هل توجه إسرائيل ضربة عسكرية ضد المواقع النووية الإيرانية؟

غيوم أزمة معقدة تتراكم في أجواء الشرق الأوسط تجعل المنطقة في حالة اكتئاب سياسي بانتظار المجهول المدمر. معظم أنحاء المنطقة في حالة صعبة من الاحتقان ولكل بلد أسبابه لكن النتائج ستكون متشابهة. غير أن أخطر ما يمكن أن يحدث هو المواجهة الإسرائيلية الإيرانية التي تبدو وكأنها اقتربت بحسب آراء بعض الخبراء الذين نشرت آراؤهم في صحف عالمية.

هناك الآن بعض المؤشرات التي تدل على أن إسرائيل قد تتسرع وتوجه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية. لكن اتخاذ قرار حاسم ونهائي بهذا الشأن لا يزال يصطدم بموقف المخابرات الإسرائيلية “الموساد” الذي يرفض قادته اللجوء إلى القوة العسكرية المباشرة لتعطيل البرنامج النووي الإيراني لأنهم يرون أن هذا الأسلوب سيفتح الباب لحرب شاملة لا تقدر عليها المنطقة وكذلك إسرائيل. كما سبق للمؤسسة العسكرية الأمريكية في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن أن رفضت الموافقة على توجيه ضربة عسكرية لتعطيل المشروع النووي الإيراني. لكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة ستقف مكتوفة الأيدي لترى إيران تمتلك سلاحا نوويا، وقد تعهدت أكثر من مرة أنها لن تسمح لإيران بذلك مهما كلف الثمن. إلا أنها لا تزال في الوقت نفسه متمسكة بالخيار الدبلوماسي حتى النهاية لأنها لا تريد أن تتورط في حروب جديدة.

الحرب الخفية بين إيران وإسرائيل هل تظهر في جنوب لبنان؟

الذين رأوا تلك المؤشرات رأوها من خلال معلومات تسربت عن تسارع قدرات إيران  النووية واقترابها من صنع القنبلة وقالوا أن إيران قد تحتاج فقط اثني عشر يوما لذلك ونسبوا هذه المعلومات إلى وكيل وزارة الدفاع الأمريكية الذي قال إن لدى إيران قدرة على إنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية اللازمة لصنع تلك القنبلة. كذلك يعتقد هؤلاء أن احتمال حصول إيران على منظومة صواريخ روسية من طراز إس 400 سيجعل نجاح أي ضربة إسرائيلية أمرا مشكوكا فيه.

ومن المؤشرات الأخرى التي يقال أنها توحي باقتراب توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية ما برز في الأسابيع القليلة الماضية من تقارب أمريكي إسرائيلي تمثل في مناورات عسكرية مشتركة قيل في وقتها أنها تستهدف التدرب على عمليات هجومية بعيدة المدى واختبار التنسيق الأمريكي الإسرائيلي في حال قيام إسرائيل بضرب إيران. ومن المؤشرات الأخرى قرار الحكومة الإسرائيلية بزيادة حجم الموازنة العامة للدولة لهذا العام بتخصيص مليارين وثمانمائة مليون دولار لدعم تدريبات متعلقة بالهجوم على المنشآت النووية الإيرانية.

ومع أن الضربة الإسرائيلية لم تحدث بعد وقد لا تحدث أبدا وفقا لموقف الموساد الإسرائيلي إلا أن الحرب بين إيران وإسرائيل مستعرة بصورة خفية وعلى أكثر من جبهة. فالطيران الحربي الإسرائيلي لم يتوقف عن ضرب أهداف إيرانية في سوريا وقبل بضعة أسابيع تم توجيه ضربة قوية لإحدى المنشآت العسكرية في أصفهان. وهذه الضربات في إطار الحرب الخفية هي من هندسة الموساد الذي تعهد منذ عشرين عاما تقريبا بمتابعة الملف النووي الإيراني وتعطيله بالأساليب الاستخباراتية والعمليات السرية. وإذا ما كان من الضروري القيام بعمليات حربية مكشوفة ضد مصالح إيران فقد تكون ضد حزب الله في لبنان. ولهذا يمكن التكهن بأن حرب تموز عام ألفين وستة بين إسرائيل وحزب الله كانت في هذا السياق.

