الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بحماية المدنيين في غزة

تواجه إسرائيل وحماس أعظم التحديات العسكرية والسياسية في ظل فشل الدبلوماسية في تمديد الهدنة ووقف إطلاق النار.

فبالنسبة لحماس، هذا هو الكفاح من أجل البقاء. وطالما أن مسلحاً من حماس قادر على الضغط على الزناد أو إطلاق صاروخ على المستوطنات، فسوف يدعي أنه لا يُهزم.

أما تل أبيب فبالرغم من قوتها العسكرية الساحقة، إلا أن مهمتها أكثر تعقيداً.

انهيار الهدنة

في الساعات الأولى بعد عودة الجيش الإسرائيلي إلى الهجوم، جددت الحكومة التزامها بأهدافها الحربية في منشور على تطبيق واتساب: “الإفراج عن الرهائن، والقضاء على حماس، وضمان أن لا تشكل غزة تهديدًا لسكان المستوطنات مرة أخرى”.

خطوط حمراء أمريكية لإسرائيل مع انتهاء الهدنة واستئناف حرب غزة

وكيفية القيام بذلك وما سيحدث بعد ذلك هي الآن الشغل الشاغل لنتنياهو وحلفائه السياسيين وأعدائه في الداخل وأنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي الذي قام بأربع رحلات إلى تل أبيب والمنطقة منذ بدء الحرب، وربما كان بلينكن يعلم أن محاولته إطالة أمد ما أسماه “الهدنة الإنسانية” ستفشل.

وفي المساء الذي سبق استئناف القتال، كرر دعم أمريكا لحق تل أبيب في الدفاع عن نفسها، وأدان حماس مرة أخرى، وكرر بلينكن إصراره على “أن تتصرف إسرائيل وفقا للقانون الإنساني الدولي وقوانين الحرب، حتى عندما تواجه جماعة إرهابية لا تحترم أيا منهما”، ثم أدلى بلينكن بأشد تصريحاته العلنية حتى الآن حول الكيفية التي ينبغي لإسرائيل أن تخوض بها الحرب.

والأمر يستحق الاقتباس منه بإسهاب، لأنه عبارة عن قائمة مرجعية لما تتوقعه الولايات المتحدة من أقرب حلفائها.

خطوط حمراء أمريكية لإسرائيل مع انتهاء الهدنة واستئناف حرب غزة

حماية المدنيين

قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن على إسرائيل “اتخاذ خطوات أكثر فعالية لحماية أرواح المدنيين، بما في ذلك تحديد مناطق وأماكن في جنوب ووسط غزة بشكل واضح ودقيق حيث يمكن أن يكونوا آمنين وبعيدين عن خط النار”.

وها يعني: “تجنب المزيد من النزوح الكبير للمدنيين داخل غزة، ويعني تجنب الإضرار بالبنية التحتية الحيوية، مثل المستشفيات، ومحطات الطاقة، ومرافق المياه.”

“ويعني ذلك إعطاء المدنيين الذين نزحوا إلى جنوب غزة خيار العودة إلى الشمال بمجرد أن تسمح الظروف بذلك، ويجب أن لا يكون هناك نزوح داخلي دائم.”

في بداية الحرب، جاء جو بايدن، الرئيس الأمريكي، إلى إسرائيل وبينما كان يحاول أن يحتضن إسرائيل بحضن دافئ وقوي، حذرهم أيضاً من مغبة أن يعميهم الغضب عندما يسعون إلى تحقيق العدالة، كما فعلت أمريكا بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وتشير تصريحات بلينكن إلى أن جو بايدن يعتقد أن نتنياهو، الذي كانت تربطه به علاقة صعبة، لم يستمع.

خطوط حمراء أمريكية لإسرائيل مع انتهاء الهدنة واستئناف حرب غزة

الهجوم البري على غزة

تتطلب أهداف الحرب الإسرائيلية أن تستهدف المرحلة التالية من هجومها حماس في جنوب غزة، وعندما اجتاحت شمال غزة، أمرت المدنيين الفلسطينيين بالتوجه إلى الجنوب حفاظاً على سلامتهم، وعلى الرغم من أن الوضع ليس خطيراً مثل الشمال، الذي حولت إسرائيل جزءاً كبيراً منه إلى أرض قاحلة، إلا أنه لا يوجد مكان آمن في غزة.

وبعد ساعات قليلة من استئناف الأعمال العسكرية، قُتل فلسطينيون في رفح، في أقصى جنوب غزة على الحدود مع مصر، في غارات جوية إسرائيلية.

ولا يمكن لإسرائيل أن تدعي أنها قضت على حماس دون تدمير بنيتها التحتية في الجنوب، حيث تعتقد أن يحيى السنوار والقادة الآخرين يختبئون في أنفاق تحت السكان المدنيين، إلى جانب عدد غير محدد من المقاتلين.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصف محنة سكان غزة بأنها “كارثة إنسانية ملحمية”، وقال: وإذا كانت إسرائيل ستستخدم نفس الأساليب التي استخدمتها في شمال غزة، فإن آلافاً آخرين من المدنيين سوف يُقتلون.

وتخشى مصر ودول أخرى من أن يؤدي الضغط العسكري الشديد على ما يقرب من مليوني مدني في الجنوب إلى دفع الآلاف من الأشخاص اليائسين إلى شق طريقهم عبر الحدود إلى صحراء سيناء، كما أن اندلاع أزمة جديدة للاجئين الفلسطينيين من شأنه أن يشكل لحظة خطيرة ويائسة أخرى في الشرق الأوسط.

خطوط حمراء أمريكية لإسرائيل مع انتهاء الهدنة واستئناف حرب غزة

حماية إسرائيل

تمثل التحركات العسكرية لتل أبيب التالية أيضًا لحظة مهمة بالنسبة لجو بايدن، الذي يواجه انتقادات شديدة لدعمه لإسرائيل من الجناح التقدمي في حزبه الديمقراطي.

لقد تحدث كبير دبلوماسيي بايدن، أنتوني بلينكن، بوضوح، علناً، عن الطريقة التي تريد الولايات المتحدة من تل أبيب أن تحارب بها حماس. إذا قتلت  عددًا مماثلاً من المدنيين الفلسطينيين كما فعلت في الشمال، في تحدٍ لإرادة جو بايدن المعلنة، فسيتعين على الرئيس الأمريكي أن يقرر ما إذا كان يمكنه الاستمرار في تقديم هذا القدر من الدعم لإسرائيل، ليس فقط في ساحة المعركة ولكن أيضًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض عدة مرات لحماية تل أبيب.