الغش باستخدام ChatGPT 

  • أدوات الكشف عن الانتحال ليست معصومة من الخطأ وقد تقود لاتهامات باطلة
  • اتهام الطلاب زورًا بالسرقة الأدبية يعرضهم لألم كبير
  • إليك أبرز النصائح لمواجهة الاتهامات واستغلال الموقف بإيجابية

بين التحديات والفرص، لا تزال أدوات الذكاء الاصطناعي وعلى رأسها ChatGPT تحظى بجدل واهتمام واسعين، بين الأوساط الأكاديمية حول العالم، خشية استغلالها كوسيلة للغش والانتحال الأكاديمي وسرقة الأفكار، في الوقت الذي ينادي فيه تيار آخر بضرورة حثّ الطلاب على الاستفادة من إمكانياتها الهائلة بطريقة إبداعية وغير ضارة.
هذا الجدل تفجّر بسبب اكتشاف طلاب يستغلون ChatGPT بالفعل في الانتحال الأكاديمي؛ ما أثار حالة من الشك بين الطلاب والمعلمين، ودفع عدد كبير من المدارس والجامعات لحظر استخدم هذه الأداة الذّكية داخل الفصل الدراسي.
وعلى الرغم من انتشار عشرات الأدوات لكشف التزييف الأكاديمي، والتي تعتمد بالأساس على الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها أداة أطلقتها شركة OpenAI المُطوّرة لـChatGPT، إلا أن هذه الأدوات ليست دقيقة بالصورة الكافية، وليست معصومة من الخطأ، ويمكن أن تقود إلى اتهامات غير صحيحة.
جان لايكي، رئيس فريق المواءمة في شركة OpenAI المُكلّف بجعل أنظمتها أكثر أمانًا، حذّر من أن الأداة الجديدة، مثل الأدوات الأخرى المتاحة بالفعل، ليست مضمونة، لأن طريقة اكتشاف النص المكتوب بالذكاء الاصطناعي “غير كاملة وستكون خاطئة في بعض الأحيان، لهذا السبب، لا ينبغي الاعتماد عليها فقط عند اتخاذ القرارات”.

 

الغش باستخدام ChatGPT.. كيف يواجه الطلاب الاتهام زورًا؟
لذلك قد تتسبب هذه الأدوات غير الموثوقة في ظلم مُحقَّق للطلاب الذين قد يتعرّضون للاتهام بالسرقة الأدبية زورًا؛ ما يضعهم تحت ضغط هائل وألم كبير يثبط عزيمتهم، ويؤثر على حالتهم النفسية، ناهيك عن احتمالية معاقبتهم على ذنب لم يقترفونه.

نصائح للمواجهة

يُعد الاتهام بالسرقة الأدبية من أكثر الأمور إرهاقًا وإيلاما بالنسبة للطلاب أثناء العملية التعليمية، خاصة إذا كانوا من المُجدّين الذين لم يرتكبوا هذا الفعل من الأساس.
وبما أن هذا الأمر من الممكن أن يحدث لأي طالب في ظل انتشار ChatGPT حتى ولو كان عن طريق الخطأ، فمن المفيد بالنسبة للطلاب معرفة كيفية التعامل مع هذا الاتهام، ومواجهة بصورة صحيحة، دون أن يؤثر ذلك على حالتهم النفسية.

تهمة الانتحال من الأمور الكلاسيكية في العمل الأكاديمي، وربما زادت وتيرتها مع الاستخدام الموسّع للتكنولوجيا وتطبيقاتها المختلفة وعلى رأسها الإنترنت، لذلك يوصى عدد من الأكاديميين باتباع خطوات بسيطة للتعامل مع تهمة الانتحال سواء تعلق الأمر بــChatGPT أو أي وسيلة أخرى.
أولى هذه النصائح هي الحفاظ على التركيز، وعدم الغضب، أو المبالغة في ردة الفعل، فقط يمكن بهدوء طلب المزيد من التفاصيل حول هذا الاتهام، لأنه ربما قد لا يكون لدى المعلم دليل مباشر أو محدد للاتهام، لكنه يعتقد بأن الطالب لم تنجز مهمته بالصورة المطلوبة.

بعد ذلك، يمكن للطالب أن يسأل أستاذه بالضبط عن المشكلة الموجودة في تقريره، فمن المحتمل أن يكون ذلك بسبب خطأ في أدوات كشف الاحتيال التي قد يلجأ إليها بعض المدرسين لاكتشاف النصوص المكتوبة بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتي ثبت عدم دقتها بالصورة الكافية.
ولخروج الطالب من هذا الفخ بسهولة، يعتبر الاحتفاظ بملاحظات أو “مسودة” واضحة ومفصلة لعملية الكتابة أو المهام الدراسية هو طوق النجاة بالنسبة للطالب، لدفع أية اتهامات بالانتحال قد توجه له فيما بعد، ويفضل أن تكون هذه المسودات بالتواريخ والأوقات لمراحل تنفيذ التكليف، وبذلك يكون بين يدي المعلم دليل قاطع على صدق الطالب وجده واجتهاده في تنفيذ هذا التكليف.

الغش باستخدام ChatGPT.. كيف يواجه الطلاب الاتهام زورًا؟

بالإضافة إلى ذلك، يُنصح الطالب بكتابة أي شيء يعتقد أنه قد يكون مفيدًا، إذا حدث وواجه هذا الموقف بعد تسليم تكليفه، لأن هذا سيكون دليلا قويا في يد الطالب لمواجهة مثل هذه الاتهامات.

كما يمكن للطالب أن يسأل أستاذه عما إذا كان بإمكانهما الجلوس ومناقشة تفاصيل المشكلة، وشرح المخاوف التي تجول في خاطر المعلم، وبمجرد القيام بذلك، سيكون لدى الطالب فكرة أفضل عن الخطأ الذي حدث بالضبط. نتيجة لذلك، ستتاح للطالب أيضا فرصة كبيرة لشرح خطته التي بنى عليها موضوعه ونفذه، بالإضافة إلى ذلك، قد يتمكن من إنهاء هذه القصة في هذه المرحلة قبل أن تذهب أبعد من ذلك.

بعدما يشرح المعلم باستفاضة المشكلة ووجهة نظره تجاه الموضوع، يجب على الطالب أن يكون صريحًا مع أستاذه إذا كان قد ارتكب خطأ بسيطًا خلال عملية إعداد التكليف، مثل استخدام بعض الأفكار أو المعلومات من أحد المصادر، مع نسيان تضمينها في المسودة، أو استخدم بعض الأفكار عن قصد، مع عدم تضمينها، نظرًا لانخفاض جودة مصدرها مثل الاستشهاد بالمعلومات الواردة في موسوعة ويكيبيديا، التي قد لا تكون دقيقة بما يكفي للاعتماد عليها كمصدر موثوق.

الصدق يُنجيك

ويعتبر الصدق، أفضل وسيلة للنجاة، خاصة في مثل هذه المواقف، فعادة ما يتم التغاضي عن الأخطاء البسيطة من قِبل المعلم، إذا تحلى الطالب بالشجاعة للاعتراف بها، وخاصة إذا أظهر جدية حقيقية في حل هذا الأمر، وأظهر اهتماما واضحا بالعمل على تجنب هذا الأمر في المستقبل.
يمكن في المقابل، أن يتحول هذا الموقف السلبي إلى شيء إيجابي، وأن يكون هذا الخطأ فرصة حقيقية للتعلم وعدم ارتكاب نفس الخطأ مرة أخرى.

فقط لا تدع هذا الموقف يؤثر عليك بالسلب أو يحبطك، ببساطة يمكن أن تكون هذه التجربة بمثابة أداة تعليمية. على سبيل المثال، اجعل معلمك يعرف أنك على استعداد للتعرف على خطورة الانتحال على العملية التعليمية وكيفية تجنبه، وسيظهر هذا الموقف أنك يمكن أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن الأخطاء التي قد تقع فيها عن قصد أو دون قصد، وأنك ستتعلم منها، لعدم تكرارها مستقبلا.

الحل في الاستخدام المسؤول

بما أن ChatGPT أصبح أمر واقع، وبات من المستحيل حجبه في جميع المدارس والجامعات والمنازل، فإن هناك تيار كبير من الأكاديميين يحثّ المعلمين وأولياء الأمور على ضرورة التعاطي مع هذه الأداة ذات الإمكانيات الهائلة وتشجيع طلابهم على الاستخدام المسؤول لهذه الأداة، بدلا من التركيز على فكرة التفتيش عن حالات الانتحال.

الغش باستخدام ChatGPT.. كيف يواجه الطلاب الاتهام زورًا؟
تعزيز فكرة الاستخدام المسؤول لأدوات الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يعود على العملية التعليمية بمنافع عدة، أبرزها تسخير القدرات الهائلة لهذه الأدوات في تعزيز التفكير النقدي للطلاب وتحسين الكتابة وبنية الموضوعات، ونقد المخرجات، وهذا ما تحدثنا عنه بالتفصيل في مقال سابق، هذه الطريقة ستكون أفضل السبل لمكافحة الغش والانتحال الأكاديمي.

تقول ستيفانيا دروجا، مؤسِسة منصة (Cognimates) لتعليم الذكاء الاصطناعي للعائلات: “بدلاً من القول، إنه ممنوع، لا تستخدموه. علّم الناس كيف يكون لديهم رأي نقدي حوله بدلاً من حظره”.
وفي تطبيق عملي لهذا النهج، طلب أستاذ جامعي أمريكي من طلابه استخدام ChatGPT، وكانت النتائج مفاجئة.
وتبنى إيثان مولليك، الأستاذ في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، استخدام الذكاء الاصطناعي في جميع فصوله الدراسية، من منطلق ضرورة تعلم الطلاب لكيفية استخدام هذه الأدوات بشكل جيد، وشهد زيادة في معدلات نجاح الطلاب.

يقول “مولليك”: “كانت نتائج تطبيق ChatGPT في الفصل الدراسي “رائعة”.
لمساعدة الطلاب على زيادة استخدامهم للذكاء الاصطناعي إلى الحد الأقصى، قدم “مولليك” لطلابه دليلا لكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة. ثم أشركهم في تكليف يتطلب طرح ما لا يقل عن 5 أسئلة متنوعة على ChatGPT لإنتاج مقال من 5 فقرات.
في المحاولة الأولى كانت النتيجة متوسطة، لكنه كرر التجربة مرة أخرى، واستخدام مطالبات مختلفة، وأسفر ذلك عن نتائج أفضل، حيث تمكن الطلاب من صقل التجربة. وحقق الطلاب الذين اكتسبوا معرفة استخدام هذه الأداة، وشاركوا في تحرير المقال باستخدام ChatGPT أفضل النتائج.

الغش باستخدام ChatGPT.. كيف يواجه الطلاب الاتهام زورًا؟
يشير “مولليك” إلى أن النتائج المتواضعة التي يراها المعلمون عادةً عندما يقوم الطلاب بالنسخ واللصق من ChatGPT هي نتيجة عدم بذل الطلاب أي جهد حقيقي للعمل مع هذه الأداة، لإنتاج محتوى عالي الجودة، وهذا نابع من افتقارهم للتجربة التي تؤهلهم لتطويع إمكانيات هذه الأداة في الكتابة.
ويقول “إن إنتاج مواد جيدة مكتوبة بالذكاء الاصطناعي ليس بالأمر السهل، إن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى متكامل يتطلب خبرة ومهارة في الموضوع”.
“موليك” يستند في توجهه ذلك إلى منطق أنه حتى لو لم يتبنَّى الذكاء الاصطناعي، فهو موجود في كل مكان، وقبل أن يقوم بتعليم الطلاب كيفية استخدام ChatGPT في توليد أفكار للمشروع، كان الطلاب يقومون بذلك بالفعل، لكن فعل ذلك في الفصل الدراسي أدى لنتائج أكثر إيجابية في توليد الأفكار، وكانت المشاريع التي تم تنفيذها خلال هذا الفصل الدراسي أفضل بكثير من فصول ما قبل الذكاء الاصطناعي السابقة، وقد أدى ذلك إلى زيادة معدلات نجاح المشروع وزيادة مشاركة الفرق.

ختامًا، فلا مجال أمام الجميع سوى بالاعتراف بحقيقة وجود ChatGPT وضرورة التعاطي معه، لتحويل التحديات إلى فرص، وبدلا من حظره لابد من تعزيز ثقافة الاستخدام الواعي لهذه الأداة في العملية التعليمية.
ولمن يخشى من الاتهامات بالاحتيال زورًا، كن محترفًا وواثقًا وهادئًا، وقبل أن تدفع ببراءتك من الاتهام أو تعترف بالذنب، تأكد أولا من فهم الأسباب الكامنة وراء هذا الاتهام، وإذا كنت قد ارتكبت شيئًا خاطئًا عن قصد أو بغير قصد، أو ارتكبت خطأ بسيطًا، أو أن الاتهام خاطئ من الأساس.

إن أفضل طريقة لتجنب الوقوع في فخ الاتهام بالانتحال، هي الاستعداد الجيد وعدم الاستسهال في تنفيذ التكليفات المدرسية، وضرورة مراجعتها بدقة، وتسجيل الخطوات في “مسودة” للرجوع إليها وقت الحاجة.
يمكن أيضًا الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تكشف الانتحال، في مراجعة مقالاتك وواجباتك قبل تسليمها إلى معلمك، وهذا يمنحك فرصة لاكتشاف الأخطاء، وإعادة تصحيحها قبل فوات الأوان، والاستفادة من الملاحظات الواردة فيها لتطوير عملك بشكل جيد.