كان لافتًا أن يتحدث أحد قادة حزب الله السابقين بهذه الجرأة

  • رجّح الطفيلي مسؤولية حزب الله عن تفجير مرفأ بيروت
  • اتهم معظم قادة لبنان بنهب الدولة

في مقابلة زادت مدتها عن ساعة مع برنامج “بدنا الحقيقة” الذي تبثه إذاعة صوت بيروت إنترناشونال كان حديث الشيخ صبحي الطفيلي أحد مؤسسي حزب الله الأوائل وفي هذه المقابلة تجاوز الشيخ الطفيلي كل الخطوط الحمراء في انتقاده لحزب الله وقيادته وكذلك قيادات الشيعة في لبنان وغيرهم.

كان لافتا جدا أن يتحدث أحد قادة الحزب السابقين بهذه الجرأة والصراحة. بعد مراجعة فيديوهاته على اليوتيوب تبين أن الشيخ الطفيلي دائما يتحدث بهذه الصراحة ولكن في هذه المرة كانت صراحته متجاوزة الحدود.

أخطر ما قاله الطفيلي وبوضوح تام ترجيحه مسؤولية حزب الله عن تفجير مرفأ بيروت معتبرا أن الحزب لم يقل الحقيقة عندما أعلن عدم علمه بوجود نترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 في المرفأ.

أما الاتهام الخطير الثاني الذي وجهه الشيخ الطفيلي لحزب الله فهو قوله أن الثنائي الشيعي ويقصد حزب الله وحركة أمل هما من يتزعما الفساد في لبنان ويسهلان الهيمنة الإيرانية عليه.

ويستند الشيخ الطفيلي في اتهامه للحزب بتفجير المرفأ وكما قال بعد الانفجار بأيام أن توقيت التفجير قبل إعلان قرارات المحكمة الدولية الخاصة بقضية رفيق الحريري هو ما يثير الشبهات. وتساءل هل حقا أن لا أحد من المسؤولين في لبنان كان يعلم بوجود هذه الشحنة؟

في كل فيديوهاته يبدو الشيخ الطفيلي وكأنه يقود حملة ضد حزب الله وضد النفوذ الإيراني في لبنان محاولا إبعاد شبح هيمنة طهران على القرار اللبناني. وقد كان صريحا باتهام إيران بأنها كانت وراء اختيار الرئيس ميشال عون لرئاسة الجمهورية ولولا التأييد الإيراني وتأييد حزب الله لم يكن ممكنا أن يتولى عون الرئاسة.

يعرف اللبنانيون أن الشيخ الطفيلي ومنذ سنوات على خلاف شديد مع حزب الله وسبق له أن اتهم الحزب بما هو أخطر بكثير من قضية تفجير مرفأ بيروت. وهذا الخلاف يعود إلى العام 1991 ولا يزال الشيخ الطفيلي يتهم حزب الله بأنه يحكم لبنان بسلاحه ويقود وفق ما قاله في هذه المقابلة المطولة ما أسماه بسفينة اللصوص وتجار المخدرات ويرى أن الدولة اللبنانية تتصرف وفق رغبات الحزب مما يجعل التغيير في لبنان مستحيلا في ظل هذه الظروف.

ينظر الشيخ صبحي الطفيلي إلى سلاح حزب الله على أنه سلاح إيراني

ينظر الشيخ صبحي الطفيلي إلى سلاح حزب الله على أنه سلاح إيراني ويستخدم في لبنان للتسلط على شؤون البلاد وليس لخدمتها. فهو يرى أن حزب الله يخدم أجندة إيران في لبنان وما يجري في البلاد هو جزء من السياسة الإيرانية ولذلك استخدم الحزب في إخماد انتفاضة أكتوبر عام 2019.

في كل يوم جمعة يبث الشيخ الطفيلي خطبة مسجلة يحرص فيها على انتقاد إيران وحزب الله ويتهمهما بمحاولة تفكيك لبنان وتدمير اقتصاده وحماية الفاسدين فيه بالإضافة إلى نشر الجوع والفقر. كما يتهم إيران باستخدام حزب الله ورقة في صراعها مع الولايات المتحدة والغرب. وهو أيضا يواصل اتهام إيران بتشجيع الفتنة في العراق وسوريا واليمن.

لذلك كان الشيخ الطفيلي بحسب ما يقول من أشد المعارضين لمشاركة حزب الله في الحرب في سوريا أو إرسال مقاتليه إلى العراق واليمن.

عندما جرت انتخابات لبنان في مايو الماضي كان الشيخ الطفيلي أحد الذين طالبوا بمقاطعتها إلى درجة أنه وصف في أحد فيديوهاته عشية الانتخابات المشاركة فيها بأنها أشبه بارتكاب الكبائر والمشاركة في الفساد.

