شوارع لبنان تلتهب غضباً مطالبة بالعدالة ومحاسبة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت

  • عام على انفجار بيروت.. لا محاسبة والسياسة تعرقل التحقيق
  • عام على انفجار بيروت.. والنزف في لبنان يتواصل
  • انفجار بيروت حطّم “روح” المدينة وخلّف صدمة تسكن حياة الناجين

انطلقت بعد ظهر الأربعاء مسيرات عدة في بيروت في ذكرى انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص ودمّر أحياء في المدينة وفاقم انهياراً اقتصادياً ينهش البلاد، مطالبة بالعدالة ومحاسبة المسؤولين عن الكارثة.

تزامنا، عقدت الدول المانحة عبر تقنية الفيديو بدعوة من فرنسا وبرعاية الأمم المتحدة، مؤتمرها الثالث منذ الانفجار لدعم حاجات اللبنانيين , وعد خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمساعدات جديدة للشعب اللبناني بقيمة مئة مليون يورو.

وفي الرابع من آب/أغسطس 2020، اندلع حريق في مرفأ بيروت تلاه عند الساعة السادسة وبضع دقائق (15,00 ت غ) انفجار هائل وصلت أصداؤه إلى جزيرة قبرص، وألحق دماراً ضخماً في المرفأ وأحياء في محيطه وطالت أضراره معظم المدينة وضواحيها.

نتج الانفجار عن كميات ضخمة من مادة نيترات الأمونيوم مخزنة منذ 2014 في العنبر رقم 12 في المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبين أن موظفين ومسؤولين سياسيين وأجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزينها ولم يحركوا ساكناً.

قتل الانفجار 214 شخصاً على الأقل بينهم موظفون في المرفأ وإهراءات القمح وعناصر من فوج اطفاء كانوا يحاولون إخماد الحريق، كما قضى أشخاص في منازلهم جراء الزجاج المتساقط وآخرون في سياراتهم أو في الطرق والمقاهي والمحلات. ودفنت عائلات كثيرة مجرد أشلاء بقيت من أبنائهم.

ووسط انتشار لقوى الجيش والأمن، انطلق عند الساعة الثالثة والنصف (12,30 بتوقيت غرينتش) مئات المتظاهرين، بينهم محامون بردائهم الأسود وأطباء بزيهم الأبيض، من نقاط عدة باتجاه المرفأ. وستكمل بعض التظاهرات مسيرها لاحقاً إلى مجلس النواب.

ودعا أهالي الضحايا وأطباء ومحامون ومهندسون وأحزاب معارضة ومجموعات تأسست خلال احتجاجات 2019 ضد الطبقة الحاكمة إلى التظاهر رافعين شعار “العدالة الآن”.

ومن مقر فوج إطفاء بيروت، انطلق أهالي عناصر فوج الاطفاء العشرة، الذين قتلوا في الانفجار في مسيرات غاضبة.

أهالي بيروت: “ممنوع يلي فجرونا يضلوا على الكراسي”

وحملت إحدى المتظاهرات لافتة كتب عليها “ممنوع يلي فجرونا يضلوا على الكراسي”.

وفي المرفأ وبحضور أهالي الضحايا، ستقام صلوات إسلامية ومسيحية. وعند تمام الساعة السادسة وسبع دقائق، أي لحظة وقوع الانفجار، ستُتلى أسماء الضحايا.

وأعلنت السلطات الأربعاء يوم حداد. لكن لا مشاركة رسمية في أي من النشاطات المقررة.

وفي بلد شهد خلال السنوات العشرين الماضية اغتيالات وتفجيرات لم يكشف النقاب عن أي منها، إلا نادرا، ولم يحاسب أي من منفذيها، لا زال اللبنانيون ينتظرون أجوبة لتحديد المسؤوليات والشرارة التي أدت إلى وقوع أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم.

وحدّد أهالي الضحايا الإثنين مهلة 30 ساعة للمسؤولين لرفع الحصانات عن مسؤولين استدعاهم قاضي التحقيق طارق بيطار ليمثلوا أمام القضاء.

على مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر مستخدمون منذ أسابيع دعوات للتعبئة من أجل المشاركة في التجمعات والتظاهرات الأربعاء، مع شعارات وأوسام مختلفة “كلنا ضحايا، كلهم مسؤولون”، “ارفعوا_الحصانات_الآن”، “لن_ننسى”.

وبعد نحو خمسة أشهر على تسلمه الملف إثر تنحي قاض سابق بسبب ضغوط سياسية، أعلن بيطار الشهر الماضي عزمه استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب كمدعى عليه، ووجّه كتاباً الى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة عن ثلاثة نواب شغلوا مناصب وزارية، كما طلب الإذن بملاحقة قادة أجهزة أمنية وادعى على قائد الجيش السابق.

لكن الحصانات والأذونات السياسية تقف اليوم عائقاً أمامه.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الثلاثاء السلطات بانتهاك الحق بالحياة وجرم الإهمال بعدما أظهرت في تحقيق خاص تقصير مسؤولين سياسيين وأمنيين في متابعة قضية شحنة نيترات الأمونيوم. كذلك اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات بعرقلة مجرى التحقيق “بوقاحة”.

عام على انفجار بيروت وعامان من الأزمات والنزف في لبنان يتواصل

وعمّقت كارثة الانفجار وتفشي فيروس كورونا قبلها، الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف 2019 وصنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية بأكثر من 700 في المئة.