تزوير شهادات مدرسية ظاهرة انتشرت عقب ثورة 14 جانفي 2011

 

كشفت  في شهر مارس 2015 وزارة التكوين المهني والتشغيل بتونس،  شبكة لتدليس وتزوير الشهادات المدرسية  والجامعية،  تورط فيها إطارات عليا وموظفون إداريون وقدرت الوزارة حينها عدد الحالات بالآلاف ممن يتقدمون الى المناظرات المهنية.

وتحولت هذه الظاهرة في تونس الى خطر في الآونة الأخيرة، خاصة بعد كشف في عديد المناسبات عن طبيب مزيف أو أستاذ له شهادة مزورة وهي هافة موجودة من قبل ولكنها انتشرت في العشرية الأخيرة، ليس في تونس فحسب وإنما في مختلف البلدان العربية، حيث وبمجرد دفع مبلغ مالي من الممكن لأي شخص ومهما كان مستواه الدراسي الحصول علي شهادة مفتعلة تحدد مستواه التعليمي.

وهي عملية عادة ما تتم في بعض المعاهد والمدارس الخاصة لصعوبة مراقبتها ورغبة أصحاب هذه المعاهد في الإثراء بأي طريقة ممكنة. إن تلك الشهائد الوهمية باتت وسيلة يتحول فيها العاطل عن العمل وصاحب المؤهل المتوسط إلى دكتور أو مدرس أو محامٍ  بحسب رغبته ونقوده أيضاً، مما يتيح له تغيير مجرى حياته بالكامل.

وتفاقمت ظاهرة التزوير بعد الثورة الربيع العربي بسبب التسيب وقد شملت كل المجالات وكل القطاعات، ليتمكن أصحابها من نيل مناصب مغلوطة ودرجات علمية خاطئة، وطالت الظاهرة مجالات حساسة على غرار الطب والمحاماة وغيرها، ولعل أغرب ما في الأمر هو أن يطال التزوير شهادات لأطباء وممرضين، إذ من أخطر أنواع الجرائم هو أن تجد أطباء مزيفين.

أن هذه الظاهرة ليست بجديدة لكن سابقا كانت المعلومة محجوبة بالإضافة إلى أن التعامل مع المتورطين في هذه المسألة يتم بنوع من الاحتراز والسريّة المطلقة حتى لا يتسرب الخبر. كما أن القضية خطيرة جدًا فهي تشير إلى حصول على من لا يستحق على شهادة علمية في الوقت الذي يظلم فيه باحثون آخرون أكثر كفاءة من أجل الحصول على تلك الشهادة العلمية نفسها.

هذا ما تقوم به مافيا الشهادات العلمية…  تزوير الشهادات…  وتساوي بين المجتهد وغير المجتهد

أن الشهائد “المدلسة” مسّت قطاعات حيوية وحساسة  خاصة في مجال الصحة والتعليم و يعتبر هذا الأمر جد خطير ويتطلب تطبيق القانون على المتورطين في عمليات التدليس وذلك بإحالة المدلس على القضاء الجزائي باعتباره قد اقترف جريمة كاملة الأركان من خلال التدليس واستعمال و مسك مدلس ويعاقب مرتكبها بعشر سنوات سجنا على أقل تقدير.

والجدير بالذكر تم الكشف في شهر أكتوبر 2021 عن عملية تدليس شملت إدماج أكثر من 100 معلم وأستاذ في عديد المدارس ومعاهد عمومية بولاية سيدي بوزيد التابعة للجنوب التونسي، وهم من المدرسين العرضيين غير المستوفين لشروط تسوية أوضاعهم للانتداب الرسمي. وقد تعهد قطب القضاء المالي والاقتصادي بهذه القضية.

ومن جهته  كان قد أكد وزير التربية فتحي السلاوتي عن اتخاذه إجراءات إدارية شملت 5 مسؤولين بالمندوبية الجهوية للتربية بولاية سيدي بوزيد التونسية وقد تم عزلهم من مهامهم مع إمكانية إيقاف كل من سيكشف عنه البحث في قضية الشهادات المزورة للأساتذة، إضافة إلى رفع قضايا ضدهم لمحاسبة كافة المسؤولين عن تبذير المال العام، بحسب تعبيره.

ووصف هذه القضية بالظاهرة الخطيرة لما لها من انعكاسات على مستوى تدريس التلاميذ والتلاعب بمستقبلهم.

من جهة أخرى أفاد الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي لسعد اليعقوبي أن ظاهرة تزوير وتدليس الشهائد العلمية موجودة وخص بالذكر مسألة شراء مستوى تعليمي التي باتت مصدرا جيدا للمال و الربح السهل تمارسه بعض المعاهد الخاصة “الحرة”.

و أنه تم التفطن خلال امتحان الباكالوريا للسنة الدراسية الماضية إلى تلميذ تم طرده من السنة الأولى من التعليم الثانوي قبل سنة وجد ضمن المجتازين لامتحان الباكالوريا ثبت فيما بعد أنه قام بشراء سنتين دراسة بالنقود دون أن يزاولها.

وحسبما  أكدته المكلفة بشؤون المعاهد الخاصة بالمندوبية الجهوية التابعة لتونس بخصوص قطاع التعليم الخاص، عن الشهادات المدرسية، إنه في كل عمليات التزوير التي تم التفطن لها كان التلميذ هو المسؤول وغالبا ما تكون باستخدام برامج في الحاسوب “الفوتوشوب” وتدليس طابع المؤسسة التربوية.

كما بينت أن المندوبية تكلف مجموعة من المتفقدين يصل عددهم إلى 3  وأنها تكون من بينهم في بعض الأحيان وذلك للقيام بتفقد المعاهد الخاصة ومراقبة سير الدروس والامتحانات والأمور الإدارية.

و أكدت المكلفة بشؤون المعاهد الخاصة، أنه تم تسجيل مخالفات بالمعاهد تمثلت عموما في ارتقاء “نجاح”بعض التلاميذ دون أن تتوفر فيهم شروط الارتقاء بالإسعاف وأهمها أن يصل المعدل السنوي للتلميذ الى 9 من 10.

وقد تم تسجيل مخالفات بالمعاهد تمثلت عموما في ارتقاء بعض التلاميذ دون أن تتوفر فيهم شروط الارتقاء بالإسعاف. يتمثل أهم شرط  في حصول التلميذ على معدل سنوي 9 من 10 وهنا يكون الموظفون الاداريون وخاصة مدير المعهد  باعتباره المشرف على عمليات الارتقاء هو المتورط في هذه المخالفة ويتم بذلك تتبعه اداريا.

والجدير بالذكر  اننا ازاء قطاع كقطاع التعليم الخاص أحد أهم أهدافه هي الربحية وهي أحد اشكالياته وهو الذي يفسر وجود ظواهر عجيبة من قبيل شراء الشهادات العلمية.

وفي هذا الإطار بالذات تطرح مسؤولية الدولة وأساسا وزارة التربية والتعليم دورها الرقابي وهو أمر يتطلب محاربة مظاهر الفساد المالي والإداري والأخلاقي التي تنخر هذا القطاع ومن ضمنها ظاهرة شراء الشهائد المدرسية.