مقال رأي

على عكس الإشاعة التي تداولها عديد من الخبراء، ليس لدى المتطرفين السنة والشيعة مشكلة في توحيد القوى ضد عدو مشترك ونسيان التنافس والخصومة التي بينهم. إيران الشيعية هي التي لم تكن لديها مشكلة في الماضي في العمل مع الجماعات الإرهابية السنية مثل حماس ومؤخرا مع تنظيم القاعدة وحركة الشباب. والواقع أن شبكة نفوذ إيران الواسعة بما في ذلك من خلال وكلائها الأقوياء تخترق أفريقيا أكثر وأكثر.

لقد برز ظهور جماعة شيعية متطرفة مرتبطة بأفريقيا عندما قامت إيران من خلال حزب الله بتنظيم حملة إرهابية واسعة النطاق في فرنسا بين ديسمبر 1985 وسبتمبر 1986 أسفرت عن قتل 14 شخصا وإصابة 303 آخرين. في الواقع، العقل المدبر التونسي لهذه الهجمات، فؤاد علي صالح، الذي أمضى ثلاث سنوات يدرس في قم في إيران تحت قيادة الخميني، وكان قريبًا جدًا من العديد من كبار قادة حزب الله، بما في ذلك حسين مذبوح، صانع القنابل الرئيسي للمنظمة.

من غير المفاجئ أن إيران من خلال سفاراتها و”مراكزها الثقافية” كانت قد بدأت في عام 1980 بالدعوة المذهبية في شمال أفريقيا في تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا. على سبيل المثال، في أوائل التسعينيات، تدخل موظفو السفارة الإيرانية بشكل واضح في الحركات الإسلامية واحتجاجاً على ذلك قررت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

مرة أخرى، في عام 2000، كان عدد من المجموعات الشيعية التي يرأسها في الغالب طلاب سابقون في جامعة قم الدينية، يجندون الأشخاص الذين غيروا مذهبهم حديثاَ.

في المغرب، تشير التقديرات إلى أن عدد الأشخاص الذين اعتنقوا المذهب الشيعي مؤخراً هم 7000. وفي عام 2008، تم إطلاق أول صحيفة شيعية على الإطلاق وتم بيعها بسرعة. لكن الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للسلطات المغربية كان تفكيك خلية إرهابية شيعية كبيرة في عام 2008، تُعرف باسم (شبكة بليرج). ويضم أعضاء هذه الخلية شخصيات شيعية مثل مراسل المنار، محطة تلفزيون حزب الله. في العام التالي، قرر المغرب قطع العلاقات مع إيران قبل إعادتها في عام 2014 ثم قطعها مجددا في 2018.

وبدأت هذه الخلافات الأخيرة بين الرباط وطهران بحملات التحويل المتكررة التي نظمتها إيران تجاه الجالية المغربية البالغ عددها 6000 فرد في ساحل العاج.

السبب الآخر وراء هذه الحرب الدبلوماسية هو أن طهران تجاوزت خطًا أحمر كبير للمغرب، وذلك بدعهما لنشاط جبهة البوليساريو في الصحراء المغربية، وهي جماعة إرهابية بالنسبة للرباط.

فابتداءً من مارس 2017، قامت المجموعة التي تعمل تحت جناح حزب الله بمن فيهم حيدر صبحي حبيب، رئيس العمليات الخارجية، وعلي موسى دقدوق، المستشار العسكري والحاج أبو وائل زلزلي، رئيس التدريب العسكري بزيارة معسكرات البوليساريو وتزويدها بالأسلحة والتدريب، بما في ذلك صواريخ أرض جو. ومن المثير للاهتمام، عندما قدم وزير الخارجية المغربي دليل، لم ينف وزير الخارجية الإيراني هذه الحقائق.

كما حاولت إيران بشكل فعال إنشاء خلايا إرهابية في وسط أفريقيا، ولا سيما في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد والسودان. وتهدف هذه الشبكة المعروفة باسم “لواء الزهراء” إلى مهاجمة أهداف غربية أمريكية أخرى بما في ذلك القواعد العسكرية والسفارات والمسؤولين.

تتمتع إيران أيضًا بتاريخ طويل في نيجيريا، إذ قامت مؤخرًا بتطوير علاقتها بالحركة الشيعية الرئيسية، وهي الحركة الإسلامية في نيجيريا .(IMN) يشتبه في أن عناصر حزب الله يقومون بغسل الأموال وتهريب المخدرات وتهريب الأسلحة في نيجيريا من خلال الشركات وتجار السيارات. كما يقال إن حزب الله يتطلع مؤخرًا إلى تدريب المزيد من النيجيريين على أمل تحويل نيجيريا إلى منصة إطلاق للهجمات ضد أهداف غربية.

كما أن لإيران علاقة تاريخية طويلة مع تنظيم القاعدة وإحدى أكثر عناصرها دموية، حركة الشباب في الصومال. فمنذ عام 2006، قدمت المجموعة الدعم العسكري لحزب الله، وأرسلت 720 من مقاتليها الأكثر خبرة للمساعدة في محاربة القوات الإسرائيلية.

وُعِد الجهاديون بدفع 2000 دولار لعائلاتهم مقابل الخدمة، وما يصل إلى 30 ألف دولار إذا ماتوا أثناء القتال. في مقابل دعمهم، ويقال إن حزب الله قدم تدريبًا متقدمًا للمقاتلين الصوماليين وأرسل خمسة مستشارين من حزب الله إلى الصومال. وبعد عام 2014، بدأت إيران في استخدام شبكات تهريب حركة الشباب للاستعداد للحرب في اليمن وتسليح الحوثيين. أما في عام 2016، قطعت الصومال العلاقات الدبلوماسية مع إيران. وفي العام التالي، تعين على مقديشو دعوة الولايات المتحدة للمساعدة في التعامل مع مسألة عاجلة، بعد تعاون حركة الشباب وتنظيم داعش للسيطرة على مناجم اليورانيوم، والتخطيط لإمداد إيران.

في عام 2018، ذكر تقرير للأمم المتحدة أن الشبكات الإجرامية كانت تستخدم إيران كنقطة عبور لصادرات الفحم الصومالي غير المشروعة التي تكسب حركة الشباب ملايين الدولارات سنويًا من الضرائب. ولكن قبل بضعة أيام فقط، تم الكشف عن أن إيران يُزعم أنها تستخدم حركة الشباب لمهاجمة الجيش الأمريكي والقوات الأخرى في جميع أنحاء المنطقة.

قام حزب الله وإيران تاريخياً بتهريب الأسلحة والمخدرات عبر القارة الأفريقية إلى المناطق المجاورة، مثل أوروبا.

فيما شددت الولايات المتحدة والمغرب مؤخراً على الخطر الذي تمثله إيران ووكلائها خاصة في شمال وغرب أفريقيا.

في الواقع، يبدو أن طهران تستعد لاستخدام القارة كمنصة انطلاق رئيسية لما تقوم به بشكل أفضل وهو الإرهاب.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن