أخبار الآن | مقال رأي

لاشك أن إتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل هي “إتفاقية تاريخية”، ولا شك أيضا أنها شكلت مفاجأة غير متوقعة على المسارات الديبلوماسية والسياسية والشعبية، فحصلت على القبول والتشجيع في الأوساط الدولية وحصلت على التساؤل أو الصدمة، لدى بعض الأنظمة والجماعات التي دأبت على حشو عقول الناس، منذ العام 1948، بأن إسرائيل هي العدو الوحيد للأمة العربية، وأنه يجب محاربتها بالدماء العربية حتى آخر قطرة.

من المستغرب أن النظامين الإقليميين الوحيدين الذين يحشوان عقول الأمة “العربية” بالعداء مع إسرائيل، هما نظامي الفرس والعثمانيين، طهران وأنقرة بالمسميات الحديثة، مع أن طهران لم تتوقف عن تزويد إسرائيل بالنفط خلال الحروب العربية الإسرائيلية، ولم تطلق طلقة واحدة على إسرائيل حتى يومنا هذا، أما تركيا، ومع العلاقات الوطيدة مع إسرائيل، وبعيدا عن المسرحيات التي يقوم بها أردوغان، فإن علم سفارة إسرائيل يرفرف في أنقرة وكذلك تقبع السفارة التركية في إسرائيل، وأيضا لم تطلق تركيا، حتى اليوم، طلقة واحدة بإتجاه إسرائيل..!

الأمر لا ينطبق على الفرس والعثمانيين فحسب، بل على الجماعات الإرهابية التي تؤيد النظامين، كالإخوان المسلمين وداعش والقاعدة وحماس وحزب الله والحوثية والحشد الشعبي وغيرها، ولا يمكننا وصف محاولات حزب الله وحماس على المناوشات الشكلية على الحدود الإسرائيلية واطلاق بضعة صواريخ، لا تصيب أحدا بأنها أكثر من مخططات تدعم إسرائيل أكثر من أن تضرها، فعلى وقع كل صاروخ ترسله حماس تحصل إسرائيل على المزيد من التعاطف والدعم الدوليين، وكذلك تُضاعف مركزها التفاوضي مع الفلسطينيين، حتى بات المفاوض الإسرائيلي لديه العديد من نقاط القوة بينما لا يمتلك الجانب الفلسطيني غير الكلام والثرثرة التي لا تقدم ولا تؤخر.

من هنا، كان لابد أن تستدير الإنظمة العربية القوية،  لإعادة قراءة المشهد من جديد، لماذا يريد الفسطينيون والفرس والعثمانيون من العرب أن يقاتلوا إسرائيل بدماء شبابهم، بينما يجلس هؤلاء على منصاتهم يسبون العرب ويطعنون في الأنظمة التي دأبت على تقديم الدعم لفلسطين وللسلطة والشعب الفلسطيني طيلة 70 عاما، فنظرت في الإتفاقيات السابقة، كإتفاقية كامب ديفيد وأوسلو ووداي عربة، وبناء على قرارها السيادي المحض وجدت أن القرار الصحيح هو إعادة ترتيب المسألة برمتها، وإعادة تشكيلها لتصبح معادلة صحيحة، وأن نظرية “أنا وابن أخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب” غير واقعية على الإطلاق، فماذا لو كان “أخي” أو “إبن “عمي” يعاملني بسوء، بينما يعاملني “الغريب” بود وتقدير وإحترام؟

الإختلاف التاريخي بين الفسلطينيسن والإسرائيليين هو حول مساحة أرض كل منهما، منذ عاشا سويا على أرض فلسطين قبل الآف السنين، أي أن العلاقة الحديثة بين الشعبين هو على الأرض والحدود والمياه والأمن، ولو أن الفلسطينيين قبلوا قرار التقسيم في نوفمبر 1947 الذي أصدرته الأمم المتحدة، ودفع الملك عبدالله الأول حياته ثمنا لقناعته بأهمية هذه القرار، والذي قضى بدولتين عربية بمساحة 42.3 % وإسرائيلية بمساحة 57.7 % وأن تبقى القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة تحت الوصابة الدولية، لما كان هذا حال الشعب الفلسطيني، الذي تشرد في الأرض، وترك زمرة من الفاسدين يتحكمون بمصيره.

ليس هناك وجهة أخرى غير وجهة السلام، هذا هو الشرق أوسط الجديد، علينا أن نتعايش مع فكرة قبول وتقبل الآخر، وإذا كان الفلسطينيون يريدون الإستفادة من هذا الحدث التاريخي، بحكمة وعقلانية، وأن لا يضيعوا هذه الفرصة العظيمة التي ستتيح لهم مركزا تفاوضيا قويا، الذي بدأ بوقف قرار ضم الأراضي الفلسطينية، فعليهم أن يسارعوا ويبادروا إلى الوقوف بجانب الدول العربية التي تدعمهم، وليس طعنها في ظهرا.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن