مع تفاقم أزمة الوقود.. السوريون يستعدون لشتاء طويل وشديد البرودة

  • أزمة الوقود تفاقم معاناة السوريين خلال الشتاء
  • مدافئ قشر الفستق.. حل بديل لمشاكل مدافئ المازوت وغيرها في ريف إدلب
  • بحسب منظمات إغاثة فإن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون تحت خط الفقر

لا يستطيع السوري محمد أبو رمضان تحمل تكاليف التدفئة من أجل أطفاله هذا الشتاء، لذا يتناوب هو وأُسرة أخته في دمشق على الاعتناء بالصغار، على أن يقتصر تشغيل التدفئة في المنزل الذي يمكث فيه الأطفال.

ومثل ملايين السوريين غير القادرين على تحمل تكلفة شراء المازوت والغاز، أو حتى العثور عليهما في كثير من الأحيان، اضطر أبو رمضان إلى اللجوء لحلول مبتكرة ويائسة للتغلب على أزمة الوقود التي تزيد من مصاعب الحياة بعد مرور أكثر من عقد منذ الأزمة السورية .

قال الموظف الحكومي الذي يحاول زيادة دخله من خلال العمل في ورشة طلاء في المساء إنه يأكل هو وأولاده وجبة واحدة في اليوم منذ نحو شهرين.

وغالبا ما يعمل لمدة 18 ساعة في اليوم، لكن حتى هذا لا يمكنه من جني ما يكفي من المال لتحمل تكاليف تدفئة منزله.

وقالت أحلام محسن وردة، وهي أم لثلاثة أطفال تتسلم 150 ألف ليرة شهريا من طليقها وتستخدم مدفأة تعمل بالحطب، إنها لا تشغلها إلا عندما يكون البرد قارسا بسبب الدخان.

وأضافت وردة “السنة الماضية ابن جيراننا شاب توفي من البرد، فكيف ما بدك ياني أخاف على أولادي ما يموتوا من البرد. ما عاد فكرنا بالأكل والشرب عم نفكر كيف بدنا نتدفأ”.

"قشور الفستق الحلبي تولد حرارة أكثر من المازوت " سوري يتحدث عن معاناة الشتاء مع تفاقم أزمة الوقود

أحلام محسن وردة ، أم عزباء تربي ثلاثة أطفال ، تساعد ابنها في دراسته في منزلهم في دمشق ، سوريا ، 30 نوفمبر / تشرين الثاني 2022. رويترز

حلول يائسة ابتكرها السوريون لمواجهة شتاء قارس

ويدفع الانهيار الاقتصادي في سوريا، الناجم عن سنوات من الصراع والعقوبات الغربية وانهيار العملة وخسارة الحكومة للأراضي المنتجة للنفط في شمال شرق البلاد، ملايين الأشخاص إلى براثن الفقر كل عام.

ومع تراجع إيرادات الدولة، اضطرت السلطات إلى خفض الدعم الذي كان يخفف من أسوأ آثار الأزمة بالنسبة للسوريين. وتجد الحكومة صعوبة في تسديد ثمن واردات الوقود بعد أن أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.

ودفع هذا النقص أيضا رئيس الوزراء إلى الإعلان عن إغلاق المؤسسات العامة ليومين إضافيين هذا الشهر. وأجلت السلطات الرياضية بطولات كرة السلة وكرة القدم لتوفير الطاقة.

ويمكن للسوريين الذين ما زالوا مؤهلين للحصول على المازوت المدعوم شراء 50 لترا بسعر 500 ليرة للتر الواحد (أقل من 10 سنتات أمريكية)، لكن التوريد يجري بوتيرة بطيئة وغير منتظمة والكميات لا تكفي لاستهلاك الأسرة لفترة طويلة.

وتبيع الحكومة كميات محدودة من المازوت غير المدعوم بخمسة أمثال هذا السعر، في حين أن أسعار المازوت بالسوق السوداء تصل إلى أكثر من 30 ضعف السعر المدعوم.

"قشور الفستق الحلبي تولد حرارة أكثر من المازوت " سوري يتحدث عن معاناة الشتاء مع تفاقم أزمة الوقود

قشور الفستق بديل المواقد التقليدية بالنسبة للسوريين

تحول العديد من السوريين من المواقد التقليدية التي تعمل بالمازوت ويستخدمونها لطهي الطعام وتدفئة المنازل إلى بدائل تعمل بالحطب أو حتى قشور الفستق، وهي أرخص سعرا ومتوفرة بكثرة في بعض الأجزاء من البلاد.

وقال المواطن السوري سليمان الخالد “اعتمادنا على موسم الفستق يلي بيجينا من هذا الموسم ندخر منه للمصروف و ما فيه أي مجال يفتح مشروع لأن المصروف أول بأول يعني يلي بيجي من الموسم دوب يكفي المصروف”.

وأضاف “على مستوى اللحمة بعام 2010 ما حد كان يأكل لحم الدجاج، اليوم العالم عم تدور عالبديل الأرخص”.

وقال محمد كوير، وهو موظف حكومي من محافظة حماة، إن قشور الفستق الحلبي تولد حرارة أكثر من المازوت “تخليت عن صوبيا المازوت بسبب ارتفاع سعره وعدم توفره وصوبيا القشر حاليا هي بديل عن صوبيا المازوت. قشر اللوز وقشر الفستق متوفران دائما”.

شتاء

قشور الفستق.. زاد الشتاء في سوريا

كما قال عبد الله تويت، صاحب ورشة لتصنيع مدافئ القشور، إنه بدأ في تحويلها منذ ثلاث سنوات لتعمل بقشر الفستق الذي يمكن تحمل تكلفته بدلا من المازوت.

وأضاف “الإقبال سنويا عم يزداد عليها، كانت بالريف فقط ثم انتشرت بالمدينة بشكل تدريجي”.

في غضون ذلك، قال إنه لا يزال لديه في المخازن المئات من المدافئ غير المباعة التي تعمل بالمازوت.

وبحسب منظمات إغاثة، فإن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون تحت خط الفقر وإن عدد الذين هم بحاجة ماسة للمساعدات هذا الشتاء زاد 28 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.

وقالت سماح حديد من المجلس النرويجي للاجئين، الذي يوزع مدافئ وملابس ثقيلة على السكان للوقاية من البرد “مع اقتراب شتاء قارس آخر، يتعين على الناس اللجوء إلى المزيد من الحلول اليائسة لتدفئة أنفسهم”.

وأضافت أن هناك أسرا تلجأ إلى حرق الملابس القديمة والأحذية والأكياس البلاستيكية والقمامة للتدفئة، على الرغم من الخطر الصحي الناتج عن الدخان والأبخرة.