أسر المغاربة المنضمين لداعش تنظم وقفات احتجاجية للضغط على الحكومة

  • وزارة الداخلية: 1600 مغربي قاتلوا مع تنظيم داعش في العراق والشام
  • البرلمان: 400 طفل مغربي بمخيم الهول 80% ولدوا خلال سيطرة داعش

في إطار تكريس جهودها المستمرة لمكافحة الإرهاب، نجحت استراتيجية المملكة المغربية في تفكيك شبكات عديدة لخلايا تنظيم داعش, والقاعدة, وغيرها من الحركات الإرهابية، وتجفيف منابع تمويلها، لاسيما بعد استقطاب تنظيم داعش, لعدد من المقاتلين, والمتشددين، وكان لأبناء المغرب حصتهم من التجنيد ضمن صفوف التنظيم.

وخلال السنوات الفائتة، كانت وزارة الداخلية المغربية قد أعلنت وجود 1600 مغربي قاتلوا مع تنظيم داعش، في العراق والشام، في حين أن لجنة برلمانية مغربية كشفت وجود ما لا يقل عن 400 طفل مغربي بمخيم الهول، شرقي مدينة الحسكة، 80% منهم ولدوا في سوريا خلال فترة سيطرة داعش، فيما 153 منهم هم مواليد المغرب.

وتعتبر المملكة المغربية من الدول الأقل تصديرًا للإرهاب العابر للقارات والحدود، ويعول منير أديب الباحث والصحفي المتخصص في ملفات الإرهاب، أسباب ذلك إلى عمق وثراء التجربة المغربية الرائدة في محاربة الإرهاب، والتي نجحت في تفكيك التنظيمات الجهادية التي انتشرت بصورة كبيرة .

وقفات احتجاجية

وفي الجانب الآخر، تحاول أسر المغاربة المنضمين لداعش تنظيم وقفة احتجاجية جديدة أمام مقر وزارة الخارجية بالرباط،  مع مرور عام على احتجاجهم الثاني، وانتظام العوائل في إطار تنظيمي باسم (التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين في سوريا والعراق).

وقالت التنسيقية في بيان نشرته عبر صفحتها الخاصة على الفسبوك: “وسمنا خيرًا بعد إصدار تقرير اللجنة البرلمانية الاستطلاعية لتقصي أوضاع مغاربة سوريا والعراق، لكي يتم طي هذا الملف وهذه المعاناة وإيجاد حل لهذه القضية الإنسانية، بإرجاع المغاربة المعتقلين والعالقين هناك في ظروف مأساوية وقاسية وأوضاع جد خطيرة”.

ويرى الصحفي المغربي والباحث في العلوم السياسية نور الدين اليزيد، أن وقفات أسر المغاربة المنضمين لداعش ليست بجديدة، وهي محاولات للضغط على الحكومة المغربية من أجل تفعيل مخرجات أو توصيات لجنة برلمانية مغربية أنشئت لهذا الغرض، والتي طالبت الحكومة المغربية الإسراع بسن قوانين لتسهيل عودة هؤلاء.

وحول موقف الحكومة المغربية نحو تسوية هذا الملف، لفت اليزيد خلال حديثه إلى تحركات إيجابية من جانب الرباط بعد تحرك البرلمان المغربي الذي شكّل لجنة استطلاع بهذا الخصوص، وهو ما جعل وزارة الداخلية تخرج قبل أسابيع، وفي أواخر السنة الماضية (2022)، بمعطيات مهمة تميط اللثام عن كثير من الأمور، ولاسيما ما يتعلق بعدد المغاربة في  سوريا والعراق.

وأكدت وزارة الداخلية المغربية في تقرير، بحسب اليزيد، أنه منذ سنة 2011 التحق بالجماعات المتطرفة بكل من العراق وسوريا ما يزيد عن 1600 مغربي، وأن العشرات من هؤلاء اعتقلوا ومنهم قصر. وذكر التقرير أيضًا أن السلطات المغربية من خلال وزارتي الداخلية والخارجية، تعمل على إرجاع العالقين من هؤلاء، بعدما قتل أو اعتقل أحد أو كلا والديهم، لكن ذلك يخضع لإجراءات معقدة، خاصةً في ما يتعلق بثبوت الهوية”.

وسط مخاوف من الاستغلال الجنسي للأطفال.. محاولات لإنقاذ مغاربة من جحيم داعش بسوريا والعراق

استغلال الأطفال جنسيًا

وفي بياناتها تتهم التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين في سوريا والعراق، قوات سوريا الديمقراطية، بارتكاب انتهاكات بحق الأطفال المغاربة بفصلهم عن أمهاتهم، قائلة: “طال انتظارنا دون جديد يذكر سوى مضاعفة الآلام والجراح، آخرها الزلزال القوي الذي ضرب المنطقة، وغياب أي أخبار عن أبنائنا هناك، وأيضًا عملية انتزاع الأطفال من أمهاتهم داخل المخيمات وإرسالهم لمراكز احتجاز، وبعدها للسجون مختلطين مع بالغين من شتى الجنسيات والمعتقدات”.

واعتبر الصحفي المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية زانا عمر، فصل الذكور البالغين من عمر 12 عام وما فوق عن النساء، هو إجراء احترازي لقطع الطريق أمام خطر أكبر متمثل في عمليات التزويج بين اليافعين ونسوة داعش.

وقال زانا لأخبار الآن: “تزويج اليافعين جاء بعد فتوى وتعميم داخلي للتنظيم، وجهه لرعاياه في المخيمات بجواز الزواج من اليافع (يافع مدرب ومنظم) لأهداف مرتبطة بإنجاب مقاتلين مستقبليين، إضافة لاستخدام الذكور البالغين في هجمات قتالية داخل وخارج مخيم الهول”.

 

وسط مخاوف من الاستغلال الجنسي للأطفال.. محاولات لإنقاذ مغاربة من جحيم داعش بسوريا والعراق

فيما نوه أحمد محمد الصحفي المتخصص في شؤون الإرهاب، أن عمليات أبعاد الأطفال البالغين عن أمهاتهم لم تطبق فقط على المغاربة، بل هو إجراء طال الأطفال والنساء من الجنسيات المختلفة المتواجدين في مخيمات شمال شرق سوريا.

مضيفاً :” العملية تأتي ضمن خطة قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لحماية الأطفال من النسوة الخطيرات، واستغلالهن لهؤلاء الصغار لزيادة النسل”.

وفي ذات السياق، وصف الباحث المغربي ورئيس مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة بالرباط سعيد ناشيد لأخبار الآن، ظاهرة استغلال الأطفال جنسيًا من قبل نساء داعش بالخطيرة، منوهًا أن التنظيم ينظم ويدرب الأطفال بأعداد هائلة، ويدفعهم لتنفيذ عمليات ذات مستوى عسكري معقد، إضافة إلى استغلالهم لأغراض جنسية لإنجاب المزيد من المقاتلين، وهي ظاهرة لم يسبق أن واجهها العالم، لذا يتطلب ذلك تحركًا دوليًا سريعًا، وجهودًا كبيرة، بسن قوانين وتشريعات جديدة تلائم خطورة هذه المعضلة الجديدة.

وسط مخاوف من الاستغلال الجنسي للأطفال.. محاولات لإنقاذ مغاربة من جحيم داعش بسوريا والعراق

مراكز تأهيلية

ينقل الأطفال اليافعين وفق عضو الهيئة الإدارية لدائرة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا خالد إبراهيم، بعد بلوغهم عمر 12 و13 عامًا من مخيم الهول إلى مراكز تأهيلية فكرية، لإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمعات المدنية من جديد كمركز هوري الواقع في بلدة تل معروف بريف القامشلي

وأشار إبراهيم  لأخبار الآن إلى أن هوري يعتبر المركز الأول المتخصص في رعاية أطفال داعش، وهو أحد المراكز التي يديرها متخصصون نفسيون وأخصائيون، لكن قدرة المركز الاستيعابية تعجز عن استيعاب كل الأطفال الذين يقدر أعدادهم بالآلاف.

ولم تستعيد الدول العربية مواطنيها من داعش، المعتقلين في السجون والقاطنين في مخيمات الشمال السوري -بحسب إبراهيم- سوى حكومة السودان، قائلًا: “خلال الأيام القليلة القادمة ستعيد الحكومة السودانية  مجموعة جديدة من مواطنيها من مخيم الهول”.

وندد المسؤول الكردي بتقاعس المجتمع الدولي تجاه أداء دوره نحو ملف استعادة المنضمين لداعش، قائلًا: “لا يزال ملف داعش بمقاتليه وعوائله من أطفال ونساء دون حل، مسؤوليات هذه السجون والمخيمات لا تزال على عاتق الإدارة الذاتية، رغم نداءات الإدارة المتكرر من أجل أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه هذا الوضع، إلى جانب جهود متواضعة من قِبل بعض دول التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، لكن دون وجود حلول جذرية لهذا الملف ذو الأبعاد الدولية، سواء في تقديم عناصر داعش المحتجزين في سجون الإدارة الذاتية إلى العدالة، لنيل عقابهم في إطار إقامة محاكم دولية أو ذات طابع دولي في مناطقنا، أو دعم الإدارة الذاتية لتنظيم وضع المخيمات بشكل أفضل من الناحية الأمنية”.

قلق حكومي من العائدين

وتبدي الحكومة المغربية تخوفها من عودة رعاياها من داعش، وعبرت على لسان  وزارة داخليتها عن مخاوفها من خطورة عودة مواطنيها الدواعش من بؤر التوتر، وكيفية التعامل معهم.

وأشارت في تقريرلها إلى أن “عودة المقاتلين في صفوف التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق والساحل، تظل أحد أهم التحديات التي تواجهها بلادنا”.

وبالعودة إلى الصحفي والباحث في قضايا الإرهاب منير أديب،  يرى أن الحكومة المغربية تتعامل مع الإرهاب على أنه خطر على الأمن القومي العام، وليس فقط على المغرب.

مشيرًا إلى :”أن المملكة المغربية يجب أن تتحمل مسؤولياتها ككل الدول التي جاء منها داعش ومحاكمتهم، نظرًا لكون بقاء هؤلاء المتطرفين في مخيمات ومعتقلات شمال شرق سوريا، يعرض منطقة الشرق الأوسط لخطر كبير، مضيفًا أن المنطقة لازالت تتعرض لخطر كبير، نتيجة وجود هؤلاء  فيها بسبب امتناع بعض حكومات بلدانهم استعادتهم”.

وتناولت تقارير صحفية قلق السلطات المغربية بشأن إمكانية تأثر المجتمع المغربي بالعقيدة القتالية لهؤلاء العائدين، الذين تعودوا على القتال واستخدام الأسلحة المختلفة، إلى جانب صناعة المتفجرات والعبوات الناسفة، بالإضافة إلى تجنيد الإرهابيين والترويج لأفكار التنظيم وانتقال ذلك إلى الداخل المغربي. .

لافتة إلى إمكانية سعي هؤلاء المتشددين للتسلل لبلدانهم الأصلية، وتنفيذ عمليات إرهابية بها، وضرب استقرارها وتعطيل الحركة الاقتصادية.