سلسلة من الظلمات إلى النور

وسط أصوات طرق الحديد، سرنا في طرقات سوق باب السراي في الموصل لنزور العم أبو العبد في محله داخل واحد من أقدم أسواق المدينة. إن حكت هذه الطرقات، فستحكي أمجاداً تجارية كثيرة عرفتها الموصل منذ صدر الإسلام. وستحكي آلاماً شهدتها في عصرنا الحديث حين احتل داعش الموصل ودمر فيما دمر، هذا السوق العريق.

مع دحر داعش، بدأ ملاك المحال والتجار بإعادة بناء دكاكينهم وتجارتهم من جديد، فالسوق، موطن عمرهم حيث تعلموا التجارة وفنونها، وهو فصل كبير من تاريخ الموصل وتراثها يوثق مهارة حرفييها وبراعة تجارها.

وصلنا عند العطار عبد السلام، وأخبرنا أن السوق يعني له كل شيء، ففيه نشأ طفلاً، وفيه تعلم كل صغيرة وكبيرة عن المهنة وعلمها لأولاده، وفيه ألف كتاباً عن العطارة. ومع تطور التقنيات، وسّع خبرته بالمهنة عبر الإنترنت ليتكيف مع متغيرات الزمن.

إصرار كثير من التجار على بناء محالهم وفتحها يشجع الآخرين على العودة لسوق باب السراي، مقصد العراقيين من كل المحافظات. العم أبو فارس فرحٌ بعودة الحياة للسوق بالرغم من تبعات الإغلاق نتيجة انتشار فيروس كوفيد ١٩. لكنه يشجع الملاك على إعادة بناء دكاكينهم فباب السراي هو هويتنا أباً عن جد كما قال، وأهل السوق سند بعضهم البعض بالمحبة.