمكن أن نحمّل صغار المودعين، وعلينا أن نفكر أيضاً باللامودعين وهم كثر فأكثر من نصف الشعب اللبناني أصلا أصبح غير مودع في المصارف، يجب أن نفكر بهؤلاء فلا نحملهم خسائر.  ومن ثمّ عند رفع السرية المصرفية، إذا كان التصرف بالأموال هو لخدمة قطاعات منتجة، تحدد الدولة ما هي وتكون مدعومة من قبلها، فأنا أحرر من أموالهم أكثر من حدود غيرهم، والمفاضلة هنا يجب أن تتم. وعندها علينا أن نحدد أي اقتصاد نريد، أي نظام مصرفي نريد ليخدم هذا الاقتصاد؟ وعندها كيف سأوزع هذه الخسائر من ضمن هده الرؤية المتكاملة؟”.

وأضاف “ما يحصل لدينا هو العكس، فنحن ننهي الخسائر بصورة رقمية كي نتمكن من حل مشكلة المصارف التي لا تزال حتى اليوم مخالفة للقانون وهم مفلسون وبلا أفق وهذا هو الخلاف الأساسي فحتى خطتهم الإصلاحية أسموها خطة لإنقاذ القطاع المالي، هذه هي تسمية خطة نجيب ميقاتي، فواضح جداً ما يقومون به ويجب أن تكون أسباب الرفض واضحة أيضاً”.

بعد رفض البرلمان اللبناني مسودة مشروع الكابيتال كونترول الذي قدمه فريق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بسبب معارضة معظم الخبراء والمودعين له، خرج اليوم مشروع قانون مستعجل لا يخدم مصلحة المودعين، بل يعمل على حماية المصارف والمصرف المركزي دون وجود آلية واضحة لحل الأزمة بشكل ما. لكن كان من الجيد سقوطه أثناء المناقشة في اللجان البرلمانية التي تعي جيداً استحالة الموافقة عليه، كي لا يدخل النواب في مواجهة لا تُحمد عقباها مع الشارع اللبناني الغاضب أصلا على الطبقة السياسية ويحمّلها مسؤولية تبخر أمواله.

لبنان في قلب أزمة اقتصادية لم يشهد مثيلا لها من قبل، فالليرة اللبنانية في أدنى مستوياتها أمام الدولار، الشيء الذي أثر سلبا على كل موظف ومتقاعد في القطاعين العام والخاص ممن يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية التي لم يعد لها قيمة في وقتنا الحالي.

بحسب غصن إن صندوق النقد الدولي الذي لا هو يساري ولا هو اجتماعي يقول إن “حجم اقتصادكم غير قابل على تحمّل دينكم، اقتصادكم أصبح أقل من 20 مليار دولار، فيما دينكم لليوم مع تراجع سعر الصرف هو أكثر من 50 مليار، أي أن حجم دينكم هو 220% من حجم اقتصادكم. المعيار الدولي للانهيار هو 160%. فما الذي يطلبه صندوق النقد اليميني؟ هو يقول إن كنتم تريدون أن تخفضوا دينكم يمكنني شطبه ليصل إلى 70% من حجم اقتصادكم أو 80%، عندما تقول المصارف العكس فإن ذلك لحماية أموالها على حساب بقية المجتمع، هكذا وبهذا الوضوح، فهذه مصلحتهم فيما مصلحة المجتمع نقيض ذلك طبعاً. السؤال المطروح هنا هل إن من يدير البلد هو مصلحة المصارف أم مصلحة المجتمع؟”.

مخالفات المصارف مستمرّة!

بلغ مجموع ديون الدولة من القطاع المصرفي 63% من إجمالي الدين العام وكانت المصارف تسلّف المصرف المركزي معظم هذه المبالغ من أموال المودعين دون مراعاة المخاطر الكبيرة الناتجة عن ذلك، حيث راهنت المصارف بأموال اللبنانيين لتحقيق مكاسب خيالية. ولا بدّ من التوقف عند ملاحظة مهمة لمعت أمامنا عند الاستقصاء في هذا الملف، فقد بلغ حجم الودائع اللبنانية في المصارف بداية الأزمة أي نهاية عام 2019 166 مليار دولار، من هنا يتبين حجم التداخل في الأرقام بين الحكومة اللبنانية والمصرف المركزي والقطاع المصرفي، وبالتالي أموال المودعين التي استنزفتها الدولة بهندسة مالية خاطئة.