كان الشيخ صبحي الطفيلي في العام 1982 أحد اهم مؤسسي حزب الله وكان ذلك بدعم إيراني واضح وعمل على تسهيل دخول عناصر الحرس الثوري الإيراني إلى لبنان لتدريب الشباب وتهيئتهم لمقاومة الاحتلال في الجنوب. وفي الثمانينيات خاض أنصاره معارك ضد ميليشيات حركة أمل في إقليم التفاح في الجنوب اللبناني.

كانت قيادة الحزب منذ تأسيسه حتى العام 1989 قيادة جماعية وكان موقع الشيخ الطفيلي في هذه القيادة متقدما فانتخب أمينا عاما عام 1989 حتى العام 1991 عندما جرى انتخب أمين عام جديد هو عباس موسوي الذي اغتالته إسرائيل عام 1992. كان تركيزه في أثناء قيادته للحزب على تصعيد العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب. وبعد انسحاب إسرائيل من المنطقة عام الفين كان يرى أن مهمة الحزب العسكرية يجب أن تتوقف عند ذلك.

كان الشيخ صبحي الطفيلي في العام 1982 أحد اهم مؤسسي حزب الله

بعد خروجه من قيادة حزب الله عام 1992 بدأ التنافر بينه وبين القيادة الجديدة للسيد حسن نصر الله تظهر بوضوح. واخذ تاريخه يحفل بالعديد من المواقف الخلافية وأول انتقاد وجهه للحزب هو انتقاده لانخراط الحزب في الحياة السياسية اللبنانية كما اعترض على شخصنة قيادة الحزب بالإضافة إلى رفضه تحالف الحزب مع حركة أمل عام 1996. واختلف علنا مع رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري كما اعترض على اتفاق نيسان بين حزب الله وإسرائيل الذي أوقف عملية عناقيد الغضب الإسرائيلية التي استهدفت الحزب في سنة 1996. لكن قيادة الحزب قررت في العام 1998 فصله وإبعاده عن أي نشاط يخص حزب الله فبدأ منذ تلك السنة بتوجيه الانتقادات العلنية للحزب وسوريا وإيران. وفي العام 1997 قاد ما عرف بثورة الجياع وقاد عصيانا ضد الدولة اللبنانية لكن نشاطه هذا انتهى دون أي نتائج لينتهي به الأمر في ما يشبه الإقامة الجبرية في منزله في قرية بورضاي إحدى قرى قضاء بعلبك في لبنان.

وقد سالت أحد الباحثين اللبنانيين وهو على دراية بتفاصيل ما يحدث في لبنان وحزب الله عن تصريحات الشيخ الطفيلي الأخيرة فقال أنه سيكون لها بالتأكيد تأثير كبير على سمعة الحزب في لبنان والخارج. لكن هذا الباحث يرى في الوقت نفسه أن الشيخ الطفيلي معزول كليا في الطائفة والحزب لأسباب كثيرة وبعيدا عن موقفه من حزب الله. وبخصوص اتهامه للحزب بالمسؤولية عن تفجير المرفأ يقول الباحث أن الشيخ الطفيلي في ظروفه الحالية غير مطلع بشكل واف على تفاصيل آليات اتخاذ القرار وتراتبية القيادة الحقيقية داخل الحزب.

كذلك يرى هذا الباحث أن لا أحد يدري على وجه الدقة إن كان للطفيلي أنصار في صفوف قيادة الحزب أو كوادره. ويضيف الباحث أن بين أبناء الطائفة الشيعية في لبنان كثيرون يعارضون حزب الله وسياساته لكن هذه المعارضة لها أسبابها الموضوعية عند هؤلاء ولا تعني بأي شكل من الأشكال تأييد طروحات الشيخ الطفيلي.

من المعروف بحسب كثير من المطلعين على الشأن اللبناني أن أعضاء الحزب يكنون الولاء الشديد لأمينه العام ولا يلتفتون إلى أي رأي معارض له. كما أن كثيرين يرون أن الشيخ الطفيلي لا يمثل إلا نفسه ولا يحمل أي مشروع سياسي وليس له أي قاعدة جماهيرية.

قد لا تؤدي تصريحات الشيخ الطفيلي إلى أي نتائج مباشرة لكنها بالتأكيد قد تثير الشكوك تجاه قيادة الحزب وتصرفاته في لبنان والخارج خصوصا أن بث تصريحات الشيخ الطفيلي هذه المرة لم تكن محصورة في موقعه الخاص على السوشال ميديا لكنها كانت عبر إذاعة مسموعة جيدا في لبنان والمهجر.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن