حكايتي مع الإعلام
أول مرة رأيت فيها عدسات الكاميرا كان عمري أربع سنوات. أول مرة القيت خطابا امامها كان عمري ستة سنوات. الاحساس الذي شعرت به والذي غمر قلبي لن أنساه أبدا. اخبرني الكثيرون في الماضي انه لم يكن سهلا التحدث أمام الإعلام، انها مهمة صعبة “مواجهة” الصحفيين واسئلتهم في بعض المرات تؤدي إلى إثارة الحرج و القلق. لم أكن أفهم غاية وحجة استعمال كلمة “مواجهة” وكأنها كانت معركة بين الاناس والاعلاميين وكأنه لم يكن لدينا نفس الاهداف وكنا على خطين متنافسين. لم تكن تلك نظرتي عن الاعلام.
كنت أحس إنها حقيقة فرصة بأن أتحدث أمام كل هذه الكاميرات والاجهزة و الميكروفونات وأتذكر أنني كنت أفكر في خاطرتي، ان كل كاميرا كانت تمثل الآلاف من المشاهدين والاصدقاء الاعزاء وان كل واحدة منها كانت ستمكن ان يكون صوتي مسموعا وألا تكون نظرة العالم تجاهي نظرة على “طفل صغير واجبه الوحيد الذهاب الى المدرسة و لا يدري أي شيء بخصوص أي موضوع خارجي”.
إن كانوا بقوا “انفسهم” و لم يغيروا اي شيء من شخصيتهم الرائعة وكشفوها للعالم، فكانت حياتنا الآن قد تغيرت وكنا حتى تجاوزنا هذا الوباء بروح التضامن والمساعدة التي كانت قد خلقتها افكارهم. لكن للأسف، نحاول دوما امام الجمهور ان نصبح أشخاص مختلفين عن “أنفسنا” وذلك ربما لأننا نظن انه علينا تقليد من نراهم في التلفزيون ونتوقع انهم القدوة والمثال و ان لا شيء يجب ان يكون مختلفا عنهم لا في الحركات ولا في الافكار وحتى طريقة التفكير.
ما لا نعلمه أن هؤلاء نفس الأشخاص لم يقلدوا سلفهم لأجل النجاح وتحقيق أهدافهم وانهم لما كانوا قد وصلوا الى ما وصلوا اليه ان لم يثقوا في صوتهم وفي أنفسهم.
عالم الإعلام بالتأكيد هو عالم مختلف عن كل العوالم الاخرى لكن لا يجب أن يكون ذلك عائقا لأجل التقدم والقيام بخطوات جديدة لأن الاختلاف بامكانه ان يكون فرصة وميزة اكثر من ايجابية، ميزة تساعدنا في كل مساعينا. عالم الاعلام يمكن من بناء جسر بين الشعوب والحضارات وهذه فرصة تاريخية للتعريف عن انفسنا وقيمنا السلمية وحبنا للمعرفة ولاكتشاف الآخر. اتذكر كل واحدة من مقابلاتي الصحفية التي اجريتها في الماضي وكل واحدة منها قربتني اكثر من هدفي في ايصال رسالة السلام، كل المقابلات التي حظيت بها وحتى الاصعب.
اليوم، الإعلام يمكنني من كتابة هذه الكلمات ومشاركة تجربتي معكم وفي نفس هذه الفترة، أخبار الآن تطلق شعارها الجديد “لكل منا قصة” الذي يؤكد دور الاعلام في مشاركة قصص الجميع وتعريفها للعالم أجمع كي يكتشفها ويتمتع بها لأن أفكارنا كلها تستحق أن يتم السماع اليها.