يقول زبيب إن “المصارف اللبنانية ترتكب المخالفات والمعاصي والخروقات القانونية بشكل مستمر، ولكن للأسف السلطة الرقابية المسؤولة وخاصة لجنة الرقابة على المصارف تتقاعس وهي غائبة تماما أكان اللجنة السابقة أو اللجنة الحالية، وبالتالي عند تقاعس السلطة الرقابية يجب الانتقال إلى السلطة القضائية، وهنا نرى أن السلطة القضائية بغالبيتها أو بمجملها هي متقاعسة إذا لم نقل متواطئة”.

وبحسب مغنية “ثمة ما يفوق المليون ونصف مودع لبناني في لبنان، كان لا بد من وجود كيان وجمعية تجمعهم تحت راية واحدة للدفاع عن حقوقهم، وإن ذلك أفضل من بقائهم مشرذمين ومشتتين دون أن يدروا ما يمكن فعله. تأسست جمعيتنا مع بداية الأزمة وكان هدفها توعية المودعين حول المسائل المالية التي يجب أن يعلموها، وحول كيفية استرداد الوديعة، وحمايتهم من الخداع الذي تمارسه المصارف. فقد رأينا ولا زلنا نرى أن المصارف حاولت ولا تزال تحاول حتى اليوم خداع المودعين عبر إيهامهم بالتوقيع على عقود وعلى أمور وعلى أوراق وغيره وهي عمليات غش غير مسبوقة وغير موجودة في أي دستور أو قانون ولا في أي شريعة لبنانية أو غير لبنانية”.

وتوجه غصن للمودعين بالقول “إن الخيار هو جزئيا بين يديكم فالفرد لا يمكنه أن يحمّل المجتمع تغيير النظام خلال يوم واحد، فهدا نظام راسخ بعقليات معينة ومرّ عليه حرب أهلية واعوام كثيرة، لكن على الأقل عندما يبدأ جزء من المجتمع بأن ينفك عن السلطة التي تضع مصالح القطاع المالي في البلد على حساب كل الناس من دون أي استثناء، فإن قدرتهم على تنفيذ تلك الهجمة على المجتمع تضعف”.

بلغ حجم الدين الإجمالي على الدولة اللبنانية تسعين مليار دولار قسمت على الشكل التالي:

  • دين يتم سداده بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي ويقدّر بـ56 مليار و700 مليون دولار التي تُدفع لحملة سندات الخزينة واشترتها المصارف اللبنانية وبعض المستثمرين من مؤسسات وأفراد دين يتم سداده بالدولار الأميركي وهو على قسمين يبلغ القسم الأول 31 مليار و314 مليون دولار التي تُدفع لحملة اليورو بوند ويتم سدادها بالدولار الأميركي.
  • بلغ القسم الثاني مليار و986 مليون دولار التي تدفع لصالح مؤسسات متعددة الأطراف ويتم سدادها بالدولار الأميركي أيضاً.

قررت القوى السياسية بالاتفاق مع المصرف المركزي تحميل المواطن اللبناني وحده الخسائر المترتبة عن تراكم الديون من خلال الدفع المبرمج لانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، بالتوازي مع تقاعس الحكومة عبر أجهزتها الرقابية عن ملاحقة المضاربين في السوق السوداء حتى بلغ الانهيار مداه. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف لمصرف مركزي كان يمتلك احتياطا نقديا قبل 17 تشرين الأول 2019 قُدّر بأكثر من 31 مليار دولار، وهو الرقم الأعلى بين كل دول المنطقة أن تنهار عملته بهذا الشكل؟ أم أنه كان مشاركا عن عمد مع القوى السياسية اللبنانية بشكل مدروس لضرب العملة الوطنية؟.

ويتساءل زبيب “كيف يمكن لرؤساء المجالس وأصحاب مجالس الإدارات وأصحاب المصارف أن تكون ذمتهم المالية لا تزال ممتلئة، وتكون عقاراتهم منتشرة في العالم، وتكون قصورهم الفارعة موجودة مقارنة بصغار المودعين ومتوسطي المودعين وحتى كبار المودعين التي يقال أو يتم التذرع بأن أموالهم تم إقراضها إلى مصرف لبنان ومصرف لبنان أقرضها للدولة والدولة أهدرتها”؟

وثمة سؤال آخر أيضاً “لماذا لم يقر البرلمان اللبناني قانون الكابيتال كونترول منذ بداية الأزمة والذي كان سيمنع تهريب أكثر من 17 مليار دولار إلى الخارج، وسيضبط الانهيار النقدي اللبناني في بضع سنوات؟.

