أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (جمانة عيسى)

في هذه الأيام العظيمة التي يعيشها العالم أجمع، عندما تهوي الأفئدة كلّها نحو مكّة المكرّمة ومدينة النبيّ الحبيبة حجّا وزيارة وتكريما ، نستذكر الحبّ العظيم الذي كنّه النبيّ الأميّ المصطفى لبني البشر أجمعين ، وفي سنّته من أحاديث وصور وأحداث تؤكّد عظم أخلاقه وخلقه للبشريّة جمعاء عندما ساعد الضعيف ونصر المظلوم وعاد المريض واحترم الكبير وأوصى بالنساء-القوارير خيرا..
هذه المكارم التي أنعم الله بها عليه لم يشهد بها المسلمون فقط ، وتلقّفها الكلّ، فالإنسانيّة لا تعرف حدودا لا جغرافيّة ولا تاريخيّة ولا عرقيّة ولا دينيّة .. ولعلّ أبرز شاهد على ذلك أنّ شعراء غير مسلمين كثرا تغنّوا بمكّة والنبيّ والحجّ.
ففي كتاب جديد لفارس يواكيم ، أسماه " الإسلام في شعر المسيحيّين"، نراه يستعرض أسماء عشرات الأدباء والشعراء العرب الذين كان الإسلام والنبيّ المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام في قصائدهم وكتاباتهم مدحًا وتعظيمًا.
ولعلّ أبرز ما كتب في هذا الإطار ، ما قاله الشاعر والكاتب والرسّام جبران خليل جبران:
" أنا مسيحيّ ولي فخر ذلك ، ولكنّي أهوى النبيّ العربيّ وأكبّر اسمه وأحبّ مجد الإسلام .. خذوها يا مسلمون كلمةً من مسيحيّ أسكن يسوع في شطر من حشاشته ومحمداً في الشطر الآخر..". 

ومن أشهرهم، مارون عبود وقصّته الشهيرة ، هو الذي ولد له صبيّ فسمّاه «محمداً»، وكان أشدّ من أعجب بالفكرة كاتب لبنانيّ مسيحيّ آخر هو أمين الريحاني. وفي ديوان عبّود «الزوابع» قصيدة يقول فيها :
خفّف الدهشة واخشع أن رأيت       ابن مارون سميّاً للنبي

أمه ما ولدته مسلماً                    أو مسيحياً ولكن عربي

والنبي القرشي المصطفى             آية الشرق وفخر العرب

وها هو صلاح لبكي ، من أبرز الشعراء اللبنانيين يتوسّل التفاتة من النبيّ خوفا من أن تسود روح الجاهلية في المجتمع بعده، فيقول في ديوانه "غرباء": 
أرسل سلامك في الأنام محمدُ        عظمت مآثمهم وعزّ المرشدُ

عادوا كأنك لم تكن نور الهدى        للعالمين ولم يحن لك موعدُ

كما وفي قصيدة "اليتيم" للشاعر كمال ناصر من ديوانه "بواكير"، استعادة ليتم النبيّ (صلى الله عليه وسلم) عندما قال : 
أحمد ذلك اليتيم المفدّى               رفع الحق فاستوى في نصابِه

شعَّ في غابر الزمان نبياً              بهر الكائنات وهج شهابِه

حمل المشعل الذي مزّق الجهل      إلى ذروة الهدى وهضابِه

وفي قصيدة جبران التويني-الجدّ عن مناسك الحج، ما تظنّه لوهلة أنّه أدّى هذه الفريضة الإسلاميّة:
طاف بالبيت محرماً وتهيّا            للقاء الرحمن برّاً نقيا

ومشى من منى إلى عرفات          يذكر الله بكرة وعشيا

ويناجي النبي في مهبط الوحي      هنيئاً لمن يناجي النبيّا

وعند حريق المسجد الأقصى في 21 من أغسطس (آب) 1969، والتهمت النيران الجناح الشرقي منه ومنبر صلاح الدين، قال الشاعر السودانيّ عزيز التوم منصور حزنا لما حلّ بالمسجد من خراب:
يا قبلة الدنيا وفي                     نفسي إليك هوى صريح

إني بكيت عليك أمس                 كما بكيت على المسيح

ومن منّا لم يطرب لكلمات إحدى أشهر القصائد في مكّة ، أمّ القرى ، عندما أنشدت فيروز كلمات الشاعر سعيد عقل وألحان الأخوبن رحباني:
غنّيت مكّة أهلها الصيدا            والعيد يملأ أضلعي عيدا 
يا قارئ القرآن صلّ لهم            أهلي هناك وطيّب البيدا
من راكع ويداه آنستا               أن ليس يبقى الباب موصودا

معلوم أنّ هذا الكتاب يصدر بعد كتاب "شعراء النصارى العرب عن الإسلام… نصوص شعرية"، الذي أصدرته عام 2006 «مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري» والذي هدف بحسب تسميته إلى معرفة الآخر، وتبديد أسباب التعصب "طالما أن الإنسان عدو ما يجهل".