 

الحرب الخفية بين إيران وإسرائيل هل تظهر في جنوب لبنان؟

ومن هنا أيضا يمكن تصوير التهديدات القوية التي اطلقها زعيم حزب الله ضد إسرائيل ومناورات إسرائيل الواسعة قريبا من حدود لبنان الجنوبية في الأسبوع الماضي في هذا الإطار أيضا. فهذه المناورات التي تحاكي سيناريو مواجهة متعددة الجبهات مع حزب الله كان التركيز فيها على استخدام الدبابة الإسرائيلية المتطورة ميركافا  وبحسب ما أشارت إليه بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن إسرائيل تستعد لخوض معارك ضد الحزب ستكون مختلفة تماما عن معارك ألفين وستة وكذلك ستكون نتائجها.

ولا شك أن تل أبيب تريد تدمير حزب الله الذي يعتبر ذراعا عسكرية إيرانيا قد تستخدمه طهران للانتقام من إسرائيل. ومع أن حزب الله هدد بإشعال الجبهة مع إسرائيل لأنه لا يريد المشاركة في أي حرب أهلية لبنانية في حال اندلاعها إلا أن إسرائيل على ما يبدو هي التي  تريد هذه المرة الاشتباك مع الحزب لتصفية حسابها معه قبل أن تنشغل بجبهة إيران.

قد لا تكون إيران راغبة بإشعال جبهة جنوب لبنان لكنها قد تفعل لإشغال إسرائيل والعالم بينما تقوم هي بتحضير مواد سلاحها النووي خصوصا بعد أن تم رصد قيامها بتخصيب يورانيوم بدرجة تقترب من تسعين في المئة وهي النسبة المطلوبة لصنع القنبلة.

لماذا يرى قادة الموساد أن عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية قد لا تحقق النتائج المطلوبة؟ يدرك الموساد أن المنشآت النووية الإيرانية تزيد في عددها عن عشرين منشأة وهي موزعة على مساحات متفرقة من البلاد. كما أنها منشآت متكررة بحيث لو ضربت إحداها فهناك غيرها تقوم بنفس المهام ولن تكون إسرائيل قادرة على تدمير جميع المنشآت في عملية واحدة. وكان تقدير الموساد أن ضرب المواقع النووية الإيرانية سيفتح باب الحرب الشاملة في الشرق الأوسط الذي سيصعب إغلاقه.

الحرب الخفية بين إيران وإسرائيل هل تظهر في جنوب لبنان؟

في الأثناء تستمر الحرب الخفية التي يقودها الموساد ضد المشروع النووي الإيراني. وبحسب خبراء يتابعون هذا الملف فإن الموساد ومنذ سنوات طويلة نجح في اختراق الأجهزة الأمنية الإيرانية ونفذ الكثير من العمليات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية والعلماء الإيرانيين. وقد عمل الموساد ضمن خطة متعددة الأهداف أبرزها تخريب المنشآت من الداخل بواسطة عملاء سواء بأساليب إلكترونية أو بالتفجير، واغتيال العلماء والقادة سواء باغتيال مباشر أم بتفجير وسائل النقل التي كانوا يستخدمونها أحيانا بشكل جماعي، وكذلك التخريب السبراني عن بعد.

بالرغم من كل ما يقوم به الموساد من عمليات ضد إيران وما تقوم به الطائرات الإسرائيلية من استهداف المواقع الإيرانية في سوريا وقوافل الإمدادات العسكرية التي ترسلها إيران إلى حزب الله إلا أن إسرائيل لا تعلن عنها كما أن إيران لا تقوم بأي رد ضد إسرائيل بل تلتزم الصمت المطلق وكان شيئا لم يحدث.

لقد ظلت حكومات تل أبيب في السابق ملتزمة بنصيحة الموساد بعدم القيام بعملية عسكرية مباشرة ضد إيران. لكن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتانياهو قد لا يلتزم بهذه النصيحة. فهو بحاجة إلى تحقيق إنجاز عسكري مهم على أي جبهة ممكنة حتى يتمكن من تمرير تعديلات قوانين القضاء لحماية نفسه من الإدانة بالفساد حتى لو كان ثمن ذلك الإنجاز أكبر من أن تحتمله بلاده.

 

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن