لبنان أمام انهيار ودمار.. اللبنانيون باتوا يخسرون مقومات الصمود

  • الأزمة الاقتصادية والمالية تخنق اللبنانيين بشكل كبير
  • حتى الآن، لا توجد إرادة سياسية لحل يوقف الانهيار
  • الليرة اللبنانية تتدهور بشكل مستمر أمام الدولار
  • اللبنانيون يكافحون لشراء الغذاء والدواء والمحروقات

نشرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية تقريراً جديداً أكّدت فيه أنه لا يمكن للعالم تجاهل أزمة لبنان التي يترتب عليها آثار كبيرة وعظيمة.

ويعاني هذا البلد من أزمة اقتصادية ومالية خانقة، وهو الأمر الذي أدى إلى تدهور قيمة العملة الوطنية أمام الدولار، وانعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين، فضلاً عن تردي الأوضاع الاجتماعية والصحية بسبب ذلك.

وبات اللبنانيون يكافحون للصمود والعيش في ظل ارتفاع أسعار بشكل جنوني، في حين أن الأزمة الكبرى باتت تبرز في بدء السلطات برفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية.

ووسط كل ذلك، فإن المواطنين يواجهون معاناة كبيرة في سبيل الحصول على المحروقات والأدوية، في وقتٍ تغيب أي أفق للحل الداخلي على الصعيد السياسي، إذ أن أفرقاء الطبقة الحاكمة ما زالوا غير متفقين على تشكيل حكومة تشرعُ في عملية الاصلاحات المطلوبة لانتشال البلاد من الانهيار.

ووفقاً لتقرير الـ”إندبندنت”، فإنّ “سعر مروحة يمكن شحن بطاريتها مرة ثانية في محل ببيروت هو 1.4 مليون ليرة لبنانية، أي ألف دولار، بسعر الصرف الرسمي. وألف دولار بناء على الحد الأدنى من الأجور هي راتب شهرين، وكل هذا من أجل مروحة”.

وأضاف: “لا شيء خاصاً بهذه المروحة، إلا أنها تعمل على بطارية يمكن شحنها، وهذا مهم لقطاعات واسعة في بيروت في ظل عدم توفر الكهرباء إلا ساعة أو ساعتين يوميا. ولهذا، فالطلب عليها كبير علماً أنها مستوردة ولهذا السبب ثمنها غالٍ جداً”.

وأردف التقرير: “المروحة هي مجرد مثال بسيط عما وصل إليه انهيار العملة في لبنان، الذي يعيش حسب البنك الدولي أزمة مالية هي الأسوأ في تاريخه. وتقول المؤسسة الدولية إن أزمة لبنان مثيرة للحيرة، لأن الانكماش الاقتصادي عادة ما تتسبب به الحرب والنزاع، ولهذا أطلق عليها اسم كساد مقصود، وحمل النخبة الحاكمة المسؤولية”.

وفقدت الليرة اللبنانية نسبة 90% من قيمتها منذ بداية العام الحالي، وأصبح سعر الصرف لها في السوق السوداء بنحو 17600 ليرة مقابل الدولار الواحد، مع أن المعدل الرسمي هو 1.500 ليرة.

وفي الوضع العادي، فسعر مروحة ألف دولار لا يمكن للعائلات الحصول عليها، وكذا الطعام المكلف جداً، فقد زادت أسعاره منذ العام الماضي 4 أضعاف. وفي الحقيقة، قالت منظمة الطفولة العالمية التابعة للأمم المتحدة إن نسبة 80% من العائلات اللبنانية ليس لديها طعام أو مال لتشتريه.

وفي مخيمات اللاجئين السوريين، تصل النسبة إلى 99%. ووفقاً لـ”الإندبندنت”، فإنه لبنان أكبر نسبة لاجئين بالنسبة لعدد السكان، حيث يبلغ عدد السوريين حوالى 1.5 مليون لاجئ في بلد لا يتجاوز تعداده 6 ملايين نسمة، ويضاف إلى هذا عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين.

وفي بداية العام الجاري، حذر برنامج الغذاء العالمي من مجاعة في لبنان وسوريا التي تتداخل أزمتها مع جارها. غير أنّ مشكلة الطعام وثمنه ليست الوحيدة الداعية على الإحباط، فالبلد يعاني من أزمة وقود، وليس غريباً رؤية أشخاص ينامون في سيارتهم أمام محطات الوقود للحصول على الكمية القليلة من الوقود المسموح لهم بشرائها.

وفي بيروت ومناطق البلاد الأخرى، يحصل السكان على ساعة واحدة من الشبكة الوطنية للكهرباء. ووسط ذلك، فإنّ المولدات الخاصّة لتوليد الكهرباء للناس تعاني أيضاً من شح مادة المازوت في حين أن فاتورتها باتت باهظة، وقد وصلت إلى مليون ونصف ليرة، أي ألف دولار بناء على سعر الصرف الرسمي، أو 90 دولاراً حسب السوق السوداء.

كذلك، فإن هناك نقصاً هائلاً في الدواء، وقد باتت مجمل الصيدليات فارغة، وأصبحت الأدوية الخاصة بالأمراض المستعصية والمزمنة مقطوعة تماماً.

وفعلياً، فإنّ الأزمة الاقتصادية متجذرة في سوء إدارة مزمن وفساد منذ عقود طويلة، وتفاقمت أكثر مع وصول فيروس كورونا الذي خنق التجارة، وخفض من التحويلات الضرورية التي يرسلها اللبنانيون من الخارج.

وفي آب/ أغسطس العام الماضي، انفجرت آلاف من الأطنان التي لم تخزن بشكل جيد في ميناء بيروت، ما أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص، وتدمير مساحات واسعة من العاصمة، وهو الأمر الذي أضاف ضغوطاً جديدة على البلاد.

وكان عدد من القادة السياسيين البارزين، بمن فيهم الرئيس، على معرفة بوجود أطنان الأمونيوم، لكنهم لم يتحركوا لحمايتها أو تأمينها من الانفجار. ومؤخراً، بدأت الإدعاءات القضائية على رؤوس كبيرة بهذه القضية، إلا أن خواتيم تلك القضية غير واضحة لا سيما أن المدعى عليهم ينتمون إلى الطبقة السياسية المتحكمة أصلاً بالقضاء.

وبعد حادثة انفجار المرفأ، استقالت الحكومة لكن الأحزاب الحاكمة لم تتفق على حكومة جديدة، ومنذ العام الماضي والبلد دون قيادة، وفي انهيار مستمر.

وطرحت كاتبة تقرير الـ”إندبندنت” بيل ترو سؤالاً محورياً وهو: “لماذا على العالم أن يهتم؟”، وتقول: “بعيداً عن الأسباب الإنسانية المهمة، ورغم كونه بلداً صغيراً على المتوسط، فلبنان هو مركز الاستقرار في المنطقة”، بحسب وجهة نظرها.

وأضافت: “على مدى العقد الماضي كان بمثابة صمام تنفيس لسوريا التي تعاني من الحرب، وتحول لملجأ آمن للسوريين الذين يعيشون في ظروف فقر شديد. ويتداخل اقتصاد البلدين، وهناك ملايين -إن لم تكن مليارات- من الدولارات التي أودعها السوريون في النظام المصرفي اللبناني الآمن، وهي عالقة فيه بعدما فرضت البنوك قيوداً على كميات السحب من الودائع”.

وكان لبنان هو منفذ سوريا على العالم الخارجي، وبعد أزمة العملة لم يعد هذا ممكناً. ومع هذا، عانى لبنان حرباً أهلية استمرت ما بين 1975-1990، وهو منقسم على جماعات دينية، عادة ما تكون مسلحة، وتزداد التوترات عندما تصبح الحياة صعبة بشكل يهدد باندلاع حرب جديدة.

وختمت ترو بالقول: “السؤال الأكبر ليس عن اهتمامنا بالأزمة، ولكن ما يجب علينا فعله، والجواب عليه صعب، فالحل ليس واضحاً، وعلى العالم ألا يدير ظهره للبنان، لأن هناك الكثير على المحك”.

شاهد أيضاً: “حرام اللي عم بيصير” صرخة شاب لبناني في أحد طوابير الوقود