كان على الكابيتال كونترول بحسب زبيب “أن يُقرّ في اليوم التالي من اندلاع الانتفاضة الشعبية أو الثورة كما يحب أن يسميها البعض لسبب واضح جداً وصريح، وهو أن الأموال التي هُربت هي أموال بغالبيتها منهوبة”.

المصارف اللبنانية تقنياً ليست مفلسة طالما أن حساباتها لدى مصرف لبنان هي حسابات دائمة

أكرم عازوري

محامي جمعية المصارف

ولكن هل يوجد لدى الدولة اللبنانية أي أفق لإعادة الأموال؟ يجيب جباعي بالنفي “فحتى اليوم ما من خطة لذلك، فإذا كان البلد عاجز عن وضع خطة لإصلاح للكهرباء وعاجز عن وضع خطة للإصلاح الضريبي، وعاجز عن وقف التهريب على الحدود، وعاجز عن تحفيف الإيرادات، فقطعاً لن يتمكن من إعادة أموال المودعين. وأمام كل ذلك لا يمكننا أن نحمّل المسؤولية لجهة واحدة، لا يمكنني القول إن المصارف هي من تتحمل المسؤولية وحدها، فالمصارف تتحمل جزءاً من المسؤولية لأنها غامرت بالأموال، وكانت تمنحها كدين لجهة واحدة التي هي الدولة بدون مراعاة للمخاطر، وهي مخاطر عالية لأن الدولة غير مضمونة. ومن جهة أخرى يتحمل مصرف لبنان جزءاً من المسؤولية فهو وسيط أساسي ضمن عملية الاستدانة لمصلحة الدولة، والجهة الثالثة التي تتحمل المسؤولية هي الدولة اللبنانية التي أهدرت أكثر من 70% من أموال المودعين”.

ومع ذلك يؤكد عازوري أن لبنان “ليس ببلد مفلس خلافا لما يقال، فالمصارف اللبنانية تقنياً ليست مفلسة طالما أن حساباتها لدى مصرف لبنان هي حسابات دائمة. والمطلوب هو حل الأزمة السياسية واتخاذ تدابير نقدية، مع العلم أن ضمان وديعة كل شخص وثق بالنظام المصرفي اللبناني هو واجب أخلاقي على لبنان لكي يستمر قبل أن يكون واجب قانوني”.

غير أن غضن يتّهم جمعية المصارف بالكذب “عندما تقول إن تلك الأموال ليست خسائر إنما هي دين، وهو كذب بسيط جداً كشفه، فلنذهب إلى أي جمهورية في الكرة الأرضية خلال الأعوام الـ50 الأخيرة، فإذا وجدنا حالة واحدة لدولة تعثرت عن قدرة سداد دينها متذرعة بفكرة أنها مسؤولة عن دفع دينها وإن على حساب المجتمع التي هي قائمة أساساً بهدف حمايته فنحن نقبل بوضعنا، أما عندما نرى أن كل دول العالم تقول إنه عندما يفلس قطاعها المصرفي وتعجز الدولة عن سداد ديونه، فإن ذلك يعني إفلاس كل الجانب المالي من الجمهورية ومن المجتمع عندها تصبح الخيارات كيف نحافظ على المجتمع في طريقنا إلى التعافي وليس كيف نحافظ على البنوك حتى وإن هاجر مليون إنسان من البلد لأنه لم يعد هناك من مدخول ولأن سعر الصرف أصبح 100 ألف ليرة والمعاشات  أصبحت 15 دولاراً في الشهر، فهذا هو الخيار”.

لكن رغم كل ما قيل يؤكد عازوري “أنا لا أخشى على مستقبل القطاع المصرفي لأنه لا قيامة للبنان بدون قطاع مصرفي جدي، وهو القطاع الذي حاز على ثقة العالم كله وخصوصا الدول العربية خلال القرن الماضي. لا يجوز أن نضيّع الثقة بل أن نحافظ عليها عبر الالتزام برد الودائع، لكن المدة تبدأ عند حل الأزمة السياسية، فهذا الشيء ليس بيد المصارف”.

أمام كل تلك الوقائع وكل تلك المآسي والمعانة الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية و الأمنية التي يمرّ بها المواطن اللبناني بسبب نهب أمواله وتعب سنينه، هل يتحرك أصحاب القرار ويتخذون قراراً جدياً بالإنقاذ؟.