يخشى اللبنانيون أن يتحول لبنان إلى دولة فاشلة

بقاء الأحوال في لبنان هكذا معلقة بين التوتر والإشكالات الأمنية يثير مخاوف اللبنانيين واحيانا ترعبهم فكرة العودة إلى الحرب الأهلية وفي ابسط الأحوال يخشى اللبنانيون أن يتحول لبنان إلى دولة فاشلة فاقدة لأهليتها ومفتقدة للقانون والانضباط.

حالة الاستقطاب تتضح يوما بعد يوم والأصوات بدأت ترتفع تجاه مواقف حزب الله الذي بات يشكل وفق ما يقوله بعض القادة اللبنانيين تهديدا وجوديا.

فتصريحات أمين عام الحزب الأخيرة عن وجود مئة ألف مقاتل تحت السلاح بإمرته أمر مرفوض وفق ما يقوله النائب زياد حواط الذي وصف هذا الإعلان بانه تهديد صريح.

ووصل الأمر بنائب آخر وهو نديم الجميّل إلى القول أن حزب الله صار عدو لبنان وصار الخلاف في لبنان ليس بين أحزاب وأحزاب أخرى وإنما بحسب تعبير النائب فؤاد مخزومي بين شعب لبنان وحزب الله.

لكن انصار حزب الله يرون أمرا آخر وهو أن قوى خارجية تعمل على إغراق الحزب في الحرب الأهلية أو في الانشغالات الداخلية لإبعاده عن هدف التحرير.

لكن في الحقيقة أي تحرير؟ لم يبق محتلا سوى مزارع شبعا حتى هذه يقال أنها تابعة لسوريا وليست لبنانية. فلماذا لا يزال الحزب مصرا على الاحتفاظ بسلاحه ورجاله وصواريخه؟

يعتمد حزب الله في تمويله وتسليحه على إيران ومن هنا يتضح انه إن لم يكن خاضعا كليا لنفوذ إيران فإنه على الأقل تحت إمرتها ويسمع كلمتها ولذا يتهمه كثيرون بأنه ذراع إيران في المشرق العربي.

والحزب أصلا لا يخفي ولاءه الطائفي لإيران ولم يعد سرا أن ما يعمل عليه الحزب هو ربط لبنان بأجندة إيران وهذا سيكون له ثمن مرتفع جدا.

فهل يسعى الحزب لإعداد الأرضية اللازمة لسيطرة إيران على لبنان من خلال القوة العسكرية للحزب؟ هل يريد ربط مصير لبنان بقرار إيران؟

بحسب ميثاقه يلتزم الحزب بما يعرف بولاية الفقيه وفي فلسفته السياسية تبنى إقامة نظام إسلامي لكنه لم يلتزم بذلك وسرعان ما عدل ميثاقه عام ألفين وتسعة ولم يعد يشير إلى إقامة جمهورية إسلامية في لبنان ومع ذلك لم يصدقه أحد لأن الفكرة السائدة عن الحزب أن له أهدافا خفية وغير معلنة.

من المعروف أن حزب الله وهو كيان سياسي عسكري واجتماعي كان يتمتع بقاعدة جماهيرية ونفوذ كبير في أوساط اللبنانيين وخصوصا الشيعة منهم لكنه الآن بات بحسب بعض المصادر يعاني من ضعف شعبيته خارج بيئته الطبيعية ويعتبره كثيرون بأنه صار دولة داخل الدولة.

وبحجة المقاومة صادر الحزب قرارات الدولة ويتصرف أحيانا بالنيابة عنها.

وللحزب قواته المسلحة وهيئاته الاجتماعية وشبكة اتصالاته الخاصة ونقلياته الخاصة بالإضافة إلى النشاطات الاقتصادية والمالية المستقلة عن الدولة التي توفر له موارد مالية هائلة.

التساؤل هنا هل يستطيع حزب الله أن يحول لبنان إلى ساحة خلفية لإيران؟

هو يسعى لذلك حيث تكاد قبضته تشمل كل لبنان مع أن آخرين يرون أن هذه القبضة آخذة بالتراخي بدليل أن ارتفاع صوت التهديد قد يكون يخفي ضعفا غير ظاهر.

ما يساعد حزب الله على تعزيز نفوذه ضعف مؤسسات الحكم في لبنان ومن خلال وزرائه في الحكومة يقرر الحزب الكثير من سياسات الدولة ويستطيع تعطيل أي قرار لا يخدم مصلحته.

وقد استطاع الحزب أن يزرع أعوانه وأنصاره في مختلف المؤسسات الحكومية ليكونوا له أدوات إما لتسهيل تصرفاته أو دعما لها.

قد يصعب على اللبنانيين قبول وجود جيش غير نظامي من مئة ألف مقاتل غير تابعين للدولة ارتباطهم مع جهات خارجية لا يتوافقون معها.

وهذا الجيش هو بامتياز جيش طائفي لأنه يتبع طائفة واحدة ويخدم أهداف زعامة هذه الطائفة. وقد بات سلاح حزب الله يشكل كابوسا يهدد اللبنانيين الذين يتوقون للاستقرار والأمن المجتمعي والسلم الأهلي.

وكان واضحا أن الحزب يعمل وسبق له أن عمل على الوصول إلى الحافة ثم التوقف قبل الانفجار.

ولكن هل يستطيع الحزب أن يضمن الوقوف قبل الانفجار في كل مرة يحدث فيها إشكال امني أو احتكاك طائفي؟

لقد فعل ذلك في السابع من أيار عام ألفين وثمانية عندما سيطر مقاتلو الحزب على أجزاء من بيروت ووقعت اشتباكات قتل فيها ثمانون شخصا ثم تمت السيطرة على الموقف.

وفعلها ثانية في ما عرف بغزوة القمصان السود في أكتوبر عام ألفين وتسعة عشر عندما هاجم مسلحون من الحزب وحركة أمل المتظاهرين المحتجين على الفساد.

فهل يخطط حزب الله للاستيلاء على الحكم في لبنان لتنفيذ الأجندة الإيرانية؟

بالتأكيد ليس الأمر بهذه السهولة ولو حاول الحزب أن يفعل ذلك برغم القوة التي يملكها فإنه لن يتمكن من ذلك قبل دمار لبنان ولذلك لا يفكر الحزب بهذا ولا يستطيع تحقيقه في المدى المنظور.

وقد سبق له أن أعلن صراحة أنه لا يريد حكم لبنان وأنه يدعم ما جاء في اتفاق الطائف من مبدأ عدم جواز استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

لكن ما يفعله الحزب هو إضعاف السلطة اللبنانية للسيطرة على القرار بما يجعل لبنان تابعا لقوة خارجية تتحكم فيه بواسطة حزب مسلح وبهذا يكتمل الهلال الشيعي الذي يفرض أجندته على المنطقة.

من الواضح أن الحزب يقوم بالسيطرة على لبنان بالتقسيط. أحيانا بالتهديد والوعيد مثلما كان في الخطاب الأخير لأمينه العام وأحيانا باستعراض القوة والتخويف. وكلما كان هناك حدث أو قرار ليس على هواه يستنفر قواته ويصرخ بالصوت العالي ويحقق ما يريد ثم يطوي الصفحة وكأن شيئا لم يحدث.

الآن يخشى حزب الله نتائج التحقيق في انفجار المرفأ لئلا ينكشف تورط أي من المسؤولين في الحزب ولذلك يحتج على كل محقق ويتهمه بتسييس التحقيق لأجل تذويب القضية.

ويخشى المتابعون للشأن اللبناني أن تحاول السلطات اللبنانية ولأجل تحاشي أي مخاطر مستقبلية أن توقف التحقيق فعلا وتبرر ذلك بأن مضار التحقيق أكبر من منافعه.

هكذا يحقق حزب الله مراده لكن أطرافا لبنانية عديدة لن ترضى وهنا قد يقع المحظور. في هذه الحال تصبح لبنان دولة فاشلة بالفعل وخاضعة لإملاءات حزب مرتبط بالخارج لا حكم فيها للقانون والدستور ويصبح الانفلات شاملا وتصبح الحرب الأهلية نتيجة منطقية لكل هذا.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن