مطالب بالمساواة بين الكوادر الصحية السورية والتركية شمالي سوريا

لا تزال حتى يومنا هذا وبعد أكثر من عقد من الصراع السوري لعنة التمييز والظلم تلاحق السورين حتى بداخل أراضيهم في سوريا وخاصة ضمن مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من أنقرة، إذ كان للقطاع الطبي النصيب الأكبر منها مؤخرا، حيث دعا أطباء وعاملون صحيون إلى إضراب شامل في المستشفيات العاملة في المنطقة، بعد أن اكتشفوا الفوارق الكبيرة في الرواتب التي يتقاضونها ورواتب الأطباء والموظفين الأتراك، والتي تزيد عنهم بنسبة 800 بالمئة.

ومن هنا بدأت احتجاجات واسعة الأسبوع الماضي، لكوادر طبية عاملة في المستشفيات التركية بريفي حلب الشمالي والشرقي، تطالب بتحسين ظروف عملها وعلى رأسها المرتّبات الشهرية.

ولم تكن الدوافع لبدء حراك الكوادر الطبية في ريف حلب تقتصر على الماديّة فحسب، إنما دوافع معنوية أبرزها “محاولات التمييز بين الكوادر الطبية السورية والتركية من ناحية الأجور والامتيازات والصلاحيات داخل المستشفيات”، التي تأسست في شمالي سورية، منذ عام 2017.

وفي حديث خاص لقناة الان مع الطبيب عمار الحلبي وهو طبيب العناية المشددة في مستشفى الباب شرقي حلب: يتحدث ان اليوم راتب الطبيب التركي يتجاوز الأربعين ألف ليرة تركية وكما يشمل ذلك الحماية والمواصلات ناهيك عن الساعات الإضافية المأجورة والمهام الخارجية بينما اليوم في شمال سوريا يتقاضى الطبيب السوري العام في المستشفيات التركية راتب الطبيب المختص التركي في مستشفيات الداخل السوري 19 ألفاً و128 ليرة تركية والطبيب العام 16 ألفاً و365 ليرة تركية.

أما رواتب الموظفين السوريين في المستشفيات نفسها حيث يبلغ راتب الطبيب المختص المتزوج 4900 ليرة تركية والعازب 4350 ليرة تركية حسب ما يقول الدكتور عمار بعد أن كان لديه إطلاع مع أصدقائه الأطباء على قائمة الرواتب الجديدة للموظفين الأتراك العاملين في المستشفيات ضمن مناطق سيطرة الجيش الوطني

راتب الطبيب المختص المتزوج 4900 ليرة تركية والعازب 4350 ليرة تركية

أما بالنسبة للمرضين والموظفين فأن رواتب الممرضين السوريين لا تتجاوز 1000 ليرة تركية في حين أن راتب الممرضين والموظف الأتراك لا يقل عن خمسة آلاف ليرة تركي ليرة.

ويضيف الطبيب عمار أن الأطباء السوريين معرضين للخطر في كل لحظة وليس فقط من الاستهداف والقصف المشافي انما أصبح اليوم غياب الأمن والأمان من قبل السلطات المعنية حيث يتابع إنه تم تهديده من قبل عنصر مسلح في أحد الفصائل التابعة للجيش الوطني بعد أن توفى أبنه في المستشفى وكانت حالة الطفل صعبة جدا وليس للأطباء أي صلة بالأمر انما كان قد اتهم الطبيب عمار السبب في عدم إنقاذ الطفل وحاول رفع السلاح عليه دون أي حماية تدخلت حيث تعرض له بالكلام والشتم داخل المستشفى ومن ثم هدده خارج المستشفى وهو يحمل السلاح ويتابع لولا لم تتدخل أبناء الحي الذي يعيش فيه , ويضيف حقا يومها كرهت المهنة ( الطبابة ) وكرهت أنني طبيب في بلد كنت أظن أنني سأبقى فيه لمساعدة أبناء بلدي بعد هجرة الأطباء من سوريا بشكل كبير ولكن أدركت يومها أنني كنت غير محق.

ويتابع إنه على أدنى الأمور نقوم بدفع الأجور المواصلات والتي تبلغ يوميا بين 20 و30 ليرة تركية دون تخصيص لنا أي موصلات وهو أمر من المعيب التحدث به.

في سياق ذلك، أصدرت فعاليات مدنية في مدينة الباب شرقي حلب، بيانا مشتركا تضمن مطالب وُجّهت إلى الرئاسة التركية بضرورة المساواة بين الكوادر الصحية السورية والتركية العاملة في المشافي التركية شمالي سوريا.

وطالبت كل من نقابتي الأطباء والتمريض ووجهاء مدينة الباب، بالمساواة في الحقوق بين العاملين الصحيين السوريين في المشافي التركية ونظرائهم الأتراك، ورفع الظلم والتهميش الإداري الذي تتعرض له الكوادر الطبية السورية فيها.

وقالت مصادر أخبار الآن إن الشرطة التابعة لـ الجيش الوطني” المعارض المدعوم من أنقرة حاولت منع الصحافيين والناشطين الإعلاميين من تغطية الاحتجاجات، وحدث اشتباك بين إعلامي ومجموعة من عناصر الشرطة.

ويتحدث الطبيب عبد النور وهو أخصائي جراحة في ريف حلب عفرين أنه أكبر مطالبنا اليوم هو المساواة وهي التي خرجنا من أجلها في بداية الثورة في سوريا ولكن اليوم نحن نعيش بظلم كبير ويؤكل حقنا أمام عيننا حيث وجدنا فرق بين راتب الطبيب التركي بنسبة 800% عن راتب زملاءه السوريين. ومن هنا كنا نحن صفتنا أطباء وعاملون صحيون سوريون في الشمال السوري دعونا إلى إضراب شامل في المستشفيات على أمل إيصال صوتنا.

يفرق راتب الطبيب التركي بنسبة 800% عن راتب زملاءه السوريين

وكما يصف أنه الرواتب المالية المقدمة لنا منذ 2017 وحتى الآن ذات الرقم وبالعملة التركية، لكن في وقتٍ سابق كانت قيمتها أكبر أمام الدولار الأمريكي.

ويضيف أنه أكثر ما كان حرقة في قلوبنا أن رواتبنا مقدمة من قبل هيئة الأمم المتحدة عن طريق صندوق إغاثة الشعب السوري عبر الاتحاد الأوربي وهو بالعملة المعروفة وهي اليورو وليس الدولار ولا التركي ولكن نحنا نستلم رواتبنا بالليرة التركية.

وخاصة أن رواتبنا هي ذاتها منذ عام 2017 وحتى الآن ذات الرقم وبالعملة التركية وخاصة بعد انخفاض العملة التركية شكل كبير والغلاء الفاحش في مناطقنا مع انخفاض الليرة التركية امام الدولار.

ويضيف أنه رغم أنني طبيب ولكن اليوم راتبي غير كافي على دفع أجار منزلي ولا معيشتي مع عائلتي مما دعاني اليوم للعمل بشكل إضافي كمدرس خاص للغة الإنجليزية بعد إنهاء عملي الأول كطبيب.

ورغم أنني تعبت في حياتي وقدمت كل ما أملك حتى أصبح طبيب وللعيش بحياة كريمة انا وعائلتي واليوم أعمل بشكل إضافي حتى فقط أقوم بتأمين معيشتي خاصة مع الغلاء الحاصل بينما هناك الكثير من الأطباء الأتراك يدخلون لأيام محددة في الأسبوع ويتقاضون خلال شهر واحد بمبلغ ربما يكون أتقاضاه شخصيا خلال نصف عام ويعودن إلى منازلهم لبلدهم التركي أمنين سالمين.

ويضيف الطبيب عبد النور أنه هذه الأسباب الحاصلة من تمييز و أجور متدنية وخطر على حياتنا جميعها أسباب دافعة لنا للهجرة خاصة أن اليوم سوريا بشكل عام والمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية بشكل خاص تحتاج بشكل كبير للأطباء في مجال مختلفة ولكن ما يحدث هو دافع لنا للهجرة رغم أننا صمدنا 11 عام من الصراع والعنف والقتل والخطر على أرواحنا و أرواح أطفالنا ولكن في النهاية من أجل فقط العيش بحياة مثلنا مثل غيرنا ويضيف انه في حال لم يتم تغير واقعنا سيكون مصير القطاع الطبي بخطر , حيث هناك الكثير من الأطباء أصبحت تفكر بترك العمل و الهجرة وخاصة أننا في بلدنا ويتم معاملة الغريب أفضل مننا بكثير وفضلنا البقاء في بلدنا من أجل شعبنا وليس من أجل أن نعيش حياة ظلم

وينهي حديثه الطبيب عبد النور أنه بالتأكيد سوف تستمر احتجاجنا بوجه الظلم الذي نعيشه والتهميش وأكل الحقوق وحتى ترفع مطالبنا ويتم تحسين وضعنا.

وتعاني المشافي التركية في ريف حلب، من واقع مأساوي سيء جداً من الناحية العملية والطبية، وذلك نتيجة ضعف الكوادر وقلة أعداد الأطباء الناتج عن ضعف المنح المالية للكوادر، وتتمركز في مدن الباب والراعي وعفرين ومارع عدة مشافٍ بإدارة تركية وكوادر غالبيتها من السوريين، وسط تهميش للكادر السوري بشكل عنصري واضح.