اليمن.. تفكك تنظيم القاعدة بعد انشقاق عدد من القادة وتصاعد الخلافات حول اختطاف موظفي الأمم المتحدة

اختطف عناصر من تنظيم القاعدة ستة موظفين في منظمة أممية، في محافظة أبين جنوبي اليمن، في 11 من فبراير الماضي.
وقد نصب عناصر تنظيم القاعدة، نقطة بمنطقة الخديرة في المنطقة الوسطى بمحافظة أبين، وقاموا باختطاف ست عمال في منظمة أممية، بينهم أجنبي، بالإضافة إلى طقم تابع للشرطة العسكرية كان يرافقهم.
 عملية الخطف هذه فجرت أزمة جديدة داخل تنظيم القاعدة في اليمن، الذي يعيش أسوء فتراته.
خلال سنوات الماضية، كانت عمليات الخطف التي تُنفذ من قبل تنظيم القاعدة كالتالي :
1- عمليات اختطاف رسمية تنفذ بأوامر من القيادة العامة في اليمن.
2- عمليات اختطاف شبه رسمية وتنفذ من بعض القيادات بدون الرجوع إلى القيادات العليا ويتم التغاضي عنها.
3- عمليات اختطاف تنفذ من قبل عناصر في التنظيم، ويتم التغاضي عنها تارة ومحاسبة تارة اخرى.

لمحة تاريخية:

كانت السياسة الشرعية للتنظيم هي أهم محركات العمل للقاعدة في اليمن، وكانت هذه السياسة تمنع بشكل قاطع أي عملية اختطاف لموظفي المنظمات العالمية، وعندما كانت تحدث عملية اختطاف لسيارات تابعة لمنظمات دولية من بعض أفراد القاعدة يتم محاسبتهم والتحقيق معهم.
قيادي في تنظيم القاعدة تحدث لـ”أخبار الآن وكشف أن السياسة الشرعية لتنظيم القاعدة كانت واضحة في رفضها دائما لعمليات الاختطاف التي تتم لموظفي منظمات دولية، لما لها من آثار سلبية لدى حاضنته الشعبية في كثير من المناطق التي تواجد فيه التنظيم على مدار السنوات الماضي.
وبحسب القيادي فإن زعيم تنظيم القاعدة في اليمن الأسبق ناصر الوحيشي أبو بصير دائما ما يشدد على عدم المساس بأي من موظفي المنظمات العالمية وإعطاء أوامر بمحاسبة كل من يقوم بعمل فردي كالاختطاف، من داخل التنظيم حتى يصل الأمر إلى عزله عن الجماعة، وكانت أغلب حوادث الاختطاف هي لسيارات تتبع منظمات بينما يتم ترك الموظفين، ومع وصول قاسم الريمي لقيادة التنظيم، زادت أعداد عمليات الاختطاف لموظفي المنظمات الدولية من قبل عناصر القاعدة دون رادع لهم من القيادة ولا محاسبة وفي كل مرة تكتفي قيادة التنظيم بالقول بأن العملية لا تمثل الجماعة وانها أعمال فردية، رغم معرفتهم بالعناصر الذين ينفذون تلك العمليات.
أإما اليوم، وبعد أن أصبح التنظيم في قبضة “ابراهيم البنأ” فنحن أمام عصر جديد مختلف تماماً، لم تعد السياسة الشرعية التي أسسها الجيل الأول هي من تحكم، بل هناك سياسة شرعية جديدة، تتبنى عمليات الاختطاف ضد موظفي المنظمات العالمية في اليمن بهدف الحصول على الأموال، وهي سابقة لم تحدث.

عملية الاختطاف في محافظة أبين

بعد عملية اختطاف الموظفين الأمميين، توقع الكثير من قيادات تنظيم القاعدة خاصة تلك القبلية أن القيادة العامة للتنظيم في اليمن ستسارع إلى الإفراج عن المختطفين والقبض على العناصر الذين نفذوا عملية الاختطاف ومحاسبتهم، خاصة وأن العملية نفذها العناصر بقرار فردي دون العودة إلى قيادة التنظيم في اليمن، بيد أن قيادة التنظيم كان لها رأي اخر.
وساطات قبلية وحكومية التقت بـ أمير التنظيم في أبين “ا ه ح” وكان يمثل القيادة العامة للتنظيم في المفاوضات، و كانت الوساطة تعتقد أن قيادة التنظيم سوف تسلم لهم المختطفين دون قيد أو شرط وتستنكر عملية الاختطاف، لكن ما حدث هو أن ممثل القيادة العامة أبلغهم أن العملية تقف وراءها القيادة، رغم أنها لم تنفذ بتوجيهاتهم، وطالب من لجنة الوساطة دفع 10 مليون دولار للإفراج عن المختطفين.
وبعد عدة لقاءات مع لجنة الوساطة التي كان يقودها مدير عام مديرية مودية، فشلت الوساطة حينما أصر ممثل قيادة التنظيم طلب فدية خمسة ملايين دولار أمريكي ومطالب أخرى.

انقسام داخل التنظيم اثر عملية الاختطاف

جاء موقف القيادة العامة لتنظيم القاعدة في اليمن من عملية الاختطاف، صادم لكثير من قيادات الصف الأول والثاني.
وبين غضب سعد عاطف العولقي اثر عدم تجاوب قيادة التنظيم مع الوساطة المحلية، وقلق خبيب السوداني من سقوط السياسة الشرعية للتنظيم، ارتفعت أصوات الكثير من القادة الميدانيين للتنظيم الرافضة لعملية الاختطاف.
وتحدث قيادي في القاعدة لـ”أخبار الآن” عن أسباب الخلاف الذي اشتعل داخل التنظيم بعد عملية.
وبحسب القيادي فإن الكثير من القيادات وعلى رأسهم خبيب السوداني شعروا بقلق كبير من أن تكون عملية الاختطاف سبب لانتهاء السياسة الشرعية للتنظيم، كما أن عملية الاختطاف ستفقد التنظيم الكثير من القبائل التي كانت توافق على تواجدها في اراضيها.
لم يكن القلق والغضب وحده ما شعر به قيادات التنظيم بل إن أحد القادة الميداني ترجم رفضة بشكل أكثر وضوحاً.
ابو صالح الابيني وهو من قيادات القاعدة في محافظة أبين ويقود مجاميع من القاعدة في مودية ومعه عدد من قيادات التنظيم من أبناء أبين، عبروا بشكل واضح عن رفضهم لهذه العملية التي ستأثر بشكل كبير على التنظيم و علاقته بالقبائل في محافظة ابين.
وقد أبلغ أبو صالح الأبيني القيادة العامة للتنظيم، بأنه سيترك التنظيم ويقوم بتفريق كل المجاميع التي معه، في حال رفضهم الافراج عن المختطفين.
لكن موقف القيادة العام للتنظيم في القاعدة لم يتغير، وتم إبلاغ “ابو صالح الابيني” بأن التنظيم بحاجة إلى الأموال في الوقت الحالي، الأمر الذي جعل “الأبيني” يقوم بتفريق مجاميعه المسلحة قبل أن يغادر مودية إلى منطقة أخرى وأعقبه العشرات من العناصر وغادروا المنطقة.
بعد مغادرة القيادي الميداني أبو صالح الأبيني والعشرات من عناصر التنظيم، حاول القيادي سلمان الكازمي والذي كان يشغل منصب أمير محافظة البيضاء، التدخل وأنهى الخلاف الذي بدأت يتصاعد بشكل كبير، ألا انه فشل في اقناع القيادة العامة التنظيم.
عقب ذلك حاول القيادي أبو عبيدة الحضرمي وهو أحد المقربين من زعيم التنظيم في اليمن خالد باطرفي، التدخل لحل الخلاف الذي نشب.
وبحسب مقربين فهو القيادي الذي لديه دراية بمحافظة أبين ومتخصص في قضاياها من قيادات الصف الثاني والثالث، كونه تزوج من أبين وعاش فترات طويله فيها وتنقل في مناطقها القبلية وكان مسؤل الدعوي للتنظيم في أبين.
حاول  أبو عبيدة الحضرمي إنهاء الخلاف وإيجاد حل للطرفين، مستغلًا قربه من باطرفي محاولاً إقناع قيادة التنظيم ولكنهم استمروا في رفضهم ولم يستطع إقناعها.

ما الذي يجعل زعيم تنظيم القاعدة خالد باطرفي ذو الشخصية الضعيفة برفضه لكل الوساطات، وعدم الإفراج عن المختطفين.

قال أحد القيادات الصف الأول في تنظيم القاعدة لـ”أخبار الآن” أن باطرفي لم يكن هو صاحب القرار بالرفض، بل لم يكن لديه أي قرار حول الأمر، وأن مسؤول الجهاز الأمني “أبراهيم البنأ” هو من كان يرفض، وكان باطرفي يتبنى هذا الرفض فقط ليس اكثر.
وأضاف القيادي أن “ابراهيم البنأ” لم يكتفي يرفض الوساطات فحسب، بل يبدو أنه هو أو رجاله من أوعز إلى بعض العناصر في محافظة أبين لتنفيذ عملية ضد القوات الحكومية، وهو ما تم بالفعل من خلال نصب كمين لمجموعة تتبع أحد ألوية الحماية الرئاسية الذي يقوده لؤي الزامكي وسقط على إثر الكمين خمسة قتلى، ثلاثة أثناء الكمين واثنين آخرين تم خطفهم، وتم اعدامهم في اليوم التالي عن طريق ذبحهم.
لقد بدا لافتاً عدم حرص القيادة العامة للتنظيم التمسك بالقيادات الميدانية والعناصر المنتمية إلى محافظة أبين.
وأشار القيادي أن القاعدة حاولت إنكار العملية وعدم الاعتراف بها ولكن لم تتمكن من ذلك، بعد أن نشب اختلاف أكبر وتوسعت، وتبادل الكثير من القيادات اتهامات فيما بينهم.
وأضاف القيادي أن تنظيم القاعدة أصدر البيان الذي تحدث فيه عن العناصر الذين نفذوا الكمين ضد القوات الحكومية، حتى يخفف من حدة الخلافات داخل التنظيم، بالاضافة لمنع أي عملية عسكرية للقوات الحكومية ضد ما تبقى له من عناصر في تلك المناطق.
وأكد القيادي لـ”أخبار الآن” أن القيادة العامة للتنظيم كذبت حول أنها ليست وراء العملية، وأيضا هي من أعطت الضوء الأخضر لذبح اثنين من الجنود الذين اختطفوا عقب الكمين المسلح، كما أن القيادة العامة للتنظيم لم تقم بأي إجراء تأديبي ضد من نفذ العملية أو فتح أي تحقيق حولها.