عيد الأضحى يحلّ في معظم البلدان العربية وسط أزمات تنغص الفرحة

أزمة اقتصادية حادة انعكست على طريقة إحياء عيد الأضحى هذا العام، رافقتها تعقيدات سياسية وأمنية خيمت على معظم العالم العربي.

فقد حل عيد الأضحى هذا العام على معظم الدول العربية وسط أزمات اقتصادية قاسية، انعكست على عادات الناس الذين قلصوا من إنفاقهم وغيروا أولوياتهم. فالأضحية التي تعد السمة الأبرز للمناسبة، ارتفعت أسعارها إلى حدود قصوى وهو ما دفع الناس إلى اللجوء إلى خيارات بينها التقسيط أو المشاركة في أضحية واحدة وسط اتهامات للحكومات بالتخلي عن دورها.

عيد الأضحى في العالم العربي "محاولات للبهجة" وسط أزمات اقتصادية وسياسية

طفلة فلسطينية تحمل سكاكر (غيتي)

سوريا

مثلاً في سوريا، يختلف الواقع بطبيعة الحال من منطقة إلى أخرى تبعاً لتوزع مناطق السيطرة، علماً أن الظروف الاقتصادية الصعبة هي السمة الغالبة على كل السوريين سواء ضمن مناطق سيطرة النظام السوري، أو تلك الخارجة عن سطوته والخاضعة لسيطرة “القوات الكردية” أو فصائل المعارضة شمال البلاد.

وانعكس ارتفاع أسعار الأضاحي وسوء الأحوال الاقتصادية في سوريا على ممارسة السوريين لشعيرة النحر، أو التضحية التي يقيمها المسلمون في أنحاء العالم في عيد الأضحى.

فبحسب تقارير أممية، فإن أكثر من 90% من السوريين يعانون الفقر، إذ يبلغ متوسط الرواتب نحو 120 ألف ليرة سورية، في حين يصل متوسط تكاليف المعيشة لأسرة مكونة من 5 أفراد إلى أكثر من 5.6 مليون ليرة.

أما الحد الأدنى للمعيشة، فقد وصل إلى 3.5 مليون ليرة، وفقا لمؤشر (قاسيون) لتكاليف المعيشة.

يشار إلى أن رواتب الموظفين في سوريا هي المشكلة الأساسية، حيث انخفضت قيمتها مقابل ارتفاع في الدولار، مما أثر على القدرة الشرائية.

عيد الأضحى في العالم العربي "محاولات للبهجة" وسط أزمات اقتصادية وسياسية

احتفال بأول أيام العيد أمام المسجد الأقصى (رويترز)

فلسطين

تشترك فلسطين مع الدول العربية الأخرى بالمعاناة نتيجة ارتفاع الأسعار، خاصة أسعار المواد الأساسية. هذا انعكس بشكل مباشر على استعدادات العائلات لقدوم عيد الأضحى، حيث استغنى الكثيرون، خاصة من ذوي الدخل المحدود، عن بعض العادات كصناعة الحلويات أو حتى شراء الملابس الجديدة للأطفال، ناهيك عن شراء الأضاحي.

عيد الأضحى في العالم العربي "محاولات للبهجة" وسط أزمات اقتصادية وسياسية

لبنان

وفي السياق، ما زالت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة ترخي بثقلها على شريحة واسعة من المواطنين اللبنانيين وتحرمهم من التمتع بعيد الأضحى بشكل طبيعي بعد تراجع قدرتهم الشرائية نتيجة احتجاز أموالهم في المصارف أو نتيجة تدنّي قيمة رواتبهم قياساً للدولار الأمريكي.

العراق

أما في العراق فقد كان انتشار وباء “الحُمّى النزفية” أزمة جديدة أمام المواطنين تحول دون إتمام “فرحة العيد”، لتُضاف إلى سلسلة أزمات أخرى اقتصادية وخدمية يعانون منها بالأساس منذ عام 2003، في بلدٍ يتصدر الدول المُنتجة للنفط في حين يقبع نحو ربع سكّانه تحت خطّ الفقر.

مصر

مصر بدورها ترزح تحت وطأة أزمة اقتصادية وغلاء معيشي وركود في الأسواق، انعكست جميعها على ظروف واستعدادات المصريين لإحياء طقوس عيد الأضحى. فمع اتساع الفجوة بين المداخيل وأسعار السلع، يلجأ العديد إلى محاولة تغيير بعض من تلك العادات دون أن يمس بالجوهر الحقيقي للعيد.

عيد الأضحى في العالم العربي "محاولات للبهجة" وسط أزمات اقتصادية وسياسية

سودانيون يحضرون صلاة عيد الأضحى بعد الأزمة في العاصمة السودانية الخرطوم 28 يونيو 2023. رويترز

السودان

سلبت الحرب الدائرة في السودان الأمن والأمان من أهلها، وفقدوا معها الإحساس بفرحة العيد. لا ملابس جديدة ولا حاجيات خاصة ولا أسواق. فإلى جانب أصوات القنابل والرصاص، يعيش السودانيون على وقع أزمة غلاء غير مسبوقة وشح في المواد والسلع الأساسية. إضافة إلى كل ذلك، تضرر قطاع الخدمات العامة بشكل كبير، ما أدى إلى انقطاع للتيار الكهربائي وللمياه.

تقارير عدة للأمم المتحدة حذرت من تفاقم الأوضاع هناك، واعتبرت أن الاحتياجات الإنسانية وصلت إلى ذروتها، مقدرة الحاجة لمئات الملايين من الدولارات للمساهمة في مساعدة الناس. التقارير الأممية أوردت أيضا أن الحرب ليست وحدها ما يتربص بالسودانيين، فهناك أيضا مخاوف من انتشار للأمراض (تضرر القطاع الصحي بشكل كبير) والمخاوف من الكوارث الطبيعية وآثار التغير المناخي على البلاد والتدهور الاقتصادي.