في حين أن عدد وفيات فيروس كورونا الجديد مستمر في الارتفاع دون وجود نهاية حقيقية تلوح في الأفق، فإن العواقب الاقتصادية والمالية للوباء تجعله بالفعل أخطر أزمة اقتصادية منذ عام 1929. وللمرة الثالثة في أقل من عشرين عامًا، نشأ فيروس كورونا في الصين بعد السارس وأنفلونزا الطيور. كانت لمسؤولية الحزب الشيوعي الصيني في التستر على وانتقال الفيروس عواقب وخيمة، فلو لو اتخذت الصين إجراءات استباقية لاحتواء الوباء في ديسمبر 2019، لكان من الممكن تخفيف عدد الإصابات بنسبة تصل إلى 95٪.

البعض يدعو إلى معاقبة النظام الصيني من خلال الوسائل القانونية لسلوكه الإجرامي.

منذ تفشي فيروس كورونا، كانت أولوية النظام الصيني هي الحفاظ على صورته بدلاً من حماية مواطنيه والعالم كله، إذ أمر المسؤولون المحليون مختبر ووهان الذي صنف كورونا كمرض شديد العدوى في أواخر ديسمبر، بوقف الاختبارات وتدمير العينات.

تسعى بكين جاهدة لتشديد الرقابة على القصة، ولكن ظهرت العديد من الأمثلة على ازدواجية بكين. فعلى سبيل المثال، أقر عمدة (رئيس بلدية) مدينة ووهان بأنه لم يسمح لسلطات بكين الكشف عن حقيقة الفيروس. قام النظام الصيني بالتشهير وحتى “إخفاء” أي شخص كان يعارض الحزب بشأن فيروس كورونا. أيضًا، حتى منتصف شهر يناير، نفت الصين وجود أدلة على انتقال الفيروس من شخص لآخر، على الرغم من علمها بذلك لمدة شهر على الأقل. حتى أنها سمحت للاحتفالات القمرية في ووهان أن تستمر بحضور 40.000 أسرة، وبالتالي نشر الفيروس على نطاق واسع.

لكن الفضيحة الرئيسية تأتي من الكشف الذي قام به الكاتب المحترم في صحيفة واشنطن بوست ديفيد إغناتيوس، وهو صحفي لم يعرف بنشر نظريات المؤامرة. ربما لم يبدأ الفيروس في سوق ووهان، ولكن على بعد 300 متراً من هناك، في المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها. يمكن أن يكون هذا الوباء نتيجة لتسرب الفيروس من مختبر عن طريق الخطأ، ربما من خلال إصابة أحد العاملين في المختبر أو عينة مسربة أو بسبب سوء التخلص من النفايات الخطرة. إذا كان الأمر كذلك، فسيضيف ذلك ذنب إضافيا على الصين.

ولتجنب أي انتقاد، شن الحزب الشيوعي الصيني حملة تضليل ضخمة لغسل يديه وتوجيه أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة باعتبارها البادئة بالفيروس نفسه. وحذر توم توغيندات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمملكة المتحدة، من أن حملة التضليل المنظمة التي تقوم بها الصين “تكلف أرواحاً بريطانية” في المعركة ضد فيروس كورونا.

دعت دراسة من مؤسسة أبحاث السياسة الخارجية البريطانية المملكة المتحدة إلى مقاضاة الحكومة الصينية من خلال المحاكم الدولية لدفع 351 مليار جنيه إسترليني لبريطانيا كتعويض عن تفشي فيروس كورونا. و وذكرت الدراسة أيضًا إلى أن اقتصادات مجموعة G7 لديها فاتورة بقيمة 3.2 تريليون جنيه إسترليني بسبب انتشار فيروس كورونا. وأشارت الدراسة أيضا إلى أن الصين ملزمة بالإبلاغ عن معلومات الصحة العامة الدقيقة والمفصلة في الوقت المناسب وفق بالقانون الدولي واللوائح الصحية الدولية لعام 2005، ومع ذلك، فشلت الصين في التزاماتها بذلك.

يقترح التقرير ما لا يقل عن عشرة سبل لمقاضاة الصين، بما في ذلك الدعاوى المقدمة في محكمة العدل الدولية، والنزاعات التي فتحت في محكمة التحكيم الدائمة، والإجراءات المتخذة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والإجراءات المتخذة بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية. واقترح البعض إنشاء محكمة دولية للنظر في مسؤوليات الصين.

ومع ذلك، لا يزال الطريق الواعد هو في المحاكم الأمريكية، وبالفعل قام عمال الصحة وأصحاب الأعمال برفع دعوى قضائية ضد الحزب الشيوعي الصيني.

يعتقد مارك تيسين، الكاتب في صحيفة واشنطن بوست، أنه ينبغي على الكونغرس مساعدتهم والآخرين من خلال رفع الحصانة السيادية الممنوحة قانونًا للصين، باتباع مثال قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب لعام 2016، الذي سمح للضحايا والناجين بمقاضاة المملكة العربية السعودية بسبب هجوم الحادي عشر من سبتمبر. لن تكون الصين قادرة على تجاهل مثل هذه الدعاوى القضائية. وكما قال المسؤول السابق في وزارة العدل ديفيد ريفكين لتيسين، “بمجرد الحصول على الأحكام الافتراضية، يمكن استخدامها للاستيلاء على أي أصول تجارية صينية، بما في ذلك أي عائدات للصادرات الصينية في أي مكان في العالم.”

يبقى الجانب الأكثر أهمية في هذا الأمر هو إرادة سياسية قوية. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدو كبير للصين، وهو الذي أطلق منذ البداية اسم “فيروس ووهان” على فيروس كورونا، وهو المصطلح الذي يستخدمه الشعب الصيني، ولكن ليس النظام كان ترامب حتى الآن الزعيم العالمي الوحيد الذي وقف على ضد الديكتاتورية الصينية، سواء من خلال الصفقة التجارية مع الصين أو الآن.

نأمل أن يتم الآن سماع أصوات أخرى. كما أشار السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي: “نحن لسنا البلد الوحيد المستاء من إهمال منظمة الصحة العالمية والصين في هذا الوباء. من حقنا أن نحاسبهم”. المملكة المتحدة قوية للغاية في هذه القضية مع مصادر داونينغ ستريت التي اقترحت أن القوة العظمى الشيوعية ستواجه “حسابًا” عندما ينتهي الوباء. حتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي يدير منظمة متأثرة تمامًا بالصين – أبرزها منظمة الصحة العالمية – قال إنه عندما ينتهي الوباء، سيكون الوقت مناسبًا للعودة وإلقاء نظرة على مسؤولية كل دولة، أي الصين.

حاولت الصين تحسين صورتها في الغرب من خلال تقديم الإمدادات الطبية، ولكن تبين أن معظمها يحتوي على عيوب وغير مطابقة لمعايير الجودة. يلخص هذا الأزمة التي نحن فيها بطريقة غريبة. لفترة طويلة، قبل المجتمع الدولي ديكتاتورية الصين، وسجلها البائس في مجال حقوق الإنسان، وتسلطها على اقتصاداتنا مع طرح منتجات منخفضة الجودة علينا. نأمل أن تشجع أزمة كورونا الدول الغربية على عدم السماح للصين بالتخلص من مأزق فيروس كورونا، وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى تغيير جذري في اقتصادنا العالمي المتمركز حول الصين، والعودة إلى التصنيع المحلي.

photo: REUTERS/Martin Pollard

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس موقف وموقع أخبار الآن