حتى أواخر العام 2020، كانت الدراسات تشير إلى أنّ شركات الموانىء البحرية في الصين تملك جزئياً أو تدير، 95 ميناء في كلّ أنحاء العالم. بين تلك الموانئ، يوجد 22 ميناء في أوروبا، 20 ميناء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 18 ميناء في الأمريكتين، 18 ميناء في جنوب آسيا وجنوب شرقها، و9 موانئ في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. لكن ماذا عن موانىء البحر المتوسط تحديداً؟

  • مسار صيني على حافة البحر الأبيض المتوسط في إطار تمتين نيّة بكين التحكّم بالتجارة البحرية الدولية
  • مدير عام وزارة الأشغال اللبنانية: التوجه الصيني هو توجّه استثماري على المدى الطويل وعلى استملاك هذا المرفق
  • الباحث السياسي أحمد موسى: الصين تمنح القروض وتنتظر فرصة للإنقضاض على مقدرات الدول عند العجز عن دفع الديون
  • الخبير السياسي الصربي فلاديسفياف: إذا لم تتمكن مونتينغرو من تسديد الدين لاحقاً ستكون عين الصين على ميناء بورت أوف بار
  • نائب رئيس وزراء مونتينيغرو أبازوفيتش: نريد إيجاد مستثمرين لبورت أوف بار لكنّنا سنكون حذرين جدّاً في اختيار الشركات
  • ميناء بنزرت في تونس ذات الموقع الإستراتيجي يقع اليوم ضمن محور صراع دولي كبير
  • النائب التونسي السابق علي بلاخوة: الإستثمار الصيني قائم على المديونية ووضع تونس الاقتصادي صعب يوجب عدم زيادة الديون
  • الخبير الاستراتيجي سام بيتسون: مع الشحن الدولي والتجارة العالمية عبر البحار يوجد أيضاً غرض عسكري 

حافة البحر المتوسط تشكّل مركز اهتمام القوى العالمية الكبرى، إذ أنّ الأكيد أنّ أحد أهم التغييرات في الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط تحصل هنا، إنطلاقاً من الواجهة الشرقية للمتوسط، لتمتد على حافة تلك المياه، بدءاً من أشدود مروراً بمدينة بيروت وصولاً إلى ميناء بنزرت في تونس.

ويقول الأستاذ المساعد في قسم المالية والمخاطر والخدمات المصرفية في كلية الأعمال بجامعة نوتنغهام، سام بيتسون لـ”أخبار الآن“، إنّ “الشركات الصينية المشاركة في الصناعات الإستراتيجية كالإتصالات والنقل والتطوير العقاري، وطبعاً الموانىء والشحن البحري، تميل إلى أن تكون مؤسسات كبيرة مملوكة من الدولة الصينية، وتذكّر بعصر ماو في الصين حيث كان الجميع يعمل في شركات مملوكة من الدولة”.

من أشدود إلى بيروت وصولاً إلى بنزرت.. سم الديبلوسية الصينية

انفجار الرابع من أغسطس العام 2020 دمّر الجزء الأكبر من ميناء بيروت، ذات الموقع الإستراتيجي والحيوي، ما أدّى إلى تراجع نشاطه بانتظار إعادة الإعمار، التي لا يمكن للبنان الغارق بأزماته المالية الحادة، أن يتحمّل أعباءها وكلفتها، ما يستدعي انخراط جهات دولية عديدة في إعادة بناء ذلك الميناء.

وفي هذا السياق، يقول أحمد تامر، مدير عام النقل البري والبحرين في وزارة الأشغال بالإنابة ومدير عام مرفأ طرابلس في لبنان مدير عام لـ”أخبار الآن“، إنّ “مرفأ بيروت هو من أهم المرافىء في منطقة الشرق الأوسط، وقد تعرّض لحادث كبير، فيما إعادة إعماره مكلفة جداً، وثمّة جهات إستثمارية مهتمّة بذلك الأمر، وبالتالي إنّ ذلك ليس دعماً من دون مقابل، هناك عروضات عديدة، والجهات تريد أن تستفيد من الأمور المتعلقة بالإستثمار في االميناء”.

الصين واحدة من هذه القوى العالمية التي تسعى للدخول إلى خط إعادة الإعمار. ويثير احتمال اختيار لبنان بكين لتلك المهمة، قلقاً أمريكياً وأوروبياً نظراً لوجود أقدام صينية في موانىء تجارية ضخمة على البحر الأبيض المتوسط، لا سيما في مصر وإسرائيل واليونان، في إطار مشروع الحزام والطريق، تلك الإستراتيجية الصينية الشاملة للإستثمار في الطرق، والسكك الحديدية، وإنتاج الطاقة، ومرور البضائع ومشاريع البنية التحتية الأخرى، عبر أكثر من 60 دولة.

من أشدود إلى بيروت وحتى بنزرت.. لماذا تريد الصين السيطرة على موانىء المتوسط؟

ميناء بيروت الذي تعرض لانفجار دمر الجزء الأكبر منه، وتسعى الصين للدخول على خط إعادة الإعمار لما له من أهمية استراتيجية

ويشير تامر إلى أنّ “الشركات الصينية كالشركات الأوروبية والأمريكية وغيرها، مهتمة بأعمال إنشائية في ميناء بيروت، ويهمّ الصين أن تدخل في مناقصة إعادة إعمار مرفأ بيروت، وهي كانت دخلت قبل ذلك في مناقصة تطوير مرفأ طرابلس وتوسيعه، وهي التي بنت رصيف الحاويات”. وتابع أنّ “التوجه الصيني هو توجّه استثماري على المدى الطويل وعلى استملاك هذا المرفق، نحن في لبنان ليس لدينا القوانين التي تراعي ذلك، وليس لدينا الخطة الاقتصادية التي توزّع القطاعات”.

وزارة الأشغال اللبنانية: التوجه الصيني هو توجّه استثماري على المدى الطويل وعلى استملاك المرافق

إذاً يجري لبنان مناقشات مع دول عديدة حول إعادة إعمار ميناء بيروت، منها الصين وفرنسا وألمانيا وتركيا، بالإضافة إلى منافسين آخرين. وفي الرابع من أغسطس العام الجاري، عقدت فرنسا مؤتمراً بالإشتراك مع الأمم المتحدة لدعم لبنان، وثمّة تعهّدات آنذاك بتقديم مساعدات لإعادة بناء مرفأ بيروت من قبل كل من فرنسا وألمانيا، وسط وجود رغبة أمريكية بضمان عدم قيام الصين بذلك.

ويقول الباحث السياسي الدكتور محمد موسى لـ”أخبار الآن“، إنّ “لبنان تلقى عروضاً كثيرة لإعادة إعمار ميناء بيروت بعد الإنفجار الذي حصل في الرابع من أغسطس 2020″، مشيراً إلى أنّ “العرض التركي لم يُكتب له النجاح بفعل الحساسية من الدور التركي في لبنان، لعبت فرنسا دوراً بنّاءً ربما بطرح آخر وكذلك الألمان، أيضاً هناك العرض الصيني الذي يمكن وصفه على أنّه العنكبوت الذي يريد أن يمتد في كلّ مناطق شرق المتوسط”.

وأضاف أنّ “الدور الصيني يتمدّد بكلّ شرق البحر المتوسط لغايات عديدة، أوّلها تمدّد رأس المال الصيني ربّما للتحكّم بالأمور السياسية لهذه الدول نتيجة عجزها عن دفع الديون، وذلك ما حصل مع دولة سيرلانكا حيث استولت الصين على موانىء استراتيجية، وذلك ما جرى مع كينيا في ميناء مومباسا، وذلك ما جرى مع باكستان في ميناء غوادار، وقد أصبحت مديونة باكستان نحو 63 مليار دولار، إضافةً إلى دول أخرى مثل لاغوس وزامبيا… فالدور الصيني يشير بمكان ما عبر هذه الديون، إلى اقتناص اللحظة المناسبة، فعندما تعجز هذه الدول عن دفع ديونها، تتدخل الصين إمّا بحجز ممتلكات وموانىء، وإمّا التدخل بالشؤون السيادية للدول”.

تؤدّي المشاركة الصينية المتزايدة في عمليات الموانىء، إلى تعزيز سيطرة بكين على بنية الربط التجاري في دول المتوسط، فيما إعادة توجيه التدفقات التجارية العالمية بين أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وفقاً لأولويات بكين، سيجعل مشروع الحزام والطريق الصينية مبدأ تنظيمياً مهيمناً في العلاقات الدولية لمنطقة الشرق الأوسط.

يمكن القول إذاً إنّ بكين تسيطرُ بالفعل على الشريانِ البحري التجاري، العابر للبحر المتوسط، الذي يربطُ موانىء مصر بالبر الأوروبي في ميناء الشحن الذي تديره الصين في ميناء بيرايوس باليونان. وتوفّر شركة تشاينا أوشن شيبينغ كومباني خدمة الشحن بالسككِ الحديدية التي تصل في نهاية المطاف، إلى النمسا وجمهورية التشك وألمانيا وبولندا.

فلاديسفياف: إذا لم تتمكن مونتينغرو من تسديد الدين، فإنّ بورت أوف بار سيكون أمام أعين الصين

ويقول الخبير في السياسة الخارجية الصربية ستيفان فلاديسفياف، لـ”أخبار الآن“، إنّ “مرفأ بيرايوس يعتبر مدخلاً جيّداً للبضائع الصينية إلى الأسواق الأوروبية، لكن مازال يجب عليها أن تخرج من اليونان إلى أوروبا الوسطى، ومنها إلى بلدان الإتحاد الأوروبي، وليس فقط البلدان القريبة من البحر والتي لديها واجهة بحرية مهمّة كمونتينغرو و، ميناء بورت أوف بار، لكن أيضاً البلدان النامية غير الساحلية كصربيا، لأنّ البضائع الصينية عليها أن تمر بصربياً من اليونان لتصل إلى بلدان الإتحاد الأوروبي”.

وتابع فلاديسفياف إنّ “خطة الصين هي تقليص النفقات إلى أقصى حدّ لوضع السلع الصينية في السوق الأوروبية، هي بحاجة إلى أقصر الطرق وأرخصها، ومرفأ بيرايوس هو الأهم حالياً، وربّما لاحقاً إذا لم تتمكن مونتينغرو من تسديد الدين، بورت أوف بار، سيصبح ثاني أهم مرفأ في البحر المتوسط”.

يقع ميناء بيرايوس في خليج سارونيك، وهو أكبر ميناء في اليونان، يتميّز بموقع استراتيجي بين القارتين الآسيوية والأوروبية. فوق مدخل ذلك الميناء، ثمّة لافتة كتب عليها كلمات باللغة الصينية، وهي واحدة من العلامات القليلة التي تدل على أنّ بكين تسيطر الآن على رابع أكبر ميناء للحاويات في أوروبا.

يمكن الإستفادة من المزايا الجغرافية للموانئ اليونانية بغية تسهيل وزيادة تدفقات النقل من الصين والشرق الأقصى، إلى الإتحاد الأوروبي ومنطقة البلقان والبحر الأسود، والعكس صحيح.

مونتينيغرو واحدة من الدول التي اختبرت جيّداً فخ ذلك النوع من الديون في بناء الطريق السريع، الذي وصف بالطريق السريع إلى الجحيم، وهي اليوم تقف على مفترق طرق، إمّا أن تسدد الدين للصين، وإمّا أن تخسر السيادة على أجزاء من ممتلكاتها وفق ما ينص العقد. لمونتيغيرو واجهة على المتوسط، وتجربة الطريق السريع جعلت تلك الدولة ربّما تتنبه لمسألة الإستثمارات الأجنبية في مينائها الوحيد، إذا ما ابتعد شبح الفساد.

وهنا يقول نائب رئيس وزراء مونتينيغرو دريتان أبازورفيتش، لـ”أخبار الآن“: “لدى مونتينيغرو مرفأ وحيد ومهم جدّاً بالنسبة لنا، هو بورت أوف بار، ونعتقد أنّه يمكن أن يشكّل نقطة إستراتيجية مهمّة ليس فقط لتطوير بلدنا، لكن أيضاً لمستقبل هذا الجزء من العالم… نحن نريد أن نجد مستثمرين لبورت أوف بار، لكنّنا سنكون حذرين جدّاً في اختيار الشركات التي ستشارك في هذا المشروع”.

أبازوفيتش: من المهم جدّاً أن لا نخطىء عندما نتحدث عن المرفأ الوحيد لدى مونتنيغرو وعلينا أن نكون حذرين

 

وتابع أبازوفيتش: “حتى الآن لدينا عروض من عدّة شركات، وبعضها يتمتع بمصداقية في السوق العالمي، وهي معروفة جدّاً في السوق العالمي، لكنّنا لم نقرّر بعد. في البلدان الصغيرة كمونتينغرو، من المهم جدّاً أن لا نخطىء عندما نتحدث خصوصاً في ما يتعلق بالمرفأ، لأنّه المرفأ الوحيد في البلد، وآمل أن نجد بعض المستثمرين الذين يريدون أن يقدّموا شيئاً جيّداً لبلدنا، وأن يهمهم القيام ببعض الأعمال في مونتيتغرو”.

ويثير توسّع الصين إلى مناطق حساسة إستراتيجياً مثل جيبوتي، القرن الأفريقي وميناء بيرايوس في اليونان العضو في الناتو، مخاوف دولية كبيرة. ويقول موسى إنّ مصر أبرمت اتفاقية مع وزارة التجارة الصينية بنحو 18 مليار، وبذلك تضمن الصين أنّ القاهرة باتت تميل قليلاً إليها، ميناء حيفا في إسرائيل، ويضاف على ذلك ميناء بيروت كواجهة للمتوسط، وهنا تلعب العوامل الجيوسياسية دوراً بارزاً، ناهيك عن تواجد موسكو وهي حليفة الصين بمكان ما بمواجهة الولايات المتحدة”.

وفي صورة تشبه نوعاً ما ما جرى في بيرايوس، تحتل الصين مكانة بارزة في تشغيل موانىء مصر على المتوسط وتوسيع سعتها. ويتمّ التعامل مع غالبية التجارة الخارجية لمصر عن طريق ميناء الإسكندرية وميناء الدخيلة الإضافي. يتمّ تشغيل الميناء من قبل شركة Hutchison port holdings ومقرها هونغ كونغ، كمشروع مشترك بين تلك الشركة وهيئة ميناء الإسكندرية وشركة أخرى. كما أنّ الشركة الصينية تعمل على تطوير ميناء آخر في مصر بسعة 2 مليون حاوية، والذي يبدأ عملياته في العام 2022.

من أشدود إلى بيروت وحتى بنزرت.. لماذا تريد الصين السيطرة على موانىء المتوسط؟

ميناء الإسكندرية في مصر حيث تحتل الصين مكانة بارزة

على الساحل الشرقي أيضاً، قامت مجموعة شنغهاي الدولية للميناء الصينية ببناء ميناء خاص جديد وحديث في خليج حيفا، بسعة حاويات تزيد عن 1.86 مليون حاوية. ومن المقرر أن تقوم الشركة الصينية بتشغيل أكبر محطة حاويات في إسرائيل على مدار الـ25 عاماً القادمة. أيضاً قامت الصين ببناء ميناء جديد في أشدود بمرافق أضافية لإنشاء مركز تطوير لوجستي وتكنولوجيا عالية في شرق المتوسط.

من أشدود إلى بيروت وحتى بنزرت.. لماذا تريد الصين السيطرة على موانىء المتوسط؟

ميناء أشدود في إسرائيل حيث أنشأت الصين مركز تطوير لوجستي وتكنولوجيا عالية في شرق المتوسط

ويقول بيتسون لـ”أخبار الآن“: “ما يثير قلقنا حول تملّكات الصين للموانىء والبوابات في البلاد التي تقع خارج الصين، هو إلى أيّ حدٍّ سيعطي ذلك الحكومة الصينية نفوذاً أو تاثيراً على تلك المناطق، وقد لاحظنا أنّ هذا السؤال يطرح كثيراً، وفكرة التهديد موضوعة تحت المجهر.

من أشدود إلى بيروت وحتى بنزرت.. لماذا تريد الصين السيطرة على موانىء المتوسط؟

ميناء بنزرت القديم في تونس الذي يقع ضمن محور صراع دولي وتحاول الصين السيطرة عليه

هل ينتظر ميناء بنزرت في تونس سيناريو غوادر في باكستان؟

يعتبر ميناء بنزرت القديم في تونس مهمّاً نظراً لموقعه الإستراتيجي، وقد أصبح محور صراع جديد للعبة الدولية الكبرى، يركّز على مَنْ سيطوّر ذلك الميناء ويتحكم بمياهه. الحكايةُ إذاً تكمن هنا، في استراتيجية موقع ميناء بنزرت الحيوي، حيث تسعى الصين بالتنافس مع آخرين، لتعزيز وجودها وتطويرِ ميناء بمياه عميقة، ضمن مشروع الحزام والطريق.

ويوضح النائب التونسي السابق علي بلاخوة، في حديثه لـ”أخبار الآن“، أنّ “الدولة التونسية لم تعرف كيف تستخدم مقدراتها، ما فتح الباب أمام العديد من الدول مثل الصين، التي اخترقت الصناعات التونسية لا سيما قطاع النسيج”. وقال إنّ “أفريقيا هي مستقبل العالم، ومستقبل الإقتصاد في السنوات القادمة، لذا كانت لدى الصين نظرة واضحة، وبدأت تغزو أفريقيا، فيما رأت أنّ لميناء بنزرت ولتونس موقعاً جغرافياً مهمّاً يمنكها من مرور سلس للسلع إلى بقية دول أفريقيا”.

بلاخوة: العروض الصينية تقوم على المديونية وتونس تعاني وضعاً صعباً للغاية يفترض بنا تجنّب المزيد من الديون

نظراً لتلك الأهمية، فقد أصبح ميناء بنزرت يقع ضمن محور صراع بين قوى عالمية، وهو يعتبر كذلك حلقة الوصل لشبكة الألياف الضوئية البحرية المهمّة التي تربط الولايات المتحدة الأمريكية وأووربا بآسيا والشرق الأوسط، وهنا تزداد مخاوف البيت الأبيض لناحية أنّ الصين قد تحاول الإستفادة من شبكة الإتصالات إذا ما عزّزت وجودها في بنزرت.

وقال الصحافي الإقتصادي عبد السلام الهرشي لـ”أخبار الآن“، إنّ “الصين بدأت في مغازلة تونس وحكوماتها المتعاقبة بعد الثورة من خلال تقديم هبات وإنجاز مشاريع، وآخرها كان مشروع المستشفى العسكري في مدينة صفاقس على خلفية مواجهة أزمة كوفيد”، مشيراً إلى أنّ “الصين اليوم تحاول السيطرة على ميناء بنزرت  في تونس لاعتباره جزءاً لا يتجزأ من طريق الحرير، وجزءاً من الإكتساح الإقتصادي للصين، وسبق لها أن اقتحمت منطقة القرن الأفريقي، وسيطرت على موانىء في جيبوتي واليونان”. وأضاف أنّ “السيطرة على ميناء بنزرت يعتبر نقطة مهمّة  جدّاً في السيطرة على الممرّات البحرية في البحر الأبيض المتوسط”.

وبينما تتنافس الولايات المتحدة والصين على تطوير ميناء بنزرت، تبذل فرنسا قصارى جهدها للتأكد من عدم حدوث أيّ تنمية في بنزرت، يمكن أن تهدّد الموقع التجاري لميناء مرسيليا الفرنسي الرئيسي على البحر المتوسط.

وقال الهرشي إنّ “الصراع بين فرنسا والولايات المتحدة والصين للسيطرة على ميناء بنزرت، ظهر منذ 5 أو 6 سنوات على أبعد تقدير… ففرنسا لا تريد لذلك للميناء أن يتطور بسبب تهديده المباشر لميناء مرسيليا الرئيسي على المتوسط، الولايات المتحدة لا تريد أن تسيطر الصين على الميناء كونه يحتوي على نقطة التقاء الألياف الضوئية، فيما تريد الصين أن يكون الميناء جزءاً من طريق الحرير”.

بالنسبة للبعض في تونس، الصورة واضحة للغاية خصوصاً أنّ البلاد تعاني من وضع اقتصادي صعب، يوجب التفكّر ملياً بأيّ خطوة يمكن اتخاذها أو أيّ إجراء، وذلك ما يشير إليه بلاخوة، الذي من الطبيعي أن يكون مطلعاً على التفاصيل بعض العروض والعقود، ومن هنا فهو يشير إلى أنّ أن القروض الصينية قائمة على المديونية والقروض التي يجب أن تسدّد في وقت معين، معتبراً أن “تونس تعاني من وضع إقتصادي صعب للغاية، الأمر الذي يحتّم عدم زيادة الديون أكثر من اللازم”، داعياً إلى “التوجه نحو الإستثمارات التي تعود بالفائدة على تونس وشعبها”.

بيتسون: مع الشحن الدولي والتجارة العالمية عبر البحار يوجد أيضاً تدخل عسكري

لقد حقّقت الصين في الآونة الأخيرة توسّعاً هائلاً في الإستثمار بعشرات الموانئ العالمية، وقد استحوذت على بعضها في مسعى أثار قلق بعض المحللين لإمكانية أن يكون هناك غرض عسكري لبكين وراء ذلك. ويقول بيتسون لـ”أخبار الآن“: “أعتقد أنّ الموضوع الآخر الذي يجب التنبّه إليه، ويجب أخذه بعين الإعتبار، هو أنّه مع الشحن الدولي والتجارة العالمية عبر البحار، يوجد أيضاً تدخل عسكري، وذلك أمر تاريخي يقضي بأن تقوم القوّات البحرية بحماية تجارة البلد المصدر للبضائع”.

وتابع: “أعتقد أنّ السؤال هو، لماذا الناس قلقون من الإستثمارات الصينية في تلك الموانىء حول العالم؟ نحن لدينا مجتمع ذكي ومجتمع أمني ومجتمع عسكري، يعتبر ذلك نوعاً من التهديد المحتمل، والسبب في ذلك يعود إلى أنّه يترافق مع الشحن التجاري دعم بحري وعسكري، لذا بالطبع نحن نتوقّع من المجموعات العسكرية والأمنية والإستخباراتية أن تبدي اهتماماً بالأمر، وأن تتطلع إلى ما خلف حقيقة مجرد تسليم البضائع من الصين إلى كلّ العالم عبر هذه الموانىء، وأن تفكر إلى أيّ مدى هذه القوى العسكرية متورّطة، وإلى أيّ مدى ستؤثّر الصين على هذه البلاد التي تستثمر في موانئها”.

شاهدوا أيضاً: على مونتينيغرو دفع 67 مليون يورو سنوياً للصين.. دين هائل فما الحل؟