أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (جمانة عيسى)

لفتني هذا العنوان: "أن تبقى بخير في الشتاء" في الحقيقة، لم أنتبه لمعناه إلا اليوم صباحا وأنا أشرب قهوتي، تحذير حقيقيّ من أنّ الدفء لا يأتيك من كنزة الشتاء التي تلبسها بل ممن هم حولك..

في تفاصيل الخبر، الذي أيقظ كل مشاعري مبكّرا اليوم على غير عادة، أنا المعروفة بصباحاتي البطيئة، أنّ كبيرة مسؤولي مجال التمريض في بريطانيا، البروفيسير جيت كامينغز، كبيرة مسؤولات التمريض في جهاز الخدمات الصحية الوطنية (التأمين الصحي الحكومي البريطاني) حذّرت من معادلة خطيرة، مفادها أنّ برودة الطقس + الوحدة = مزيجا قاتلا في شهور فصل الشتاء!

نظرت حولي ورأيت أحبابي الذين أسكن معهم، ورأيت أيضا الذين يسكنونني وأسكن فيهم رغم البعاد والمسافات. وخطرت لي الفكرة- ماذا لو لم يعودوا أمامي عندما أشيخ ويشتعل الرأس شيبا؟ ماذا لو محت الأيام ذكراهم حتى من عقلي؟

وكان جوابي التلقائي: كم أنا فارغة وباردة! كم سيسكنني الصقيع!

كلام البروفيسير كامينغز، فتح في قلبي وعقلي ألف سؤال وسؤال، فهي تتحدث بإسهاب عن مزيج خطير في فصل الشتاء بين الوحدة والأمراض أو حتى الوفاة.

ترى هل نموت حزنا على من فارقَنا وفارقْنا فافترقنا؟ هل تدفّئنا الذكريات، أم تزيد وحشتنا؟ وفكّرت في من سبقوني، وفي نفسي وتساءلت: هل أيّ نشاط ممكن أن أمارسه اليوم لتخفيف عزلة أحدهم قد يؤنسه في وحشته ويدفّئه في ليلالي البرد القاسية وأيامه؟

هل إذا زرنا مريضا، مسنّا، قريبا، صديقا، جارا، واشترينا له وردة أو حبة شوكولا أو علبة دواء، عمل قد يدفئني ويشعرني بالرضا عن نفسي، وبالعكس؟

إقرأ أيضا: "ثبات" على الضلال

يكفي أن نعرف ونأخذ مثالا، لا على سبيل الحصر، أنّ نصف من تبلغ أعمارهم 75 عاما في انجلترا، أي نحو مليوني شخص، يعيشون بمفردهم، ويقول الكثير منهم إنّهم قد يمضون أياما وأحيانا أسابيع بدون أيّ اتصال اجتماعي على الإطلاق!

جاء ذلك وسط أدلّة متزايدة على تأثير الوحدة على النفس البشريّة، فقد قالت كامينغز إنّ "للوحدة تأثيرا مدمّرا ومهدّدا للحياة في جميع الأعمار.

وبالنسبة للجماعات الهشة والأكثر عرضة للمرض فإن العزلة الاجتماعيّة مع المتاعب الصحيّة للطقس البارد تمثلان مزيجا قاتلا، كما وأوضحت الأبحاث أن الوحدة والعزلة لهما صلة بزيادة احتمال الوفاة المبكّرة بنحو الثلث.
وتقدّر إحدى الحملات التي تسمّي نفسها "ضع نهاية للوحدة" عدد المصابين بأمراض مزمنة بواحد من بين كلّ عشرة مسنّين، ولكن يجب أن نعرف أنّ الناس من شتى الأعمار قد يتأثّرون بالوحدة والعزلة وليس كبار السنّ فقط . 

ومع آخر رشفة قهوة من فنجاني، شددت غطائي عليّ، وكأنني أخبّئ نفسي من قادم الأيام، وأخزّن بعضا من الدفء وأنا أغلق هذا الخبر ، فشكرت ربي على كلّ نعمه ونعمة الدفء التي نعيشها في مجتمعاتنا، غالبا…

إقرأ المزيد:

مكّة.. مهوى الأفئدة

سنجار.. جروح لا يمحوها الزمان