لا تتوقف قطر أبدا عن محاولاتها وضع العصي في الدواليب، فرغم أن الأمم المتحدة اعلنت يوم 24 ديسمبر 2021 لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لليبيا، حسب النتائج التي تحدث عنها عدد من المشاركين الليبيين في المحادثات السياسية الجارية في تونس، ومع ذلك فاجأت قطر  المجتمع الدولي بتوقيع اتفاقية تعاون في مجال التدريب وبناء القدرات العسكرية مع حكومة الوفاق، منتهية الصلاحية.

يبدو أن قطر وتركيا وحكومة الوفاق، ليس لديهم أدنى إهتمام لما يمثله الحل السياسي المتوافق عليها شعبيا ودوليا لعودة الإستقرار والأمن إلى ليبيا، وبالفعل هم يرون أن ليبيا مجرد “كعكة” وعليهم القتال للحصول على أكبر قطعة ممكنة، ولا يلقون بالا إلى أن هذه الدولة العربية التي مزقتها الثورة الشعبية في العام 2011، وعاث فيها الإرهابيون والفاسدون خرابا، بتمويل قطري، قد آن لها أن ترتاح قليلا، وأن فيها شعبا يريد أن يمضي الحياة المستقرة الآمنة.

الإتفاق العسكري بين الليبيين أكد على عدم الإعتراف بأي اتفاقيات وقعت خلال الفترة الماضية، سواء تلك التي وقعتها حكومة الوفاق مع تركيا أو الإتفاقية التي وقعتها قطر أول أمس، فالجميع يعلم أن إتفاقيات أنقرة والوفاق قد فتحت الباب على مصراعيه لتركيا لإحتلال ليبيا ونهب خيراتها، ونقل المرتزقة الإرهابيين جهارا نهارا إلى شوارع طرابلس ومصراتة، وكانت السبب الأول في تعميق الصراع وزيادة مساحات النزاع بين الأطراف الليبية، وبالتالي فإن إتفاقية الدوحة، ما هي إلا وسيلة أخرى لحماية الميليشيات الإرهابية التي تسيطر على طرابلس بصيغة أطلق عليها “التعاون الأمني”.

المحاولات القطرية الإستفزازية، سوف تقود بلا شك إلى العودة للانقسام وإلى نقطة الصفر مرة أخرى، حيث ستصبح المسألة برمتها هي “من يستطيع الظفر بإتفاقية جديدة قبل الإنتخابات؟” والذي يشي بضرب ما اتفقت عليه اللجنة العسكرية الليبية “5+5” بالتعاون مع الأمم المتحدة من فتح طريق ساحلي، وإخلاء منطقة تماس بين مقاتلين وإعداد آليات وخطوات لنزع الألغام ومخلفات الحرب وإخلاء خطوط التماس من المقاتلين ورجوعهم إلى طرابلس وبنغازي.

الخطة التركية القطرية باتت واضحة، سيطرة الإخوان على الإنتخابات الرئاسية من خلال السيطرة على الحكومة الإنتقالية التي سوف تتولى إدارة الإنتخابات، من خلال ترشيح وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا لقيادة الحكومة الإنتقالية، وهو رجل تركيا وقطر المتخصص في توظيف الميليشيات والمرتزقة.

تركيا وقطر تحاولان رسم مستقبل ليبيا بالطريقة التي يريدونها فقط، وبما يخدم مصالحهم، فالأمم المتحدة التي تعلم أن تركيبة منتدى الحوار السياسي الليبي في تونس لا تمثل الشارع الليبي بل يسيطر عليها “العدالة والبناء” وحزب “الجبهة” أي حوالي 45 مقعدا للإخوان المسلمين، ولكن هل تعلم الأمم المتحدة إلى أن ذلك سيؤدي إلى أن المناصب السيادية الليبية ستكون في جيب قطر وتركيا وسيكون لهما حكومة ثانية خاصة بهما؟ إذا كانت لا تعلم، فيجب تنبيه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى خطورة ذلك، حيث العودة إلى ما قبل صخيرات وإلى صراع جديد عنيف سيقضي على هذه الفرصة التاريخية إلى الأبد، وليس من المستغرب، أن يصبح في ليبيا، بعد كل ذلك، 3 حكومات مختلفة متصارعة!!

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن